قال ضابط الاستخبارات السوداني الأبرز الفاتح عروة للجزيرة إن المخابرات السودانية لعبت دورا بارزا في محاولة اغتيال الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في منطقة باب العزيزية بالعاصمة طرابلس عام 1984، وذلك ردا على "مؤامرات" العقيد على السودان.

وتحدث عروة لبودكاست "حكايات أفريقية" عبر منصة الجزيرة " أثير" وإلى جانب تفاصيل عملية اغتيال القذافي، تطرق في حديثه المطول (أكثر من 5 ساعات) إلى قضايا مهمة كان لها تأثير مهم جدا على المشهد السياسي السوداني، مثل وجود أسامة بن لادن في السودان، وترحيل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل، والثورة في إثيوبيا وإريتريا، ومحاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، وغيرها من القضايا الأخرى ذات صلة بالتطورات في السودان.

وكشف الفاتح عروة أنه خلال فترة حكم الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري (1969-1985) سافر إلى موسكو كمندوب لجهاز المخابرات السودانية ليعمل على تجنيد ضباط ليبيين كانوا يتدربون في الاتحاد السوفياتي (سابقا) لمصلحة المخابرات السودانية "بعدما لمسنا التهديدات الليبية ضد السودان".

وقال عروة إن القذافي بدأ في نقل نشاطاته التخريبية إلى السودان عن طريق إثيوبيا، من خلال إرسال الأسلحة والمتفجرات إلى السودان. مشيرا إلى أنه كضابط مخابرات متابع لملف النظام الليبي وتحركاته في السودان أفشل معظم عمليات نقل الأسلحة إلى داخل السودان، كما تمكن من اختراق كل المجموعات التي تعمل لصالح المخابرات الليبية في إثيوبيا.

إنقاذ ليبيا

واعترف عروة بأنه كان المسؤول عن ملف "جبهة الإنقاذ الليبية المعارضة" التي قامت بمحاولة اغتيال القذافي في حادثة باب العزيزية الشهيرة عام1984، وقال "أنا من أشرفت على تدريب المجموعة التي نفذت العملية".

وأكد أن أكبر عملية استخباراتية رعاها ونفذها ضد ليبيا هي زرع مجموعة ضباط على أساس أنهم معارضون سودانيون ويسعون للإطاحة بحكم الرئيس جعفر النميري، مشيرا إلى أن الليبيين التقطوا "الطعم"، ودعموا المجموعة بباخرة كاملة من السلاح، كما كان عناصر المجموعة يحظون باستقبال شخصي من القذافي، في حين أن هؤلاء لم يكونوا سوى عناصر من الاستخبارات السودانية.

وأوضح عروة أن نظام القذافي وبعد سقوط نظام النميري بانتفاضة شعبية عام 1985 سعى إلى تجنيده بهدف القضاء على ما يسميهم "بالكلاب الضالة"، يقصد المعارضين الليبيين الذين يسعون للإطاحة بالقذافي.

وأكد عروة أنه رفض أكثر من مرة التعاون مع نظام القذافي، بل رفض حتى زيارة طرابلس خوفا على حياته، بينما كان الليبيون يرون فيه عميلا أميركيا يجب على الرئيس البشير أن يتخلص منه.

وروى عروة أن القذافي سعى إلى نقل مقر منظمة الاتحاد الأفريقي من أديس أبابا إلى ليبيا وتنصيب نفسه ملكا على أفريقيا الموحدة، "ودفع لذلك أموالا كثيرة لبعض الدول الأفريقية للمطالبة بذلك"، لكن مساعيه فشلت تماما على أيدي رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

العلاقات الروسية وخارطة الطريق السودانية

الفيتو الروسي اليوم (18 نوفمبر 2024م) أبطل مشروع قرار الدول الغربية الذي قدمته بريطانيا لمجلس الأمن، والرامي لشرعنة التدخل الإنساني في السودان، وحظر الجيش وكافة عملياته، بالتوقف القسري لجميع العمليات ضد الميليشيا وشرعنة النهب والاغتصاب وقتل المدنيين، مما يعني عمليا تقسيم السودان بين مناطق سيطرة الميليشيا وتلك التي يتواجد فيها الجيش. وهذا يعني انفصال دارفور فعلياً، وخلق كانتونات في الجزيرة وولاية الخرطوم وغيرها، وإصدار شهادة ملكية للميليشيا وشرعنتها بالقانون الدولي والفصل السابع.

نفس القرار طبق من قبل على عراق صدام حسين في التسعينيات، فأدى لإنفصال إقليم كردستان من الناحية العملية، ومثيله القرار ضد ليبيا القذافي عام 2011م فأفضى إلى تشكيل حكومتين في بنغازي وطرابلس لا تزالان تختصمان حتى اليوم.

الذي يحمد للإتحاد الروسي مصداقيته في الوقوف مع سيادة السودان بالعمل وليس بمجرد العبارات المنمقة، كما فعل مع سوريا من قبل. فأوقف مسلسل العبث الطاغي والمتطاول على سيادة السودان، وتسييره مغلولا ومعصوب العينين من قبل دول الاستعمار الجديد المعروفة، لإمضاء مخططاتها المتماهية مع أعدائه المعلنين.

هذا موقف مشرف من الإتحاد الروسي يستحق التقدير ورد التحية بأحسن منها، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.

بيد أنه تبين الآن أن تطاول عمليات حسم هذا التمرد المدعوم بأجندة الخارج تعيق التقدم دبلوماسيا، وتكبل السياسة الخارجية. وظل هذا شأن السودان مع هذه الدول منذ الاستقلال، وعلى كافة الحكومات، الإنقلابية والعسكرية، بالتآمر المستمر، وتبادل الأدوار في كل مرحلة حسب مقتضياتها. وينشط التآمر الخارجي بنصب الحبائل في أجواء المعاناة المكفهرة التي تصنعها بيادقه من جيوش العملاء المتماهين مع المرتزقة حملة السلاح، ومن خانوا قسم الولاء للوطن فخانوه، ورفعوا السلاح المعد للعدى في صدور زملائهم رفقاء العقيدة الوطن.

ولذا فيتعين على الحكومة القائمة التعامل مع الوضع الراهن بالجدية والحسم المطلوبين. فأول مطلوب عملي هو تسريع عمليات تطهير البلاد من جيوب التمرد الآفل في كل مسارح العمليات، وبدءا بولاية الجزيرة، قلب السودان النازف، وتسريع عمليات تطهير بقايا التمرد في أطراف الخرطوم لإعلانها ولاية خالية من التمرد، والشروع في إنفاذ برامج إعادة البناء والإعمار.

ففي كل يوم تتأخر فيه القوات المسلحة المدعومة، أكثر من أي وقت مضى، بالمستنفرين والمقاومين، وكل شعب السودان، عن الحزم الموعود، فإن ذلك المدى الزمني يفتح فصولا جديدة من التآمر والتربص ونصب الحبائل. فقد أعلم بمثيل هذا التربص المولى تعالى رسوله، وهو في ساحة الجهاد مع المسلمين السابقين الأولين بقوله:-
“ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا” ثم أوصاهم بعدم التهاون والتردد في الحسم مهما كانت التضحيات:
“ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” موصياً ومحرضاً لهم بالثبات على المبدأ وتحديد الوجهة والتوكل الحازم.

أما على مستوى العلاقات الخارجية الثنائية، فقد تبين الآن للجميع، وبوضوح ساطع، من يقف مع السودان، ومن يدبر له المكائد.

وبالتالي فيتعين أن تعتمد مقاصد وتوجهات السياسة الخارجية هذه البوصلة التي لا تكذب.

فيتعين إبرام اتفاقيات دفاع مشترك واتفاقيات اقتصادية وتجارية، واتفاقيات التبادل النقدي مع دول صديقة وموثوقة كالإتحاد الروسي والصين وكافة الدول الصديقة، التي أكدت بالقول والفعل احترمها لسيادة السودان ووحدة ترابه واستقلال قرار شعبه السياسي، بدلا من الخضوع المتقاعس لأجندة الخارج التركيعية، وتوعداته التثبيطية، التي لن تقود إلا لمزيد من التشظي والفرقة، وبذر الشقاق والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، والسعي لتموضع العملاء والوسطاء لإذكاء المزيد من الفتن واستطالة أمد الحرب.

بالأمس اجتمع المستشار الألماني أولاف شولتز مع الرئيس بوتين، وقد خلص المراقبون إلى أن الهدف من اللقاء المفاجئ، الذي أذهل العديد منهم، يصب في خدمة السياسة المعلنة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي قرر إنهاء الحرب في أوكرانيا، كما أن ألمانيا نفسها ظلت تعاني من التدهور الاقتصادي بسبب قطع إمدادات الغاز والنفط الروسي عنها منذ عام 2022م ، فأدى ذلك لإغلاق عدد من مصانع السيارات مثل شركة فلكسواجن، وتجميد استثمارات أجنبية لصناعة الموصلات الإلكترونية تقدر ب 30 مليار دولار، وتزايد نسب العطالة والتذمر واستقالة وزير المالية والاقتصاد وتصدع الائتلاف الحاكم، فضلا عن أن نسبة النمو الاقتصادي خلال العام الجاري تناقصت إلى 0.2% وعلما بأن الاقتصاد الألماني يؤثر على كل دول الإتحاد الأوربي وضَعفه يعاني معاناتها. وبالتالي فلم يعد لأوروبا من مناص سوى التوصل لحل لمشكلة أوكرانيا نزولا على مبدأ الرئيس ترمب.
وبالتالي فإن الرهان الأوربي للوقوف مع أوكرانيا ضد روسيا وهزيمتها بدون أمريكا أصبحت معالمه واضحة للجميع.

بالأمس أعلنت حكومة الانقلاب في القابون التي يترأسها الجنرال بريس انقويما نتيجة الاستفتاء العام على الدستور الجديد، والذي حصل على تأييد أكثر من 91% من المواطنين، وجاء ذلك بموافقة ورعاية فرنسا ماكرون للانقلاب العسكري الذي جرى في أغسطس 2023م ضد حكومة الرئيس المنتخب علي بونقو في ديسمبر 2022م. وفي السودان نحتاج لتجربة أفضل لأن مرور خمس سنوات دون حكومة منتخبة يضحي أمرا مقلقاً.

عموما على الرئيس البرهان العمل والتصرف كرئيس حكومة أمر واقع، ودولة ذات سيادة، فعليه الشروع في تشكيل حكومة المهام الانتقالية من الخبراء والتكنوقراط، وإعلان برنامج إعادة الإعمار، وإصدار خارطة طريق للانتخابات لاستعادة المشروعية المسنودة بسيادة الشعب وسلطة حكم القانون. فالعالم لا يحترم من يتقاعس وينتزع موقعه المستحق بين الدول، ولا يحتفي بالمترددين المرتكسين المنتظرين لإشارات الآخرين. فالمياه الراكدة يفسدها طول الركود فتفسد ما حولها. والله يخاطب الرسول القائد تعليما للمسلمين في مثل هذه المواقع: ” فإذا عزمت فتوكل على الله”..

دكتور حسن عيسى الطالب
المحقق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • لبنان ينفي اغتيال قيادي من "حزب الله" في "غارة البسطة"
  • لبنان تنفي اغتيال قيادي في حزب الله بالعدوان الأخير
  • لبنان ينفي اغتيال قيادي من حزب الله في مبنى غارة البسطا
  • جنوب السودان.. اشتباك مسلح عند مقر الإقامة الجبرية لرئيس المخابرات السابق
  • فتح الحوار حول كيفية إعادة بناء الدولة السودانية
  • أنباء عن عملية اغتيال قيادي بارز بحزب الله في بيروت
  • جنوب السودان يحقق في إطلاق نار بمنزل رئيس المخابرات المقال  
  • المخابرات التركية تقتل قياديًّا بتنظيم”بي كي كي”
  • العلاقات الروسية وخارطة الطريق السودانية
  • أنباء عن اغتيال قيادي في حماس بمدينة صور جنوب لبنان