انخفاض القدرات الذهنية.. متى يكون النسيان مثيرًا للقلق؟| عالم الأعصاب الإدراكي يجيب
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
عندما يلتقي عالم الأعصاب الإدراكي تشاران رانجاناث بشخص ما للمرة الأولى، غالبًا ما يُسأل: "لماذا أنا كثير النسيان؟"، ولكن رانجاناث يقول إنه مهتم أكثر بما نتذكره، بدلاً من الأشياء التي ننساها، وفي خضم إجابته على هذا السؤال يقول: "نحن لسنا مصممين لحمل أطنان وأطنان من النفايات معنا، ولا أعلم أن أي شخص قد يرغب في تذكر كل كلمة مرور مؤقتة حصل عليها من قبل، وأعتقد أن الهدف الذي صُمم من أجله العقل البشري، هو حمل ما نحتاج إليه ونشره بسرعة عندما نحتاج إليه".
وهنا يصبح السؤال الملح لدى كل إنسان على هذا الكوكب، وهو متى يكون النسيان أمرًا طبيعيًا ومتى يكون مثيرًا للقلق؟، وفي تقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية، يجيب عالم الأعصاب رانجاناث، على كافة الأسئلة الخاصة بهذا الملف، ويدير رانجاناث مختبر الذاكرة الديناميكية في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، حيث يعمل أستاذًا لعلم النفس وعلم الأعصاب، وفي كتابه الجديد، لماذا نتذكر، يكتب عن الآليات الأساسية للذاكرة، ولماذا تتغير الذكريات غالبًا بمرور الوقت، وهنا نرصد الأسئلة الإجابات التي قالها هذا العالم.
الاختبار المعرفي للمرشحين لمنصب الرئيس الأمريكي
أعتقد أنه سيكون من الجيد إجراء تقييم شامل للصحة البدنية والعقلية يتسم بالشفافية إلى حد ما، ومن المؤكد أننا نتمتع بالشفافية أو نسعى إلى الشفافية بشأن أشياء أخرى مثل الشؤون المالية للمرشح، على سبيل المثال، ومن الواضح أن الصحة عامل مهم للغاية. وأعتقد أنه في نهاية اليوم، سنظل في وضع يسمح لنا بالقول، "حسنًا، ما الذي يكفي؟ ما هو الخط الفاصل بين الصحي وغير الصحي؟" لكنني أعتقد أنه من المهم القيام بذلك لأنه نعم، مع تقدمنا في السن، نواجه مشاكل في الذاكرة.
لماذا لا يمكنك في بعض الأحيان تذكر سوى الحرف الأول من شيء ما مثل الاسم
تحصل على ما يسمى بالاسترجاع الجزئي، حيث تحصل على جزء من المعلومات وليس كل شيء. ... الذكريات تتنافس مع بعضها البعض، وهذا صحيح بالنسبة للاسم، وقد يكون هذا صحيحًا بالنسبة للذاكرة أو لحدث ما، لذا، إذا كنت قد تعلمت أسماء متعددة تبدأ بالحرف K، فما يحدث الآن هو أن لديك هذه المنافسة حيث يتقاتلون مع بعضهم البعض.
حول ظاهرة طرفة اللسان
يسمونها ظاهرة طرف اللسان... حيث تعلم أن المعلومات موجودة، وتكون على علم بشيء ما، لكنها لا تفعل ذلك، وليس لديك دليل على وجودها، فأنت تعمل فقط على هذا الإيمان الكامل بوجوده، وهناك أسباب كثيرة لحدوث ذلك، واحدة من أكبرها هو أنك تسحب المعلومات الخاطئة، وعندما تقوم بسحب المعلومات الخاطئة، ما يحدث هو أنه يجعل العثور على المعلومات الصحيحة أكثر صعوبة، بمعنى آخر، إذا كنت تبحث عن شخص يُدعى "فريد" وقمت عن طريق الخطأ بسحب "فرانك" وأنت تعلم أن هذا ليس الاسم. الآن، فرانك كبير جدًا في وعيك، وهو يحارب الذاكرة الأخرى التي لديك، ونتيجة لذلك، سوف تواجه بعض المشاكل.
والآن، لاحقًا، ما يحدث هو أن عقليتك تتغير ولم تعد عالقًا في هذا الخطأ السابق، ولهذا السبب يمكن أن يطفو على السطح، إذن ما يمكن أن يحدث في بعض الأحيان هو أننا نبحث عن شيء ما، ولكن بعد ذلك نحصل على الشيء الخطأ. وهذا يقودنا حتى الآن في الاتجاه الخاطئ حيث أن المنافسة في الذاكرة تعمل ضدنا.
حول كيف يؤثر الانقطاع على قدرتنا على التذكر
هذه هي حقيقة الحياة الحديثة، وهي أننا نتعرض للمقاطعة باستمرار، والآن، في بعض الأحيان تكون هذه الانقطاعات في عالمنا وليست من صنعنا، لذلك يمكن لأي شخص لديه طفل حديث الولادة، على سبيل المثال، أن يرتبط بفكرة أنك تحاول القيام بشيء ما وفجأة يبدأ طفلك في البكاء ويقول لك دماغك، "انس كل شيء آخر، ودعنا نركز على هذا"، ثم هناك أشياء نفعلها بأنفسنا، مثل، لدينا أفكار أخرى تتبادر إلى ذهننا أو نبدأ في أحلام اليقظة بشأن الأشياء، ولكن بعد ذلك أعتقد أن الأكثر خبثًا على الإطلاق هي التنبيهات والمشتتات التي نضعها على أنفسنا من خلال الهواتف الذكية والساعات الذكية حيث توجد أشياء تطن باستمرار وتجذب انتباهنا، ثم يبدأ الناس في اكتساب عادات سيئة مثل التحقق من النصوص ورسائل البريد الإلكتروني. على سبيل المثال، سأجلس في محادثات أكاديمية وأرى أشخاصًا يتفقدون بريدهم الإلكتروني أثناء الحديث، ويمكنني أن أضمن لك أنهم لا يتذكرون البريد الإلكتروني أو الحديث بعد مغادرتهم المكان.
حول كيفية تداخل التوتر مع الذاكرة
الإجهاد له مجموعة من التأثيرات المعقدة على الذاكرة، لذا، إذا مررت بتجربة مرهقة للغاية، يمكنك في بعض الأحيان أن تتذكر تلك التجربة بشكل أفضل مما لو لم تكن مرهقة، وهذا يحدث كثيرًا في حالات الذكريات المؤلمة، ولكن الجزء الآخر من الأمر هو أن التوتر يجعل من الصعب الحصول على المعلومات التي تحتاجها عندما تحتاج إليها. ... إنه يغلق قشرة الفص الجبهي، وفي ظل حالات التوتر هذه، فإنك تعطي الأولوية للأشياء الأكثر إلحاحًا، مثل استجاباتك غير المحسوبة للأشياء، وهذا يجعل من الصعب تذكر الأشياء التي حدثت قبل أن تكون تحت الضغط.
ثم هناك مسألة التوتر المزمن، حيث نعلم أن التوتر المزمن يمكن أن يكون في الواقع سامًا للأعصاب لمناطق الدماغ المهمة للذاكرة، مثل قشرة الفص الجبهي ومنطقة أخرى تسمى الحصين، وأعتقد أن هذا حقًا جزء من المشكلة التي تراها لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، على سبيل المثال. إذا كنت تعاني من التوتر المزمن لفترة طويلة من الزمن، فهناك سلسلة كاملة من الهرمونات المرتبطة بالتوتر والتي تغمر دماغك بهذه الهرمونات المرتبطة بالتوتر، وما يمكن أن يحدث هو أن هذا يمكن أن يسبب ضررًا لمناطق مثل الحصين وقشرة الفص الجبهي بحيث لا تعمل بكفاءة كما كنت تأمل، ويمكنك رؤية هذا في العديد من النماذج الحيوانية المختلفة للتوتر.
لماذا النوم مهم جدا للذاكرة؟
أحد الأشياء الرائعة المتعلقة بالنوم هو أننا نميل إلى التفكير، لا شيء يحدث. أنا لا أنجز أي شيء، لكن عقلك يعمل بشكل كبير، وهناك كل هذه المراحل المختلفة من النوم حيث يمكنك رؤية سيمفونية الموجات، حيث تتحدث أجزاء مختلفة من الدماغ مع بعضها البعض، بشكل أساسي، وهكذا، نحن نعلم حقيقة أن بعض مراحل النوم هذه، ما يحدث هو أن الدماغ سيطرد السموم، مثل بروتين الأميلويد الذي يمكن أن يتراكم على مدار اليوم، لذا، فبفضل هذه الوظيفة، يعد النوم مهمًا جدًا، ولكن علاوة على ذلك، ما يمكننا رؤيته هو أن الخلايا العصبية التي كانت نشطة خلال تجربة معينة، عادت إلى الحياة أثناء النوم، ولذا يبدو أن هناك بعض معالجة الذكريات التي تحدث أثناء النوم، وأن معالجة الذكريات يمكن أن تؤدي أحيانًا إلى تقوية بعض أجزاء الذاكرة، أو في بعض الأحيان تكون أكثر قدرة على دمج ما حدث مؤخرًا مع الأشياء التي حدثت في الماضي. ولذلك، يحب عالم النوم مات ووكر أن يقول إن النوم يحول الذاكرة إلى حكمة، على سبيل المثال.
والنوم استثمار، لأنك تحرم عقلك من كل هذا، معالجة المعلومات التي يمكن أن تحدث أثناء نومك، وأعتقد أن الأمر مثير للجدل، لكنني أؤمن بفكرة أنه في بعض الأحيان يمكنك أن تستيقظ ومن خلال معالجة الذاكرة تلك، يكون لديك في الواقع القدرة على حل مشكلة لم يكن بإمكانك حلها عندما كنت كذلك، قبل أن تذهب إلى النوم. أعني، الجزء الآخر من النوم، أعتقد أنه مهم جدًا، عندما نحرم من النوم، فهذا أمر فظيع للذاكرة. جميع الدوائر المهمة للذاكرة لا تعمل بشكل جيد، وينخفض أداء الذاكرة بالفعل.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
العربية في إيران.. لغة أم حية بين الذاكرة والتحديات
في زوايا الأسواق الشعبية وبين جدران البيوت، تتردد كلمات عربية ممزوجة بنكهة محلية خاصة، تعكس تاريخا ممتدا وحاضرا يواجه تحديات متجددة. في الأهواز، ليست العربية مجرد لغة، بل هي ذاكرة ثقافية وامتداد لهوية تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم في ظل التحولات اللغوية والتعليمية في إيران.
يأتي اليوم العالمي للغة الأم في 21 فبراير/شباط ليعيد تسليط الضوء على قضايا التنوع اللغوي في المجتمعات متعددة القوميات، ومنها إيران، حيث تُعد العربية واحدة من أبرز اللغات المحلية التي تمتد جذورها في هذه الأرض، لكنها تواجه تحديات في إطارها الأكاديمي والتعليمي، رغم حضورها القوي في الحياة اليومية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"الهجرة" قديما وحديثا.. هكذا تشهد البحار على الأحلام الغارقةlist 2 of 2معالم سورية في عهد الحرية بعد الاستبدادend of listوالمفارقة أن المادة 15 من الدستور الإيراني تنص على إمكانية استخدام اللغات المحلية، ومنها العربية، في الإعلام والتعليم إلى جانب الفارسية، لكن التطبيق الفعلي يظل محل نقاش. فبينما تتردد العربية في الأحاديث اليومية، لا تزال غائبة عن المناهج الدراسية الرسمية، مما يجعل تعلمها تحديا يتطلب جهودا فردية ومجتمعية أكثر من كونه حقا تعليميا مضمونا.
بين الوجود والتحدياتلا تزال العربية اللغة الأم لعرب الأهواز، تُنطق في البيوت والأسواق والمجالس، لكنها في الوقت ذاته لا تحظى بحضور رسمي في المؤسسات التعليمية، مما يؤدي إلى فجوة لغوية بين الأجيال الجديدة التي تتحدثها بطلاقة لكنها تواجه صعوبة في قراءتها وكتابتها.
إعلانيقول باحث أهوازي في قضايا الهوية اللغوية للجزيرة نت إن القضية ليست فقط في غياب مناهج دراسية، بل في غياب منظومة متكاملة لحماية اللغة. ويضيف أنه حين لا يتم تدريس لغة ما، فإنها تتحول تدريجيا من أداة معرفة إلى مجرد لغة شفوية، وهو ما يشكل تحديا لاستدامتها.
في هذا السياق، يشير بعض المختصين إلى أن مسألة تدريس اللغات المحلية، بما فيها العربية، لا تتعلق بالتمييز بقدر ما ترتبط بالأولويات التعليمية والسياسات العامة. فمع وجود لغات متعددة في إيران، يصبح تنفيذ برامج تعليمية لكل هذه اللغات تحديا يتطلب تنسيقا واسعا وموارد كبيرة، وهو ما قد يفسر عدم تطبيق المادة الدستورية بشكل كامل حتى الآن.
في ظل هذا الغياب، تعتمد العائلات على مبادرات غير رسمية لنقل اللغة إلى أبنائها، بدءا من الدروس المنزلية وحتى الاستعانة بوسائل التكنولوجيا الحديثة.
ويقول أبو حسن (40 عاما)، وهو معلم غير رسمي للغة العربية، إن التحدي ليس في التحدث بالعربية، فالأطفال يتعلمونها بشكل طبيعي في المنزل، لكن دون إطار أكاديمي، ستظل الكتابة والقراءة ضعيفتين، وهو ما يهدد قدرة الجيل القادم على استخدامها كلغة إنتاج معرفي وثقافي.
أما سعاد (32 عاما)، وهي أم لطفلين، فترى أن التكنولوجيا أصبحت الملاذ الوحيد، إذ تقول إنني أستخدم تطبيقات تعليمية عربية، لكنها ليست بديلا عن مدرسة تعلم الأطفال لغتهم بشكل متكامل.
ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن التكنولوجيا قد توفر حلا مقبولا، إذ يمكن تصميم برامج تعليمية إلكترونية تساعد على تعويض النقص في التدريس الرسمي، مما قد يكون خيارا عمليا في المستقبل.
الإعلام الرقميفي غياب التعليم الرسمي، أصبح الإعلام الرقمي إحدى الأدوات المهمة لتعزيز حضور العربية في الأهواز. فقد نشأت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تقدم محتوى عربيا للشباب، في محاولة لإعادة ربط الجيل الجديد بلغته الأم.
إعلانيقول صحفي أهوازي متخصص في قضايا الهوية اللغوية للجزيرة نت إن وسائل التواصل الاجتماعي أعطت للعربية في الأهواز مساحة جديدة، لكن هذه ليست بيئة تعليمية منظمة، بل فضاء غير رسمي قد يساعد لكنه لا يكفي، إذ إن اللغة تحتاج إلى إطار تعليمي وإنتاج ثقافي يضمن استمراريتها.
إلى جانب الإعلام الرقمي، هناك مبادرات ثقافية وأدبية فردية تسعى للحفاظ على العربية من خلال الشعر والكتابة، وهو ما يعكس رغبة المجتمع المحلي في حماية لغته الأم دون أي طابع سياسي أو صدامي، وإنما كجزء من التنوع الثقافي الطبيعي في إيران.
قضية مشتركةما تواجهه العربية في الأهواز ليس استثناء، إذ تمر لغات أخرى مثل الكردية والبلوشية والأذرية والتركمانية بتحديات مشابهة، حيث يبقى تعلمها معتمدا على المبادرات الفردية والمجتمعية.
وأفاد أستاذ علم الاجتماع اللغوي للجزيرة نت بأن إيران بلد متعدد القوميات، والمادة 15 من الدستور تعترف بهذا التنوع، لكن دون سياسات واضحة، يظل بقاء هذه اللغات رهينا بالجهود الذاتية.
لكن في الوقت ذاته، يرى بعض الخبراء أن التحدي ليس في الاعتراف باللغات المحلية، بل في إيجاد آليات عملية لتنفيذ ذلك دون الإضرار بالوحدة الوطنية. فاللغة الفارسية تظل العامل المشترك بين جميع القوميات في إيران، مما يجعل سياسات التعليم اللغوي تحتاج إلى توازن دقيق بين حماية اللغات المحلية وتعزيز اللغة الرسمية للدولة.
تتجاوز قضية اللغة في الأهواز مجرد البعد التعليمي، فهي امتداد لهوية تعيش تحديات متواصلة. وبينما تظل العربية حاضرة في الحياة اليومية، فإن مستقبلها مرهون بمدى قدرتها على التأقلم مع الواقع الجديد دون أن تفقد جوهرها.
وفي ظل الاحتفاء باليوم العالمي للغة الأم، يبقى السؤال مفتوحا: هل يمكن لجهود المجتمع أن تحمي اللغة من التراجع، أم أن غياب التعليم الرسمي سيجعلها مع الوقت لغة للتواصل فقط دون امتداد ثقافي ومعرفي؟
إعلانوفي النهاية، يظل الحفاظ على التنوع اللغوي في أي مجتمع عامل قوة وغنى ثقافيا، وهو ما يجعل النقاش حول تدريس العربية، إلى جانب اللغات المحلية الأخرى، جزءا من حوار أوسع حول التعددية اللغوية كجسر لتعزيز التفاهم بين القوميات المختلفة داخل إيران.