«الوزراء»: الذكاء الاصطناعي يلعب دورا كبيرا في تحسين الأوضاع الاقتصادية
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
أصدَر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عدداً جديداً من مجلته الدورية «آفاق اقتصادية معاصرة»، وهي مجلة يصدرها شهريًّا لتقدم إطلالة على الآراء الاقتصادية المختلفة -لأبرز الخبراء والمحللين سواء من داخل مصر أو من خارجها- والتي تشغل الدوائر الاقتصادية؛ وذلك لتقديم رؤى اقتصادية متكاملة لأهم الموضوعات المطروحة على الساحة، وجاء العدد الجديد بعنوان «الذكاء الاصطناعي ومستقبل التنمية الاقتصادية».
تضمنت المجلة مقدمة بواسطة الذكاء الاصطناعي (Chat GPT)، تناولت الهدف من العدد، إذ أوضحت أنه يناقش كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون محركًا لتحقيق التنمية المستدامة ويفتح أفقًا جديدًا للفرص ويواجه التحديات المستقبلية.
ويستكشف العدد الفرص التنموية التي يتيحها هذا المجال وكيف يمكن له أن يساهم في تطوير قطاعات مختلفة وتوفير فرص عمل مبتكرة بالإضافة إلى تأثيره على سلاسل القيمة الاقتصادية، مضيفاً بأنه في المقابل توجد تحديات مستقبلية قد تطرأ جراء استخدام الذكاء الاصطناعي.
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي في تحسين الاقتصادتضمن العدد مجموعة من مقالات الرأي لنخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي، كما ضم أيضًا تحليلات عميقة وآراء موضوعية توضح كيف يشكل هذا المجال تغييرًا في مجالات متعددة من حياة البشرية، بالإضافة إلى استعراض مؤشرات الاقتصاد المحلي المصري وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا في تحسين الأوضاع الاقتصادية، كما ألقي العدد نظرة على مؤشرات دولية تعكس تأثير هذه التكنولوجيا على الساحة العالمية، واستعرض توقعات الصحف الأجنبية المرموقة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي مع إلقاء نظرة على توقع العالم لتتطور هذه التقنية وكيفية تشكيلها للمستقبل.
تضمن العدد مقالًا بعنوان: مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للدكتور عصام الجوهري عضو الهيئة العلمية بمعهد التخطيط القومي، والذي أوضح أن هناك الكثير من المقالات والتقارير الي تتناول أهمية تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وستكون محقة لأهمية تطبيقاته في العديد من المجالات مثل تحليل البيانات الصحية والمصرفية والتحليل لسلوك المستهلكين وتحسين توقعات المبيعات... وغيرها من التطبيقات التي قد تكون مفيدة خاصًة على المستوى الكلي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ومع ذلك يُنتظر أن تكون المكاسب الاقتصادية التي يحققها الذكاء الاصطناعي في العقد المقبل منخفضة نسبيًا في البلدان النامية حيث سيرتفع إجمالي الناتج المحلي العالمي بنسبة 14% في عام 2023 نتيجة للأقبال والتطوير السريعين للذكاء الاصطناعي، مما يعزز الاقتصاد العالمي بمقدار 15.7 تريليون دولار أمريكي وذلك نقلًا عن تقرير أعدته شركة برايس ووتر هاوس كوبرز، إذ يبين أنه من المرجح أن تشهد الصين وأمريكا الشمالية أكبر مكاسب اقتصادية إذ تحظيان بنسبة 70% من الإجمالي العالمي للمكاسب، ولكن على الرغم من التنبؤ باستفادة جميع الاقتصادات يذكر التقرير أن البدان النامية ستشهد زيادات أكثر تواضعًا نظرًا لانخفاض معدلات تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي.
المخاطر المحتملة لتطبيقات الذكاء الاصطناعيوأشار المقال إلى المخاطر المحتملة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وكيف يمكنها أن تعوق تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومنها: استبدال الوظائف البشرية، التمييز والتحيز ضد بعض المجموعات حيث يمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لإنشاء أنظمة تفضل بعض المجموعات على غيرها حسب اللون أو الجنس أو العرقيات مما يؤدي إلى زيادة عدم المساواة، وانتهاك الخصوصية حيث يمكن جمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات الشخصية، والمعلومات المضللة، إذ يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء معلومات مضللة وتطوير برامج تجسس مما ينتج عنه تهديد السلام والأمن العالمي، والآثار البيئية حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة والمواد الخام ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم تغير المناخ والقضايا البيئية الأخرى.
كما قدَّم المقال مقترحات لتقليل مخاطر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث عملت المنظمات الدولية وبعض الدول على إطلاق مواثيق الأخلاقيات لترويض تطبيقات الذكاء الاصطناعي ليكون في جانب أهداف البشرية وليس ضدها، وفيما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتقليل مخاطر الذكاء الاصطناعي، الاستثمار في التعليم والتدريب التكنولوجي، وضع معايير وأخلاقيات لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية، وتعزيز الشفافية والمسؤولية في تطوير واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والمشاركة من خلال إشراك العاملين والمجتمع في تطوير وتنفيذ أنظمة الذكاء الاصطناعي.
الاستراتيجية الوطنية المصرية للذكاء الاصطناعيوتضمن العدد أيضًا مقالًا بعنوان: الاستراتيجية الوطنية المصرية للذكاء الاصطناعي ودورها في رؤية مصر 2030 للدكتور أدهم محمد البرماوي مدرس الاقتصاد والمالية العامة بالمعهد العالي للإدارة وتكنولوجيا المعلومات بكفر الشيخ، حيث تناول المقال ماهية الذكاء الاصطناعي والذي عرفه وفقًا للاستراتيجية المصرية للذكاء الاصطناعي بأنه نظام يعتمد على الآلة قادر على تقديم تنبؤات وتوصيات وقرارات مؤثرة في البيئات الحقيقية والافتراضية من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف التي يحددها الإنسان، ويستخدم مدخلات الآلة أو البشر في تصور البيئات الحقيقية أو الافتراضية ويحول هذه التصورات إلى نماذج مجردة، ويستخدم الاستدلال النموذجي لصياغة الخيارات من أجل المعلومات أو الإجراءات.
وأوضح المقال أن الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للإسراع في عملية التنمية سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي هائلة، وكان هذا السبب الأساسي وراء تبني الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي لهذا يجب التركيز بشكل أساسي على الاستفادة من قدرات مصر التنافسية في هذا المجال، لاقتناص هذه الفرص ويمكن إجراء ذلك من خلال برامج متعددة لبناء القدرات البشرية، بالإضافة إلى رفع كفاءة التعليم والتدريب في مراحل التعليم المختلفة، سواء على المستوى الفني أو المهني، وعلى جانب آخر الاهتمام المطلق بالتعليم المستمر لمسايرة الطبيعة الجديدة التي خلقها الذكاء الاصطناعي، كما استعرض المقال دور الذكاء الاصطناعي في بعض قطاعات الاقتصاد القومي المصري وذلك على النحو التالي:
1- القطاع الصحي: أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من النظام الصحي بمختلف مستوياته، فعلى سبيل المثال تشخيص الحالات السرطانية، وأيضًا في جانب التحاليل، وعلى الجانب الآخر يجب فتح المجال للذكاء الاصطناعي بصورة أكبر في بعض القطاعات مثل إدارة الأمراض المزمنة ودعم الصحة العقلية.
2- القطاع الزراعي: أسهم هذا القطاع في مصر بنسبة 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021-2022، وعمل به أكثر من 5 ملايين شخص أو 18.8% من إجمالي المشتغلين خلال الربع الثاني من عام 2023، لذلك يعد استخدام الذكاء الاصطناعي عاملًا حاسمًا في هذا القطاع ويمكن إيجاز أبرز مجالات دعم الذكاء الاصطناعي للقطاع الزراعي في: تحديد جودة المحاصيل الزراعية، خفض استخدام المبيدات الحشرية، توفير البيانات الخاصة بالطقس.
3- دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز النمو الاقتصادي: ويمكن استخدام تطبيقاته في التنبؤ بالمتغيرات الاقتصادية مما يوفر المعلومات لمتخذي القرار الاقتصادي بما يساعد في تعزيز النمو الاقتصادي.
وتناول العدد مقالًا آخر بعنوان: تطبيقات الذكاء الاصطناعي: الفرص التنموية والتحديات المستقبلية للدكتور ماجد مسعد عز الدين عضو هيئة التدريس بقسم الاقتصاد جامعة بنها، والذي أشار إلى واقع ومستقبل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مصر والتي تولي اهتمامًا واضحًا بتعزيز الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال ما يلي:
- دعم الابتكار التكنولوجي وتنمية ريادة الأعمال، حيث تم إنشاء مراكز إبداع لمبادرة مصر الرقمية وإنشاء مدينة الثقافة والفنون في العاصمة الإدارية الجديدة طبقًا لأحد التكنولوجيا العالمية.
- الاهتمام بإنشاء العديد من المدن الجديدة الذكية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في جميع أنشطتها الحياتية والاقتصادية بالإضافة إلى قيام العديد من الشركات العقارية بإنشاء وإدارة مدن ذكية تطبق آخر مستحدثات الذكاء الاصطناعي.
تطبيق نظم التحول الرقمي- سعي الدولة المصرية إلى تطبيق نظم التحول الرقمي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والابتكار على العديد من أعمال وأنشطة القطاع الخاص وأهمها، قطاعات البنوك والعقارات والتجارة بالتعاون مع شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وذلك بهدف تطوير العنصر البشري وزيادة الإنتاج وخفض التكلفة ورفع العوائد.
- يعتبر الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة بمثابة دولاب عمل للدولة ومحركها الرئيس، من خلال شبكات اتصالات ومراكز وقواعد بيانات للوزارات، بحيث يشهد أداء الحكومة نقلة نوعية أيضًا من حيث التواصل والأخذ بالتكنولوجيا، وفي القلب مركز البيانات الموحد والذي يُدار بواسطة خاصية الذكاء الاصطناعي.
كما قدم المقال مجموعة من السياسات لدعم وتطوير الذكاء الاصطناعي والتي تمثلت في: الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز نظام بيئي رقمي، وتوفير بيئة تمكينية للسياسات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وضرورة بناء القدرات البشرية والاستعداد لتحولات سوق العمل، وزيادة التعاون والتنسيق الدولي في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
واشتمل العدد على مقال بعنوان: الذكاء الاصطناعي ومستقبل التنمية الاقتصادية.. الفرص والتحديات للمهندس إيهاب طلعت استشاري التسويق الإليكتروني والذكاء الاصطناعي، والذي أوضح أن الذكاء الاصطناعي يتمتع بفوائد كبيرة في تعزيز التنمية الاقتصادية منها، زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة، وتحسين أداء مقدمي الخدمات وخدمة العملاء، وتحسين قدرات صنع القرار، وتعزيز قطاع النقل واللوجستيات، وخلق فرص عمل جديدة.
كما استعرض المقال تجارب عدد من الدول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بنجاح في تعزيز التنمية الاقتصادية مثل: الولايات المتحدة، والصين، وسنغافورة، وألمانيا، واليابان"، وقدم المقال في ختامه مجموعة من التوصيات أبرزها: تنظيم الاستخدام السليم للتكنولوجيا وفقًا للقوانين والأخلاقيات وضمان الخصوصية والأمان السليم، توجيه الاهتمام لتدريب العمالة وتأهيلها للتكنولوجيا الجديدة، وضرورة أن تكون الحكومات شريك فاعل في توجيه الاستخدام السليم للذكاء الاصطناعي وتوفير التشريعات واللوائح المناسبة لحماية المستهلكين والحافظ على الشفافية.
ومن مقالات العدد كذلك مقالًا بعنوان: استخدام الذكاء الاصطناعي ومستقبل سلسلة القيمة الاقتصادية للأستاذة مروة وفيق مشعل مدرس مساعد بالمعهد العالي للإدارة بالمحلة الكبرى، والتي أوضحت أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتمثل في: إنترنت الأشياء، الطباعة ثلاثية الأبعاد، الواقع المعزز والواقع الافتراضي، تحليل البيانات الضخمة، تعلم الآلة، سلاسل التكتل، البرمجة اللغوية العصبية.
وأشار المقال إلى أنَّ النمو السريع في جاهزية مصر للاستفادة من الذكاء الاصطناعي يدعو إلى التفاؤل، فمن المتوقع نمو حجم هذا السوق في الدولة المصرية، وقد أشارت العديد من التقارير الدولية ومن أهمها تقرير معهد ماكينزي إلى أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إضافة 16% أو حوالي 13 تريليون دولار أمريكي إلى الناتج الاقتصادي العالمي بشكل تدريجي بحلول عام 2030، مما يبشر بوتيرة متسارعة لتبني أدوات الذكاء الاصطناعي في معظم أنشطة سلسلة القيمة الاقتصادية في السنوات المقبلة، مما ينعكس بشكل إيجابي على القطاعات الاقتصادية المصرية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مجلس الوزراء مركز معلومات مجلس الوزراء الذكاء الاصطناعي التنمية الاقتصادية الاقتصاد تطبیقات الذکاء الاصطناعی استخدام الذکاء الاصطناعی أهداف التنمیة المستدامة یمکن للذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی التنمیة الاقتصادیة بالإضافة إلى العدید من مجموعة من فی تعزیز من العدد من خلال مقال ا
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي الشامل.. الوحش الحقيقي!
مؤيد الزعبي
صحيحٌ أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت موجودة في كل المجالات تقريبًا فأحدها يكتب نصًا وآخر يرسم صورة أو يصمم تصميمًا أو يصنع فيديو أو حتى يؤلف موسيقى ويقلد فنانًا أو يحاورك ويسمعك كما لو كان طبيبًا أو صديقًا أو يدافع عن حقوقك كما لو كان محاميًا.
وهناك أدوات تتشكل على هيئة روبوتات وسيارات وثلاجات وهواتف وأجهزة مختلفة، كل هذا جميل ومذهل ولكن طالما أن كل هذه الأدوات لم تتجسد في نظام واحد شامل فالوحش الحقيقي لم يظهر بعد، فتخيل معي عزيزي القارئ كيف سيكون تأثير الذكاء الاصطناعي لو كان نظامًا متكاملًا يرسم ويكتب ويعزف ويحمل ويبني ويصنع ليس كل واحد على حدة إنما كيان واحد متكامل، وقتها سيكون الوحش قد خرج وظهر للعلن، وعندما أقول لك كلمة "وحش" لا أقصد أبدًا المعنى السلبي؛ بل أعني أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستصبح كالوحش قادرة على القيام بكل شيء نجده اليوم صعبًا أو مستحيلًا.
كل ما نراه اليوم من تطورات في عالم الذكاء الاصطناعي مازالت متفرقة، فما يصنعه شات جي بي تي وشبيهاته من أنظمة التوليد اللغوي ما هي إلا كلمات وأفكار يولدها، لم يحرك بها ذراعًا آلية ليبتكر ويصنع، ولم يمسك ريشة فنان ويبدأ بالرسم، إنما يرسم إلكترونيًا ويكتب إلكترونيًا، وحتى لو سألته كيف بالإمكان أن تصنع طائرة مسيرة كمثال سيقدم لك الطريقة لكنه لن يذهب للمعمل أو المصنع ويصنعها بنفسه، ولو تحدثت معه عن كيفية بناء مفاعل نووي بطريقة مبتكرة وصديقة للبيئة سيقدم لك إجابة شافية ووافية ولكنه لا يملك السلطة ولا حتى الأذرع لتنفيذ فكرته، فهو مجرد مولد للكلمات والرسومات والصور، ولهذا أخبرتك أن الوحش مل يظهر بعد، فتخيل عندما تصبح هذه الأدوات عبارة عن عقول وأذرع وأرجل وأنظمة متكاملة حينها ستكون قادرة على كتابة فكرتها وتضع خطتها ولديها أذرع تنفذ ما في عقولها.
وإذا ذهبت لأدوات تصنيع الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي فصحيح أن نتائجها مذهلة ومتطورة فعندما تحول لك النص لفيديو، أو تقوم بتحويل فيديوهاتك لنماذج وأشكال غاية في الروعة إلا أنها حتى الآن لم تصبح نظامًا شاملًا قادرًا على إنشاء محتوى متكامل، وليست قادرة على إنشاء فيديو نستطيع القول بأنه احترافي من حيث الصورة والانيميشن والقصة والمؤثرات والنص، وبالطبع لم تصل قدرات الذكاء الاصطناعي لأن تصنع فيلمًا ولا حتى قصيرًا، فصحيح أن الأدوات موجودة بكل جانب على حدة إلا أنها غير شاملة في برنامج واحد، ولهذا تخيل عزيزي القارئ عندما تصبح هذه الأدوات متكاملة فحينها ستصنع لك فيلمًا سينمائيًا لو أردت، وربما لن تصنع لك ربما تصنع لنفسها وتصبح هي التي تدير قطاع المحتوى بأكمله، وسنجد حينها ذكاء اصطناعي قادر على كتابة سيناريو فيلم ويراجعه ويدققه ومن ثم يبدأ بتجهيزه وتنفيذه ونشره وترويجه دون أي تدخل منك، وربما نجدك تتفاوض معه لشراء حقوق بث أو استخدامه.
وكذلك الأمر في مسألة السيارات ذاتية القيادة، فنحن نجهز لسيارات تقود نفسها بنفسها وإلى الآن لم تكتمل الصيغة النهائية لهذه السيارة وحتى عندما تكتمل ستكون هذه السيارات ملكنا نحن البشر، ولكن ما أن تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي هي التي تحركها وتنظم حركتها وتضع قوانينها وتطبقها على أرض الواقع حينها سنقول بأن هذا النظام لم يعد نظام ذكاء اصطناعي بل سيكون بمثابة وزارة للمواصلات والطرق، وكذلك الأمر عندما تصبح الربوتات هي الطبيب وأجهزة الفحص وهي نفسها المعامل والمختبرات وهي ذاتها من تعمل على تصنيع الأدوية وتقوم بتجريبها واختبارها، وأنا أتحدث أن يكون كل هذا ضمن نظام شامل متكامل، حينها سنجد الذكاء الاصطناعي وحشًا قادر على القضاء على الكثير من الأمراض وبنفس الوقت سيكون بمقدوره تحديد مصائرنا أو التأثير فيها فأنا أتحدث عن ذكاء اصطناعي شامل يدير بيوتنا وشوارعنا ومدننا ومكاتبنا وشركاتنا ومستشفياتنا ومدارسنا وجامعاتنا وكل شيء من حولنا.
ربما قد يصل لك عزيزي القارئ تصورًا بأن الذكاء الاصطناعي سيعمل مكان الحكومات في قادم الوقت وهو من سينفذ أعمالها بدلًا عنها، ولكن ماذا إن قلت لك أن الذكاء الاصطناعي الشامل سيكون قادرًا على إدارة ما هو أصعب من ملفات الحكومات أنفسها، سيكون قادرًا على إدارة حياتنا بأرضنا وسمائنا والدليل أننا نصنع اليوم أدوات ذكاء اصطناعي متفرقة تقوم بمهام هنا وهناك وقد شاهدنا العجب العجاب من قدراتها فكيف هو الحال لو كان النظام شامل.
لا أجد الأمر سيئًا أو مخيفًا؛ بل إنني على يقين بأن الذكاء الاصطناعي سيقدم لنا حلولًا لمشاكل لم نستطع نحن البشر القيام بها، خصوصًا وأننا على مفترق طرق من أمور كثيرة تهدد حياتنا؛ كالحروب والنزاعات وقضايا البيئة وانتشار الأمراض وعدم المساواة والتفاوت في معيشة الشعوب، كل هذا سيجد له الذكاء الاصطناعي تصريفًا ربما شاملًا، لكن كل ذلك مرهون بكيفية بنائه وتأسيسه وبرمجته، وهذا هو دورنا كبشر من الآن وصاعدًا، حتى نضمن تواجدنا في عالم الذكاء الاصطناعي الشامل.
رابط مختصر