بوابة الوفد:
2024-07-05@12:07:36 GMT

الضويني: الأزهر يمثل ركيزة مهمة في صرح الأمة

تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن الاجتماع على «شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن» ومحاولة قراءة الواقع واستشراف المستقبل لهو من أوجب الواجبات الأزهرية؛ انطلاقا من أدوار الأزهر المتعددة، ومما لا شك فيه أن أعتى أمراض الأمم وأخطرها هو المرض الفكري، الذي يؤدي إما إلى التطرف الذي ينتج عنه الإرهاب بأنواعه، وإما إلى التفريط الذي ينتج عنه الانحلال الأخلاقي والإلحاد، وإما إلى التوقف والكسل الذي يؤخر الأمة، الأمر الذي يوجب على العلماء والمفكرين أن يعملوا بجد وبقوة لمواجهة هذا المرض العضال وحماية المجتمعات من خطورته.

الضويني: مؤتمر الذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة يؤكد حرص الأزهر على مواكبة العصر الضويني: الأزهر يسخر إمكاناته لتمكين بناتنا الوافدات من أداء رسالتهن

وأوضح الدكتور الضويني خلال كلمته بالمؤتمر الثالث لكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة والذي جاء تحت عنوان «نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن.. روية واقعية استشرافية»، أن هذا المؤتمر يجيء في وقت حساس من عمر الأمة، في ظل ما تتعرض له من محاولة تشويه تاريخها، وتزييف وعيها، وخداع شبابها، خاصة فيما يتعلق بحق الأمتين العربية والإسلامية في فلسطين، وإن التاريخ لا يغفر خطايا مجرمي الحرب، الذين لا يردهم دين ولا عرف ولا قانون، ولا يؤلمهم تفجير ولا هدم ولا قتل ولا موت، ولا يحكمهم عقل ولا فكر ولا قلب ولا مشاعر، وإن وعد الله لا يتخلف، «وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ».

وبيّن وكيل الأزهر أن هذا المؤتمر خطوة في مسيرة جهود الأزهر الشريف التي تناقش قضايا الحياة المعاصرة في إطار شرعي يناسب الواقع المتغير، ولا يخرج في الوقت نفسه عن الأصول والثوابت، موضحا أن أحكام الشريعة التي تدور حول الضروريات الخمس، لا يتصور عمران مجتمع ولا صلاح أمور أفراده إلا بحفظها، ولا يتصور حفظها إلا في ظل وجود أمن، وخاصة الأمن الفكري.

وتابع أنه إذا كانت رسالة الأزهر تتضمن دراسة التراث الإسلامي، وإيضاحه، ونشره وما يستتبع ذلك من إجراء البحوث الرصينة والدراسات المنضبطة بالمنهجية العلمية، واقتفاء أثر السلف الصالح في الجد والمثابرة؛ فإنها رسالة سامية تناسب جلال الإسلام: عقيدة وشريعة وسلوكا، وقد تبلورت رسالة الأزهر عبر أجيال امتدت لأكثر من ألف عام؛ ليكون المرجعية العلمية الأولى لأهل السنة والجماعة في مصر وخارجها، في منهجية تتسم بالوسطية، وتجمع بين النقل والعقل، والتأويل المنضبط والتنزيه الواجب للذات العلية، واحترام كل مذاهب أهل السنة في العقائد والشرائع دون الاندفاع إلى تكفير أو تفسيق أو تبديع.

وأضاف الدكتور الضويني أنه لا عجب إذا أن يكون الأزهر قبلة العلم لمن يفد إليه من بلاد العالم كافة من المسلمين، ولمن أراد الاهتداء إلى الدين القويم، وإذا كان الأزهر قد تصدى منذ نشأته للعلوم الإسلامية والعربية: تعليما ونشرا ومداسة، فضلا عن دوره في التكوين العلمي للدعاة وتطوير الخطاب الإسلامي في إطار من الحكمة والموعظة الحسنة، فإن من واجب الأزهريين المخلصين أن يتصدوا لحملات التشويه التي يتعرض لها الإسلام من مغرض أو جاهل.

وأوضح وكيل الأزهر أنه تأتي أهمية هذا التجمع العلمي الذي تنظمه كلية الدعوة الإسلامية، والذي يعد أكثر وجوبا وإلحاحا في ظل الظروف الدقيقة التي تبحر فيها سفينة الأمة نحو مرفأ، يتيح لها الاستقرار والتقدم نحو بناء مستقبل أفضل، وما يعتريها من أنواء وأمواج عاتية، وقد أثبتت الظروف التي تمر بها أمتنا اليوم أن الأزهر الشريف ما زال يمثل ركيزة مهمة في صرح الأمة، تجده دائما ما ينهض للقيام بواجبه، وخاصة في الأوقات الحرجة؛ ليثبت أنه درع الأمة في وقت الشدة، وعلى كل الأزهريين أن يفخروا بانتمائهم لهذا الصرح العظيم.

وتابع الدكتور الضويني أنه ليحق لنا أن نفاخر بهذا الوعي العلمي والحراك المجتمعي الذي يقوم به الأزهر، حين يحاول وضع رؤية شرعية تواجه الانحراف بشقيه: التطرف الفكري والتطرف الأخلاقي، وتقف في وجه الأجندات الممولة والمشروعات الفكرية المنحرفة التي تسعي للنيل من إسلامنا الحنيف، فمنهج الشريعة الإسلامية لا ينتظر وقوع الأزمات، بل يحمي المجتمع من كثير منها بالقضاء على أسبابها، وهذا ليس غريبا على منهج يستمد مبادئه وأدواته من الدين الإسلامي الخاتم، الذي أراده الله لهداية البشرية جمعاء؛ ولذلك فإن الحرص على أحكام ديننا الإسلامي الحنيف يجنب المجتمع أزمات ومشكلات كثيرة.

وأردف أنه إذا كنا نفاخر بإسلامنا فإنما نفاخر بمنهجه المتكامل في الإصلاح، الذي يضمن مجتمعا متقدما حضاريا، ومنضبطا أخلاقيا، ونفاخر بعدالته التي تنتصر على الأزمات، وتخلص المجتمع من تداعياتها، ونفاخر بوعي أهله الذين استعصت هويتهم على الذوبان والاختراق، فهي هوية صلبة ثابتة، وإذا كان المنهج الإسلامي قادرا على مواجهة الأفكار الشائهة التي تضر بالمجتمع والتي تنشر الظلم والتطرف والانفلات؛ فإن الواجب علينا أن نتكاتف: أفرادا ومؤسسات؛ لنكون معا ضد أي انحراف يهدد الفكر، أو يزعزع الثوابت، أو يزيف التاريخ.

رسالة الأزهر الشريف جامعا وجامعة هي تعزيز الوسطية والاعتدال

وأكد الدكتور الضويني أن رسالة الأزهر الشريف جامعا وجامعة هي تعزيز الوسطية والاعتدال، ومحاربة الغلو والتطرف بجميع صوره وأشكاله، من أجل ترسيخ وحدة المسلمين مهما اختلفت مذاهبهم الفقهية والعقدية، وتباينت منازعهم الفكرية، وتوجهاتهم السياسية، ما داموا جميعا يسلمون بمرجعية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ولا يخرجون عن أطرها العامة. وهذا هو جوهر المدرسة الأزهرية. 

وإن من المهم أن تكون المؤسسات المعنية بتشكيل الوعي على دراية كافية بالتحديات التي تستهدف الدين، وإلمام جيد بتيارات التغريب التي تستهدف المجتمعات، والتي تشيع أنماطا معوجة من التفكير تخاطب في الإنسان غرائزه، وتثير شهواته، وتؤصل لانفلات سلوكي، وتحلل خلقي، وتشويش فكري.

واختتم وكيل الأزهر كلمته بأنه من المهم لمؤسساتنا المسئولة أن تفطن إلى المؤامرة التي تشغلهم عن أدوارهم بصراعات مدمرة حول قضايا ثانوية، ما كان لها أن تتحول إلى أسباب للنزاع والصراع والشقاق!، وإن الوصول إلى وعي فكري آمن فريضة دينية، وضرورة مجتمعية، ومسئولية تضامنية، يجب أن يسعى لتحقيقها الجميع، وأتوقع أن يخرج هذا المؤتمر برؤية واضحة وبرامج عملية تتعاون المؤسسات المسئولة على تنفيذها؛ لإيجاد هذه الحالة من الوعي الفكري الأمن، ولمواجهة هذه التحديات التي فرقت الأمة، وعطلتها عن دورها في قيادة ركب الحضارة الإنسانية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الضويني وكيل الأزهر صناعة وعي فكري آمن استشراف المستقبل فلسطين جهود الأزهر رسالة الأزهر الدکتور الضوینی الأزهر الشریف رسالة الأزهر وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

هوامش مهمة على الديانة الإبراهيمية.. قاموس المقاومة (32)

أشرنا في مقال سابق إلى تأليفات مهمة في كشف الضلالات عن الفكرة الإبراهيمية وعدم الوقوع في شرَك الشبهات التي تحيط بمسألة وحدة الأديان؛ والدور المشبوه التي قامت به وعليه هيئات تبدو في الظاهر كمؤسسات دينية بريئة تعمل في حقل حوار الثقافات والحضارات ثم انتقلت بليل الى حوار الأديان. وبدا الأمر وفي توقيتات معينة أن ذلك هو مدافعة لفكرة "صدام الحضارات" التي اخترعها "صمويل هنتنجتون"، كما بدا لهؤلاء أن يستغلوا هذا الزخم الذي أحدثته تلك الفكرة التي ذاعت وانتشرت ورُوج لها في مؤسسات وإقامة مؤتمرات وندوات؛ ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب لتمرير أفكار خطيرة ومداخل خبيثة. وقد بررت فعلها آنذاك بمعزوفة عن الاستقرار الدولي والأمن العالمي؛ ووضعوا سؤالا مغرضا: هل يمكن تحويل الأديان من أداة صراعية؛ إلى أداة تنشر السلام والاستقرار والتعايش؟

وتسللت تلك الأفكار جميعا تحت جُنح الظلام وتسربت بين ثنايا الأديان وأهلها؛ ولا بأس أن يجمع هؤلاء بين مثقفين وعلماء ورجال دين يمثلون رموزا لمؤسسات دينية للأديان الثلاث. بدا ذلك بريئا في البدايات وانتهى إلى حالة من الدس والبث لحاخامات يهود يُحسبون بصلاتهم على الكيان الصهيوني.

تسللت تلك الأفكار جميعا تحت جُنح الظلام وتسربت بين ثنايا الأديان وأهلها؛ ولا بأس أن يجمع هؤلاء بين مثقفين وعلماء ورجال دين يمثلون رموزا لمؤسسات دينية للأديان الثلاث. بدا ذلك بريئا في البدايات وانتهى إلى حالة من الدس والبث لحاخامات يهود يُحسبون بصلاتهم على الكيان الصهيوني
دُعيت في مرة لمؤتمر حول حقوق الإنسان من هيئة دينية مسيحية وأسندوا لي عنوانا حول حقوق الإنسان في الإسلام، إلا أن تلك الهيئة لم تتعامل بالشفافية الكافية واللازمة مع من دُعوا للمؤتمر؛ فلم يوزعوا جدول المؤتمر إلا في الجلسة الافتتاحية؛ وقد احتوى على موضوعات وأسماء ومؤسسات لم تخطر لي على بال؛ بل لو أن لديّ علم مسبق بذلك ما تورطت بالاشتراك ولا عزمت على الحضور ولكان الاعتذار هو الموقف الصواب والأولى في هذا المقام. وببحث بسيط وأنا جالس على جوجل عن حاخام يهودي آت من نيويورك كما ورد اسمه في البرنامج المفخخ، عرفت أنه حاخام في خدمة الكيان الصهيوني؛ واكتشفت أنه كان في زيارة للكيان الصهيوني قبيل أن يأتي لمصر. وقد عُنون بحثه بالرؤية اليهودية لحقوق الإنسان؛ الأمر أوقعني في حرج شديد وفي تنازعات حول ما هو الموقف الصواب في ذلك الحال! واستقر في نفسي أنني استُدرجت الى أمر خطير وشرَك محكم من تواطؤ الهيئة الداعية؛ ومن موقف أُحيك بدقة ودُبّر بليل؛ وقد كان لديّ موقف مبدئي لا يتزحزح في هذا المقام.

وبدا لي أن الموقف ليس بالاحتجاج الانسحابي الذي قد لا يُعطى لي فرصة لفضح الأمر برمته؛ وهنا دُعيت أنا ومن سيشارك في الجلسة الأولى ومن بينهم الحاخام اليهوديّ الصهيوني مرتديا لباسه الديني المتعارف عليه، بل إنهم وضعوني تحت عنوان التنظيم أن أكون بجواره ضمن حالة ظاهرية من التطبيع اللئيم؛ فاعتذرت عن الصعود للمنصة وجلست مكاني في القاعة بين الحضور وقررت أن ألقي كلمتي من مكاني الجالس فيه. واشترطت وكانوا قد وضعوا كلمتي قبله؛ ألا أتحدث الا بعده، واصفا إياه بالحاخام اليهودي الصهيوني، وهنا ترقب الجميع معركة حامية الوطيس سواء من الجهة المنظمة أو من الحضور. تحدث في البداية الممثل للمسيحية ثم تحدث الحاخام؛ مزورا كل الحقائق ومصورا اليهود أنهم دعاة سلام وأمن واستقرار وأنهم الحَمل الوديع، ولم ينس أن يذكر الكيان الصهيوني؛ المستهدف من بيئة عربية وإسلامية تحيط به وتهدف الى قتل مواطنيه. وصادف أنه قبل أسبوع قام أحد أبناء فلسطين بعملية كبير؛ هذه العملية كما هي العادة أدانها القاصي والداني من بلاد الغرب الداعمة للكيان.

وهنا كنت في سباق مع الزمن؛ أسمع التزوير بأذني وأبحث عن تفنيد الأغاليط الحاخامية؛ وفق حجج دامغة وأرقام فاضحة وحالات فاضحة؛ كلها تشير إلى الكيان الصهيوني الاستيطاني الغاصب والمحتل الذي احترف القتل والعدوان.

قلت حينها في افتتاح الكلمة؛ إنني كنت قد أعددت بيانا مهما عن حقوق الإنسان في الإسلام؛ أوضّح فيه تميز هذه الرؤية عما عاداها من رؤى، والورقة بين أيديكم بنصها وفصها، ولذلك فإنني أعدت بناء كلمتي على نحو يتناسب مع المقام. ووجهت حينها ثلاث رسائل فاصلة واضحة كاشفة فارقة؛ الأولى للجهة المسيحية المنظمة والتي فضحت فيها سلوك تلك الجهة الذي اتخذ حال التلبيس والتعتيم لبلوغ هدف لئيم، سواء في توقيت إعلامنا بجدول الندوة والمشاركين فيها أو توقيت إعلامنا بالجدول الخبيث، والثانية كانت للحضور إذ عرضت عليهم هذا التصرف المُدان بكل معيار، وأكدت مع هذا الوضع الحق في عرض شفهي أرسله بعد ذلك مكتوبا لإدارة الندوة لتضمينه كتاب الندوة إن نُشرت، والثالثة قمت بعمل بيان عن الكيان الصهيوني ونقده تأسيسا كدولة احتلال تقوم على اغتصاب الأرض وهضم الحقوق؛ وحق الفلسطينيين في المطالبة بحق تقرير المصير والتحرير وسلوك كل سبل المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة. ووجهت خطابي أخيرا للحاخام الصهيوني المتخفي بأنه نيويوركي وهو صهيوني حتى النخاع: يا هذا عد لإخوانك وأبلغهم ألا سلام معهم وأن الصراع بيننا صراع مصيري وجودي؛ لا ولن ينتهي إلا بزوال احتلالهم الاستيطاني. ثم لملمت أوراقي وخرجت على الفور لأنه لا يجوز وجودي في مكان احتله ذلك الحاخام وبفعل تنظيم خبيث ومريب.

كان المقصود من استعراض هذه الحادثة إثبات حال التخفي والتسلل والتزييف والتزوير؛ كمسالك تطبيعية مريبة ومتخفية ومسيسة من مثل الفكرة الإبراهيمية، وبغض النظر عن هذه الحقيقة فإن الديانة الإبراهيمية كما عبر عنها القرآن الكريم بـ"ملة إبراهيم" وارتباطها بالحنيفية الممثلة للفطرة الإيمانية والإسلام الناظم والخاتم للأديان السماوية؛ هذا التعريف القرآني نفى وبشكل قاطع أي مداخل للتلبيس والتسييس والتزييف والتزوير الذي يقطن كل المحاولات الهادفة إلى التمويه على الإبراهيمية الحنيفية المسلمة؛ والدس عليها وتسكينها ضمن ضلالة القرن الإبراهيمية القابعة في جوف استراتيجية صفقة القرن.
إثبات حال التخفي والتسلل والتزييف والتزوير؛ كمسالك تطبيعية مريبة ومتخفية ومسيسة من مثل الفكرة الإبراهيمية، وبغض النظر عن هذه الحقيقة فإن الديانة الإبراهيمية كما عبر عنها القرآن الكريم بـ"ملة إبراهيم" وارتباطها بالحنيفية الممثلة للفطرة الإيمانية والإسلام الناظم والخاتم للأديان السماوية؛ هذا التعريف القرآني نفى وبشكل قاطع أي مداخل للتلبيس والتسييس والتزييف والتزوير

والخلاصة التي بينتها الآيات الكريمة في سورة البقرة: "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين" (آل عمران: 67)؛ أن الطوائف الدينية السابقة تتنازع في إبراهيم -عليه السلام- وتدّعي كل واحدة أن إبراهيم كان منها وعلى دينها.

فإبراهيم وأبناؤه (الأنبياء) لم يكونوا يهودا، ولم يكونوا نصارى، ولم يكونوا مشركين، وإنما كانوا مسلمين حنفاء. وكذلك جاءت آيات كريمة في سورة آل عمران في جدال ومحاجة اليهود والنصارى، الذين زعموا أنهم على طريق إبراهيم عليه السلام ودينه وأبطلت الآيات هذا الزعم وبينت من هم أولى الناس بإبراهيم، قال تعالى: "يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون (65) ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون (66) ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين (67) إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين (68)" (آل عمران: 65-68).

ولا يخفى أن اختيار الغربيين للمصطلحات التي تكون عنوانا لدعواتهم المشبوهةِ يكون مدروسا بعنايةٍ كبيرة، ومنها مصطلح "الإبراهيمية" الذي يتّسِم بالبريق، والإغراءِ الكامن في استغلال الاسمِ النبويِّ الكريم، ورمزيةِ ومكانةِ أبي الأنبياء إبراهيمَ عليه السلام، والخداعِ المتَستّرِ بالحديث عن المشترَك الإبراهيميّ، الذي يُوارِي حقيقةَ المشروعات والتوجّهات الخطيرةِ الماحقة، فغدا عنوانا ظاهِرُه يلمع بالرحمة، وباطِنُه يطفح بالهلاك؛ وتقف وراء "الديانة الإبراهيمية الجديدة أدوات متنوعة ومراكز بحثية ضخمة وغامضة، انتشرت مؤخرا في ربوع العالم، وأطلقت على نفسها اسم "مراكز الدبلوماسية الروحية"، ويعمل على تمويل تلك المراكز أكبرُ وأهمُّ الجهاتِ العالمية، مثل: الاتحاد الأوروبيّ، وصندوق النقد الدوليّ، والبنك الدوليّ، والولايات المتحدة الأمريكية"، كما يؤكد الدكتور إسماعيل علي في بحث.

ومن أهم أهداف الترويج للديانة الإبراهيمية الجديدة تصفية القضية الفلسطينية: تبرئة جرائم الاحتلال الإسرائيلي؛ تجريم مقاومة الاحتلال؛ إﺗﻤام مشروع اتفاق إبراهام وإعادة تشكيل الشرق الأوسط؛ إخفاء معاﻟﻢ العروبة والإسلام لصالح الرؤية التوراتية الصهيونية؛ قبول دور "إسرائيل" الحالي في المنطقة؛ التهيئة للتنازل المستقبلي عن أراضٍ واسعة من بلادنا تحقيقا للأهداف الصهيونية التوسعية والعدوانية.

تؤكد الورقة السياسية "الإبراهيمية الجديدة خديعة أمريكية صهيونية"؛ صناعة حالة من السذاجة والسطحية الثقافية لدى شعوب المنطقة، وتزييف التاريخ وتشويه وعي الأجيال القادمة.. وللهوامش البيانية في المسألة الإبراهيمية بقية.

x.com/Saif_abdelfatah

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: القرآن نقل الأمة من حالة الضعف والبساطة إلى العالميَّةِ
  • شيخ الأزهر: النهج الوسطي الذي لا يعرف الإقصاءأو شيطنة تلقتها جماهير الأمة بالقبول
  • رئيس جامعة الأزهر يشيد بأعمال التطوير والتجديد التي شهدتها كلية التربية
  • وزير الخارجية والهجرة الجديد: مصر دولة ذات ريادة إقليمية وتعد ركيزة الاستقرار بالمنطقة
  • وزير الخارجية والهجرة: مصر دولة ذات ريادة إقليمية وتعد ركيزة الاستقرار بالمنطقة
  • رئيس وزراء ماليزيا لشيخ الأزهر: نسترشد بمواقفكم المستنيرة خلال هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة
  • المكاتب التنفيذية والخدمية في إب تُحيي ذكرى يوم الولاية
  • وزير الخارجية: مصر ركيزة الاستقرار في المنطقة التي تموج بالصراعات
  • وزير الخارجية الجديد: مصر ركيزة الاستقرار في هذه المنطقة التي تموج بالصراعات
  • هوامش مهمة على الديانة الإبراهيمية.. قاموس المقاومة (32)