قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، إن المؤتمر الثالث لكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، بعنوان «نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن رؤية واقعية استشرافية»؛ يحمل عنوانًا مميزًا لأن الأزهر الشريف نسيج واحد، يسقى بماء واحد، وهيئاته ومؤسساته كالجسد الواحد، وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، قامت علومه ومناهجه في مجملها حول مائدة واحدة هي القرآن والسنة، ولغاية واحدة، هي القيام على شرف خدمة القرآن والسنة، بعلوم العقل والنقل؛ وإذا كانت المادة واحدة، والغاية واحدة؛ فإن الشراكة التي ينادي بها هذا المؤتمر شراكة محققة بلا ريب.

وأضاف خلال المؤتمر الذي يعقد اليوم الثلاثاء بمركز الأزهر للمؤتمرات بالقاهرة، أن الجامع الأزهر الشريف هو المشكاة التي نبعت منها هذه المؤسسات والهيات، منه كان انطلاقها، وإليه تأرز كل المحاسن، وكم له من أيادٍ على مصر وعلى العالم كله، وإذا كان النيل هبة الله لمصر؛ فإن الأزهر الشريف هبة الله لمصر وللعالم كله، والحمد لله الذي جعل الأزهر الشريف كبعة للعلماء ومهوى لأفئدة الدارسين والعلماء، يفدون إليه زرافات ووحدانا، يقودهم الحرص على تحصيل علومه والأخذ عن شيوخه وأعلامه الذين ملأوا طباق الأرض علما وطبقت شهرتهم الخافقين.

واستعرض رؤية جامعة الأزهر ودورها في هذه الشراكة الأزهرية وفي صناعة الوعي الفكري الذي يشكل وجدان الأمة، ولا أقول إنه يشكل وجدان الأزهريين فحسب؛ وإذا كان قطاع المعاهد الأزهرية هو كما أسميه دائما "بيت الأزهر الكبير" لأنه ما من أزهري إلا وفيه درج، ومن عشه خرج، وعلى يد شيوخه شب، ومن فيض علمهم نهل وعب؛ فإن جامعة الأزهر هي للأزهر ومؤسساته درة التاج وقلادة الجيد وآية التجويد، هي ولادة العلماء التي لا ينقطع نسلها، ولا يجف على مدى الزمان مدادها، ولا تزال صفحات العلم تحدثنا عن أعلام جامعة الأزهر في كل مجال.

وتابع الحديث عن أعلام الجامعة وقال: إذا رُمتَ إحصاءهم فكأنما رمت إحصاء نجوم السماء، ولا يزال هذا التاريخ لعلماء الأزهر جامعا وجامعة ينادي أن تنهض له هيئة أزهرية لتسجيله وتخليد مآثره ومفاخره، وكتابة الموسوعة الذهبية في تراجم أعلام الأزهر، التي ترجم المرحوم الدكتور محمد رجب البيومي سير بعض أعلام نهضتها المعاصرة، ولا يزال المجهول في هذا التاريخ أكثر من المعلوم، وما أحرى بأقسام التاريخ في جامعتنا الغراء جامعة الأزهر أن تنهض لهذا العمل الجليل الذي هو دين في رقابنا؛ وقد علمونا أن الكريم لا يموت وعليه دين من ديون المروءة، وما صنعه المرحوم الدكتور محمد رجب البيومي يمكن أن يكون لهذه الهيئة رائدا وإمامًا؛ فقد قدم الشيخ الجليل نمطا عذبا رائقا في الترجمة منحه من نفحة نفسه ما أضاف إليه حياة إلى الحياة.

وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن الجامعة حرصت في رؤيتها على المحافظة على ربط الأجيال بتراثها للقضاء على القطيعة المعرفية، لأن تغييب الأجيال عن علوم أمتها وثقافتها أضر بها من كل جانب، ويقيني أن مفردات تراثنا صالحة لأن تكتب آلاف المرات، ويجد كل كاتب فيها شيئا جديدا، بل أشياء جديدة، يضيفها إليها؛ فيُتريها ويُخْصِبها برحيق عقله، ويجعل لها سَمْتًا خاصًا يُسَوغ نسبتها إليه؛ لأنها بصمته وجهده وجهاده وكفاحه على مر الأيام والليالي في قراءة هذه المقررات والأصول التي هي متون العلوم.

وأشار إلى أن هذه المقررات التي هي متون العُلوم يَنْبَغِيذ المحافظة عليها، وحُسْنُ النَّظَرِ فيها، وعَرْضُها لكل جيل بما يُناسب لغتَهُ وفكره وثقافته وطريقة تفكيره؛ حتى لا يَجِدَ الجِيْلُ قَطِيعَةً بَيْنَ هذه الأصول العلمية والواقع الذي يعيشه، فَيَحْدُثَ الفِصَامُ والقَطِيعَةُ بَيْنَ علومنا التي نُدَرِّسُها لأبنائنا في معاهد العلم والواقع الذي يَعِيشُونَهُ ويُكَابِدُونَهُ؛ ومِنْ ثُمَّ كان عَرْضُ العلوم بلغة جديدة وفكر جديدٍ يُناسب العصر فريضة على أهل كُلِّ عِلْمٍ في كُلِّ عَصْرٍ ومِصْرٍ، تَسْقِيهَا عُقُولُهُمْ فَتُنْبِتُ منها أشجارًا جديدة، وتخرج منها ثمارًا جديدة، والفِكْر الحَي كلما مَخَضَتْهُ العُقُولُ أَخْرَجَتْ زبدته، وبهذا تحيا عُلُومُنا ولا تكون جامدة هامدة في زمن تحرك فيه كُل شيء.

وأكد أن الاجتهاد في استنبات المعرفة الجديدة من متون العلوم هو سبيل تطويرها وتجديدها؛ وأن تبني الأمة حاضرها بعقولها وأفكارها وسواعدها، لا أن تعيش على استيراد المعرفة من غيرها؛ فتعيش في ذل العجز الفكري والثقافي، وتَرْضَى وتَقْنَع به، كما رَضِيت وقنعت باستيراد ما به قوام معيشتها حتى استوردت طعامها وشرابها؛ ولذا كان الحرص على أُصُول كُل عِلْمٍ مَعَ الجِد والاجتهاد في تجديده هو السبيل إلى أن تحيا هذه الأمة كريمة عزيزة؛ لا أن تعيش ذليلة عاجزة في كل شيء، حتى في فكرها وثقافتها، تجتاحها رياح التغريب الهوج التي غَزَتْ كثيرًا من دور العلم والثقافة في بلادنا، فصارت علومنا في كثير من معاهدنا غَرِيبةً أَعْجَمِيةً، إِنَّ المحافظين على أُصولِ عُلومنا وثوابتها مع التجديد والاجتهاد وعَرْضِها بِمَا يُنَاسِبُ كُلَّ زمانٍ كالمرابطين على الثغور لحماية أرضنا وعرضنا.

إن السلوك السوي والمَسْلَكَ المَرْضِي هو أن نربي أجيالنا على عُلُومِنا؛ ولا نغيبهم عنها؛ ثم نجتهد في تجديدها بما يناسب لغة كُل زمان وفكره وثقافته ووعيه، ولا نَرفض أَن تَنْظُرَ فيما انتهى إليه غيرنا، ولكن بَعْدَ أن نبني الجيل على ثقافته وأصوله وعلومه ومعارفه، فتنبت أجيالنا في منابتها وتستقي من معارفها، وقديما قال زُهَيْرُ بنُ أَبِي سُلْمَى: وهل يُنْبِتُ الخَطِيَّ إِلَّا وَشِيْجَهُ، وَتُعْرَسُ إِلَّا في منابتها النخل؟

وبيَّن أن الجامعة رأت -لذلك- في عهدها الجديد إحياء كتب التراث في سنوات التعليم وقراءتها ومدارستها في المجالس العلمية بأقسامها المختلفة؛ لأن حياة العلم في مدارسته، فسمع لهذه المدارسات -بحمد الله- دوي كدوي النحل. ولم تكتف جامعة الأزهر بالعلوم العربية والشرعية التي لها فيها الريادة وإليها تثنى الركب وتنحط عندها الرتب، والتي منحت علماء الدنيا في هذه العلوم ألقابهم ورتبهم، على حد قول الشاعر: مَنَحْتُكَ أَلْقَابَ الْعُلا فَادْعُنِي بِاسْمِي · فَمَا تَخْفِضُ الأَلْقَابُ حُرّاً وَلا تُسْمِي.

واستطرد بالقول إن الجامعة لم تكتف في ماضيها المجيد وحاضرها السعيد بهذه العلوم بل ضمت جناحيها على العلوم العملية من الطب والصيدلة والهندسة والعلوم والزراعة والتجارة.. إلى آخر هذه العلوم، وأسست في هذه العلوم وبنت فأعلت البناء حتى صارت التصنيفات العالمية للجامعات قائمة على هذه العلوم وحدها، وضرب علماء الجامعة فيها أروع الأمثلة وصاروا في كل تخصص يشار إليهم بالبنان، وجامعة الأزهر بحمد الله تعالى بدأت عامها هذا مع إشراقته الجديدة وهي الأولى على جميع الجامعات المصرية الحكومية حسب تصنيف التايمز الدولي.

واختتم رئيس جامعة الأزهر كلمته بأن شراكة جامعة الأزهر لقطاعات الأزهر وهيئاته ومؤسساته شراكة قوية؛ لأن هذه الهيئات والمؤسسات في قطاع المعاهد ومجمع البحوث الإسلامية ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية على أكتاف خريجي جامعة الأزهر تقوم وبعلمائه وأعلامه تنهض، وهي تفتح ذراعيها دائما لتدريب الأئمة والوعاظ والدعاة والمعلمين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر كلية الدعوة الاسلامية رئیس جامعة الأزهر الأزهر الشریف هذه العلوم الذی ی

إقرأ أيضاً:

جامعة الفيوم تنظم حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية دار العلوم

شهد الدكتور عرفه صبري حسن نائب رئيس جامعة الفيوم  لشئون الدراسات العليا والبحوث والمشرف على كلية دارالعلوم ، حفل استقبال الطلاب الجدد للعام الدراسي ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥ الذي أقيم تحت إشراف الدكتور عاصم العيسوي نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على قطاع التعليم والطلاب.

بحضور الدكتور  صلاح العشيري وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، والدكتور  محمد عجيلة وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتور  ائل طوبار المنسق العام للانشطة الطلابية بالجامعة والدكتور  ايهاب خالد منسق الأنشطة الطلابية بالكلية وعدد من رؤساء الأقسام واعضاء هيئة التدريس، والإداريين والطلاب، وذلك اليوم الأربعاء   بالكلية. 

أشاد الدكتور  عرفه صبري بالمكانة العريقة والاصيلة التي تتميز بها كلية دار العلوم علي مر الاجيال ، والتي تحظي بكوكبة من العلماء والاساتذة الاجلاء في مجالات العلوم العربية والاسلامية.

ووجه  الطلاب ببذل المزيد من الاجتهاد والحرص علي الاقتداء بالاساتذة والتحلي بالأخلاق الحميدة والحفاظ علي قيمة الوقت والاهتمام بالتحصيل العلمي وحضور المحاضرات ، وتنمية القدرات الذاتية  والعمل مع الزملاء بروح الفريق وأن يكونوا عونًا لبعضهم البعض، مع أهمية المشاركة بالأنشطة الطلابية التي تسهم في اكتساب الخبرات وتكوين العلاقات البناءة ، وتطوير المهارات الشخصية للتأهل الجيد لسوق العمل. 

التواصل الدائم 

كما اكد الدكتور  صلاح العشيري أن اللقاءات الطلابية فرصة جيدة للتواصل الدائم والمستمر مع أبناء الكلية من الطلاب ، معرفا باقسام كلية دار العلوم والمقررات الدراسية بالإضافة الي التعريف ببرنامج العلوم العربية والإسلامية. 

ووجه  الطلاب بان يقدموا صورة مشرقة للكلية وان يكونوا سفرائها لدى المجتمع الخارجى، ولذلك، عليهم التحلي بالاخلاق الحميدة والتمتع بالعلم الراقي ، كما انهم مدعون للمشاركة في مختلف الأنشطة الطلابية ومجالاتها المتنوعة. 

وتابع الدكتور  محمد عجيلة ان علي الطلاب الفخر بأنتمائهم الي كلية دار العلوم ، التي تجمع بين تدريس العلوم العربية والعلوم الإسلامية من خلال أساتذة علي قدر عالي من الكفاءة والتميز. 

كما أشاد الدكتور  وائل طوبار بمجهودات الدكتور عرفه صبري من أجل تقديم أوجه الدعم المختلفة، وحرصه الدائم على المشاركة في كافة الأنشطة والفعاليات بكلية دار العلوم ، مؤكدًا أن الباب مفتوح أمام جميع الطلاب للمشاركة بفاعلية في الأنشطة الطلابية والتي يحرز خلالها طلاب كلية دار العلوم ، مراكز متقدمة سواء علي مستوي جامعة الفيوم أو الجامعات المصرية الاخري .

وخلال حفل الاستقبال تم تكريم واهداء شهادات تقدير لطلاب الكلية الأوائل للعام ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤  بالفرق الدراسية المختلفة. 

كما شمل الحفل  قيام الطلاب بأداء عدد من الفقرات الإنشادية  والتمثيلية والاغنيات الوطنية.

555 55555 5555555 55555555

مقالات مشابهة

  • الأحد.. رئيس وزراء ماليزيا يلقي محاضرة عامة من الأزهر الشريف
  • نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي:  مستشفى أزهر أسيوط تستقبل أكثر من 50 ألف مريض
  • كلية العلوم بنات القاهرة بجامعة الأزهر تنظم ورشة عملٍ تطبيقية
  • رئيس مدينة بورفؤاد: نحرص على التواصل وجهاً لوجه مع المواطن
  • جامعة الفيوم: حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية دار العلوم
  • نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري يشهد احتفالية كلية الدراسات الإنسانية بتفهنا الأشراف
  • حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية دار العلوم جامعة الفيوم.. صور
  • جامعة الفيوم تنظم حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية دار العلوم
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: الصحابة ضربوا أروع الأمثلة في التكافل والتضامن الاجتماعي
  • رئيس جامعة بنها مهنئا الطالبة الفائزة بالجائزة الكبرى: نحرص على دعم النوابغ