سودانايل:
2024-07-06@09:59:48 GMT

دموع القطار!

تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT

الدكتور الخضر هارون
maqamaat@hotmail.com

القطار الطلقة الذي يسابق بحق الريح والذي شبهوه لسرعته تلك الفائقة بطلقة الرصاص تنطلق من سلاح فتاك لا تلوي علي شئ حتي تصيب هدفها ,لم يكن هو قطارنا الذي زعموا أن بإمكانه أن يسابق الريح فقد كان ذلك القطار المبتغي جنيناً في رحم الغيب أو ربما مجرد فكرة جالت في دماغ عبقري هناك في بلاد الشمس المشرقة في شرق الدنيا.

أما قطارنا نحن الذي كنا نعرف ,فكان مثلنا خلقاً تمور في أحشائه النيران المحرقة تتأجج وهي تتغذي علي الفحم الحجري الصلد كما الصخور ويحتاج كما نحتاج لماء كثير فهو يصيبه الظمآ فيشرب مثلما. بلي يشرب حتي يرتوي وإذا ارتوي تكثف واستحال الماء إلي بخار, أي إلي طاقة بمقدورها تحريك هذه القاطرة التي تسحب خلفها العديد من المقطورات البيضاء الزاهية الألوان أو هكذا كنا نخالها, فيعدو في خفة منتشيا أو مغاضباً لا فرق, فتصدر من رزيم صدره النفثات بف.. بف.. لذا حاكاه المغني زنقار :
من بف نفسك يا القطار
ورزيم صدرك قلبي طار
وينو الحبيب انتو شلتوا
جيبوا يا القطار....
تلك كانت فعلات القطار خطف الحسنوات وكسر خواطر وقلوب العاشقين!
وقد سلم إلي حين من مصيرعرائس مثله كانت تسبح علي النيل. الجلاء وكربكان والزهرة وعطارد كانت تصيب بجمالها وبتطرية حضارة القرن العشرين الدهشة والسعادة معاً ولكن ولأنها كانت "تطفش" الجميلات إلي خارج الإقليم دعا عليها ضحايا ذلك الرحيل المشؤوم من العشاق الذين لم يظفروا( بلما) الحسناوات, فأصابوها جميعاً في مقتل فأصبحت أثراً بعد عين ثم لحق بها القطار:
وصميم مكناتا تلتهم الحريقة
تعيق في الناس إله الناس يعيقا
لكن القطار كان مصدر فرحنا وبهجاتنا نحن الصغار يومذاك يطربنا صرير عجلاته علي القضبان الحديدية وينقلنا إلي ربوع متشاكلة و أخري متباينة من أرض السودان الفسيح من قبل أن نعرف السينما والتلفزيون تلكم الوسائط التي بدأت تنقل إليك العالم وأنت ههنا " لم تنتقل وكأن رأسك يحلم!"
وفوق ذلك كان هذا القطارهو الرابط الوحيد بين عالمنا وحضارة القرن العشرين. الصعود إليه وخاصة إلي (قمراته) مظنة الوجاهة والصيت خاصة إذا جاءت بتساريح (تصاريح) حكومية لآنها دالة علي وظيفة الراكب. لذا كان بعض الخفاف يقحمون ذكر (التسريح) في أنسهم في غير مقحتم فيجلبون لأنفسهم السخرية وربما الحسد!
قالت احداهن تتباهي بزوجها ابن العم وبصنيعه الحسن معها:
بطرني و في القمرا ركبني!
هو الزوج إذن, ابن العم. وهل كان الزوج إلا ابن العم!
وقالت أخري تتوسل لزوجها, أما هذه المرة فهو ابن عمتها :
الرسول يا ود عمتي إن درتا راحتي وجمتي
رسل التسريح اللجي .....
وتأتي المقطورات تراتيبياً بعد الساحب أي القاطرة التي لم تكن تحمل جماليات تذكر فقد كانت أشبه ما تكون بالجاموس البري المتوحش: تبدأ بصالون(غرفة بمنافع) يكون مخصصاً لواحد من كبار المسؤولين أو لصراف يوزع المرتبات علي عمال وموظفي الحكومة في الأقاليم التي يمر بها القطار أو لعواصم تلك الأقاليم والمراكزثم عربة مكتوب عليها (نوم) ثم الدرجة الأولي فالثانية فالثالثة فالرابعة تليها في المؤخرة عربة الفرملة. وتتوسط هذه السلسلة عربة البوفيه أو السناطورالمجهزة بأطايب المأكولات والأشربة حلالها وحرامها! والقرن العشرون يتمثل في هذه الوسيلة الوحيدة التي لا تجرها خيول ودواب كالشأن في الناقلات في جل بنادر السودان يومئذ كما أنها مسرجة بالكهرباْ لا بالكيروسين وكان ذلك هو حال ما يقارب المائة بالمائة من بيوت السودانيين في الحواضر والأرياف! ألا تري يا صاح أنا كنا محقين في الحفاوة بهذا القطار؟!
نعم قالت شاعرة من قريتنا تصورتعدد الأمكنة التي ينقلنا إليها علي اختلاف مناظرها :
نمشي في الكاب أب تسالي ويا ست الترمس تعالي!
والكاب كانت محطة عامرة في أرض المناصير لعلها المسكينة اليوم في قاع البحيرة التي تم بسببها التضحية بالكاب ليقوم سد مروي. كانت مصدراً لري القطار و بها فنطاز ضخم يساق إليه القطار للتزود بالماء فرحاً كما تخيلنا يصدر صافرته المجلجة كصفير الريح في ليلة شاتية. يقول لنا الكبار ذهب ليشرب! ومعني ذلك تمهلوا في شرب الشاي والجبنة وفي إزدراد حبات البيض المسلوق (جنا الجداد وقتها) فالحبتان كانتا بقرش ونصف و يا للرخاء يوم ذاك!
والمبتدأ كانت كريمة وكانت بندرا صغيرا لم تدخله الكهرباء بعد, لكن نادي السكة حديد القريب من المحطة كان مسرجاً بمصابيح النيون لبعض الليل ربما بمولد. كانت كريمة تستمد وهجها ومحبتها من هذا القطار فينتهي مشوار الرحلة من الخرطوم عندها لتتولي الباخرة النيلية بقية المهمة في النقل والتواصل عبر البريد (البوستة) وما أدراك ما البوستة التي من فرط أهميتها تناسي الناس اسم هذا الناقل الجميل فأسموه البوستة بينما البوستة بعض محمولاته. كانت تحمل المرتبات للموظفين والعمال أينما انتهي بهم الوظيف الحكومي في تلك الأنحاء والمصاريف للأهل القابعين هناك وربما طرود بمنقولات ثم الجوابات (والجواب) كان نصف المشاهدة فيه تسكب العبرات حنينا دافقا أو تعزية في عزيز قد رحل.
يا حليل الراحوا....
يتجمع ركاب المناطق القادمين من كل البلدات والقري الواقعة شمال كريمة حتي الحدود المصرية في كريمة يتفيأون ظلال النيم الوريفة عند مدخل المحطة حتي إذا فتحت الأبواب تسابقوا بالصفائح المجوز وطرود التمر والفول يقتحمون الأماكن في القطار ويثور شغب علي الشواغر في القطار ثم سرعان ما يهدأ إذا تحرك القطار فيجتمع الخصوم يشتركون في إلتهام أقراص القمح المنقوع عجينه بالتمر والمدهونة بالسمن البلدي (كسرة التمر) ملفوف فيها قطع اللحم المحمر تؤكل مع الدقة , تلك هي الزوادة كما يسمونها ولا سبيل إلي الشاي إلا في محطة الكاب. والقطار يتحرك من كريمة إلي الكاسنجر. والكاسنجرالبلدة تزدان ببساتين النخيل والفاكهة والجروف الخضراء وقبة المادح الأسطورة حاج الماحي إلا أن المحطة خلاء موحش في صحراء العتمور. تليه الدغفلي وهي مثل الكاسنجر لا شئ فيها وربما خصصت هذه المحطات وفقاً لطاقة القطار علي الأداء في ذلك الوقت بما يلزم معه التوقف من حين إلي حين لضرورات يعرفها الصانع. والقطار في انطلاقه نحو الجنوب في مساره الطويل إلي الخرطوم عند هذه المحطات ثقيل الحركة كعجوز أو كشيخ فان يتسلق جبلاً! لذلك صُور لنا ذلك بالقول:
الدغفلي قلبي انقطع ......الدغفلي قلبي انقطع!
وقطار كريمة في مواسم حصاد التمور مثقل مكدس بالتمور:
دا قطر كريمة مي ملان لا عينو ديما
والمنقة وكتين تستوي
تلقاه للوكاي زرد
في أشعار الرائع محمد جيب الله ود كدكي.
وعلي ذات الشاكلة كانت محطات كحيلة ومحيسة وأم رهو وأم غربان. لكن هذه المحطات البائسة تجلب الفرح وتستدر الدموع لمشتاق قادم للبلد للزواج ولقاء الأحبة والأهل فهي بشارات بقرب الوصول ونوال المبتغي: غني ود اليمني يصور فرح من وصل أم رهو وهو في طريقه إلي كريمة:
أم رهو أدوها الخبر
أحمد الله الخاتري انجبر
في الطريق ما يحصل خطر لا دعاش لا هوا لا مطر
أحمد الله الخاتري انجبر!
وغني قبله عثمان حسين بإيقاع الدليب:
بلالي يما الليلي بلالي وقساي
أم غربان ادوهو خبر شربنا الجبنة بالسكر!
لكن الشباب والكهول ربما ابتهجوا وهم يعودون إلي أعمالهم أو معاهد تعليمهم في البنادر بعد أن قضوا أوطارهم وأصابوا من دفء الأهل والعشيرة ما يمدهم بأسباب البقاء عاماً آخر بعيدين عنهم! وهل كانت مفارقتهم إلا ضرورة فرضها كسب العيش الشريف وطلب المعارف؟!
ويسير القطار مارا ببلاد الرباطاب :دقش , أبو هشيم يصور لك الخيال جزائر مخضرة في قلب النهر. والشريك محطة يجملها وقوعها علي النيل لكنك لا تجد فيها حتي الشاي! جل سكان هذه المناطق علي الضفة الغربية أو في الجزائر وما أجمل (كجبي) جوار مقرات! ثم يصل القطار إلي (أبوحمد) وقد يصادف وصوله وصول القطار السريع الاكسبريس القادم من حلفها أو الخرطوم فلا تجد شيئاً في سوقها الذي تهبط إليه من عل فتجده غاصاً بما تريد فهناك ودلقاي وود خطيب والشاي والرغيف البلدي. ويقع السمع علي مساومات تصيب بها طرفاً من سرعة بديهة الرباطاب : الجردقة بي كم أجنا ؟
بي ريال؟
الواطة دي بي ريال؟!
إن بقت واطه مات دنقر خم!
أما عطبره وإن شئت أتبرا فيترجل فيها ركاب بورتسودان وناس الخرطوم يستقبلهم الأقارب وناس البلد جميعأ بالترحاب والدموع وربما بفول وعيش وطعمية, أصنافاً تميزت بها عطبره وبرع في صنعها الأشقاء من اليمن السعيد. ثم المحمية والموالح والمنقة والطباقة المزركشة وغير المزركشة التي تستقر في بطونها طرقات الكسرة المرة ثم عصي مزينة محنوفة الرأس (حنوفة أو بمبقاية)كانت تصنع للأطفال. وتلك مقدمة لدخول شندي التي اشتهرت بالطواقي والمناديل والطعمية وسلطة الباذنجان. وبعد شندي ليس هناك ما يستدعي الذكر سوي نهاية الرحلة في الخرطوم عموم.
وهناك طاب العيش واتسعت الدنيا والمعارف في البندر لأسرة جاءت من أعماق الريف للعمل في السكة حديد قوامها خمسة أطفال وثلاثة بالغين. وترسب في الوجدان هذا المزيج القروى المدني واتسع لقبول مكوناته معاً . والحياة يتعاقب عليها الخير والشر والفرح والأحزان وذلك ما كان. ترقي الوالد حتي استحق بيتاً من بيوت السكك الحديدية واستحق السفر علي القطار والبواخر في القمرا الدرجة الثانية وانتظم الابن في الدراسة بنجاح باهر. ثم عبس الزمان فمرضت الأم الشابة الحنون وفجأة مات الأب الذي لم يكن قد بلغ الستين. وبذلك انقطعت الصلة بالبندروكان لزاماً أن تعود الأسرة من حيث أتت .وكانت الدموع هذه المرة في محطة الخرطوم, دموع القطار, دموع جراحات عميقة تفيض بالأسي الذي استوطن فلم يرحل أبداً رغم كثير من الفرح والحبور والنجاحات ساقتها الرحمة الإلهية, فالله لطيف بعباده , فيما تبقي من أعمار من بقي من أولئك النفر, بقي الجرح الغائر المستوطن لم يندمل شأنه أعمق من شأن ما عبر عنه شاعر عاشق, فليس العشق كالأحزان:
الجرح نوسر بي
غور في الضمير
في قلبي خلف الكي
يا ناس الله لي
يحسه صاحب البصيرة النافذة في ضحكاتهم فتبدو لديه كالبكاء يختلط فيها الفرح والأحزان القديمة في الأغوار وتعبر عنه محبة لكل الناس كأنهم يخشون عليهم مصيبة الموت. تلكم لم تكن كدموع القطار المعتادة للفراق المؤقت الذي يحمل في طياته الخيركاكتساب معيشة أو علم أو حج وزيارة بل هو قرين المناحة الباكية:
اتكسر المرق واشتت الرصاص
وانهدم الركن وين البلم الناس
أطفال كصغار الحطيئة كعصافيرزقب الحواصل أعينهم زائغة باكية تتلفت لا تكاد تدرك أي معني لما وقع وأم مريضة مشفقة علي مصيرهم قتلها ذلك الإشفاق بعد علمين اثنين! يا رحمة الله! والصبي الذي أبقوه ليواصل التحصيل يكاد يقتله الحزن وشقيقه الأصغر ممسك برقبته لا يريده أن يتخلف وراءهم. أسي مر عليه أكثر من نصف قرن وبقي ساكناً لا يبرح يحز كحد المدي!  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مقدمات النشرات المسائيّة

مقدمة نشرة اخبار تلفزيون ان بي ان 

منطقة الحوش الواقعة على مرمى حجر من مدينة صور كانت هدفا لعدوان إسرائيلي بعد ظهر اليوم حيث استهدفت مسيرة معادية  سيارة ما أدى إلى إرتقاء شهيدين. 

في ما عدا ذلك كانت فترة ما قبل الظهر تشهد تراجعا نسبيا في وتيرة الإعتداءات تقابله بعض الحيوية على مستوى الحراك الدبلوماسي.

أبرز هذا الحراك تعكسه لقاءات الموفد الرئاسي آموس هوكستين اليوم في باريس مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان ومستشار في الخلية الدبلوماسية في الأليزيه وهي خلية نشطة منذ أشهر مع وزارة الخارجية للعمل على تجنب تصعيد عند الحدود الجنوبية للبنان.

وقبيل بدء محادثات الموفد الأميركي دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى "منع اشتعال الوضع بين إسرائيل ولبنان".

في موازاة المحادثات الأميركية - الفرنسية حول الوضع العسكري جنوبا ثمة إستعدادات لزيارتين يقوم بهما موفد قطري ووفد أمني مصري إلى بيروت في الأيام القليلة المقبلة على ذمة ما نشرته بعض الصحف اللبنانية.

وفي بيروت أيضا كلام لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن "شعبنا الذي ما رضي ولا يرضى بالإعتداءات على سيادته وكرامته الوطنية وسيادة أراضيه وعلى المدنيين من أبنائه وخصوصا الأطفال والنساء".

وقال رئيس الحكومة: "نحن معنيون من منطلقات عروبية ووطنية وإنسانية بحرب الإبادة الفعلية الجارية في حق الفلسطينيين ولا سيما في غزة.

وفي غزة يزداد مأزق المحتل الإسرائيلي  ولعل خير ما يعبر عن هذا المأزق قول مفوض شكاوى الجنود السابق اللواء الإسرائيلي (إسحاق بريك) إن "القتال في القطاع فقد هدفه ويجب أن يتوقف فورا ... جنودنا يقتلون ويجرحون عبثا ونحن غير قادرين على جعل حماس منهارة لأننا لا نستطيع البقاء في الاراضي التي نحتلها".

هذا الكلام تؤكده الوقائع على الأرض ومن ضمنها إعلان كيان الإحتلال اليوم إصابة اربعة وعشرين من جنوده خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة بينهم ثلاثة وعشرون في قطاع غزة وحده.

إنطلاقا من هذه الوقائع يبدو جليا أن المعركة العسكرية وصلت إلى طريق مسدود مع سقوط إحتمالات النصر المطلق والعجز عن القضاء على المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حماس.

ولذلك بدأ العدو الإنتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب وهي مرحلة دونها الكثير من الإلتباسات ما لم تتضمن إنسحابا كاملا لجيش الإحتلال. ويفترض أن يحتل هذا الموضوع حيزا في الإجتماع الذي يعقده الرئيس الأميركي جو بايدن أواخر تموز الحالي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما يزور واشنطن لإلقاء كلمة في الكونغرس في الرابع والعشرين من تموز.

وتتزامن الزيارة مع انشغال الأميركيين بتداعيات المناظرة الأولى التي جمعت بايدن ومنافسه دونالد ترامب الذي كانت الغلبة له فيها لكن المرشح الديمقراطي عزا فشله إلى أنه كان مرهقا بسبب السفر قائلا: كاد النعاس يغلبني في تلك الليلة!!!

هذا ويستعد الديمقراطيون في الكونغرس لإقناع بايدن بالإنسحاب من السباق الإنتخابي وافاد إستطلاع للرأي بأن واحدا من كل ثلاثة ناخبين ديمقراطيين يرى أنه يتعين على الرئيس الحالي الإنسحاب  فهل يفعل ... أقله بضغط من الديمقراطيين الذين باتوا يتخوفون من تحول ولايات ديمقراطية إلى ولايات جمهورية بسبب أداء بايدن.

مقدمة نشرة اخبار تلفزيون ام تي في 

فرنسا المنشغلة بانتخاباتها المصيرية لا تزال تجد متسعا من الوقت لمناقشة الوضع اللبناني. ففي باريس انعقد اجتماع لبحث الوضع في جنوب لبنان،  طرفاه الاساسيان : جان ايف لودريان وآموس هوكستين. اللقاء لافت، ويؤشر الى تنسيق فرنسي- أميركي عالي المستوى لمنع اندلاع حرب  في جنوب لبنان

وتزامن اللقاء مع استمرار السخونة، وان نسبيا،  على الجبهة الجنوبية. فقد استهدفت اسرائيل اليوم سيارة مسيرة في الحوش في صور ما ادى الى استشهاد قائد وحدة عزيز في حزب الله محمد نعمة ناصر. 

توازيا،  التهديدات الاسرائيلية التي يوجهها كبار المسؤولين للبنان مستمرة، لكنها أضحت مغلفة بالرغبة في التوصل الى اتفاق. فوزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت أعلن ان الدبابات الاسرائيلية يمكنها الوصول الى الليطاني،  لكن اسرائيل تفضل التوصل الى حل بشأن لبنان. 

سياسيا،  الديمقراطية اللبنانية لا تزال معطلة نتيجة رفض الثنائي فتح ابواب مجلس النواب، فيما الآلية الديمقراطية على ثلاثة مواعيد متعاقبة في العالم بدءا من الغد. ففي بريطانيا انتخابات تشريعية غدا، وفي ايران انتخابات رئاسية الجمعة، اما فرنسا فعلى موعد مع استحقاق مصيري الأحد.  فكيف ستؤثر هذه الاستحقاقات  الثلاثة على الواقع اللبنان.

مقدمة نشرة اخبار تلفزيون المنار 

ظفر بنعمة الشهادة بعد ان اتم سني الجهاد ناصرا للحق ومدافعا عن المظلومين .. الحاج ابو نعمة ناصر – كما حفظت اسمه ميادين الجهاد من تلال الجنوب وسهوله ، الى الشام والعراق وحيث حمله الواجب على مر السنين . انه القائد الحاج محمد نعمة ناصر، السائر على طريق القدس منذ البداية وحتى الشهادة ..

آلم المحتل الصهيوني بحساب طويل، منذ الطلقات الاولى وحتى الصواريخ والمسيرات التي عقدت على جيش العدو الحسابات، فما كان منه الا الغدر لينال من الحاج ابو نعمة بغارة على سيارته في منطقة الحوش قرب صور، فارتقى القائد شهيدا عزيزا، مصطحبا معه على طريق القدس الشهيد المجاهد محمد غسان خشاب ..

وستصطحب دماؤه بشائر النصر الذي ينمو يوما بعد يوم بفعل عظيم التضحيات على شتى الجبهات، ومن جبهة القائدين الشهيدين ابو نعمة وابو طالب، كانت رسائل المقاومين المؤكدة للمحتل ان فعل المقاومين يزداد عنفوانه بالشهادة، فكان بعض القصاص على جريمة الحوش أكثر من مئة صاروخ كاتيوشا على مقرات جيش العدو في نفح وكيلع بالجولان المحتل، وصواريخ فلق على ثكنة كريات شمونة...

مقدمة نشرة اخبار تلفزيون ال بي سي 

الكل ينتظر نتائج محادثات آموس هوكستاين وجان ايف لودريان في باريس ، والكل ينطلق من مبدأ ان ليس هناك اي فريق معني بالحرب مباشرة او غير مباشرة، يريد توسعتها بين لبنان واسرائيل، كونها تشكل خطرا على الاستقرار الاقليمي، وهذا ما ابلغه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو.

اما السؤال الذي لم تتضح الاجابة عليه حتى الان، فهو: هل  ستتفق واشنطن وباريس على رؤية موحدة منعا للحرب ؟وهل ستتمكنان من التوصل الى توحيد افكارهما، بورقة موحدة او حتى دون ورقة ؟

معلومات ال  lbci،تشير الى ان الفرق الاساسي بين الافكار الاميركية والورقة الفرنسية مرتبط بالتفاصيل، فألافكار الاميركية عمومية،لا تفاصيل فيها.

اما المبادرة الفرنسية، فمفصلة ، وتعتمد في جزء من بنودها على معرفة القوات الفرنسية بالميدان، بحكم وجودها ضمن القوات الدولية العاملة في الجنوب.

اذا اعد الفريقان ورقة موحدة، سترفع الى كل من اسرائيل ولبنان لمناقشتها اولا والاتفاق بشأنها ثانيا، وهذا يفترض ان يحصل قبل محادثات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في واشنطن في الثامن والعشرين من الشهر الحالي.
محادثات يرتقب ان تكون مفصلية بالنسبة للحرب في قطاع غزة اولا، وتداعياتها على لبنان ثانيا.

قراءة هذه التفاصيل، تعني ان لا حرب الان، وان القتال الدائر بين حزب الله واسرائيل سيظل ضمن عدم انفلات الامور، مع تصعيد متقطع تمارسه تل ابيب، تارة بغارات تشنها لاسترداد هيبتها، وطورا باغتيالات قاسية كالاغتيال الذي اسقط اليوم  قائد محور عزيز في حزب الله ابو نعمة ناصر،شهيدا.

اغتيال بدأ رد  الحزب عليه ، ولكن تحت سقف منع الانزلاق نحو الحرب.

مقدمة نشرة اخبار تلفزيون الجديد 

ثالث الاعمدة الصاروخية في المقاومة تستهدفه اسرائيل ضمن قائمة تصفيات القادة الميدانيين  محمد نعمة ناصر ابن حداثا الرقم الصعب الذي اقتنصته اسرائيل على طريق الحوش --صور واعلن جيشها انه قتل مسؤولا عن إطلاق الصواريخ   لكن المقاومة وقبل تحضير بيان النعوة للشهيد ابو نعمة أنعمت على اسرائيل بدفعة صواريخ طالت  ثكنة كريات شمونة  والتجهيزات التجسسية في المالكية وموقع الرمثا. 

واستكملت الدفعات التالية نحو مثلث الطيحات  والسماقة وصولا الى مقر فرقة الجولان في ثكنة نفح والدفاع الجوي والصاروخي في ثكنة كيلع  بمئة صاروخ .. ولا تزال الصليات مستمرة ، وأتبعت  النار بالمواقف المشتعلة اذ أعلنت عبر النائب حسن فضل الله أن  اغتيال القائد ناصر لن يدفعها الى التراجع او يضعفها وأن ردها العقابي آت. 

وقال إن المقاومة ولادة كفاءات وقيادات  فمن استشهد كان يربي  أجيالا من المقاومين . لا يقود خط النار هذا الى تفكيك قواعد الاشتباك المعتمدة منذ بدء الحرب على غزة ، لا بل إن الاسلاك الدبوماسية تفعلت في الساعات الاربع والعشرين الماضية وبدأت من الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون برئيس  الحكومة الاسرائيلية بنيامين  نتنياهو، وأكد فيه  الرئيس الفرنسي  ضرورة منع اشتعال الوضع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، معبرا عن قلقه البالغ إزاء تصاعد التوترات 

وشدد ماكرون على أهمية منع التطورات الخطرة التي قد تضر بمصالح لبنان وإسرائيل وتهدد الاستقرار الإقليمي كان هذا لتعبيد طريق اللقاء بين الموفد الاميركي اموس هوكستين والناشط الفرنسي على درب لبنان جان ايف لودريان  وما رشح عن الثنائية الفرنسية الاميركية في باريس هو  العمل على تخفيف التصعيد على الجبهة الجنوبية اللبنانية والتأكيد على ان امكانية الحل الدبوماسي لا تزال موجودة . 

واذا كانت قواعد الاشتباك لا تزال مضبوطة في جبهات القتال وتتقدم عليها المساعي الدبلوماسية، فإن القواعد السياسية أفلتت داخليا من حدودها ولاسيما على جبهتي القوات والتيار الوطني الحر . فجنوح النائب جبران باسيل نحو تسويات سياسية على الرئاسة وملفات اخرى دفعه الى التوسع نحو الحرب الشاملة مع معراب ، اما معارك الالغاء بين بكركي والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى فقد قاربت على اعلان الصفح وبادرت الكنيسة للمرة الثالثة الى زيارات ومواقف تعيد وصل ما انقطع 

وقام النائب البطريركي المطران بولس مطر  بزيارة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب ، وقالت مصادر الجديد إن غيمة الصيف شارفت على  نهايتها. وتولت النائبة ستريدا جعجع من جهتها رد الضيم عن القوات في موضوع بكركي، وقالت  إن الجميع يعلم مدى عمق العلاقة التاريخية مع الصرح، ولكن يبدو أن طباخي مطابخ البروباغاندا السوداء في هذه الأيام ليسوا "بشطارة" من سبقوهم "غيرن كان أشطر"  فيما أسندت الى النائب بيار بو عاصي مهام قصف التيار واعتباره كاذبا، واصفا جبران باسيل بالانحطاط ولا سيما في ملف  النازحين السوريين . 

وسوريا نازحة عن القصر الرئاسي تتعرض لحادث سير غامض الاسباب حتى الساعة،  واذ تخضع المستشارة الاعلامية لونا الشبل لعلاج دقيق في المستشفى فإن المعلومات تدفقت عن الاسباب والخلفيات، وعن علاقة المستشارة الرئاسية بالدولة الروسية  وسط تساؤلات حول ما اذا كانت لونا الشبل قررت الخروج من ذاك الاسد. 

 

مقالات مشابهة

  • وفاة أحمد رفعت: نجم كرة القدم الذي غادرنا وراءه تصريحات مؤثرة
  • مصطفى بكري لمصراوي: لولا نجاح 30 يونيو كانت هتتولد ثورة إسلامية في مصر
  • برناردو سيلفا يعلق على “دموع رونالدو”
  • مقدمات النشرات المسائيّة
  • حياة كريمة ترتقي بأطفال العشوائيات.. أحلامك أوامر
  • محمد احمد فؤاد امين الخبير العقاري يحتفل بعيد زواجه التاسع وبتلك المناسبة يكتب لزوجته
  • حتى لا ننسى غزة
  • أمي.. ظل لا يغيب
  • "كيف صنع العالم الغرب؟"
  • المغرب يختار شركة هندية لتوفير سكة القطار فائق السرعة القنيطرة مراكش