بعد طي صفحة الفتور الدبلوماسي... هل تعود العلاقات بين فرنسا والمغرب لسابق عهدها؟
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
إعداد: عمر التيس تابِع إعلان اقرأ المزيد
بعد سنوات من الجفاء الدبلوماسي، أكد وزيرا خارجية المغرب ناصر بوريطة وفرنسا ستيفان سيجورنيه الإثنين في العاصمة المغربية الرباط عزم بلديهما على طي صفحة أزمة دبلوماسية طبعت علاقاتهما خلال الأعوام الأخيرة، والسير قدما نحو إقامة شراكة "استثنائية" متجددة على أساس "الاحترام المتبادل".
بدأت مؤشرات عودة الود بنشر صور لزيارة أخوات العاهل المغربي الملك محمد السادس لباريس ولقائهن السيدة الفرنسية الأولى ببريجيت ماكرون في قصر الإليزيه.
اقرأ أيضازوجة ماكرون تستقبل أخوات ملك المغرب في مؤشر على عودة الدفء بين الرباط وباريس
في الرباط، قال ستيفان سيجورنيه إثر مباحثات أجراها مع نظيره المغربي إن "هناك رابطا استثنائيا بين فرنسا والمغرب، والرئيس (إيمانويل ماكرون) يريد لهذا الرابط أن يظل فريدا من نوعه ويتعمق أكثر خلال الأشهر المقبلة".
في المقابل، أكد بوريطة أن علاقة البلدين "قوية"، لكنه اعتبر أنها "يجب أن تتجدد وتتطور وفق مبادئ الاحترام المتبادل والطموح والتنسيق، وعلاقات دولة لدولة".
ويمكن القول إن "العصر الذهبي" للعلاقات بين باريس والرباط كان خلال حقبة الملك الراحل الحسن الثاني الذي وصف الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان بأنه صديق مقرب. كما أوصى الملك السابق الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بالاعتناء بابنه الملك الحالي محمد السادس عندما يتسلم السلطة بعد وفاته. لكن العلاقات تدهورت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة إلى درجة إرجاء زيارة مقررة لماكرون في 2022 للمملكة عدة مرات وتصريح السلطات المغربية في سبتمبر 2023 بأنها "ليست على جدول الأعمال".
الصحراء الغربية والتطلعات المغربية من فرنساالخلافات الفرنسية المغربية بدأت بعد إعلان الولايات المتحدة أواخر العام 2020 اعترافها بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية، في مقابل تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل، ما جعل المغرب يضغط على حلفائه الغربيين بما فيهم باريس من أجل اتخاذ خطوات مماثلة.
كما تعكرت العلاقات بعد اتهامات من أوساط إعلامية وسياسية فرنسية للرباط بالتجسس على مسؤولين رفيعين بينهم الرئيس إيمانويل ماكرون في إطار قضية ''برنامج التجسس بيغاسوس" في وسط سنة 2021 وهي اتهامات نفتها بشدة السلطات المغربية.
وتزامن ذلك أيضا مع سعي ماكرون إلى التقارب مع الجزائر، في حين قطعت الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط عام 2021.
وكان العاهل المغربي قال في أغسطس/آب 2022 "ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل" مضيفا "ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات".
اقرأ أيضاستيفان سيجورنيه في الرباط: فصل جديد في العلاقات المغربية - الفرنسية؟
وخلال الزيارة، جدد الوزير الفرنسي دعم باريس "الواضح والمستمر" لمقترح المغرب بمنح الحكم الذاتي للإقليم المتنازع عليه منذ عقود مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. وقال سيجورنيه: "نعرف إنه رهان وجودي بالنسبة للمغرب".
هنا تقول، خديجة محسن فينان الدكتورة في العلوم السياسية والباحثة في العلاقات الدولية في جامعة باريس1 بأن هذا الموقف ليس جديدا ولا يلبي تطلعات الرباط: "أعتقد أن العلاقات ستعود لسابق عهدها في حال تماهى الموقف الفرنسي مع نظيره الأمريكي بشأن الصحراء الغربية، لكن تصريح سيجورينه يتحدث عن الشرعية الدولية بشأن الصحراء. صحيح أن هناك تقدما في العلاقات بين البلدين في ملفات على غرار قضية بيغاسوس وملف التأشيرات الفرنسية. لكن التطلع الرئيسي للمغرب بشأن الصحراء من فرنسا لم يحصل".
من جهته، يتحدث الدكتور محمد بودن رئيس "مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية" في المغرب عن تغير طفيف في موقف باريس ويقول: "يمكن العثور في تصريح سيجورنيه على فرق أو تعديل دقيق يتعلق بما يمكن تسميته اعترافا فرنسيا ثقافيا واقتصاديا "بسيادة المغرب على صحرائه" من خلال الحديث عن إنشاء مدرستين في الداخلة والعيون بالإضافة إلى عمل المعهد الفرنسي والرغبة في مواكبة الأنشطة الاقتصادية".
لكن بودن يؤكد أيضا أن "فرنسا ظلت وفية للخط التقليدي بدعم مبادرة الحكم الذاتي منذ 17 عاما بالصيغة نفسها، وموقفها لا يرقى لمواقف الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وألمانيا ويضفي نوعا من "الغموض الاستراتيجي" الذي ربما يرتبط بمصالح فرنسا مع أطراف ثالثة في منطقة النزاع الإقليمي حول الصحراء.
أي مستقبل للعلاقات الاقتصادية؟في المجال الاقتصادي، أشار سيجورنيه إلى أن فرنسا اقترحت إقامة شراكة للثلاثين عاما المقبلة مع المغرب مؤكدا أن بلاده تريد "مواكبة التنمية" في المنطقة، قائلا "المغرب استثمر كثيرا في مشاريع التنمية لصالح السكان المحليين وفيما يخص التعليم والطاقات المتجددة والسياحة والاقتصاد الأزرق (الصيد البحري)"
في هذا الصدد، يذكر بودن أن المغرب هو الشريك التجاري الثاني لفرنسا في أفريقيا والشرق الأوسط مضيفا "أن استكشاف مجالات جديدة للتعاون في ميادين الصناعة والطاقات المتجددة والشراكات الثلاثية عوامل من شأنها تعزيز الروابط الاقتصادية القوية بين البلدين.
وتذكر فينان من جهتها بأن فرنسا فقدت صفتها كشريك اقتصادي أول للمغرب لصالح إسبانيا في سنة 2022: " أعتقد أن فرنسا ستتبنى سياسة المراحل لاستعادة مكانتها التجارية في المغرب".
اقرأ أيضافرنسا ـ المغرب: هل سُوّي الخلاف؟
هل من تعاون في القضايا الإقليمية؟إقليميا، أشار سيجورنيه إلى أنه بحث مع بوريطة أيضا "كيفية العمل بشكل منسق في القارة الأفريقية خصوصا في منطقة الساحل، باعتبارنا شريكين لهما مصالح متقاربة في هذه المناطق ".
وتقدر فينان أن " باريس أخطأت عندما اعتقدت أن الجزائر هي الأكثر نفوذا في منطقة الساحل، فذلك كان قبل سلسلة الانقلابات العام الماضي في دول المنطقة. فالمغرب يملك امتدادا روحيا- دينيا وثقافيا قديما لدى بعض قبائل المنطقة في حقبة السلطنة المغربية (السلطنة الشريفة). وبعثت المملكة في السنوات الأخيرة روحا جديدة في هذه العلاقات فيما يعرف بالقوة الناعمة. واستفادت من علاقاتها مع إسرائيل التي تملك روابط جيدة مع عدد من دول الساحل".
بدوره، يشدد بودن على أن "التنسيق المغربي - الفرنسي سيشمل فضاءات جيوسياسية أفريقية بما في ذلك الواجهة الأطلسية والساحل في إطار معادلة ثلاثية ترتكز على التنمية والسلام والاستقرار".
في المحصلة، بعثت زيارة سيجورنيه للرباط برسائل تهدئة وتجديد ثقة بين البلدين على الرغم من أن بعض الأسئلة ما زالت بانتظار أجوبة قد تحملها الزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين خلال الأشهر المقبلة.
عمر التيس
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا الانتخابات الرئاسية الأمريكية ريبورتاج المغرب الملك محمد السادس ستيفان سيجورنيه إيمانويل ماكرون برنامج التجسس بيغاسوس الجزائر الولايات المتحدة الأمريكية إسبانيا الساحل المغرب نزاع الصحراء الغربية فرنسا دبلوماسية إيمانويل ماكرون الملك محمد السادس للمزيد ستيفان سيجورنيه فرنسا غزة الحرب بين حماس وإسرائيل حصار غزة المغرب الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا
إقرأ أيضاً:
صقر غباش يبحث تعزيز العلاقات البرلمانية مع رئيس مجلس الأعيان الأردني
الرباط - وام
بحث صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي خلال لقائه فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان الأردني على هامش أعمال الدورة الثالثة لمنتدى الحوار البرلماني بين دول جنوب-جنوب، المنعقد في العاصمة المغربية الرباط سبل تعزيز علاقات التعاون الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيزها على مختلف الصعد، بما يعكس رؤية وتوجهات قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين.
وتم خلال اللقاء الذي حضره سعيد راشد العابدي عضو المجلس الوطني الاتحادي وطارق أحمد المرزوقي الأمين العام المساعد لشؤون رئاسة المجلس استعراض مجمل الأوضاع الراهنة في المنطقة، وكل ما من شأنه زيادة التنسيق والتعاون بين البلدين الشقيقين، إضافة إلى مواصلة الجهود الثنائية من أجل مواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه الأمة العربية وعودة الاستقرار والأمن للمنطقة.
وأكد صقر غباش اعتزاز دولة الإمارات بعلاقاتها التاريخية مع المملكة الأردنية الهاشمية التي تقوم على الاحترام المتبادل، وبما يخدم مصالح البلدين الشقيقين وقضايا أمتنا العادلة معرباً عن الحرص المشترك على تعزيزها بمختلف المجالات.
وشدد على أهمية تعزيز علاقات التعاون البرلماني وتبادل الخبرات البرلمانية، والاستفادة من التجربة الرائدة لدى المجلسين في مجال الاختصاص التشريعي.
من جهته أكد فيصل الفايز متانة العلاقات الأخوية بين البلدين القائمة على أسس ثابتة وراسخة وعلى الاحترام المتبادل منوهاً إلى حرص قيادتي البلدين على تعزيزها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والبرلمانية.