وكيل الأزهر: العلم المسند المأخوذ من أهله يميز التراث الأزهري
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بماليزيا قد أحسنت في عقد مؤتمرها الدولي الذي يحمل عنوان "حول التراث الإسلامي وتحدياته في عالم الملايو: الأزهر منهجا ومرجعا"، ويدور حول محاور ثلاثة: التراث الإسلامي، والأزهر الشريف، وربط هذين بالحراك الحياتي المعاصر، والحقيقة إن هذه الثلاثة لا ينبغي أن يفصل بينها فاصل، فالأزهر الشريف مؤسسة تراثية تعنى بالتراث، تحفظه، وتنقله للأجيال، وتعيد قراءة العقول التي أنتجته في محاولة لضبط الواقع المعاصر، وتعده ركنا ركينا ننطلق منه إلى المستقبل.
وبين الدكتور الضويني أن الأزهر مؤسسة صاحبة أدوار متعددة، فرضتها أمانة الدين التي تحملها، وبلاغه بما يراعي أمور الناس وقضاياهم، ومن ثم فإن الأزهر الشريف في أخص خصائصه مؤسسة علمية، تصنع المعرفة وتنتجها، والمعرفة أعز غاية تطلب، وأول واجب يكلف به العقلاء، وهي ميراث الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»، فلسنا مبالغين حين نقول: إن وراثة النبوة قد حطت رحالها في جنبات الأزهر المعمور، وظهرت هذه الوراثة في مناهجه وفي عقول رجاله.
وتابع وكيل الأزهر أن من تأمل الواقع المعاصر أدرك أن المعرفة قوة، فهي ميدان تنافس ومسابقة؛ ولذا لم يكن عجيبا ولا غريبا أن يبدأ نزول الوحي بقوله تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق»، وكأنما هي إشارة إلى أن تحقيق الخيرية التي وصفت بها الأمة لا يكون عن طريق التميز العقدي والإيماني فحسب، وإنما تكون الخيرية بامتلاك أسباب الدنيا بقراءة واعية تبني ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب، وتجمع ولا تفرق، وهذه المعرفة التي يقوم عليها الأمناء تضمن للأمة ألا تنحرف إلى يمين مفرط، ولا إلى يسار مفرط، وقد أخبرنا نبينا ﷺ أن ذهاب أنوار العلم إنما تكون بذهاب أهل العلم ورجال العلم ومؤسسات العلم، وهنالك يتصدى للكلام في الأمور المهمة رويبضات لا يحسنون ما يتكلمون فيه، فيهلكون ويهلكون.
وأردف الدكتور الضويني أنه منذ أكثر من ألف عام قامت منارة الأزهر في مصر، فكانت منارة سامقة، تبعث بأضوائها الهادية إلى أطراف العالم كله، وليس الأزهر مجرد معهد عريق، أو جامعة عالمية هي الأقدم في تاريخ الإنسانية، من حيث تواصل عطائها دون توقف، طوال هذه القرون العديدة إلى اليوم، وإنما هو في حقيقته رسالة، ومنهج وخطاب فكري متميز، يجري من الناس مجرى الدم من العروق والشرايين.
وأوضح فضيلته أن تراث الأزهر يقوم على أركان ثلاثة: معلم، ومتعلم، ومنهج، فركن التراث الأول المعلم أو الشيخ، وربما كان هذا الركن من أهم ما يميز المدرسة الأزهرية، وربما كان الاعتماد على المعلم مربيا ومرشدا وميسرا وموجها هو الذي يفرق بين المدرسة الأزهرية الأصيلة وكيانات أخرى يعتمد طلابها على عقولهم فحسب، أو على الكتب فقط، أو يتتلمذون على صفحات الإنترنت، وقد قالوا: «إن العلم كان في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتب، وصارت مفاتحه بأيدي الرجال»، وهذا الكلام يفضي إلى أن العلم لابد لتحصيله من الرجال؛ فالكتب وحدها لا تفيد الطالب دون فتح العلماء، فالعلم المسند المأخوذ من أهله طبقة عن طبقة هو ما يميز التراث الأزهري.
وبين الدكتور الضويني أن التراث يتم تدريسه بالفعل لطلابنا في نظام تعليمي تربوي فريد ميزه عن غيره، يتيح للتلميذ الصغير المبتدئ أن يختار منذ الطفولة الباكرة مذهبا من بين المذاهب الفقهية المتعددة، يتدرج في دراسة مسائله وأحكامه، ويتهيا شيئا فشيئا لاستيعاب أكثر من رأي واستنباط في المسألة الواحدة؛ ليكون مستعدا لتقبل المذاهب المختلفة؛ ليخرج بعدها بقناعة راسخة أن اختلاف العقول وتباينها مقبول ما دام في إطار من القواعد الحاكمة، وأنه ليس من حق أحد أن يمنع غيره من فهم أو استنباط توفرت له كل أدوات المعرفة والنظر والتفضيل.
التراث الأزهري يرسخ في ذهن الطالب منذ نعومة أظفارهوأردف أن التراث الأزهري يرسخ في ذهن الطالب الأزهري، منذ نعومة أظفاره في قاعات الدرس مبدأ الحوار، وشرعية الاختلاف، وثقافة: «إن قيل: قلنا»، و«لا يقال كذا : لأنا نقول كذا»، و«لا يعترض علينا بكذا؛لأنا نجيب بكذا»، وهذا التراث بهذا الملمح الحواري المعتدل قادر على أن يجنب الطلاب الانغلاق في مذهب واحد بعينه، يراه صحيحا ويرى غيره باطلا.
وتابع الدكتور الضويني أن الواقع العملي لحياة علماء الأزهر وطلابهم، في عباداتهم ومعاملاتهم، في أحكام الصلاة والصيام والحج والزواج والطلاق والفتاوى التي تتغير من بلد لبلد ومن زمان لزمان ومن شخص لشخص؛ يؤكد أن منهج التعلم والتعليم في الأزهر مصمم - من قديم الزمان- على قاعدة التعدد، وما بين المذاهب الفقهية المعتمدة من تباين في الفتاوى والأحكام منذ عصر الأئمة الأربعة وحتى اليوم شاهد صدق على أن التراث الإسلامي هو تراث حواري تعددي يرفض الانغلاق في مذهب بعينه أو التمسك برأي واحد يتقيد به ويقصي غيره من الآراء.
وأوضح أنه في الوقت الذي نتكلم فيه عن التراث وضرورته، فإن الواجب أن ننقد بحكمة وبصيرة ووعي الأطروحات التي تعادي التراث، والتي ترى أن التراث بأصوله وفروعه لا يصلح للاعتماد عليه في هذا العصر، وأن من الضرورة إعادة إنتاجه وتوظيفه من خلال «التجديد» الذي أكثروا فيه الكلام، وإنا لنتفق مع التجديد إذا تم على أساس استبقاء الأصول والثوابت، وإطلاق أبواب النظر والاجتهاد فيما سواها بما يضمون مواكبة علمية صحيحة لما يستجد من النوازل والقضايا.
وشدد وكيل الأزهر أننا نرفض أن يجيء التجديد هدما للثوابت والمسلمات والقطعيات، وتبديدا للتراث ومسخه وتشويهه، ثم الزعم بأن النجاة من مشكلات حياتنا في التخلي عن تراثنا وتاريخنا، وإن إغفال التراث العلمي النقلي منه والعقلي هو «انتحار حضاري»، ولا يمكن لمجتمع أن يتقدم إلا إذا انطلق من تراثه وتاريخه؛ حتى تكون أقدامه راسخة ثابتة، ومن الصواب أن ندرك أن تجديد التراث الإسلامي لا يحسنه إلا عالم ثابت القدمين في دراسة المنقول والمعقول، فاهم لطبيعة التراث، ولطبيعة المناهج وأدوات التحليل الفكري المستخدمة في البحث والتقصي.
وأوضح أن العقود الأخيرة من القرن العشرين شهدت اهتماما متزايدا بعلوم الحضارة العربية الإسلامية، سواء من جانب الدارسين العرب والمسلمين أو من جانب المستشرقين ومؤرخي العلم الغربيين، ورغم هذا ما زال البعض يتساءل أحيانا عن جدوى البحث في كتب قديمة تعود بنا إلى ألف عام أو يزيد، وعن فائدة هذه الجهود التي تبذل في رصد المخطوطات وفهرستها وترميمها وحفظها، ثم في تحقيق نصوصها: نسخا وقراءة وحلا لمشكلاتها واستجلاء لغوامضها، ثم في تناولها بالدراسة والتحليل بحثا عما يمكن أن تتضمنه من معلومات قد تفيد أو لا تفيد !.
وأضاف وكيل الأزهر أنه للأسف الشديد إن هذه الأسئلة تشير إلى علاقة تشبه القطيعة بين البعض والتراث، أو بين الحاضر والماضي، وبخاصة لدى الجيل الجديد من الشباب الذين تشبعوا بالحضارة الغربية ومعارفها، وأفاقوا على ما قدمته من منجز تقني وعلمي وتكنولوجي أبهرت به العالم، وغيرت نظرته وتفكيره ومجرى حياته، وجعلته ينساق خلفها، في الوقت الذي يحظى فيه التراث الإنساني بتهافت كبير من قبل الهيئات العالمية التي وعت قيمته ودوره في المحافظة على الهوية والخصوصية الثقافية للأمم والشعوب، وهذا الموقف المتباين مدعاة للجميع: أفرادا ومؤسسات للعمل على سد هذه الفجوة، والتصدي لخطرها، والحد من آثارها في نفوس بناة المستقبل، الذين إن انقطعوا عن ماضيهم فلا حاضر لهم، ولا مستقبل.
وبين الدكتور الضويني أن ما يعتقده البعض من أن التراث الإسلامي لا يناسب الإنسان في حياته المتجددة، ولا يعالج مشكلاته الراهنة، ولا يساير وعيه المعاصر، ولا يدور مع فكره المتطور خطأ كبير؛ فإن الحياة المعاصرة لا يمكن استيعابها إلا بالجمع بين أمرين، أولهما: ضرورة هضم التراث هضما
جيدا، والتعرف على التراث حق المعرفة واستيعابه بالشكل الصحيح، حتى نستطيع التواصل البناء مع منابع ثقافتنا وروافدها، فالارتباط بالجذور مسألة مؤثرة في ثبات هوية الشباب أمام الغزو الثقافي الذي يتعرضون له في كل وقت، وثانيها معاصرة الواقع الحالي ومواكبة التطور العلمي والمعرفي؛ لذا يجب علينا جميعا أن نهيئ الشباب ونوجهه للتعامل مع مكونات التراث بمنحى يمكنهم من التواصل الفعال مع منجزاته جنبا إلى جنب مع مواكبة العصر، فلا يتخلفوا عن ركبه الحضاري.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن المحافظة على تراثنا وأزهرنا مهمة قومية وطنية من الطراز الأول، وإن الأزهر الشريف حين يعنى بالتراث وما يدور حوله من علوم فإنما يعنى بترسيخ الشخصية الوطنية ذات المكونات الصلبة التي تستعصي على الذوبان أو الاختراق، ولعلكم تعلمون أن ما وقع من التراث بأيدي غيرنا لم يهمل، بل رفعوا قواعده، وتمموا بناءه، ولو كان هذا التراث الثري بين أيدي بعض الشعوب لأكرموه، ولبالغوا في الاحتفاء به، وإني لأرجو أن يكون هذا اللقاء مثمرا، ومؤثرا، ودافعا إلى خدمة جديدة لتراثنا ولأمتنا تأصيلا للهوية، وتحقيقا للخيرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الضويني المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الأزهر وكيل الأزهر التراث الإسلامی الأزهر الشریف وکیل الأزهر أن التراث
إقرأ أيضاً:
طوني ورد يميز قوام نيللي كريم في حفل Joy Awards
خطفت النجمة نيللي كريم عدسات الصحافة والإعلام بإطلالتها المستوحاه من أميرات عالم ديزني خلال حضورها فعاليات حفل توزيع جوائز Joy Awards بدورته الخامسة لعام 2025، الذي أقيم في العاصمة السعودية الرياض مساء يوم السبت الماضي.
وتألقت نيللي كريم بإطلالة متوهجة، منحتها جاذبيه من نوع خاص، حيث ارتدت فستانًا طويًلا مجسمًا من أعلى وفضفاضًا من أسفل، تميز بقصة من ناحية الصدر عكست جمال قوامها، صمم الفستان من قماش الساتان باللون الأحمر وطرز بحبات الخزر بالكامل، الفستان حمل توقيع مصمم الأزياء اللبناني إيطالي طوني ورد.
وتزينت نيللي كريم ببعض المجوهرات المرصعه بحبات الألماس مع الأحجار الكريمة بتوقيع علامة Chopard ؛ لتزيد من فخامة إطلالتها.
واختارت نيللي كريم تسريحة شعر الكعكه المرفعه مع انسدال غرة على جبينها بأنامل خبراء تصفيف الشعر في صالون محمد الصغير، ووضعت مكياجًا ساحرًا مرتكزًا على الألوان الطبيعية مع تحديد عينيها بالكحل والماسكرا السوداء ولون الكشمير في الشفاه.
يُعد المهرجان من أهم الأحداث الفنية في المنطقة، حيث يحتفي بصنّاع الفن والترفيه في مجالات السينما، الدراما، الموسيقى، والرياضة، بالإضافة إلى المؤثرين الاجتماعيين، ويُبث الحفل على الهواء مباشرة عبر قنوات MBC1، وMBC مصر، وMBC العراق، وMBC5.
ويتميّز حفل جوائز صنّاع الترفيه بأن الجمهور هو من يختار الفائزين في مختلف الاختصاصات الأساسية والفئات المتفرّعة عنها، وذلك من خلال التسمية والتصويت عبر تطبيق «JOY AWARDS»، الذي يتيح للمشارك في عملية التصويت منح صوته لمرشّح واحد عن كل فئة من الفئات المصنّفة لنيل الجوائز، وذلك ضمن ستة اختصاصات هي الموسيقى والسينما والمسلسلات الدرامية، والمخرجون، والرياضة.
أبرز المعلومات عن مصمم الأزياء اللبناني الإيطالي طوني ورد
طوني وورد من مواليد 27 مارس 1970 في بيروت، لبنان مصمم أزياء لبناني إيطالي، تتواجد تصاميمه في أكثر من 60 متجرا في جميع أنحاء العالم.
النشأة
طوني ورد هو نجل إيلي وارد - مصممة الأزياء الشهيرة في بيروت، حيث نشأ في عالم الموضة الرائع. في سن الثامنة عشر، التحق بمدرسة Ecole de la Chambre Syndicale de la Couture Parisienne في باريس عاصمة فرنسا. كان يعمل لمدة سبع سنوات مع كلود مونتانا في لانفين، وجيانفرانكو فيري في ديور، ثم مع كارل لاغرفيلد في كلوي، حيث تعلم أسرار تقنيات هوت كوتور بالمعايير العليا قبل أن يطلق علامته التجارية طوني ورد كوتور . حول طوني ورد منزل الأزياء الراقية لعائلته، الذي أنشأه والده في عام 1952 م، إلى علامة تجارية عالمية. إنه يصمم مجموعات الأزياء الراقية، الجاهزة للارتداء والعرائس، والتي تجمع جميعها بين الحرف اليدوية لعائلة أتيلييه والابتكار والبراعة والخطوط الرائعة. إبداعاته تجذب أعضاء من العائلات الملكية والمشاهير والمتاجر الدولية الراقية.
نيللي كريم
نيللي كريم (مواليد 18 ديسمبر 1974) هي ممثلة وعارضة أزياء وراقصة باليه مصرية. ظهرت لأول مرة على شاشات التلفزيون سنة (1995) كراقصة باليه في المسلسل المصري ألف ليلة وليلة الذي عرض في شهر رمضان آنذاك، بعدها بدأت بلعب أدوار هامة في العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية، وكان أول عمل سينمائي لها فيلم سحر العيون إنتاج (2002)، وشاركها البطولة عامر منيب وحلا شيحة، ولعل أهم أعمالها السينمائية فيلم إنتاج (2004) غبي منه فيه مع هاني رمزي وآخر الدنيا (2006) والرجل الغامض بسلامته (2010) مع هاني رمزي وغيرهم من الأعمال.
كما أن نيللي كريم تحتل مكانة هامة في الأعمال التلفزيونية المصرية خصوصا أعمال شهر رمضان، ومن أهم أعمالها التلفزيونية مسلسل سجن النسا (2014) رفقة الفنانة التونسية درة، ومسلسل تحت السيطرة (2016) ومسلسل لأعلى سعر (2017) مع الفنان أحمد فهمي. ومن أهم أعمالها الدرامية مسلسل اختفاء (2018).
النجمة نيللي كريم النجمة نيللي كريم النجمة نيللي كريم