اكد وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني أن المحافظة على تراثنا وأزهرنا مهمة قومية وطنية من الطراز الأول، وإن الأزهر الشريف حين يعنى بالتراث وما يدور حوله من علوم فإنما يعنى بترسيخ الشخصية الوطنية ذات المكونات الصلبة التي تستعصي على الذوبان أو الاختراق، ولعلكم تعلمون أن ما وقع من التراث بأيدي غيرنا لم يهمل، بل رفعوا قواعده، وتمموا بناءه، ولو كان هذا التراث الثري بين أيدي بعض الشعوب لأكرموه، ولبالغوا في الاحتفاء به،  وإني لأرجو أن يكون هذا اللقاء مثمرا، ومؤثرا، ودافعا إلى خدمة جديدة لتراثنا ولأمتنا تأصيلا للهوية، وتحقيقا للخيرية

 

جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الدولي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر حول التراث الإسلامي، مؤكدا أن الأزهر مؤسسة صاحبة أدوار متعددة، فرضتها أمانة الدين التي تحملها، وبلاغه بما يراعي أمور الناس وقضاياهم، ومن ثم فإن الأزهر الشريف في أخص خصائصه مؤسسة علمية، تصنع المعرفة وتنتجها، والمعرفة أعز غاية تطلب، وأول واجب يكلف به العقلاء، وهي ميراث الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»، فلسنا مبالغين حين نقول: إن وراثة النبوة قد حطت رحالها في جنبات الأزهر المعمور، وظهرت هذه الوراثة في مناهجه وفي عقول رجاله.

وتابع وكيل الأزهر أن من تأمل الواقع المعاصر أدرك أن المعرفة قوة، فهي ميدان تنافس ومسابقة؛ ولذا لم يكن عجيبا ولا غريبا أن يبدأ نزول الوحي بقوله تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق»، وكأنما هي إشارة إلى أن تحقيق الخيرية التي وصفت بها الأمة لا يكون عن طريق التميز العقدي والإيماني فحسب، وإنما تكون الخيرية بامتلاك أسباب الدنيا بقراءة واعية تبني ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب، وتجمع ولا تفرق، وهذه المعرفة التي يقوم عليها الأمناء تضمن للأمة ألا تنحرف إلى يمين مفرط، ولا إلى يسار مفرط، وقد أخبرنا نبينا ﷺ أن ذهاب أنوار العلم إنما تكون بذهاب أهل العلم ورجال العلم ومؤسسات العلم، وهنالك يتصدى للكلام في الأمور المهمة رويبضات لا يحسنون ما يتكلمون فيه، فيهلكون ويهلكون.

 

منارة الأزهر في مصر

 

وأردف وكيل الأزهر أنه منذ أكثر من ألف عام قامت منارة الأزهر في مصر، فكانت منارة سامقة، تبعث بأضوائها الهادية إلى أطراف العالم كله، وليس الأزهر مجرد معهد عريق، أو جامعة عالمية هي الأقدم في تاريخ الإنسانية، من حيث تواصل عطائها دون توقف، طوال هذه القرون العديدة إلى اليوم، وإنما هو في حقيقته رسالة، ومنهج وخطاب فكري متميز، يجري من الناس مجرى الدم من العروق والشرايين.


أوضح وكيل الأزهر أن تراث الأزهر يقوم على أركان ثلاثة: معلم، ومتعلم، ومنهج، فركن التراث الأول المعلم أو الشيخ، وربما كان هذا الركن من أهم ما يميز المدرسة الأزهرية، وربما كان الاعتماد على المعلم مربيا ومرشدا وميسرا وموجها هو الذي يفرق بين المدرسة الأزهرية الأصيلة وكيانات أخرى يعتمد طلابها على عقولهم فحسب، أو على الكتب فقط، أو يتتلمذون على صفحات الإنترنت، وقد قالوا: «إن العلم كان في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتب، وصارت مفاتحه بأيدي الرجال»، وهذا الكلام يفضي إلى أن العلم لابد لتحصيله من الرجال؛ فالكتب وحدها لا تفيد الطالب دون فتح العلماء، فالعلم المسند المأخوذ من أهله طبقة عن طبقة هو ما يميز التراث الأزهري.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وكيل الأزهر تراثنا مهمة وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

بعيو لـ”الكوني”: الفيدرالية الثلاثية في ظل سقوط الدولة خيانة وطنية

رد رئيس المؤسسة الوطنية للإعلام، محمد عمر بعيو، على دعوة النائب بالمجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني.

وقال عبر حسابه بـ”فيس بوك”: “مجلس الكوني، ما هو بمجلس ولا هو برئاسي، حين دعا في حضرة سفير مملكة الشر والتآمر العالمية الأولى بريطانيا إلى العودة في حكم وإدارة ليـبـيا إلى نظام الأقاليم الثلاث، تعمل كل منها بصورة منفصلة عن بعضها”.

ووجه بعيو رسالة للكوني، قائلًا إن الدعوة لتأسيس النظام الاتحادي {الذي أنا من أنصاره} لا تعني بالضرورة العودة إلى نظام الأقاليم الثلاث الذي كان معمولاً به منذ قيام دولة الإستقلال في 1951 حتى إلغائه سنة 1963.

وأشار إلى أنه ستتكرر حتماً مأساة الدولة المركزية على مستوى عواصم الأقاليم الثلاث، وبدل إنهاء المركزية الأحادية الظالمة المقيتة يتم إعادة إنتاجها أو استنساخها ثلاث مرات.

وبين أن ذلك سيكون سبيلاً جهنميا ليس لتنظيم الحكم في ليبيا، بل لتقسيمها وتفتيتها حين تشعل الصراعات المناطقية والقبلية والإثنية في كل إقليم، وتتحول الدولة الإتحادية الفيدرالية المنشودة ليس حتى إلى دولة شبه اتحادية كونفدرالية بل إلى دويلات متناحرة متنازعة على الحدود والموارد والسلطات.

وقال إن ذلك سيستدعي تدخلات أجنبية جاهزة ومستعدة ومتوثبة للإنقضاض على لــيـبـيــا واحتلالها مباشرة أو عبر العملاء.

ونوه بأن أي دعوة أو مشروع لإعادة النظر في شكل الدولة لا يجب أن تتجاوز الآن الفكرة أو الرأي، لكنها لا تصبح واقعاً إلا من خلال الدستور الذي يُستفتى عليه الليبيون أصحاب الحق وحدهم في تحديد شكل دولتهم ونظام حكمهم.

وأكمل: “هذا لا يكون إلا بعد حوار مجتمعي حقيقي وعقد اجتماعي متفقٌ عليه ومُصاغٌ بإحكام، وبعد انتخابات وطنية عامة رئاسية وبرلمانية تنتج سلطات تشريعية وتنفيذية موحدة، تتمتع بشرعية التكليف ومشروعية العمل”.

وشدد على عدم إمكانية تحقيق ذلك الآن في ظل الانقسام الرأسي والأفقي، الذي أقصى ما يمكن تحقيقه في ظله وفي ظل حالة الهدنة القلقة بين القوى المختلفة، هو المحافظة على الاستقرار وأن يكن هشّاً أطول فترة ممكنة.

الوسومليبيا

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: ندعو الله أن يوفِّق القادة العرب في القمة العربية ووضع حدٍّ للغطرسة والفوضى التي يتعامل بهما الداعمون للكيان المحتل
  • بعيو لـ”الكوني”: الفيدرالية الثلاثية في ظل سقوط الدولة خيانة وطنية
  • وكيل الأزهر يتفقد تجهيزات الإفطار الجماعي بالجامع الأزهر
  • اعتقال شخص رفع العلم الصدّامي فوق منزله وسط بغداد
  • محمد بن يزيد المبرّد
  • أكثر من 56 ألف زائر للمعالم التاريخية بجنوب الباطنة العام الماضي
  • للعام الرابع.. وكيل الأزهر يشارك الطلاب الوافدين إفطارهم بالجامع الأزهر
  • دراسة تكشف سبب كون النساء أكثر ثرثرة من الرجال
  • عالم رباني.. نور في زمن الظلمات
  • ابننا العزيز الرشيد أحمد الطيب عبد الحفيظ