من يخلف اشتية؟ وماذا يحمل تغيير الحكومة الفلسطينية لغزة؟
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية -أمس الاثنين- تقديم استقالة حكومته إلى الرئيس محمود عباس، نظرا للتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية المتصلة بالوضع في قطاع غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية.
ووفق تحليل نشرته وكالة أسوشيتد برس، فإن الإعلان يمثل الخطوة الأولى في عملية الإصلاح التي تحث عليها الولايات المتحدة في إطار رؤيتها لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لكن تقرير الوكالة يرى أن تعيين حكومة جديدة في الضفة الغربية لن يعالج الإشكالية التي طالما عانت منها السلطة الفلسطينية ألا وهي الافتقار للشرعية في نظر الفلسطينيين، ولن يكون حلا لعلاقاتها المتوترة مع إسرائيل.
وتمثل إشكالية الشرعية والعلاقات المتوترة مع إسرائيل عقبتين أمام الخطط الأميركية الرامية لإسناد إدارة الأمور في قطاع غزة بعد الحرب للسلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
لكن خطط واشنطن تلك تقوم على افتراض انتهاء الحرب في غزة بهزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو هدف إسرائيلي وأميركي يبدو بعيد المنال بعد نحو 5 أشهر من الحرب الإسرائيلية الطاحنة على القطاع راح ضحيتها نحو 30 ألف شهيد فلسطيني وأدخلت القطاع في مجاعة خطيرة.
فما الذي يحمله تغيير الحكومة الفلسطينية لقطاع غزة؟ وما علاقته بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ نحو 5 أشهر؟
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية يعلن تقديم استقالة حكومته إلى الرئيس محمود عباس#حرب_غزة pic.twitter.com/F0xTFPryxE
— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 26, 2024
أسباب ودلالاتخلال الكلمة التي تضمنت إعلان استقالته، أوضح اشتية أن المرحلة المقبلة تتطلب تشكيل حكومة جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحديات الراهنة بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مع التركيز على مسألة الوحدة الوطنية وتعزيز السلطة الوطنية على كامل أراضي فلسطين.
وقال اشتية إن قرار الاستقالة أيضا يأتي في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني وقضيته من هجمات شرسة وغير مسبوقة، ومحاولات إبادة جماعية وتهجير قسري وتجويع في قطاع غزة.
وبعد قبول عباس استقالة رئيس وزرائه، برزت توقعات تشير إلى أنه سيعين الخبير الاقتصادي والمدير الحالي لصندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى محل اشتية.
ويرجح تقرير أسوشيتد برس أن تعيين مصطفى، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وشغل مناصب رفيعة في البنك الدولي، سيحظى بترحيب تل أبيب وواشنطن وعواصم أخرى، لكونه سياسيا مستقلا لا يدين بالولاء لحركة فتح.
كما يشير التقرير إلى أن تعيين مصطفى، الذي لا يتمتع بقاعدة سياسية تدعمه، سيجعل الكلمة الفصل في السياسات الرئيسية بيد عباس (88 عاما)، كما سيخلع على السلطة الفلسطينية صورة جديد لسلطة أكثر مهنية خضعت للإصلاح وباتت جاهزة لإدارة قطاع غزة، وهو أمر مهم بالنسبة للولايات المتحدة، وفق الوكالة.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر قد صرح بأن الأمر متروك للفلسطينيين لاختيار قادتهم، "لكن الولايات المتحدة ترحب بأي خطوات لإصلاح وتنشيط السلطة الفلسطينية".
وقال إن الإدارة الأميركية تعتقد أن تلك الخطوات إيجابية، "وخطوة مهمة لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية".
كيف ينظر الفلسطينيون للسلطة؟شهدت شعبية عباس تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، إذ تشير استطلاعات الرأي باستمرار إلى أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين تريد استقالته وخروجه من السلطة، وفق تحليل أسوشيتد برس.
وينظر كثير من الفلسطينيين للسلطة على أنها مجرد "مقاول يحرس مصالح الاحتلال"، وفق الوكالة التي قالت إن ذلك يرجع للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، الذي يثير حنق الشعب.
ودأبت السلطة الفلسطينية على قمع المعارضين لها في المناطق التي تسيطر عليها، كما دأبت على قمع الاحتجاجات بعنف والزج بالمعارضين لها في السجن وتعذيبهم.
ورغم انتهاء ولاية عباس عام 2009، فإنه يرفض إجراء انتخابات متذرعا بالقيود الإسرائيلية. في حين يرى مراقبون أن شعبية حماس زادت خلال جولات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، كما يتوقع أن تحصد الحركة نتائج جيدة في حال تنظيم انتخابات حرة، وفق الوكالة الأميركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تخلي حماس عن حكم غزة مع احتفاظها بسلاحها.. ما إمكانية تطبيقه ونجاحه؟
في الحديث عن ترتيبات اليوم التالي لما بعد الحرب على غزة، تردد الإعلان في تصريحات منسوبة لمسؤولين في حركة حماس عن قبولها للتنازل عن حكم غزة لـصالح "حكومة وحدة وطنية" بشرط عدم التخلي عن سلاحها، وفق تصريحات نقلتها شبكة إن بي سي نيوز عن مسؤول كبير في الحركة.
وفي التفاصيل قال المسؤول في الحركة، باسم نعيم "نحن مستعدون اليوم، إن لم يكن بالأمس للتراجع عن الحكم لتسليمه إلى هيئة، حكومة، لجنة مستعدة لإدارة قطاع غزة". وهو ما يثير تساؤلات عن إمكانية تطبيق ذلك في ضوء تصريحات لمسؤولين آخرين في الحركة أكدوا أن الحركة تنوي الاحتفاظ بحكم غزة في ترتيبات اليوم التالي، إلى حين يتم التوافق بين الفصائل والقوى الفلسطينية على خيار آخر.
ووفقا لمراقبين فإن توجه الحركة للتخلي عن حكم إدارة غزة، لصالح حكومة وحدة وطنية، مع احتفاظها بسلاحها، يمكن أن يكون مقاربا لتجربة حزب الله بعد حرب تموز 2006، باحتفاظه بسلاحه، والإبقاء على تشكيلاته العسكرية على الأرض اللبنانية، بالتفاهم والتوافق مع الدولة اللبنانية.
لكن ثمة مخاوف من إمكانية تطبيق هذا الخيار في ظل توجهات إسرائيلية وأمريكية ترمي إلى تفكيك كتائب وقوى المقاومة في غزة، ونزع سلاحها، وعلى رأسها كتائب القسام وهو ما يخشى أن يكون ضمن الخطط التي يجري تحضيرها في إطار الخطة البديلة لمخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير أهل غزة إلى مصر والأردن.
في ظل ذلك كله هل سيكون خيار تخلي حماس عن حكم غزة مع احتفاظها بسلاحها خيارا مقبولا من الدول والقوى الفاعلة والمؤثرة في القضية؟ وما هي طبيعة العلاقة بين الشخصيات واللجان التي ستكلف بإدارة قطاع غزة وبين المقاومة بتشكيلاتها العسكرية، وسياساتها المتمثلة بمواجهة الاحتلال؟ وهل ستمرر أمريكا وإسرائيل والدول العربية الفاعلة هذه السياسة وتقبل بها؟
في هذا الإطار لفت الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني، ساري عرابي إلى أن "رغبة حركة حماس في التخلص من إدارة قطاع غزة ليست جديدة، فالحركة قدمت خطوات جدية على هذا الطريق قبل السابع من أكتوبر، كما وقع في اتفاقية الشاطئ عام 2014، التي تنازلت فيها الحركة عن حكومتها التي يُفترض فيها أنها حكومة شرعية، تستند إلى آخر انتخابات تشريعية أجريت في فلسطين".
وأضاف: "فقد تنازلت الحركة عن الحكومة حينذاك، لصالح أن يقوم بالإشراف على قطاع غزة حكومة توافق وطني، كان يديرها في ذلك الوقت رامي حمد الله، كذلك قامت الحركة عام 2017 بحل لجنتها الإدارية التي كانت تدير قطاع غزة، نظرا لأن حكومة الوفاق الوطني رفضت تكميل استلام مهامها داخل قطاع غزة، وكان هناك لجنة إدارية تشرف عليها حركة حماس، حلتها الحركة عام 2017 كبادرة حسن نية من طرفها في سياق مباحثات القاهرة حينذاك".
وواصل عرابي حديثه لـ"عربي21" بالقول "وفي أواخر عام 2020 كان هناك اتفاق بين نائب المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد الشيخ صالح العاروري وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح، جبريل الرجوب لإجراء انتخابات شاملة متدرجة، تشريعية ورئاسية، وكذلك إعادة تشكيل المجلس الوطني، في سياق استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وشكلت الحركة قائمتها الانتخابية على هذا الصعيد، وتم تحديد مواعيد لإجراء الانتخابات بمرسوم رئاسي، من الرئيس محمود عباس، لكنه عاد وألغى هذه الانتخابات".
ساري عرابي كاتب وباحث سياسي فلسطيني
وخلص الكاتب والباحث عرابي إلى أن "حركة حماس أبدت قبل السابع من أكتوبر على مدار فترة زمنية طويلة، تكاد تمتد لعشر سنوات رغبتها الأكيدة في التخلص من حكم قطاع غزة من الناحية الإدارية، وأعادت الأمر ذاته بعد السابع من أكتوبر إذ صاغت الحركة العديد من الأوراق والتفاهمات مع عدد من الفصائل الفلسطينية لإدارة قطاع غزة في إطار رؤية وطنية وتوافق وطني، وليس في ظل الدبابات الإسرائيلية، والإملاءات الإسرائيلية، أو إملاء عربي إقليمي يستند إلى الشرط الإسرائيلي".
وأشار إلى أن "من أوائل هذه اللقاءات ما حصل في أوائل ديسمبر/كانون أول 2013، تقريبا بعد شهرين من الحرب، وكان هناك اتفاق بين عدد من الفصائل الفلسطينية على رؤية وطنية لإدارة قطاع غزة، ثم جرت مباحثات تالية بين حركة حماس وحركة فتح كما جرى في بكين، وأخيرا في القاهرة التي قدمت اقتراحا لإدارة قطاع غزة من خلال لجنة إسناد مجتمعي تتبع من الناحية البروتوكولية والرسمية السلطة الفلسطينية في رام الله، ولكن ما تزال قيادة حركة فتح والتي هي نفسها قيادة السلطة ترفض جميع هذه الأفكار" حسب قوله.
وأكد عرابي أن "حركة حماس أبدت خطوات جدية على هذا الصعيد، وليس لديها مشكلة بهذا الخصوص لا قبل السابع من أكتوبر، ولا بعده، لكن أن يطلب من الحركة الموافقة على تسليم سلاحها فهذا يعني قبولها بالشرط الإسرائيلي، أو على الأقل بالشرط العربي والإقليمي والدولي المستند إلى الشرط الإسرائيلي، وهو ما ترفضه الحركة بشدة".
وعن مدى مشابهة الحالة الفلسطينية الراهنة لتجربة حزب الله بعد حرب تموز 2006، قال عرابي: "ثمة فرق واضح بين الحالتين، من أبرزها أن لبنان له دولة رسمية ممثلة في الأمم المتحدة، ومعترف بها عربيا وإقليميا ودوليا، ويفترض أن له سيادة على الأرض اللبنانية، لكن في الحالة الفلسطينية لا توجد دولة فلسطينية، لا من حيث وجود دولة في الأمم المتحدة، ولا من حيث أنها دولة حرة".
من جهته وبرؤية مغايرة رأى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني المقيم في تركيا، أيمن خالد أن "حركة حماس ستبقى في غزة من خلال القادة من الصف الثالث، إضافة للموظفين السابقين في حكومة حماس، والذين قد يصل عددهم 30 ألف موظفا، وذلك في حالة واحدة ألا وهي قبول إسرائيل بذلك".
وأردف في تصريحاته لـ"عربي21": "أود التذكير في هذا الإطار أن نتنياهو وأولمرت اعتبرا في وقت سابق أن وجود حماس يُعد مبررا كافيا لإضعاف السلطة الفلسطينية، وبالتالي منع قيام دولة فلسطينية"، مضيفا "هنا بالضبط تبقى المعادلة، فإن كان هناك رضا من إسرائيل بقيت حماس، ولكن هذه المرة ستبقى بدون سلاح، أي فقط سلاح شرطة" وفق رأيه وقراءته.
أيمن خالد كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
من جهته تساءل الكاتب والباحث المصري، المهتم بدراسات علم الاجتماع السياسي، سيف دويدار “من سيخلف حماس في إدارة القطاع؟ ليجيب "إن كان المرشح لذلك هو السلطة الفلسطينية، فهي لن تقوى، ولن يقبل العدو الإسرائيلي بها، لأن المسار المتصاعد في الضفة يسعى بشكل متسارع لتصفية السلطة الفلسطينية، فذهنية اليمين وعلى رأسها حكومة نتنياهو تسعى لإجهاض حل الدولتين وهذا أحد خطواته".
وأضاف "وقد يكون مقصود حماس إشراك قاعدة مجتمعية أوسع من الشعب الغزي كرجال الأعمال، وكبار العائلات والوجهاء والمفكرين والعلماء.. أو كما قيل حكومة تكنوقراط.. وهذا في نهاية الأمر شكل من أشكال الديمقراطية بالفعل..، أما لو كان المقصود بإدارة القطاع من قبل قوات عربية أو لجان دولية، فهذا ليس مطروحا من قبل حماس على طاولة المفاوضات كما هو واضح في تصريحات القيادي البارز في الحركة، أسامة حمدان".
سيف دويدار كاتب مصري مهتم بدراسات علم الاجتماع السياسي
وعن الجهات والقوى المرشحة لحكم غزة وفرص نجاح أطروحة تخلي حماس عن السلطة، مع احتفاظها بسلاحها قال دويدار "في حالة قيام السلطة بحكم غزة، فإن حكمها سيكون هشا حتى مع وجود مؤيدين لها داخل القطاع، هذا إن وافقت إسرائيل على ذلك، لذا فإن الإدارة المرشحة ستكون مرهونة بالخارج، فلو كان الطرف الذي سيتولى الأمر محمد دحلان ـ على سبيل المثال ـ، فحينها سيكون للإمارات دور مباشر، وهو ما يعني أنها ستدفع إلى توسيع قواعدها في المجتمع الغزي، ومدخلها سيكون من بوابة رجال الأعمال تحديدا..".
وأردف: "أما بخصوص سيناريو مشاركة قوات عسكرية عربية فالحركة ترفض هكذا مشاركة وفق تصريحات القيادي أسامة حمدان، الذي قال بأن من سيحل مكان الاحتلال في غزة فسنتعامل معه كالاحتلال" مشيرا إلى "حركة حماس ترى في سيناريو المشاركة المجتمعية النموذج الأفضل لها، لأنه يُعد منجزا في إشراك المجتمع الغزي في قرار ما بعد الحرب، ومشاركته كذلك في مغنم السلطة كما كان له نصيب من مغرم الحرب".
وختم حديثه مشيرا إلى أن التصريحات بشأن إمكانية تخلي حماس عن إدارة غزة مع احتفاظها بسلاحها "ما زالت في طور تقدير وقياس الاستجابة من طرف الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولة لفتح آفاق للتفاوض إما بأن يعطي صورة نصر لنتنياهو، أو أنه محاولة لبناء تصور لم يتشكل بعد".