ما مدى مضاعفة السيئات كالحسنات في شهر رمضان المبارك| الإفتاء ترد
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة: هل تضاعف السيئات في شهر رمضان؟ فقد دار حوار بيني وبين أحد الأصدقاء حول مدى مضاعفة السيئات في شهر رمضان، كما هو الحال في مضاعفة الحسنات، فما صحة ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: من المقرر شرعًا أنَّ الحسنات تتضاعف لفاعلها، وتزداد المضاعفة ويكثر الأجر في الأمكنة والأزمنة الفاضلة كشهر رمضان، وكذلك السيئة تتضاعف كالحسنة بالأزمنة الفاضلة، إلَّا أنَّ الحسنة تتضاعف كيفًا وكمًّا، بينما السيئة تتضاعف كيفًا لا كمًّا، أي في الكيفية وعِظَمِها دون الكمية والعدد.
مدى مضاعفة الحسنات والسيئات في شهر رمضان المبارك
من المقرر شرعًا أنَّ الحسنات تتضاعف لفاعلها، كما قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: 245]، وقوله تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: 160]، وتزداد المضاعفة ويكثر الأجر في الأمكنة والأزمنة الفاضلة كشهر رمضان.
قال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (2/ 385، ط. المكتب الإسلامي) [(وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان) فاضل كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد، (وبزمان فاضل) كيوم الجمعة، والأشهر الحرم ورمضان. أما مضاعفة الحسنة، فهذا مما لا خلاف فيه] اهـ.
كما قرر المحققون من الفقهاء أن السيئة أيضًا تتضاعف بالزمان والمكان الفاضل كالحسنة.
قال العلامة البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 488، ط. عالم الكتب): [إنَّ الحسنات والسيئات تتضاعف بالزمان والمكان الفاضل] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (2/ 385): [وأما مضاعفة السيئة، فقال بها جماعة تبعًا لابن عباس وابن مسعود، ذكره القاضي وغيره، وابن الجوزي والشيخ تقي الدين] اهـ.
وذلك لما رُوِيَ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ قالَ: «إِنَّ أُمَّتِي لَنْ تَخْزَى مَا أَقَامُوا صِيَامَ رَمَضَانَ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا خِزْيُهُمْ فِي إِضَاعَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: «انْتِهَاكُ الْمَحَارِمِ فِيهِ، مَنْ عَمِلَ فِيهِ زِنًا أَوْ شَرِبَ خَمْرًا لَعَنَهُ اللَّهُ، وَمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَلَيْسَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنَةٌ يَتَّقِي بِهَا النَّارَ، فَاتَّقُوا شَهْرَ رَمَضَانَ، فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ فِيهِ مَا لَا تُضَاعَفُ فِيمَا سِوَاهُ، وَكَذَلِكَ السَّيِّئَاتُ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" و"المعجم الصغير"، وابن شاهين في "فضائل رمضان"، والأصبهاني في "الترغيب والترهيب". إلا أن الحسنة تتزايد كيفًا وكمًّا، بينما السيئة تتزايد كيفًا لا كمًّا، بمعنى أنها تتزايد في كيفيتها فقط، فتكون مغلظة في الأمكنة والأزمنة الفاضلة، فمن يرتكب إثمًا في المسجد الحرام أو في شهر رمضان فذنبه مغلظ.
قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام" (ص: 52، ط. مكتبة طيبة) -عقب الحديث السابق-: [ينبغي حمل مضاعفة السيئات على مقابلها دون الزيادة على كميتها، لقوله تعالى: ﴿فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا﴾.
وكذا يقال بمثل ذلك في السيئات في حرم مكة. وقول مجاهد وغيره رحمهم الله تعالى بمضاعفتها فيه، إن أرادوا به ما ذكرته كان قريبًا، أو زيادة كميتها على مائة ألف في مقابلة السيئة الواحدة كالحسنة، كان بعيدًا من ظواهر نصوص الكتاب والسُّنَّة] اهـ.
وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 52، ط. مؤسسة الرسالة) عند كلامه عن "اختياره سبحانه وتعالى من الأماكن والبلاد خيرها وأشرفها": [ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمَن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات] اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/ 316- 317، ط. مؤسسة الرسالة) عند شرحه للحديث السابع والثلاثين: [النوع الثاني: عمل السيِّئات، فتكتب السيِّئةُ بمثلها مِنْ غير مضاعفةٍ، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.
وقوله: "كتبت له سيِّئة واحدة" إشارةٌ إلى أنَّها غيرُ مضاعفة، ما صرَّح به في حديث آخر، لكن السَّيِّئة تعظُمُ أحيانًا بشرف الزَّمان أو المكان، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (2/ 386): [وقال بعض المحققين: قول مجاهد وأحمد تبعًا لابن عباس وابن مسعود في تضعيف السيئات: إنما أرادوا مضاعفتها في الكيفية دون الكمية] اهـ.
وقال أيضًا: [قال المصنف -أي: العلامة مرعي الكرمي المقدسي الحنبلي-: (وقد أوضحته)، أي: هذا المقام (في) كتابي "(تشويق الأنام) في الحج إلى بيت الله الحرام"، وعبارته: تنبيه: اعلم وفقك الله تعالى أنه لا خصوصية لمضاعفة الحسنات هنا، بل والسيئات كذلك، فقد علم من الشريعة الغراء، والملة الزهراء، تضاعف الذنب في شرائف الزمان والأحوال، فكذا في شرائف الأمكنة... فأي مكان أو زمان فيه الشرف أكثر، فالمعصية فيه أفظع وأشنع؛ لأنَّ الشامة السوداء في البياض أظهر، ألَا ترى إلى قولهم: حسنات الأبرار سيئات المقربين] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فی شهر رمضان قال العلامة السیئات فی اهـ وقال ر م ض ان وقال ا
إقرأ أيضاً:
ما هي مفطرات الصائم في رمضان؟.. الإفتاء توضح
شهر رمضان 2025.. أوضحت دار «الإفتاء»، أن هناك ستة أفعال ينبغي على الصائم أن يتجنبها في نهار رمضان، ليصح صومه، بعيدا عن الأفعال التي تفسد الصيام خلال شهر رمضان، والمفطرات هي 6 أمور، أولها القيء عمدًا في نهار رمضان.
وفيما يلي نوضح المفطرات الستة التي حددتها دار الإفتاء وهي كالتالي:
مفطرات شهر رمضانأكل وشرب الصائم متعمدًا في نهار رمضان.
أكل وشرب الصائم ناسيًا في نهار رمضان.
الجماع عمدًا في نهار رمضان.
تعمد القيء في نهار رمضان.
الحيض والنفاس أثناء الصيام.
ن
مَنْ أَكَلَ أو شَرِبَ متعمدًا في نهار رمضان أفطر بإجماع العلماء، وعليه قضاء يوم فقط في بعض المذاهب، وهو المفتى به، وقضاء يوم مع الكفارة في بعض المذاهب، والكفارة صوم ستين يومًا متتابعة أو إطعام ستين مسكينًا إن لم يستطع الصوم، والجميع متفق على أن من أكل أو شرب عامدًا في نهار رمضان مذنب وآثم لانتهاك حرمة الصوم.
أكل وشرب الصائم ناسيًا في نهار رمضانأما من أكل أو شرب ناسيًا فإن صومه يبطل في مذهب الإمام مالك، ويجب عليه إمساكُ بقية يومه وعليه القضاء فقط، أما عند غير مالك فإن الأكل أو الشرب ناسيًا لا يبطل الصوم وليس فيه قضاء وصيامه صحيح، وهو المترجح لنا.
الجماع عمدًا في نهار رمضانومن مبطلات الصوم: الجماع عمدًا في نهار رمضان، ومن يفعل ذلك فعليه القضاء والكفارة في جميع المذاهب، ولكن هل الكفارة على الزوج والزوجة معًا؟ بعض المذاهب ترى ذلك، وبعضها ترى الكفارة على الزوج، أما الزوجة فعليها القضاء فقط، وإن كان الاثنان شريكين في الإثم والمعصية.
تعمد القيء في نهار رمضانمن مبطلات الصوم: تعمد القيء، وكل ما يصل إلى الجوف من السوائل أو المواد الصلبة فهو مبطل للصوم وإن اشترط الحنفية والمالكية في المواد الصلبة الاستقرار في الجوف. والكحل إذا وُضِع نهارًا ووُجِد أثرُه أو طعمُه في الحلق أبطل الصوم عند بعض الأئمة، وعند أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما أن الكحل لا يفطر حتى لو وُضِع في نهار رمضان، ويستدلان لمذهبهما بما رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أنه كان يكتحل في رمضان، وهو المترجح عندنا.
الحيض والنفاس أثناء الصيامومن المبطلات للصوم: الحيض والنفاس.
ومن المبطلات للصوم أيضا:
دواء الغرغرة، الإبر المغذية، التدخين، إضافة إلى القيء عمداً، أمّا إذا كان بغير عمد فلا يفطر إلا إذا ابتلع منه شيئا بعد إمكان طرحه، وقطرة الأنف (إذا وصلت إلى الحلق)، وأخيراً استنشاق البخور عمداً، أي إذا استنشق الصائم الدخان الذي يخرج من المبخرة مباشرة، أما مجرد شم رائحته فلا يفطر.
وهناك بعض الأمور التي يعتقد المسلم أنها تفسد الصيام ولكن في الحقيقة يكون صومه صحيح من هذه الأمور مايلي:
الأمور التي لا تُفسد الصيام وتتسبب في إفطار الصائم، إجراء تحليل الدم، وضع كحل للعين، قلع الضرس مع خروج الدم، تزيّن المرأة بالمكياج، واستعمال التحاميل الشرجية أو المهبلية، واستعمال الإبر العضلية أو الوريدية أو الجلدية العلاجية، الاحتلام، تعاطي إبر الأنسولين لمريض السكري، استخدام لصقات النيكوتين، الاستحمام، استعمال العطور، بلع الريق، استخدام الكريمات والمراهم على سطح الجلد، استخدام المعقمات التي تحوي كحولا.
استخدام الصائم المريض لـ«الأوكسجين» يعد من غير المفطرات، إذا كان مجرد هواء، أما إذا صحبه رذاذ أو دواء ووصل الرذاذ أو الدواء للحلق فيكون «مفطراً»، السباحة والغوص لا يفطران، لكنه فضّل أن يتركهما الصائم أثناء الصيام، مخافة أن يعرض صومه للفساد.
استعمال الصائم معجون الأسنان لا يُفطر إذا لم يصل إلى الحلق، لكن يفضل عدم استعماله خلال وقت الصيام، تذوق الطعام من غير بلع «لا يفطر»، على ألّا يفعله الصائم إلّا لحاجة.
تزين المرأة بـ«أحمر الشفاه» أو استخدامها المرطب، لا يفطر، بشرط عدم ابتلاع شيء منه، الأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية «لا تفطر»، إلا إذا ابتلع الصائم شيئا مما يتحلل منها، وكذلك قطرتا العين والأذن، «لا تفطران» إلا إذا أحس الصائم بطعمهما في حلقه فيلزمه القضاء.
استخدام الصائم السواك لتنظيف أسنانه خلال الصيام، لا يفطر، إلّا إذا كان السواك رطباً ووصل شيء من مائه أو فتاته للحلق، «البخاخ» المخصص لعلاج مرضى الربو، لا يفطر طالما لم يشعر الصائم بالطعم في حلقه.
اقرأ أيضاًشهر رمضان.. سنن مهجورة عن النبي تنقص أجر الصيام «لا تفوتك»
مواعيد الإمساك اليوم في مصر.. إمساكية شهر رمضان 2025
حالة طوارىء داخل مستشفيات القصر العينى خلال شهر رمضان وعيد الفطر