جحر الديك خاصرة غزة وبوابة الحروب الإسرائيلية.. الموقع والتاريخ والهوية
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
تعد خاصرة رخوة وضعيفة لقطاع غزة، وهي منطقة صغيرة ومحدودة لا يحسب حسابها في الميزان العسكري لكنها تكون المدخل لجميع الحروب التي شهدها قطاع غزة.
قرية وادي غزة، التي لا يعرفها الفلسطينيون إلا باسم جحر الديك، ورغم أنها مكب النفايات الوحيد في قطاع غزة، لكنها في الوقت نفسه جزء من سلة الخضروات المهمة في القطاع، كونها من المناطق الأكثر خصوبة للزراعة.
تتميز قرية جحر الديك بطبيعتها السهلية، وتتخللها بعض المرتفعات مثل تل الغلاييني، وتل جحر الديك، وتنحدر أراضيها من الشمال الشرقي نحو الجنوب حيث مجرى وادي غزة.
أرض خصبة للزراعة
تقع في جنوب محافظة غزة في منتصف المسافة بين مدينة غزة والمعسكرات الوسطى، وتبعد عن مدينة غزة مسافة 8 كم، يحدها شرقا الخط الأخضر، وغربا شارع صلاح الدين، أما شمالا فيحدها طريق كارني نيتساريم، ويحدها من الجنوب وادي غزة.
ويعود سبب تسمية قرية جحر الديك بهذا الاسم، بحسب روايات متناقلة، لواقعة دخول ديك أحد التجار المارين بالمنطقة في جحر، ولم يتمكن أحد من إنقاذه واستعادته رغم المحاولات الكثيرة.
ويبلغ عدد سكانها نحو 5 آلاف نسمة، يعتمدون بالأساس على زراعاتهم من ناحية اقتصادية، وأهم مزروعاتهم الزيتون والحمضيات والخضروات، رغم أن الخدمات المتوفرة في المنطقة قليلة.
ويعاني أهالي جحر الديك من حياة بائسة بسبب حالة التهميش وارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر بشكل سلبي على السكان الذين يعيشون في الخيام والكرفانات والبيوت المصنوعة من الزينكو.
وتعتمد القرية على مياه الآبار الارتوازية للشرب وري المزروعات، وتعتبر معظم المياه مالحة في القرية بسبب حفر الجانب الإسرائيلي لأبار المياه على طول خط الهدنة من جهة الشرق.
وهي توفر جزءا كبير من المنتجات الزراعية لسكان القرية بشكل خاص وسكان قطاع غزة بشكلٍ عام. والواقع الموجود والمرير أنه كلما يزرع الفلاح مزروعاته يأتي الجيش الصهيوني ليدمرها.
موقع جيواستراتيجي
لموقع قرية جحر الديك أهمية جيواستراتيجية وذلك لأسباب عدة:
ـ محاذاتها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 (خط الهدنة) وما يعرضها لانتهاكات يومية من قبل جيش الاحتلال خصوصا أوقات العدوان على قطاع غزة.
ـ تقابلها من الناحية الشرقية تماما وعلى مسافة 6 كم فقط مستوطنة "بئيري" وهي من مستوطنات "غلاف غزة".
ـ قربها من مستوطنات غلاف غزة الأخرى: مستوطنة " ناحول عوز" من شمالها الشرقي على مسافة 5.8 كم عنها، مستوطنة "كفار غزة" على مسافة 9.2 كم أيضا من شمالها الشرقي، مستوطنة "عالوميم" مسافة 7.1 كم، ومستوطنة "رعيم" على مسافة 7.7 كم جنوبها الشرقي، بالإضافة لمستوطنة "كيسوفيم" على مسافة 9.4 كم جنوبا.
ـ كون معبر المنطار الحدودي مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 يقع على أراضيها الذي تتحكم بحركة فتحه وإغلاقه سلطات الاحتلال .
وتتعرض القرية بمزارعها وسكانها ومنازلها وممتلكاتها بشكل يومي للدمار والتجريف من قبل الاحتلال الصهيوني، حتى بات الأمر معتادا عليه من قبل الغزيين بشكل عام.
القرية تتعرض بشكل مستمر للعدوان الصهيوني حتى في غير أوقات الحروب حيث تعاني من تجريف الأراضي الزراعية بشكل مستمر.
بوابة الاجتياحات الإسرائيلية
وقد احتلت جحر الديك مع قطاع غزة خلال عدوان الخامس من حزيران/يونيو عام 1967 وتحررت مع انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة في عام 2005.
وتفصل هذه القرية بين شمال القطاع ووسطه وهو ما يجعلها بوابة الاجتياحات الإسرائيلية، ومن أوائل المناطق التي تدمر.
وهو ما حدث بداية الحرب الوحشية التي يشنها الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقد اختار جيش الاحتلال، من منظور عسكري، جحر الديك منطلقا لعملياته البرية باتجاه مدينة غزة، نظرا لقربها من السياج الفاصل من جهة، وباعتبارها منطقة رخوة بالنسبة للمقاومة من جهة أخرى، بالنظر إلى أن الحركة فيها مكشوفة لطبيعتها السهلية وخلوها من المنازل والمباني.
وأصبحت المنطقة موضع اهتمام الكثيرين بعد فيديو بثته كتائب القسام لمقاتلين حفاة الأقدام وبسلاح فردي خفيف يصعدون تلة ترابية يجهزون على جنود الاحتلال في خيامهم بمنطقة جحر الديك في قطاع غزة.
ونشرت كتائب القسام العديد من الفيديوهات لعمليات شنها مقاتلوها داخل جحر الديك، وأسفرت عن مقتل وجرح العشرات من جنود الاحتلال. وقد ساعد موقع القرية بين وسط وشمال القطاع على تنقل عناصر من القسام من غزة والمحافظة الوسطى إليها لمساعدة المقاتلين في القرية.
ويقول صحافيون إن بقاء السكان رغم إجراءات الاحتلال هو "قصة صمود أسطورية"، وفي كل حرب تتعرض أراضيهم ومنازلهم للتدمير، لكنهم يعودون إلى تعميرها مجددا.
حتى أن بعضها دمر أكثر من 5 مرات في الحروب التي شهدها قطاع غزة في العشرين سنة الأخيرة.
وقد شهدت جحر الديك فترة ازدهار عقب حرب 2014 حيث أعاد السكان تعميرها بالإضافة إلى بناء حي سكني بتمويل من تركيا، لكن عاد الاحتلال خلال هذه الحرب، ودمر كل شيء، ولم يبق أي مظهر من مظاهر الحياة في القرية وفي غالبية أراضي قطاع غزة.
المصادر:
ـ عمر زقزوق، "جحر الديك..درس جديد من القسام لجيش الاحتلال الإسرائيلي"، الجزيرة نت، 17/12/2023.
ـ "جحر الديك..بوابة الاجتياحات الإسرائيلية ومسرح للمقاومة"، موقع إذاعة حسنى، 3/12/2023.
ـ توجه للاحتلال ضربات مميتة.. ما سر صمود المقاومة في جحر الديك؟، الجزيرة نت، 27/12/2023.
ـ فيدال شبير، رشا السهلي، جحر الديك، محافظة غزة (قرية حالية )، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ كمائن المقاومة فيها ترعب الاحتلال..ما الذي نعرفه عن منطقة جحر الديك؟ موقع التلفزيون العربي، 26/12/2023.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير غزة الفلسطينيون جحر الديك فلسطين غزة جحر الديك هوية تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جحر الدیک على مسافة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
صيادو غزة.. صراع الحياة والموت تحت النار الإسرائيلية
الثورة /
يواجه الصيادون تهديدات ومخاطر تمس حياتهم ومصدر رزقهم في كل مرة يركبون البحر الذي اعتادوا أن يكون مصدر الحياة، وبات اليوم ساحة للمعاناة والمخاطر، تُطاردهم الزوارق الحربية الإسرائيلية وتستهدفهم مع مراكبهم ومعداتهم وشباكهم، تاركة عائلاتهم في مواجهة الفقر والحرمان.
يقول الصياد محمد أبو حسن: “نخرج إلى البحر ولا نعلم إن كنا سنعود سالمين. الزوارق الحربية تطاردنا يوميًا، تطلق علينا النار دون إنذار، وأحيانًا تصادر شباكنا أو تدمرها. هذا ليس فقط تهديدًا لأرواحنا، بل هو أيضًا تدمير لمصدر رزق عائلتي التي تعتمد بالكامل على الصيد”.
مخاطرة يومية
مثل محمد عشرات الصيادين الذين يخاطرون يوميا ويبحرون على بعد مئات الأمتار من شاطئ غزة، بحثًا عن لقمة عيش مغمسة بالدم نتيجة عدوان الاحتلال.
الصياد تيسير بصل نزح من مخيم الشاطئ إلى خانيونس ودفعته الظروف المعيشية القاسية إلى استئناف العمل في بحر خان يونس لتأمين الرزق لعائلته.
واستأجر تيسير قارب صيد صغير وبدأ العمل من الصفر، فلا يملك مال ولا يتوفر له أي من معدات الصيد. يقول: نبحر مسافة قصيرة لا تتجاوز 500 متر نتعرض خلالها لمطاردات زوارق الاحتلال التي تطلق الرصاص والقذائف صوبنا فنضطر للمغادرة سريعا، وفي تصريحات نقلتها عنه فلسطين أون لاين.
ويشير إلى أن المسافة المحدودة التي يبحرون فيها لا تتوفر فيها الأسماك لذلك تكون رحلتهم المحفوفة بالمخاطر العالية غير مجدية.
يقول: نواجه مخاطر البحر ومخاطر الاحتلال المستمرة بحق الصيادين في طول بحر القطاع. نعمل وسط مخاوف من الإصابة القاتلة على أيدي الاحتلال.
استشهاد الصياد ماهر أبو ريالة
في الثامنة صباحا من يوم الجمعة 22 نوفمبر 2024، استهدفت الزوارق الحربية الإسرائيلية صيادين فلسطينيين كانوا يصطادون باستخدام قارب يدوي صغير يعمل دون محرك، على بعد 300 متر من الشاطئ الواقع غرب مخيم الشاطئ في ميناء القرارة وسط قطاع غزة، ما أدى لاستشهاد الصياد ماهر خليل أبو ريالة وإصابة صياد آخر أسفرت عن بتر يده.
وقال ابن العم نايف أبو ريالة -وهو عضو في نقابة الصيادين- إن الشهيد (50 عاما) كان يصطاد لإعالة أسرته المكونة من 14 فردا، مضيفا أن الشهيد أراد توصيل رسالة للاحتلال مفادها أنه رغم منعه الصيادين من ارتياد البحر، فإن هذا البحر للصيادين وإنهم لن يتركوا مهنتهم.
ويضيف نايف أن ابن عمه كان يعرض نفسه للخطر، وأنه شعر بقرب استشهاده قبل أيام من الحادث، إذ طلب منه أن يعتني بأسرته التي نزحت إلى جنوب قطاع غزة، مما منعها من وداع معيلهم عندما قتل شهيدا.
ووفق وزارة الزراعة، فمنذ حرب الإبادة استشهد 200 صياد ودمر الاحتلال 270 غرفة للصيادين من أصل 300، و1800 مركب من أصل 2000 إلى جانب تدمير ميناء غزة الرئيسي و5 مراس دمرت بالكامل.
تدمير البنية التحتية للصيد
الناطق باسم وزارة الزراعة المهندس محمد أبو عودة، يؤكد أن قوات الاحتلال دمرت البنية التحتية لقطاع الصيد منذ بدء حرب الإبادة على غزة يوم 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023.
وبيَّن أبو عودة في تصريح صحفي أن عمليات التدمير شملت الميناء الرئيسي غرب مدينة غزة، والمراسي وغرف الصيادين ومخازنهم المنتشرة على طول الساحل.
وذكر أن الحرب على غزة أوجدت مجموعة تحديات تتمثل بالاستهداف المباشر للصيادين المحرومين من الوصول إلى البحر وممارسة الصيد وقد أتلف جيش الاحتلال أدواته وأغرق القوارب.
ومن هذه التحديات أيضًا، بحسب أبو عودة، منع الاحتلال دخول قطع الغيار ومعدات الصيد، وعدم السماح بإدخال الوقود اللازم لتشغيل المحركات، وتقليص مساحة الصيد إلى حد المنع الكامل حاليًا.
تنوع الانتهاكات
يقول مسؤول لجان الصيادين زكريا بكر، إن الانتهاكات توزعت خلال الأشهر الماضية بين إطلاق النار والقذائف باتجاه المراكب المبحرة والراسية، إضافة لاعتقالات، ومصادرة مراكب وتدمير معدات الصيد.
وذكر بكر في تصريحات صحفية، أن متوسط الاعتقالات في كل شهر بمعدل 5 صيادين، بينما بلغ متوسط الاعتداءات من 30 – 40 اعتداء، أما متوسط الأضرار بلغت من 3 – 4 أضرار.
ووفق نقيب الصيادين الفلسطينيين في غزة نزار عياش، فإن قرابة 5 آلاف صياد بالقطاع يعيلون نحو 50 ألف شخص من عائلاتهم، وهم في خوف دائم من الاستهداف الإسرائيلي أثناء عملهم. ونتيجة لذلك، “يمارس 200 صياد فقط من إجمالي الصيادين عملهم رغم المخاطر” ويذكر أن خسائر الصيادين قُدّرت بـ60 مليون دولار، علما بأن الصيد ثاني أهم مهنة في القطاع بعد الزراعة.
استهداف الصيادين في غزة يعكس جزءًا من معاناة القطاع المحاصر بأكمله. ويهدد إن استمرار هذه الجرائم الإسرائيلية بحقهم يهدد بتدمير قطاع الصيد الذي يعتمد عليه الآلاف، ويزيد من أعباء الحصار. ويوجه الصيادون في غزة نداءً للعالم: “نريد الحماية. نريد أن نعمل بكرامة دون أن نخشى على حياتنا. البحر هو حياتنا، واستمرار هذه الانتهاكات يدمر كل شيء”.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام