سودانايل:
2024-06-29@14:45:27 GMT

حمدوك وموسم الهجرة الى الجنوب

تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT

د. أحمد جمعة صديق

قبل تعيينه رئيساً للوزاء بالسودان، شغل حمدوك العديد من المناصب الإدارية الدولية حيث كان نائب الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا UNECA من2011 إلى أكتوبر 201 (UNECA . ووصفه موظفو لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا بأنه "دبلوماسي ورجل متواضع وعقل لامع ومنضبط".

وتوجت هذه الشهادة باختيار حمدوك من بين أكثر 50 شخصية مؤثرة في العالم حسب بلومبرج في العام 2020. ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا (UNECA) أوECA (بالفرنسية Commission économique pour l'Afrique. تأسست في عام 1958 من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة لتشجيع التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء (دول القارة الأفريقية) بناء على توصية من الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي واحدة من خمس لجان إقليمية.وتضم اللجنة الاقتصادية لأفريقيا 54 دولة عضوا، تقابل 54 دولة عضوا في الأمم المتحدة تقع داخل قارة أفريقيا أو في المحيطات القريبة من القارة. وتتمثل ولاية اللجنة الاقتصادية لأفريقيا في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأعضاء فيها، وتعزيز التكامل داخل المنطقة، وتعزيز التعاون الدولي من أجل تنمية أفريقيا. وفي تسعينيات القرن العشرين، شغل حمدوك مناصب عليا أولا في Deloitte and Touche ثم في منظمة العمل الدولية في زيمبابوي ، تليها عدة سنوات في بنك التنمية الأفريقي في كوت ديفوار. شغل حمدوك أيضاً منصب المدير الإقليمي لأفريقيا والشرق الأوسط في المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية من عام 2003 إلى عام 2008.
هذه المقدمة ليس لها ضرورة عملية بل القصد منها التذكير لنا نحن باننا قد وضعنا ثقلنا وثقتنا في الرجل كسياسي واقتصادي متمرس ومناسب لقيادة هذه المرحلة والقصد الثاني نريد ان نذكر الرجل (نفسه) بان هذا التاريخ الناصع الذي يحمله على أكتافه هو ايضاً (مسئولية تاريخية) وأداة أيضاً اذ استغلت بذكاء لتعينه في الاسراع بحل المشكلة السودانية. ويؤهله هذا التاريخ المشرف - على المدى البعيد، ان شاء الله - أن ينال احدي الحسنيين؛ أما جائزة نوبل للسلام أو منصب الأمين العام للأمم المتحدة، والمنصب نالته افريقيا مرتين فقط شغله المصري العربي بطرس بطرس غالي والغاني الافريقي كوفي عنان. ولعل للسودان نصيب فقد شهدت أروقة الأمم المتحدة ومنظماتها كثيراً من الكفاءات السودانية العديدة التي يمكن ترشيحها لهذا المنصب الكبير.
نريد ان نقول ان المام حمدوك بهذه الجغرافيا سيكون عاملاً فعالاً في تحريك أفريقيا نحو حل القضية السودانية باسرع ما يكون اذا أدركنا ما هي آليات التخاطب مع هذه الدول وآليات العمل السياسي والدبلوماسي وربما العسكري أيضاً ان اقتضى الأمر وقد سعدنا بعودة حمدوك مترأساً هذه المبادرة السودانية (تقدم) وشاء أن يكون مقرها دولة كينيا لما لهذه الدولة الافريقية الناهضة من تاريخ مشرف وفي تبنيها أخيراً للنهج الديموقراطي في الحكم - بغض النظر عن العثرات التي تحركها النعرات القبلية من آن لآخر. ونتوقع أن يكون لكينيا - رغم عدم الرضا التام عنها من حكومة البرهان – دور مهم في الشأن السوداني، فهي مؤهلة للعب هذا الدور، كدورها في هيتي؛ فقد أورد الدكتور (عبدالله على ابر اهيم) في (التغيير) بإنه وقع اختيار الأمم المتحدة علي كينيا في أكتوبر 2023 لتكون في قيادة قوة متعددة الجنسيات لمحاربة العصابات التي سيطرت على الدولة في هيتي، وكانت تقوم على هيتي حكومة غير منتخبة لا ولاية حقيقة لها على الأمر، فالعصابات تسيطر على الموانئ ومحطات الوقود وتدير أحياء المدن كما شاءت، وقد انعقدت مهمة القوة التي ستقودها كينيا على فرض النظام والقانون لتمهيد هيتي لانتخابات عامة، ورحب وزير خارجية كينيا بالتكليف “لأنه ليس عن السلام والأمن فقط، بل لإعادة بناء هيتي سياسياً وتطورها الاقتصادي واستقرارها الاجتماعي”، وهو تشريف يرفع سمعة كينيا بين الدول لخدماتها السابقة في بعثات السلام في بلدان مضطربة أخرى. وتاريخياً، لعبت كينيا أدواراً سياسية وعسكرية متنوعة في النزاعات الدولية وجهود حفظ السلام، خاصة داخل القارة الأفريقية والمجتمع العالمي بشكل عام فقد شاركت كينيا بنشاط في مهمات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية. شاركت قوات كينيا في مهمات حفظ السلام في بلدان مثل الصومال وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية. كما خدمت كينيا كوسيط في النزاعات الإقليمية. كما لعبت دوراً هاماً في التوسط في اتفاقية السلام الشاملة التي أنهت الحرب الأهلية في السودان وأدت إلى استقلال جنوب السودان في عام 2011. وشاركت كينيا في مبادرات الأمن الإقليمي التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب ومعالجة التهديدات الأمنية، فهي عضو مهم في ( (IGAD التي تعمل على قضايا تتعلق بالسلام والأمن والتكامل الاقتصادي في منطقة شرق أفريقيا. كما تحافظ كينيا على علاقات دبلوماسية مع العديد من الدول وتشارك بنشاط في المنتديات الدولية مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تدافع عن مصالحها وتساهم في المناقشات العالمية حول مختلف القضايا، بما في ذلك السلام والأمن. وعلى الرغم من أن كينيا عادة لم تشارك في تدخلات عسكرية مباشرة في النزاعات الدولية خارج مهمات حفظ السلام، فإن جهودها الدبلوماسية وحفظ السلام قد ساهمت في استقرار المنطقة وحل النزاعات.
اذن وجود (تقدم) وعلى راسها حمدوك في هذا البلد سيمنحهم حرية الحركة لتحريك الماء الراكد تحت اقدام (الايغاد) كقوة افريقية يمكن الاستعانة بها على كافة المحاور وبالتعاون مع الاتحاد الافريقي في التوسط او التفويض ان اقتضى الحال في التدخل في الشأن السوداني؛ والذي يبدو للناظر ان لا احد من الجنراليين المتحاربين يريد ان يرسي السلام، وهذا هو الشهر العاشر للحرب بكل كربها، فقد في الارواح والاموال والديار.
وفي ظني ان على حمدوك في قيادة ( تقدم) أن يرفعوا من سقف النشاط السياسي والدبلوماسي في أفريقيا، وقد حظي قبله قائد الدعم السريع باستقبالات حافلة حيث بدأ (حميدتي) منذ 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي جولات أفريقية حل خلالها ضيفاً على كل من أوغندا وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا. وقوبلت الزيارات باهتمام بالغ من المعنيين بالملف السوداني، وأثارت موجة من ردود الفعل تباينت بين الترحيب والتنديد، في حين عدها بعض المراقبين مؤشراً لتحديد مواقف هذه الدول المضيفة من أطراف الحرب في بلاد النيلين. وفي محطات جولاته المختلفة أكد حميدتي عبر حسابه في منصة إكس أنه قدم لمستضيفيه شرحاً لأسباب اشتعال الحرب، وخارطة الطريق التي يطرحها للوصول إلى الحل الشامل الذي يحقق السلام في السودان.كما ورد على لسان (عبد القادر محمد علي) بصفحة الجزيرة.نت. وفي ظني ومهما تباينت وجهات النظر في نشاط (حميدتي) ونجاحه في افريقيا فالرجل قد استقبل بصفته الشرعية كنائب لرئيس مجلس السيادة ورئيس اللجنة الاقتصادية أيضاً. وهذه الصور اللامعة هي نتاج عمل مستشاريه في ابراز قدراتهم في اقتناص الفرص وتسويق الرجل بأفضل ما يكون كزعيم وليس قائد مليشيات، كما يراه معظم السودانيين.
هذا الدور يجب ان يوازيه نشاط من قبل (تقدم) لمخاطبة هذه المنصة الافريقية الهامة للمساعدة في حل مشكلة السودان ، اذ يتطلب الصراع السوداني الذي يتسم بعقود من العنف وعدم الاستقرار والأزمات الإنسانية، انتباهاً عاجلاً وحلولاً فعّالة. وتمثل قيادة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في السودان فرصة هامة للتقدم ويستدعي تعقيد المشهد نهجاً شاملاً يتجاوز الحدود الوطنية. وعليه نرى لحل مشكلة الحرب في السودان بشكل فعّال وسريع، انه يجب على حمدوك أن يعطي الأولوية للتفاعل مع أصحاب المصلحة الأفارقة والهيئات الإقليمية. فمن خلال استغلال القيادة الأفريقية وتعزيز التعاون الإقليمي، يمكن للسودان أن يسعى نحو سلام مستدام واستقرار وتنمية، في اطار السياق التاريخي للصراع السوداني.
وقد قصدنا بعنوان المقال- موسم الهجرة الى الجنوب- ان نؤكد ان المنحي التاريخي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتوجه بقضايانا وتوجهاتنا وآمالنا نحو الشمال العربي بالتحديد لم تكن يوماً محل اعتبار في السياسية الاقليمية لهذه الدول. لقد كان السودان يلعب (الدور الرمادي) طوال تاريخه السياسي - واظن هذ التعبير للاخ دكتور الباقر العفيف - مع الدول العربية بالذات وخاصة مصر والتي كان ينبغي لها ان تلعب دور الاخ الاكبر بكل صدق، ولكن لم (يصدق) أي سياسي مصري للعب هذا هذا الدور من فجر التاريخ الى يومنا الحاضر. فنظرة اليمين المصري واليسار المصري لا تختلف كثيراً عن نظرة الاخوان المسلمين أو العسكريين في النظر الى السودان، باعتباره الحديقة الخلفية الأبدية لمصر. والاستراتيجية المصرية تقوم على واقع مياه النيل باعتباره خط أحمر لا يجرؤ احد بالقرب منه، كما سطر بعض المؤرخيين والجغرافيين المصريين في بعض ادبياتهم. وكما سمعت – واحتاج هنا الى تأكيد نفي أو اثبات هذه المعلومة - أن زراعة فدان واحد في السودان تكون خصماً على زراعة 7 أفدنة في مصر، فان كان الامر كذلك؛ ستظل مصر تصطاد في الماء العكر (بتاع) السودان الى يوم الدين. وهي لن تكون أبداً نصيراً لقضايانا الآنية أو الآجلة!!

دعونا نبدأ (موسم الهجرة الى الجنوب) فهذا ما وصل اليه مصطفى سعيد بعد جهد جهيد كما وصلنا نحن الآن الى أن ال(Literature is more real than life) .

aahmedgumaa@yahoo.com
/////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الاقتصادیة لأفریقیا للأمم المتحدة الأمم المتحدة حفظ السلام فی السودان هذه الدول

إقرأ أيضاً:

الشعب قال كلمته.. لماذا رفض الرئيس الكيني قانونا للضرائب يؤيده؟

تراجع الرئيس الكيني وليام روتو، مساء الأربعاء، عن الإصلاحات الضريبية المثيرة للجدل التي دافع عنها في مواجهة المعارضة العامة، بعد أن تحولت الاحتجاجات الجماهيرية إلى أعمال عنف في اليوم السابق، مما أسفر عن مقتل 23 شخصًا، وفقًا للجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان.

وتساءلت مراسلة الجزيرة الإنجليزية شولا لاوال في تقريرها عن أسباب التحول الذي حدث في موقف الرئيس روتو، مشيرة إلى شكوك بشأن وفائه وثباته على هذا الموقف.

وقال روتو، في مؤتمر صحفي مساء أمس، قبل 24 ساعة فقط من تعهد المتظاهرين بالنزول إلى الشوارع مرة أخرى "لقد قال الناس كلمتهم. أنا أتنازل"، وكان الاعتراف بالهزيمة أمرا نادرا بالنسبة لسياسي لا يتراجع عن موقفه.

والموقف الجديد بمثابة تحول حاد عن خطابه الذي ألقاه قبل أقل من يوم واحد، عندما تبنى، بعد أعمال العنف، موقفا حازما يكاد يكون تهديدا تجاه المتظاهرين حيث اتهم أفرادا "خونة" بمحاولة "زعزعة الأمن والاستقرار"، كما أمر بنشر الجيش حسب محللين وهي خطوة وصفت بالمتعجرفة.

الرئيس وليام روتو أعلن عن تراجعه عن فرض الضرائب رغم تشكيك خبراء (رويترز)

وأثار تغير موقف الرئيس روتو يوم الأربعاء – كما يقول محللون- تساؤلات عن أسباب ذلك، بالنظر لماضي تعهداته عندما انتخب قبل عامين حيث وعد بالقضاء على الفساد وسوء الإدارة.

وقالت ويليس أوكومو، الباحثة البارزة في معهد الدراسات الأمنية الأفريقية للجزيرة "لا أعتقد أنه (موقف) حقيقي، أعتقد أنه يشتري الوقت فقط. أعتقد أنه أبلغ بأن هذا الأمر مضر سياسيا، وعلى الأرجح أن الضغوط الغربية لعبت دورا. لقد كان بحاجة إلى تثبيت السفينة".

وأثارت رسائل روتو المتشددة بشأن الأمن في خطابه يوم الثلاثاء انتقادات من اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان، التي وصفتها بأنها لا تستشعر حساسية الوضع ومحرضة. وقالت اللجنة إنها غذت عمليات القتل في إحدى ضواحي نيروبي، بعد ساعات من وقوع المظاهرات التي فرّقتها الشرطة بإطلاق النار.

متشدد محبوب من الغرب

كما اعتبر بعض الخبراء أن مدلول خطاب الرئيس يشير إلى انفصاله عن واقع الكينيين. كما سلط ذلك الضوء على صورة روتو في كينيا، كشخص غير مرن، ولكنه يتمتع بشرعية من الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، على الرغم من التاريخ الطويل من التورط المزعوم في أعمال العنف الانتخابي.

ودفعت بعض هذه الادعاءات المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق مع روتو بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وتم إسقاط هذه التهم عام 2016 لعدم كفاية الأدلة.

وقال أوكومو من معهد الدراسات الأمنية "بالنسبة لأولئك الذين عرفوه منذ فترة طويلة، فإننا نعرف أن روتو زعيم متشدد. لقد فوجئنا دائمًا بأن الغرب احتضنه. هم يعرفون من هو، ولكن لأنه يقود المصالح الغربية، فإنهم يغضون النظر عنه".

منذ انتخابه في عام 2022، اقترب روتو من القوى الغربية، وقدّم نفسه على أنه تقدمي فيما يتعلق بتغير المناخ، ورفض الانضمام إلى معظم الدول الأفريقية في إدانتها الصريحة لإسرائيل بسبب الحرب على غزة، وبدلاً من ذلك أعلن موقفًا أكثر حيادية.

وبالنسبة للولايات المتحدة على وجه الخصوص، برز روتو باعتباره الزعيم الأكثر قدرة على البقاء في شرق أفريقيا، والذي يستحق ولاؤه الدعم، في منطقة حيث علاقات واشنطن مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني ورئيس رواندا بول كاغامي متوترة.

قوات من الشرطة الكينية في طريقها إلى هاييتي للمساعدة في حفظ الأمن هناك (رويترز)

يوم الثلاثاء، وصل فريق من الشرطة الكينية يقود مهمة تدعمها الأمم المتحدة إلى هاييتي المضطربة، بعد سعي روتو الدؤوب للتوصل إلى صفقة فريدة من نوعها لدولة أفريقية. وتحظى هذه المهمة بدعم وتمويل كبيرين من الولايات المتحدة.

وفي وقت سابق من شهر مايو/أيار، احتفل الرئيس الأميركي جو بايدن بروتو والسيدة الأولى راشيل روتو في حفل عشاء رسمي فخم – وهو الأول من نوعه لزعيم أفريقي منذ 16 عاما.

ثم منح بايدن كينيا لقب "الحليف غير الرئيسي في حلف شمال الأطلسي" – وهي خطوة كبيرة من المتوقع أن تعزز التعاون الأمني ​​الوثيق بالفعل مع نيروبي. وأدرجت الولايات المتحدة هذا التصنيف رسميا يوم الاثنين.

هل التراجع بسبب الضغط الغربي؟

في الداخل، واجه روتو انتقادات متزايدة، بلغت ذروتها في الاحتجاجات الحاشدة التي هزت كينيا خلال الأيام العشرة الماضية. كان الغضب من خطط الرئيس في جمع الضرائب يغلي منذ فترة طويلة، وخاصة بين الشباب الكينيين. ويتهم كثيرون روتو بالفشل في الوفاء بوعوده الانتخابية للقضاء على الفساد.

في الواقع، خلال حملته الانتخابية، صوّر نائب الرئيس السابق نفسه على أنه دخيل على مصفوفة السلطة التي كانت لفترة طويلة الدعامة الأساسية للسياسة الكينية، حيث تسيطر حفنة من العائلات ذات النفوذ السياسي على السلطة. ووعد بتخفيف الظروف المعيشية الصعبة لأصحاب الدخل المنخفض من خلال قمع الفساد المتأصل الذي أضعف المؤسسات في كينيا.

المتظاهرون أشعلوا النيران في بعض المباني بينها جزء من البرلمان (غيتي)

كما وعد بإصلاح الشرطة التي تعرضت لانتقادات طويلة بسبب وحشيتها، والحد من الهدر الحكومي، وتحرير البلاد من ديونها الضخمة البالغة 82 مليار دولار.

ومع ذلك، يقول المنتقدون إنه لم ينفذ هذه الوعود. ويقولون إن ما أثار غضب الكثيرين على وجه الخصوص هو الزيادات المتكررة في الضرائب مع عدم وجود تحسينات مقابلة في المرافق الاجتماعية.

وبالفعل، ضاعف قانون عام 2023 الضرائب على الوقود، وتم إعداد المسودة الأولية لمشروع قانون المالية لهذا العام لزيادة ضريبة الوقود. يأتي كل هذا وسط أزمة اقتصادية مريرة أدت إلى انخفاض قيمة الشلن الكيني بنسبة 22% مقابل الدولار الأميركي منذ عام 2022، مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنقل والطاقة، في حين ظل الدخل على حاله إلى حد كبير.

في البداية، برر روتو الزيادات الضريبية قائلا إنها ضرورية لتغطية ديون كينيا، حيث واجهت البلاد موجة جفاف شديدة في عام 2022 وبعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا تعطلت واردات الغذاء.

وقال روتو يوم الأربعاء "من المفيد أنه مقابل كل 100 شلن نجمعها كضرائب، ندفع 61 شلنًا للديون"، مبررًا سبب دعمه للإصلاحات الضريبية. ومع ذلك، قال النقاد منذ فترة طويلة إن هناك هدرًا هائلاً في الإنفاق العام يمكن أن يعوض الديون.

ويُنظر إلى روتو على نطاق واسع في كينيا على أنه دائم السفر بالطائرات الكبيرة، ويطلق عليه منتقدوه لقب "الرئيس الطائر". وفي حين أن هذا السفر قد جلب له الانتقادات، فإنه يبرر ذلك بأن زياراته الخارجية ضرورية لجذب الاستثمارات إلى الدولة التي تعاني من ضائقة مالية.

كما يتهم المنتقدون الرئيس بالخضوع للمؤسسات التي يقودها الغرب مثل صندوق النقد الدولي الذي دعم البلاد في الإصلاحات الضريبية المرفوضة الآن، كجزء من تسهيل قرض قال الرئيس إنه ضروري "للحفاظ على القدرة على تحمل الديون".

في أبريل/نيسان، قال صندوق النقد الدولي إن هناك عجزًا كبيرًا في تحصيل الضرائب من شأنه أن يبقي احتياجات الاقتراض المحلي في كينيا مرتفعة مع تشديده أيضًا على الحاجة لخفض الهدر الحكومي.

ويقول خبراء إن الاحتجاجات المناهضة للضرائب، والتي بدأت في عام 2023 بعد الزيادة الأولى، تشير إلى تحول كبير في كينيا حيث كان معظم الناس في السابق يتقبلون أوجه القصور في الحكومة.

وقالت نانجالا نيابولا، الباحثة السياسية والكاتبة "السبب وراء وجود الكثير من الشباب في الشوارع هو أنهم يقولون الأشياء كما يرونها. لقد اعتاد الكينيون الأكبر سنا على الفجوة القائمة بين ما يعد به السياسيون وما يقدمونه. ولكن الشباب لم يتقبلوا ذلك".

ومع تصاعد الاحتجاجات الأسبوع الماضي، حاول روتو في البداية استخدام نبرة تصالحية، مشيرا إلى احترام الحكومة لحق الاحتجاج. ولكن يوم الثلاثاء، بعد أن فتحت الشرطة النار على المتظاهرين، بدا أن الصورة التي سعى إلى تقديمها تتفكك لدى حلفاء كينيا الغربيين.

الشرطة الكينية تتصدى للمتظاهرين في بعض أحياء العاصمة (وكالة الأناضول)

وقال بيان مشترك صادر عن سفارات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والعديد من الدول الغربية الأخرى "نلاحظ أن الدستور الكيني يضمن الحق في الاحتجاجات السلمية. تؤسفنا الخسائر المأساوية في الأرواح والإصابات، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية… ونشعر بقلق بالغ إزاء مزاعم اختطاف المتظاهرين".

وقال خبراء إن رد الفعل هذا يبدو أنه ضغط على حكومة الرئيس روتو للتصرف بمزيد من ضبط النفس، ومن المحتمل أن يكون السبب في تخفيف لهجته يوم الأربعاء، حيث وصف المتظاهرين بـ"أبنائنا وبناتنا".

بالإضافة إلى التراجع، أعلن روتو أيضًا عن تخفيضات في الإنفاق الحكومي على السفر والضيافة. ومع ذلك، قال بعض المحللين إن لديهم القليل من الثقة في أن روتو سوف يفي بوعوده. وقال ويليس من معهد الدراسات الأمنية "لا أعتقد أنه سينفذها. لقد ظل رئيسا لمدة عامين ولم ينفذ أيا مما وعد به".

وقالت نيابولا، "رغم التراجع، لن يكون من السهل على روتو استعادة مصداقيته أمام الشعب الكيني. ووصفت موقفه الجديد بأنه "يستجيب بالتأكيد للعديد من المظالم التي أثارها المتظاهرون، ولكن ليس كلها".

مقالات مشابهة

  • في رسالة إلى مجلس الأمن.. الإمارات تدفع مجدداً من أجل تعزيز السلام في السودان
  • في رسالة إلى مجلس الأمن .. الإمارات تدفع مجددا من أجل تعزيز السلام، وتشدد على أن استمرار العنف يؤكد بأن أيا من الأطراف المتحاربة لا يمثل الشعب السوداني
  • بايدن يتهم ترامب بـ"المبالغة" و"الكذب" بشأن الهجرة
  • عاجل.. «بايدن»: لن نغير سياستنا بشأن الهجرة وسنؤمن حدود أمريكا
  • من تحديات التحول الديمقراطي في السودان «2–4»
  • الجزائر: السلام في اليمن بناء على المرجعيات أمر أساسي للإستقرار في المنطقة
  • الأمم المتحدة: أكثر من نصف السودانيين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد
  • الشعب قال كلمته.. لماذا رفض الرئيس الكيني قانونا للضرائب يؤيده؟
  • لانا نسيبة وسلطان الشامسي يختتمان زيارتهما إلى نيويورك.. ويوقعان اتفاقيات مع هيئات الأمم المتحدة الرئيسية من أجل دعم الجهود الإنسانية في السودان
  • منظمة الهجرة الدولية: السودان يمثل أكبر أزمة نزوح في العالم