أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة: هل تضاعف السيئات في شهر رمضان؟ فقد دار حوار بيني وبين أحد الأصدقاء حول مدى مضاعفة السيئات في شهر رمضان، كما هو الحال في مضاعفة الحسنات، فما صحة ذلك؟".

لترد دار الإفتاء موضحة: من المقرر شرعًا أنَّ الحسنات تتضاعف لفاعلها، وتزداد المضاعفة ويكثر الأجر في الأمكنة والأزمنة الفاضلة كشهر رمضان، وكذلك السيئة تتضاعف كالحسنة بالأزمنة الفاضلة، إلَّا أنَّ الحسنة تتضاعف كيفًا وكمًّا، بينما السيئة تتضاعف كيفًا لا كمًّا، أي في الكيفية وعِظَمِها دون الكمية والعدد.

لو فاتتك ليلة النصف من شعبان فلا تحزن عليك بهذا الأمر.. علي جمعة يوضح لو فاتك النصف الأول من شعبان.. عبادات مستحبة بالنصف الثاني (بادر بفعلها)


مدى مضاعفة الحسنات والسيئات في شهر رمضان المبارك

من المقرر شرعًا أنَّ الحسنات تتضاعف لفاعلها، كما قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: 245]، وقوله تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: 160]، وتزداد المضاعفة ويكثر الأجر في الأمكنة والأزمنة الفاضلة كشهر رمضان.

قال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (2/ 385، ط. المكتب الإسلامي) [(وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان) فاضل كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد، (وبزمان فاضل) كيوم الجمعة، والأشهر الحرم ورمضان. أما مضاعفة الحسنة، فهذا مما لا خلاف فيه] اهـ.

كما قرر المحققون من الفقهاء أن السيئة أيضًا تتضاعف بالزمان والمكان الفاضل كالحسنة.

قال العلامة البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 488، ط. عالم الكتب): [إنَّ الحسنات والسيئات تتضاعف بالزمان والمكان الفاضل] اهـ.

وقال العلامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (2/ 385): [وأما مضاعفة السيئة، فقال بها جماعة تبعًا لابن عباس وابن مسعود، ذكره القاضي وغيره، وابن الجوزي والشيخ تقي الدين] اهـ.

وذلك لما رُوِيَ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ قالَ: «إِنَّ أُمَّتِي لَنْ تَخْزَى مَا أَقَامُوا صِيَامَ رَمَضَانَ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا خِزْيُهُمْ فِي إِضَاعَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: «انْتِهَاكُ الْمَحَارِمِ فِيهِ، مَنْ عَمِلَ فِيهِ زِنًا أَوْ شَرِبَ خَمْرًا لَعَنَهُ اللَّهُ، وَمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَلَيْسَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنَةٌ يَتَّقِي بِهَا النَّارَ، فَاتَّقُوا شَهْرَ رَمَضَانَ، فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ فِيهِ مَا لَا تُضَاعَفُ فِيمَا سِوَاهُ، وَكَذَلِكَ السَّيِّئَاتُ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" و"المعجم الصغير"، وابن شاهين في "فضائل رمضان"، والأصبهاني في "الترغيب والترهيب". إلا أن الحسنة تتزايد كيفًا وكمًّا، بينما السيئة تتزايد كيفًا لا كمًّا، بمعنى أنها تتزايد في كيفيتها فقط، فتكون مغلظة في الأمكنة والأزمنة الفاضلة، فمن يرتكب إثمًا في المسجد الحرام أو في شهر رمضان فذنبه مغلظ.

قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام" (ص: 52، ط. مكتبة طيبة) -عقب الحديث السابق-: [ينبغي حمل مضاعفة السيئات على مقابلها دون الزيادة على كميتها، لقوله تعالى: ﴿فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا﴾.

وكذا يقال بمثل ذلك في السيئات في حرم مكة. وقول مجاهد وغيره رحمهم الله تعالى بمضاعفتها فيه، إن أرادوا به ما ذكرته كان قريبًا، أو زيادة كميتها على مائة ألف في مقابلة السيئة الواحدة كالحسنة، كان بعيدًا من ظواهر نصوص الكتاب والسُّنَّة] اهـ.

وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 52، ط. مؤسسة الرسالة) عند كلامه عن "اختياره سبحانه وتعالى من الأماكن والبلاد خيرها وأشرفها": [ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمَن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات] اهـ.

وقال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/ 316- 317، ط. مؤسسة الرسالة) عند شرحه للحديث السابع والثلاثين: [النوع الثاني: عمل السيِّئات، فتكتب السيِّئةُ بمثلها مِنْ غير مضاعفةٍ، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.

وقوله: "كتبت له سيِّئة واحدة" إشارةٌ إلى أنَّها غيرُ مضاعفة، ما صرَّح به في حديث آخر، لكن السَّيِّئة تعظُمُ أحيانًا بشرف الزَّمان أو المكان، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾] اهـ.

وقال العلامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (2/ 386): [وقال بعض المحققين: قول مجاهد وأحمد تبعًا لابن عباس وابن مسعود في تضعيف السيئات: إنما أرادوا مضاعفتها في الكيفية دون الكمية] اهـ.

وقال أيضًا: [قال المصنف -أي: العلامة مرعي الكرمي المقدسي الحنبلي-: (وقد أوضحته)، أي: هذا المقام (في) كتابي "(تشويق الأنام) في الحج إلى بيت الله الحرام"، وعبارته: تنبيه: اعلم وفقك الله تعالى أنه لا خصوصية لمضاعفة الحسنات هنا، بل والسيئات كذلك، فقد علم من الشريعة الغراء، والملة الزهراء، تضاعف الذنب في شرائف الزمان والأحوال، فكذا في شرائف الأمكنة... فأي مكان أو زمان فيه الشرف أكثر، فالمعصية فيه أفظع وأشنع؛ لأنَّ الشامة السوداء في البياض أظهر، ألَا ترى إلى قولهم: حسنات الأبرار سيئات المقربين] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی شهر رمضان قال العلامة السیئات فی اهـ وقال ر م ض ان وقال ا

إقرأ أيضاً:

قبل بدء شهر رمضان 2025.. حكم صيام يوم الشك | الإفتاء توضح

صيام يوم الشك.. أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم صيام يوم الشك، وذلك تزامناً مع قرب قدوم شهر شعبان 1446هـ وشهر رمضان الكريم 2025.

صيام يوم الشك

وكشفت دار الإفتاء أن صيام يوم الشك، هو يوم 30 من شهر شعبان، إذا تردّد الناس في كونه من رمضان، ذلك لأن الشهر قد يكون 29 يومًا، وقد يكون 30 يومًا.

حكم صيام يوم الشك حكم صيام يوم الشك

وأكدت الإفتاء المصرية أنه لا يجوز صيام يوم الشك احتياطًا عن رمضان، وإنما يجوز صيامه لمن وافق يوم عادته في الصيام كالاثنين والخميس، أو صومه لنذر أو كفارة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه».

حكم صيام يوم الشك ما حكم صيام يوم الشك؟

وقالت دار الإفتاء عن ما حكم صيام يوم الشك، أن صيام يوم الشك يختلف حكمه بحسب قصد الصائم على ثلاثة أحوال:

- أحدهم يصوم بنية رمضانية احتياطًا لرمضان فهذا «منهي عنه».

- الثاني يصوم بنية الندب أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة، وهذا جائز عند الجمهور ولكن مكروه عند أبي حنيفة والشافعي.

- الثالث يصوم بنية التطوع المطلق فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر ومنهم الحسن وإن وافق صومًا كان يصومه.

حكم صيام يوم الشك صيام يوم الشك عند الشافعي والأوزاعي

وأضافت الإفتاء أن فرق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا وكذلك يفرق بين صيام يوم الشك بأكثر من يومين ووصله برمضان فلا يكره أيضا، إلا عند من كره الابتداء بالتطوع بالصيام بعد نصف شعبان، فإنه ينهى عنه إلا أن يبتدئ الصيام قبل النصف ثم يصله برمضان.

حكم صيام يوم الشك سبب كراهة صيام يوم الشك

وتابعت دار الإفتاء: لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة لمن ليس له عادة أو سبب، فالجواب أنّ ذلك كما قال ابن رجب الحنبلي بتصرف في كتابه لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف لمعانٍ منها: أحدها: لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه، كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى.

وحذر مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم، ولهذا نهي عن صيام يوم الشك، قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

والمعنى الثاني الفصل بين صيام الفرض والنفل، فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع، ولهذا حرم صيام يوم العيد، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام.

اقرأ أيضاًحسام موافي: صيام رمضان أسهل من التطوع لهذا السبب (فيديو)

صيام رمضان لمرضى السكري.. نصائح مهمة من «الصحة» لتفادي المخاطر

صيام رمضان 2024.. هل الغيبة والنميمة تبطل الصيام؟

مقالات مشابهة

  • فلكي يمني يكشف عن أول أيام شهر رمضان المبارك   
  • حكم صيام شهر شعبان كاملا | الإفتاء توضح
  • حكم الإيمان بالغيبيات بالشرع الشريف والسنة
  • موعد استطلاع هلال شهر شعبان.. دار الإفتاء تعلنه رسميًا اليوم
  • ترقب وقلق لدى الأسر المغربية من أسعار المواد الاستهلاكية خلال رمضان المبارك
  • قبل بدء شهر رمضان 2025.. حكم صيام يوم الشك | الإفتاء توضح
  • عدد ركعات صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك
  • دار الإفتاء المصرية تستطلع هلال شهر شعبان غدًا
  • متى يبدأ شهر رمضان المبارك في سلطنة عمان؟
  • نفحات شعبان.. فضائل وكنوز الشهر المبارك