ماذا يعني دخول أفغانستان نادي منتجي النفط؟
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
كابل – عادت أفغانستان إلى إنتاج النفط بإعلان وزارة المناجم والبترول بدء استخراج الخام من آبار قرب نهر أموفي ولاية سربل شمالي البلاد، في خطوة من شأنها تعزيز إيراداتها.
وعدّ وزير المناجم والبترول الأفغاني شهاب الدين دلاور في تعليق للجزيرة نت بدء استخراج النفط في بلده "خطوة مهمة في التنمية الاقتصادية"، متوقعا أن توفر فرص عمل لعدد كبير من سكان الولايات الشمالية.
ورجّح دلاور أن تستثمر شركة النفط الوطنية الصينية 162 مليون دولار في قطاع استخراج النفط الخام في حقل "نهر أمو" هذا العام، وأن تزيد استثماراتها خلال 3 سنوات إلى 540 مليون دولار.
ويعود استكشاف النفط في أفغانستان إلى خمسينيات القرن الماضي عندما أجرى خبراء أفغان وسوفيات عام 1958 مسحا طبوغرافيا وجيولوجيا في الولايات الشمالية الأفغانية، ثم أعلنوا بعد عامين اكتشاف النفط والغاز في مدينة شبرغان، وسربل وفارياب.
وبدأت الحكومة الأفغانية بمساعدة سوفياتية بإنتاج الخام، وكان التكتل يستورد 80% من إنتاج حقل الغاز الطبيعي في مدينة شبرغان قبيل انسحابه من أفغانستان عام 1989، وفق دراسات أفغانية.
وبعد الاحتلال الأميركي لأفغانستان استخدمت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية عام 2005 سلسلة من الرسوم البيانية السوفياتية القديمة والبيانات المتاحة في الأرشيف الوطني الأفغاني والتقنيات الحديثة لإجراء مسح شامل للتعرف على المناجم في أفغانستان، وهو ما كشف عن أن المناطق الشمالية لنهر "أمو" الفاصل بين أفغانستان ودول أسيا الوسطى؛ تحتوي على ما يصل إلى 1.6 مليار برميل من النفط و15.6 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وقدرت وزارة المناجم الأفغانية عام 2011 أن شمال أفغانستان يحتوي على 1.95 مليار برميل من النفط.
ما وضع حقول النفط في أفغانستان؟
اكتُشفت معظم حقول النفط والغاز الأفغانية في سبعينيات القرن الماضي خلال مشاريع التنقيب التي قادها السوفيات، وباشرت الحكومة الأفغانية حينئذ استخراج النفط عام 1959 من حقل أنجوت النفطي في منطقة قشقري، وأغلق عام 2006 على خلفية تورط أمراء الحرب في تهريب النفط منه، مع احتياطات متبقية تقدر بنحو 6 ملايين برميل.
ويقول خبراء إنه تم التحقق من 15 حقلا للنفط في المناطق المجاورة لأوزبكستان وتركمانستان، وقد كان آخر اكتشاف عام 1978، لكن الحكومات الأفغانية لم تستطع الاستفادة والاستثمار في القطاع بسبب الحروب المتتالية وأهمها الاحتلال السوفياتي ثم الأميركي.
ما أهم حقول النفط بأفغانستان؟
توجد أهم حقول النفط في الولايات الشمالية مثل سربل، وفارياب وشبرغان وولاية هرات غربي أفغانستان، وباشرت الحكومة الأفغانية الحالية باستخراج النفط من الحقول التي توجد في الولايات الشمالية مثل نهر أمو وقشقري وإنغوت في ولاية سربل شمالي أفغانستان.
ماذا عن الاحتياطات المؤكدة للنفط؟
بعد اكتشاف النفط في أفغانستان، أجرى خبراء سوفيات وأفغان دراسة عن الاحتياطات النفطية الموجودة في البلد، ويقول المدير السابق للأرشيف في وزارة المناجم والبترول، عبد الغني كاركر للجزيرة نت: "مع الأسف أعد خبراء السوفيات نسختين (من نتيجة الدراسة) بشأن الثروة المعدنية في أفغانستان ومنها الاحتياطات النفطية، قدّموا نسخة حقيقية لدولتهم، وأخرى مزورة للحكومة الأفغانية، والجميع يعرف ذلك، ولا يعرف بالضبط الرقم الاحتياطي للنفط في البلاد".
لكن مسح هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في أفغانستان، أظهر أن الحقول النفطية في المناطق الشمالية تحتوي على ما يصل إلى 1.5 مليار برميل من النفط، و15.6 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
ما كمية الإنتاج المتوقعة؟
تنتج أفغانستان أكثر من ألف برميل يوميا في حقل قشقري، وتخطط الشركة الصينية لحفر 22 بئرا إضافية بهدف زيادة الإنتاج اليومي إلى أكثر من 15 ألف برميل يوميا.
وتستهلك أفغانستان 35 ألف برميل يوميا من النفط وتحتل المرتبة الـ117 عالميا في استهلاك النفط وفق ما أفاد مكتب وكيل وزارة المناجم والبترول، وحسب الأرقام الرسمية تحتاج أفغانستان إلى 2.7 مليون طن من النفط سنويا، يتم استيراد معظمها من إيران وتركمانستان.
ما دور الشركات الصينية في صناعة النفط بأفغانستان؟
استحوذت الشركات الصينية على كافة المجالات المتعلقة بالنفط والمناجم، وآخر عقد وقعته شركة شينجيانغ آسيا الوسطى للبترول والغاز الصينية مع وزارة المناجم والبترول بقيمة 540 مليون دولار، لمدة 25 سنة، ويجب أن تستثمر الشركة بحلول السنة الأولى 150 مليون دولار، كما تلتزم باستثمار المبلغ المتفق عليه بحلول عام 2026.
لكن مسؤولا حكوميا قال للجزيرة نت، مفضلا عدم نشر هويته، إن الشركة فشلت في تحقيق هدفها الاستثماري فضلا عن التأخير لمدة 3 أشهر، مضيفا أن الشركات الصينية دخلت إلى الساحة الأفغانية على حساب الأميركية والأوروبية؛ لأنها لا تهتم بالقضايا التي يثيرها الغرب مثل حقوق الإنسان والمرأة وهدفها الاستحواذ فقط كما حدث مع منجم النحاس في ولاية لوغر، حيث حازت شركة صينية على عقد التنقيب في المنجم ولكنها لم تباشر العمل منذ 15 سنة.
ماذا عن الشرعية القانونية للعقود المبرمة؟
بعد توقيع الشركة الصينية عقدها مع الحكومة الأفغانية التي تتزعمها حركة طالبان، اعترض عدد من الخبراء والقانونيين، وقالوا إن هذه العقود تحتاج إلى جهة تحظى بشرعية دولية ووطنية. وأضافوا أن الحكومة التي تُشكَل على أساس القانون والدستور لن تكون ملزمة بتنفيذ هذه العقود.
ويقول المتحدث السابق لوزارة المناجم عبد القدير مطفي للجزيرة نت: "طالبان تريد إنهاء المشاكل المالية التي تواجهها من خلال إبرام العقود وبيع المعادن كمواد خام إلى دول مختلفة، لكن هذه العقود لا تتبع المسار القانوني، الأمر الذي يحرم كابل من التحكيم الدولي نظرا لعدم الاعتراف بحكومة طالبان".
لماذا تصر طالبان على استخراج النفط والتنقيب في المناجم؟
تسعى حركة طالبان لاستخراج النفط على نطاق واسع من الحقول النفطية في الولايات الشمالية بهدف زيادة مستوى الدخل، وتنفق الأموال التي تحصلها من عقود المناجم على الشؤون الحكومية، حتى لا يتوقف العمل.
وتولي الحكومة المزيد من الاهتمام باستخراج النفط من الحقول الموجودة في نهر أمو وحقلي قشقري، وقد حققت الخزانة نحو 26 مليون دولار من المشروع العام الماضي من التنقيب في حقول النفط والمناجم، وفق مصدر في وزارة المالية الأفغانية.
ما أبرز العقبات أمام طالبان في استخراج النفط؟
يرى خبراء في الشأن الأفغاني أن أهم العقبات الموجودة أمام طالبان في استخراج النفط عدم وجود الكفاءات الأفغانية لأن معظمها غادرت أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، بالإضافة إلى العقوبات الدولية على البنوك الأفغانية لأن الشركات الأجنبية لا ترغب في الاستثمار في حقول النفط بسبب هذه العقوبات ولأنها لا تغامر بضح أموالها في بلد لم يعترف بحكومته حتى الآن.
هل يغير النفط الوضع المعيشي؟مع تراجع المساعدات الأجنبية، اتجهت أنظار الأفغان إلى النفط والمناجم، لكن بالنظر إلى أن التوسع في الإنتاج يستغرق عقودا، فإنه سيكون من الصعب في الوقت الحالي أن يؤدي النفط إلى تغير الوضع المعيشي، حسبما قال خبراء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الولایات الشمالیة الحکومة الأفغانیة استخراج النفط فی أفغانستان ملیون دولار للجزیرة نت حقول النفط النفط فی فی ولایة من النفط
إقرأ أيضاً:
الأحجار الكريمة في أفغانستان.. تجارة عالمية في مواجهة التحديات
كابل- تُعرف أفغانستان بثروتها الهائلة من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، حيث تضم أكثر من 120 نوعًا، من أبرزها الزمرد، الياقوت، اللازورد، التورمالين، والعقيق.
تاريخيًا، كانت الأحجار الكريمة الأفغانية مطلوبة في الأسواق العالمية، خاصة في الهند، إيران، الصين، وأوروبا.
رغم هذه الثروة، يواجه القطاع تحديات عديدة، من بينها تراجع الطلب المحلي، وضعف البنية التحتية، والتهريب، وغياب مراكز متطورة للمعالجة والتصدير.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية لتنظيم السوق وتعزيز الاستثمارات، لا تزال العقبات قائمة، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذا القطاع في الاقتصاد الأفغاني.
السوق التقليدي في كابليُعد سوق التحف القديمة (كوچه انتیک فروشى) في كابل من أهم مراكز تجارة الأحجار الكريمة في أفغانستان. كان هذا السوق، لعقود طويلة، وجهة للتجار والمستثمرين المحليين والدوليين، حيث تُباع فيه المجوهرات التقليدية والأحجار الخام والمصقولة.
يتميز السوق بتقديم مجموعة واسعة من الأحجار الكريمة، سواء كانت خامًا أو مصقولة، بالإضافة إلى المجوهرات التقليدية المصنوعة يدويًا. يعد هذا السوق مركزًا هامًا للتجار الباحثين عن الأحجار النادرة ذات الجودة العالية.
إعلان أبرز المعروضات في السوق: اللازورد الأفغاني: يُستخرج من ولاية بدخشان، ويتميز بلونه الأزرق العميق. الزمرد البنجشيري: يُستخرج من وادي بنجشير، وهو من أجود أنواع الزمرد عالميًا. الياقوت الأحمر: حجر نادر وثمين يُباع بأسعار مرتفعة لنقاوته العالية. التورمالين والعقيق: يُستخدمان في صناعة المجوهرات الفاخرة. المجوهرات الفضية التقليدية: قلائد وخواتم مرصعة بالأحجار الكريمة، مشغولة يدويًا بأسلوب أفغاني تقليدي. الخناجر والتحف المزخرفة: خناجر وسيوف مزينة بالأحجار الكريمة، تجذب السياح وهواة التحف.على الرغم من تنوع المعروضات، يعاني السوق من تراجع في الطلب بسبب الأوضاع الاقتصادية، مما أدى إلى إغلاق العديد من المحلات التجارية أو تقليص أعمالها.
أسباب تراجع الطلبشهد السوق خلال السنوات الماضية تراجعًا حادًا في المبيعات. ويُرجع التجار هذا الانخفاض إلى تراجع القوة الشرائية داخل أفغانستان بسبب الأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى خروج العديد من المستثمرين الأجانب بعد سيطرة طالبان على الحكم.
كما أن ارتفاع تكاليف الإيجارات والضرائب أجبر بعض المحلات على الإغلاق.
يقول محمد فهيم نعيمي -أحد أقدم تجار السوق- "أعمل في هذا السوق منذ أكثر من 50 عامًا، وشهدت العديد من الأنظمة والحكومات، لكن لم يكن السوق في حالة من الجمود كما هو اليوم.
ويضيف للجزيرة نت "خلال العامين الماضيين، لم نشهد سوى التراجع والانكماش".
أما عبد الرؤوف، وهو تاجر شاب يعمل في السوق منذ أكثر من 15 عامًا، فيشير إلى أن غياب المشترين الأجانب أثر بشكل كبير على أعماله.
ويقول للجزيرة نت: "كان لدينا زبائن يأتون من أوروبا والصين والهند بشكل منتظم، لكن اليوم بالكاد نجد مشترين محليين، وهذا أجبرنا على تقليص حجم تجارتنا".
في محاولة لإنعاش تجارة الأحجار الكريمة، نظّمت وزارة المناجم والبترول مؤتمرًا حضره ممثلون من عدة دول ومسؤولون من البنك المركزي، بلدية كابل، ووزارات التجارة والصناعة والمناجم.
إعلانناقش المؤتمر إنشاء مركز حديث لمعالجة الأحجار الكريمة وفق المعايير الدولية، مما يسهم في تحسين جودة المنتجات وزيادة قيمتها السوقية قبل تصديرها.
يرى همايون أفغان، المتحدث باسم وزارة المناجم والبترول، أن إنشاء مراكز معالجة الأحجار الكريمة سيُحدث نقلة نوعية في القطاع.
ويقول للجزيرة نت: "الأحجار الكريمة الأفغانية لا يجب أن تُصدر كمواد خام، بل يجب معالجتها محليًا لرفع قيمتها وتحقيق عائدات أكبر للدولة".
تحديات تعيق تطوير القطاعرغم هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات كبيرة، من أبرزها:
ضعف الطلب المحلي وتراجع الصادرات بسبب القيود المفروضة. التهريب المستمر للأحجار الكريمة إلى باكستان وإيران، مما يؤدي إلى فقدان الحكومة لعائدات كبيرة، حيث تتم معالجتها في تلك الدول ثم بيعها بأسعار مرتفعة.حسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة، صدّرت أفغانستان خلال النصف الأول من عام 2024 أحجارًا كريمة وشبه كريمة بقيمة 21.7 مليون دولار.
ويؤكد أخندزاده عبد السلام جواد، المتحدث باسم الوزارة للجزيرة نت أن "هذا الرقم يعكس الإمكانات الهائلة التي يمتلكها قطاع الأحجار الكريمة في أفغانستان، لكنه لا يزال أقل بكثير من المتوقع بسبب القيود المفروضة على التجارة والتصدير".
مع استمرار الجهود الحكومية لإنشاء مراكز معالجة حديثة وتحفيز الاستثمار وتشديد الرقابة على التهريب، تبدو الآفاق واعدة.
وإذا نجحت هذه المبادرات، فقد يصبح قطاع الأحجار الكريمة محركًا رئيسيًا للاقتصاد الأفغاني، خاصة مع الثروة الهائلة التي تمتلكها البلاد من المعادن النادرة والثمينة.
ومع المزيد من الاستثمارات والتنظيم الفعّال، قد تستعيد أفغانستان مكانتها كأحد أهم مصدري الأحجار الكريمة في العالم.