تصفيات واصطفافات إثنية… هل اختلطت أوراق الحرب السودانية؟
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
تتزايد المخاوف في السودان من انزلاق سريع نحو "الحرب الشاملة" في ظل الاصطفافان والتحشيد الشعبي من طرفي القتال - الجيش وقوات الدعم السريع - وانتشار خطاب الكراهية، وعمليات التصفية، وسط تقارير عن انتشار أكثر من مليوني قطعة سلاح خارج المنظومة الأمنية الرسمية، وفقا لما أعلنته لجنة حكومية شكلت لجمع السلاح غبر المقنن، في أعقاب سقوط نظام الإخوان في 2019.
وبرزت خلال الأيام الماضية العديد من الأحداث التي تشير إلى تحول كبير في طبيعة الحرب الحالية، من بينها حادثة مقتل 11 شخصا يوم الخميس في منطقة "تورطعان" في دارفور بغرب البلاد بتهمة اصطفاف قبيلتهم إلى أحد طرفي القتال، وسبق تلك الحادثة قطع رؤوس 3 شبان مدنيين في مدينة الأبيض بولاية كردفان، أيضا بتهمة موالاة أحد طرفي القتال.
كما شهدت العديد من مناطق العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة ونهر النيل والشمالية عدد من التصفيات التي طالت عشرات الأشخاص والتي يعتقد أنها جرت على أساس عرقي.
وتأتي تلك الأحداث في ظل انتشار كبير لخطاب الكراهية وتزايد كبير في وتيرة التحشيد الشعبي الذي بدأ يأخذ بعدا إثنيا وجهويا في العديد من مناطق سيطرة الطرفين.
استقطاب واصطفاف
مع اتساع رقعة الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وشمولها أكثر من 70 في المئة من مساحة السودان، بدأ طرفا القتال في عمليات استقطاب واسعة على المستوى الشعبي ومستوى الحركات المسلحة المقدر عددها بنحو 92 حركة، 87 منها في إقليم دارفور وحده، بينما تنشط 5 في كردفان والنيل الأزرق ووسط وشرق البلاد.
وفي حين تعتمد قوات الدعم السريع بشكل كبير في تكوينها القتالي على قبائل تنحدر من إقليم دارفور، تركزت عمليات التحشيد الشعبي التي دعا اليها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في السابع والعشرين من يونيو، في منطقتي شرق وشمال السودان.
وأشار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقرير، يوم الجمعة، إلى إن حملة التجييش الشعبي التي دعا لها الجيش قامت بتدريب وتسليح نحو 600 ألف من المدنيين.
أما بالنسبة للحركات المسلحة، فقد انقسمت إلى حركات محايدة وهي الغالبية وأبرزها حركتا عضوا مجلس السيادة الهادي إدريس والطاهر حجر، فيما أعلنت 4 حركات انحيازها للجيش وتتبع لنائب مجلس السيادة مالك عقار وجبريل إبراهيم وزير المالية الحالي ومني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور ومجموعة مصطفى طمبور، وفي الجاب الآخر تشارك 4 حركات دارفورية واثنتان من الوسط والنيل الأزرق وهما مجموعتا أبوعاقلة كيكل والمك أبو شوتال بفاعلية في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع التي تسيطر على أكثر من 60 في المئة من مساحة البلاد في الوقت الحالي، بينما تقاتل كتيبة البراء المرتبطة بتنظيم الإخوان إلى جانب الجيش.
وفي ظل ضبابية وضع الاصطفافات في إقليم دارفور وغياب معلومات حقيقية عن طبيعة الجهات التي تقاتل إلى جانب طرفي الحرب هناك؛ يبدو الوضع أكثر وضوحا في الخرطوم والوسط، فإلى جانب وحدات عسكرية تتبع لقوات مالك عقار، تنشط كتيبة البراء بقوة في القتال مع الجيش منذ اندلاع القتال.
وبعد اسابيع قليلة من بدء القتال انضمت قوات "درع السودان" التي تشكلت في منطقة البطانة بوسط البلاد قبل أكثر من 6 أشهر من اندلاع القتال بكامل قواتها وعتادها إلى صفوف قوات الدعم السريع.
مخاوف
يرى مراقبون أن سياسة التجييش واستقطاب المجموعات المسلحة هي نتاج لسياسات قديمة اتبعها نظام الإخوان على مدى 3 عقود، محذرين من أن يؤدي ذلك إلى تكرار سيناريو الحرب الأهلية التي استمرت في دارفور ومناطق أخرى من البلاد، وأدت إلى تصفيات وانتهاكات عرقية كبيرة.
وحذرت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" خلال ورشة عقدت بالعاصمة الكينية نيروبي، يوم السبت، حول الترتيبات الدستورية والحكم المحلي من خطورة خطاب الكراهية والتعبئة والاستنفار وتجييش المدنيين، مطالبة بنزع السلاح من كل المجموعات التابعة لطرفي القتال لتجنب انزلاق البلاد نحو الحرب الأهلية.
ووفقا للباحث والمحلل السياسي الأمين بلال، فإن الخطورة الحقيقية لهذه الحرب التي بدأت كصراع عسكري عسكري، تكمن في تحولها السريع إلى مرحلة الاصطفافات.
وسط مخاوف من أن تتحول إلى حرب أهلية شاملة بين "الكل ضد الكل"، يوضح بلال في حديث لموقع سكاي نيوز عربية: "تتمدد الرقعة الجغرافية للحرب حاليا بشكل سريع، وهو ما يؤدي إلى المزيد من الاصطفافات في ظل تنامي مخيف للخطاب المبني على الإثنية المسيسة وسياسة فرق تسد التي تستخدمها القيادات العسكرية عبر منصات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات التي تبث خطاب الكراهية وتعزز النعرات القبلية والجهوية، في ظل انتشار كبير للسلاح في أوساط المواطنين مما يجعل السيطرة على المجموعات التي تحمل السلاح التابعة لطرفي القتال أمرا مستحيلا".
الفوضى الشاملة
وينبه بلال إلى العديد من المؤشرات التي بدأت تظهر بوضوح والتي تشير إلى الدخول في مرحلة الفوضى الشاملة مثل حالات النهب والسلب والتعدي المتزايد على المواطنين العزل.
ويرى أنه، إضافة إلى الأسباب السابقة، هنالك وجود لمحفزات أخرى تسهم في الانزلاق السريع نحو مرحلة الفوضى الشاملة من بينها الوضع الاقتصادي المتردي للسكان والتأثير الكبير للحرب النفسية وانتشار الخطاب المتطرف.
ويتوقع بلال أن يتسبب كل ذلك في وضع كارثي ينقل الصراع من الإطار العسكري إلى الإطار الاجتماعي بين المكونات السودانية علي أساس مناطقي وجهوي، مما يضاعف من المعاناة ويصعب من الحلول.
وبالنسبة للكاتب الصحفي عبد الله إسحق، فإن أكبر مهدد لتماسك البلاد هو عمليات التجييش الشعبي وتكاثر الحركات المسلحة، حيث يشكل خطأ استراتيجيا وسيشجع على الاستقطاب القبلي والإثني وسيؤسس لوجود العشرات من المليشيات المشابهة.
ويقول إسحق لموقع سكاي نيوز عربية "بالنسبة للحركات التي أعلنت انحيازها للجيش لديها أجنحة تقف في الحياد أيضا على عكس ما أعلنته قياداتها، وأعتقد أن وقوف معظم الحركات الدارفورية المسلحة في الحياد أسهم في تحقيق نوع من الهدوء النسبي في دارفور خصوصا بعد خروج الجيش من معظم مناطق الإقليم".
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع إقلیم دارفور طرفی القتال فی القتال العدید من إلى جانب أکثر من
إقرأ أيضاً:
الجيش والقوة المشتركة يسيطران على قاعدة الزرق في شمال دارفور
تقع قاعدة الزرق العسكرية في الحدود المشتركة ما بين السودان وتشاد وليبيا، وتعد استراتيجة من ناحية التشوين العسكري، وأسسها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في العام 2017
التغيير: كمبالا
أعلنت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح عن تمكنها، السبت، من السيطرة على منطقة الزرق الاستراتيجية في ولاية شمال دارفور، بعد معارك ضارية خاضتها رفقة الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع.
وقال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، في نشر على حسابه بمنصة “اكس”، إن القوات المشتركة هيمنت على قاعدة الزرق العسكرية، وأن “القوة المشتركة طهرت المناطق المغتصبة منذ 2017″، على حد قوله.
وتقع قاعدة الزرق العسكرية في الحدود المشتركة ما بين السودان وتشاد وليبيا، وتعد استراتيجة من ناحية التشوين العسكري، وأسسها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في العام 2017.
وأضاف مناوي أن القوة المشتركة ترد على “استهداف الأطفال في زمزم والفاشر ومجازر بشرية في أبو زريقة، وأنها لا ترد إلا على صدور المقاتلين مغصبي النساء وقتلة الأطفال والحق ينتصر”.
ويشهد محور الصحراء في ولاية شمال دارفور منذ أكثر من شهرين تصعيدا كبيرا في المعارك بين قوات الدعم السريع والقوة المشتركة والجيش السوداني، إذ تعرض المدنيون في البلدات والقرى المنتشرة في المنطقة إلى انتهاكات كبيرة أدت إلى مقتل وجرح الكثيرين ونزوح الغالبية في ظروف قاسية.
إلى ذلك قال رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية جبريل إبراهيم، إن القوات المسلحة والقوة المشتركة تمكنت من “السيطرة على قاعدة الزرق أهم معاقل المليشيا ومركز امدادها الرئيس في الإقليم”.
الوسومالدعم السريع القوة المشتركة شمال دارفور قاعدة الزرق