رام الله- ساق رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية مبررات عديدة لاستقالة حكومته، والتي قبلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الاثنين، كان منها أزمات رافقت الحكومات من بداياتها عام 2019، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومحادثات الفصائل الفلسطينية.

وقال اشتية، في كلمة بمستهل جلسة مجلس الوزراء، إن قراره "يأتي على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على أهلنا في غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية ومدينة القدس، وفي ظل الخنق المالي غير المسبوق أيضا، والسعي لجعل السلطة الوطنية الفلسطينية سلطة إدارية أمنية وبلا محتوى سياسي".

ووفق اشتية، فإن "المرحلة المقبلة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ بالاعتبار الواقع المستجِد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني- فلسطيني، مستند إلى أساس وطني ومشاركة واسعة ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين".

توجهت الجزيرة نت إلى عدد من المحللين، وسألتهم عن سياقات ودواعي استقالة الحكومة وشكل الحكومة القادمة، فاتفقت آراؤهم على أنها استجابة لضغوط دولية لتحقيق مطلب "تجديد السلطة"، مستبعدين أن تكون أي حكومة قادمة بمثابة استحقاق، لا سيما أن الاستقالة استبقت لقاء الفصائل المزمع الخميس في موسكو.

رئيس الوزراء الفلسطيني المستقيل محمد اشتية كُلف بتشكيل الحكومة عام 2019 (الجزيرة) ترتيبات داخلية وإقليمية

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي إن الحديث عن تغيير الحكومة في الوقت الحالي "ليس بعيدا عما يجري في قطاع غزة، وربما يأتي منسجما أو نتيجة لترتيبات على المستوى الفلسطيني الداخلي والإقليمي"، مشيرا إلى لقاءات فلسطينية داخلية استبقت اجتماع موسكو القادم في 29 فبراير/شباط الجاري.

ولا يستبعد الشوبكي وجود مناقشات مع قوى دولية لترتيب حكومة جديدة، قد تكون خالية من الصبغة السياسية، "على اعتبار أن هناك تحديا جديدا أمام الفلسطينيين في إدارة الشأن الداخلي في القضايا اليومية في مرحلة ما بعد الحرب على غزة، سواء فيما يتعلق بمسألة إعادة الإعمار أو تأمين حياة المواطن الفلسطيني من صحة وتعليم وما بحكمها".

ويتساءل المحلل الفلسطيني "هل تبديل الحكومة يحل المعضلات القائمة؟"، ويُتبعها بالإجابة أن "أثر التغيير لن يكون ملحوظا وكبيرا، لأن أي تغيير حكومي يتطلب تغيير المسار والعمل السياسي الفلسطيني، وهذا يتطلب تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإدماج الفصائل التي لم تدخلها".

يضيف الشوبكي أن "قيمة أي حكومة تتشكل تكون مرتبطة بالمرجعية السياسية لها، وليست مرتبطة بذاتها"، مستبعدا أي فروقات جوهرية بين الحكومة المستقيلة والقادمة، ما لم يكن هناك تغييرات جوهرية على مستوى البرنامج السياسي والرؤية السياسية.

وشدد على أن "التحدي الأساسي الآن للفلسطينيين ليست إدارة الحياة اليومية للمواطن بقدر ما هي مواجهة مشروع كامل من الحكومة اليمينية الإسرائيلية، الذي لا يستهدف قطاع غزة فحسب، بل الكل الفلسطيني ومؤسساته، التي ينظر إليها فلسطينيا على أنها بذرة دولة، ولا يراها الاحتلال سوى بلدية كبيرة".

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية يعلن تقديم استقالة حكومته إلى الرئيس محمود عباس#حرب_غزة pic.twitter.com/F0xTFPryxE

— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 26, 2024

سياقات عديدة

ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية أيمن يوسف أن هناك "عدة سياقات لاستقالة اشتية، أولها استمرار العدوان على قطاع غزة وعدم مقدرة الفلسطينيين على فعل شيء".

وأشار إلى "العديد من المبادرات والضغوطات والسيناريوهات التي تطرح على الساحة، بما فيها خطة نتنياهو لما بعد الحرب، فكانت استقالة اشتية ضربة استباقية من الرئيس أبو مازن للتفاعل مع السياقات الإقليمية والمبادرات الدولية".

ووفق المحلل الفلسطيني، فإن "الحالة الفلسطينية أصبحت متكلّسة من الداخل، وبحاجة إلى رؤية جديدة للتعامل مع المتغيرات والمستجدات والمؤشرات التي خلقتها معركة غزة بشكل مباشر".

وأضاف أن "حكومة اشتية كانت حكومة مسيسة، وحكومة أزمات ومرت بعدة مشاكل، وتمثل حركة فتح بشكل واضح، ونتيجة الضغوط الإقليمية التي مورست ومتغيرات داخلية وخارجية، كانت رغبة الرئيس في تغييرها".

ورجح أن يميل الرئيس إلى تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين المهنيين "حتى لا يعاب عليها أنها تمثل حركة فتح وبعض الفصائل على حساب أخرى"، وتحدث عن "ضغوط مورست على الرئيس من دول الجوار وخاصة مصر والأردن وقطر للتعامل الإيجابي مع مبادرات الإصلاح وإعمار قطاع غزة".

المطلوب شعبيا

و"تغيير النظام السياسي بالكامل، مطلب وطني تُجمع عليه الفصائل، وعليه شبه إجماع شعبي، وليس تشكيل حكومة بالضفة، ترتبط سياسيا بالسلطة الحاكمة، وتبتعد عن حالة الوحدة الوطنية"، وفق المحلل السياسي سامر عنبتاوي.

وأضاف عنبتاوي أن "إقالة الحكومة تأتي استجابة للضغوطات الغربية والأجنبية والأوروبية والأميركية، بغية إحداث تغييرات سياسية ضمن وجهة النظر الغربية، وليس استرضاء لمطلب الشعب الفلسطيني بالتغيير السياسي".

وقال إن "التغيير الحاصل يأتي ضمن الحديث عن اليوم التالي للحرب، ومحاولة أميركا إظهار كأن هناك توجها لتشكيل حكومة تقود إلى دولة فلسطينية، مع أن ذلك ذر للرماد في العيون واحتيال على الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي بأكمله".

وتابع أن "المطلوب ليس تغيير حكومات، بل تشكيل حكومة وحدة وطنية خاصة في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وإنهاء لقضيته، تشمل الجميع وعلى أسس نضالية وكفاحية، تقوم برسم السياسية القادمة للمستقبل الفلسطيني، وتمهد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ولمنظمة التحرير، وإعادة بنائها على أسس كفاحية ووطنية".

من هنا يرى عنبتاوي أن "الحكومة القادمة ستكون حكومة تكنوقراط، لا تناسب شعبا يعيش في مرحلة التحرر الوطني، التي تتطلب وجود توجهات وطنية"، معتبرا أن الإدارة الأميركية تحاول الخروج من الإطار الوطني وحق تقرير المصير إلى قضايا إدارية داخلية.

إجراءات عباس لنُصرة غزة!!
من مصادر قومه أنه سيقيل حكومة اشتية ويستبدلها بحكومة تكنوقراط، "من أجل الاستحقاقات المقبلة في ظل الحديث عن اليوم التالي للحرب في غزة".
مرشّح عباس (وفق ذات المصادر) هو محمد مصطفى.
سباق "عباسي دحلاني" لا يتوقّف، ولكل من يدعمه!
شعب عظيم وقيادة أدمنت العارْ.

— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) February 26, 2024

رئيس الحكومة القادم

يرى السياسي الفلسطيني والنائب المستقل في المجلس التشريعي المحلول حسن خريشة أن "استقالة اشتية تعبير عن عجز وفشل، ثم استجابة للتوجه الأميركي الذي يستحدث سلطة متجددة". وقال إن "إشغال الناس بالحكومة فيه كسب وقت للإسرائيليين لممارسة مزيد من حرب الإبادة، وإلهاء للشعب الفلسطيني وكأننا نعيش وضعا طبيعيا".

ويستبعد أن تكون الحكومة المقبلة نتاج حوار وطني، "والدليل أن الرئيس استبق حوارات موسكو لتغيير الحكومة"، وتابع أن الاستقالة تأتي أيضا "تحضيرا لمرحلة قادمة، على اعتبار أن هناك وعودا أميركية بأن السلطة ستكون مسؤولة عن قطاع غزة والضفة، في وقت يعلن فيه الإسرائيليون أنهم لا يريدون حماس أو فتح إنما إدارة مدنية إسرائيلية للقطاع".

ويرجّح خريشة أن يكون رئيس الوزراء القادم الدكتور محمد مصطفى مستشار الرئيس الاقتصادي ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير، موضحا أن "له علاقات ممتدة" وأنه "بديل عن الرئيس سلام فياض، الذي يضغط الأميركيون باتجاه تكليفه بتشكيل الحكومة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: استقالة اشتیة رئیس الوزراء قطاع غزة أن هناک

إقرأ أيضاً:

الرئيس الإسرائيلي يحضّ الحكومة على إبرام اتفاق مع حماس

حضّ الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ اليوم الأربعاء، الحكومة على بذل قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق يتيح الإفراج عن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة.

وقال هرتسوغ الذي يعتبر منصبه رمزياً إلى حد كبير، في بيان "أدعو قيادتنا إلى العمل بكل قوتها وبكل الوسائل المتاحة لنا للتوصل إلى اتفاق".

وتأتي مطالبات هرتسوغ في الوقت الذي تواصل فيه حماس وإسرائيل مفاوضتهما غير المباشرة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في غزة، وتبادل أسرى، لكن جهودهما اصطدمت باتهامات متبادلة حول عرقلة التقدم في الملف المتعسر منذ الهدنة الأولى والوحيدة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وتتوسط قطر  ومصر والولايات المتحدة بين طرفي الصراع في محاولة لتقريب وجهات النظر عبر مفاوضات لا تزال مستمرة في الدوحة.  

القاهرة تحسم الجدل حول مصير مفاوضات حماس وإسرائيل - موقع 24صرحت مصادر أمنية مصرية اليوم الأربعاء، أن المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل من أجل اتفاق في غزة يسمح بتبادل الرهائن مقابل السجناء، "لا تزال مستمرة رغم وجود عراقيل كبيرة وعدم إحراز تقدم حقيقي".

كانت حماس أعلنت في وقت سابق من الأربعاء، أن "شروطاً جديدة" وضعتها إسرائيل أدت إلى تأجيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، لكنها وصفت المفاوضات المتواصلة في الدوحة بأنها "جديّة".

وسارعت إسرائيل إلى الرد، متهمة حماس بوضع "عقبات جديدة" أمام التوصل إلى اتفاق.

وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، "منظمة حماس الإرهابية تكذب مرة أخرى، وتنكث بالتفاهمات التي تم التوصل إليها بالفعل، وتستمر في خلق العقبات في المفاوضات".

مقالات مشابهة

  • مستشار الرئيس الفلسطيني: ما يجري في شمال غزة.. تطهير عرقي وإبادة جماعية
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: الاحتلال الإسرائيلي دمر آخر القلاع الصحية بشمال غزة
  • بيان ختامي لوزراء خارجية دول الخليج يشيد بقرارات الحكومة السورية الجديدة ويدين توسيع الاستيطان في الجولان
  • وزير خارجية روسيا : لا مكان للهدنة في أوكرانيا
  • خارجية النواب: قرار العفو الرئاسي يعكس إنسانية الرئيس السيسي
  • وزير خارجية لبنان: نقف مع الحكومة الجديدة في سوريا
  • الرئيس الإسرائيلي يحضّ الحكومة على إبرام اتفاق مع حماس
  • وقفة لمنتسبي قطاع الزراعة بأمانة العاصمة تضامنا مع الشعب الفلسطيني
  • عضو «خارجية النواب»: العفو الرئاسي يعكس رغبة الحكومة في تحقيق الاستقرار والعدالة
  • خبير سياسي: حلف الناتو يتعرض لضغوط كبيرة تدفع لتقسيمه