إرسال الأسطول البحري الصيني آثار التكهنات حول انخراط الصين عسكرياً في البحر الأحمر، ولا سيما بعد الطلبات الأميركية المتكررة لبكين بالضغط على إيران لثني القوات المسلحة اليمنية عن هجماتها في البحر الأحمر.

 

مع تصاعد التوترات في البحر الأحمر، أرسلت الصين الأسطول البحري الـ46 في مهمة مرافقة للأسطول البحري الـ45 الذي أرسلته إلى خليج عدن قبل عدة أشهر.

يتكون الأسطول الـ46 من مدمرة الصواريخ الموجهة "جياوتسوه" وفرقاطة الصواريخ "شيويتشانغ" وسفينة الإمداد الشامل "هونغهوا"، كما يضم الأسطول أكثر من 700 ضابط وجندي، من بينهم عشرات من أفراد القوات الخاصة، إلى جانب وجود مروحيتين على متن الأسطول.

 

إرسال الأسطول البحري الصيني آثار التكهنات حول انخراط الصين عسكرياً في البحر الأحمر، ولا سيما بعد الطلبات الأميركية المتكررة لبكين بالضغط على إيران لثني القوات المسلحة اليمنية عن هجماتها في البحر الأحمر.

 

اعتادت الصين منذ العام 2008 أن ترسل السفن البحرية إلى خليج عدن لحماية سفنها والسفن الأخرى التجارية والنفطية من القرصنة. ومع تزايد التوترات الأمنية في دول الشرق الأوسط، راحت السفن البحرية الصينية تساعد في إجلاء الرعايا الصينيين من البلدان التي كانت تشهد اضطرابات، مثل ليبيا والسودان.

 

وبناء عليه، فإن إرسال بكين سفنها البحرية إلى البحر الأحمر وخليج عدن هو عمل اعتادت القيام به منذ 16 عاماً، إلا أن عملية الإرسال جاءت في وقت حساس للأسباب التالية:

 

- ارتفاع وتيرة التوترات في البحر الأحمر مع تزايد هجمات جماعة الحوثي على السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية، وتصاعد الغارات الأميركية والبريطانية على أهداف تابعة لجماعة الحوثي في اليمن في إطار عملية ما يسمى بـ"حارس الازدهار".

 

- يأتي إرسال الأسطول البحري الصيني بعد أيام عدة من إطلاق الاتحاد الأوروبي عملية "الدرع" كمهمة عسكرية جديدة في خليج عدن والبحر الأحمر.

 

- إعلان القائم بأعمال السفارة الصينية في اليمن شاو تشينغ قبل عدة أيام أن الصين تأثرت بما حدث في البحر الأحمر، بحيث ارتفعت أسعار التأمين على النقل البحري والسفن، واضطرت بعض السفن الصينية إلى المرور عبر جنوب أفريقيا، ما يرفع التكاليف ويطيل المسافة والوقت لوصولها.

 

وعلى الرغم من أن إرسال الصين أسطولها البحري هو عمل اعتيادي روتيني، فإن له أبعاداً أخرى هدفت الصين منه إلى إرسال رسالة إلى الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، مفادها أن بكين معنية أيضاً بمبدأ حرية الملاحة وحرية التجارة، وستدافع عن مصالحها الاقتصادية، ليس من هجمات أنصار الله، بل من رغبة واشنطن في السيطرة على البحر الأحمر، وخصوصاً أن للأخير دوراً مهماً في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية.

 

تدرك بكين جيداً أن هدف واشنطن من وراء هجماتها على جماعة الحوثي ليس ضمان أمن الممرات المائية وحماية أمن "إسرائيل" بقدر ما هو السعي لتعزيز سيطرتها على الممرات البحرية التي تعد أولوية قديمة في استراتيجيتها في الشرق الأوسط وإلحاق الضرر بالمصالح الصينية، نظراً إلى أهمية البحر الأحمر بالنسبة إلى الصين، إذ تمر عبره المنتجات الصينية إلى أوروبا وشمال أفريقيا، وأيضاً تمر ناقلات النفط المتجهة إلى الصين، ناهيك بأهمية قناة السويس بالنسبة إلى بكين.

 

من المستبعد أن تشارك الصين عسكرياً في أزمة البحر الأحمر، على الرغم من أنها تتأثر اقتصادياً بالأزمة، وذلك للأسباب التالية:

 

- الصين مناصر قوي للقضية الفلسطينية التي تعتبرها القضية الأساس في الشرق الأوسط، ولن يكون هناك سلام في المنطقة ما لم يتم إيجاد حل عادل لهذه القضية.

 

- ترى الصين أن تهجير الفلسطينيين هو الظلم الأطول أمداً في العالم، ولا بدّ لهذا الظلم من أن ينتهي. وكان للصين دور مشرف أمام محكمة العدل الدولية قبل عدة أيام، إذ اعتبرت بكين أن المقاومة المسلحة حق للشعوب المستعمرة، وليس لـ"إسرائيل" حق الدفاع عن نفسها، لكون احتلالها الأراضي الفلسطينية غير قانوني.

 

- علاقة الصين القوية بدول الشرق الأوسط، وإعلانها الدائم أنها تسعى إلى تأمين السلام والاستقرار في العالم، وتتوسط لحل الخلافات والتوترات، كما هي الحال عندما توسطت بين السعودية وإيران. وترفض الصين دائماً استعمال القوة العسكرية لحل الخلافات، وتدعو دائماً إلى التهدئة وحل التوترات والخلافات عبر الطرائق السياسية والدبلوماسية.

 

- تنظر الصين إلى هجمات جماعة الحوثي على أنها نتيجة للحرب الدائرة في غزة، وتضامناً مع أهل الغزة الذين يتعرضون لإبادة جماعية، وبالتالي فإن معالجة سبب هذه الهجمات هي الحل، ويكون ذلك عبر وقف الحرب في غزة، وليس باستخدام القوة.

 

يمكن القول إن الصين تتبع استراتيجية الهدوء وتتسم تصرفاتها إزاء أزمة البحر الأحمر بالعقلانية، فهي من ناحية لا تريد الإضرار بمصالحها الاقتصادية، وخصوصاً في ظل ما تعانية من أزمات اقتصادية وتباطؤ لنموها اقتصادها. ومن ناحية أخرى، لا تريد أن تخرج عن موقفها التقليدي إزاء القضية الفلسطينية، بالرغم مما تتعرض له من ضغوطات غربية، لا سيما من الولايات المتحدة الأميركية، لكي تغير موقفها من حركة حماس وتضغط على إيران لثني جماعة الحوثي عن القيام بهجماتهم في البحر الأحمر، والانطباع الذي تعطيه للعالم عن أنها دولة تسعى إلى تأمين الاستقرار في العالم، وتحقيق التنمية والرخاء المشترك للبشرية جمعاء وتأمين الاستقرار والسلام لا يكون إلى عبر الحل السياسي بعيداً من استخدام القوة.

 

ولكن ماذا لو طال أمد الحرب في غزة واستمر التوتر في البحر الأحمر وتعرضت الصين لمزيد من الأضرار الاقتصادية؟

 

إزاء هذا الوضع، ستجد الصين نفسها مضطرة إلى التدخل أكثر في حرب غزة لحماية مصالحها، ولكن ليس عبر التدخل العسكري في البحر الأحمر، فلو أرادت استخدام القوة العسكرية لكانت قد أعادت تايوان إلى البر الرئيسي الصيني رداً على الاستفزازات الأميركية، وربما يكون عبر الضغط على الدول المعنية وتكثيف مساعيها من أجل وقف الحرب في غزة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: الصين أمريكا البحر الأحمر الحوثي اسرائيل فی البحر الأحمر الأسطول البحری الشرق الأوسط جماعة الحوثی لا سیما فی غزة

إقرأ أيضاً:

القائد العام للقوات المسلحة يتفقد قاعدة البحر الأحمر البحرية |فيديو

تفقد الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى قاعدة البحر الأحمر البحرية، بحضور الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة الأفرع الرئيسية وعدد من قادة القوات المسلحة.

يأتي ذلك إطار المتابعة الميدانية للجاهزية والاستعداد القتالي لوحدات وتشكيلات القوات المسلحة.

واستمع القائد العام للقوات المسلحة إلى عرض تقديمي تضمن إجراءات تأمين مسرح عمليات قاعدة البحر الأحمر البحرية، كما شاهد عدد من الأنشطة التدريبية التي أظهرت مدى ما يتمتع به رجال القوات البحرية من كفاءة قتالية عالية، أعقبه المرور على عدد من الوحدات البحرية للاطمئنان على مدى جاهزيتها، وناقش عدداً من الأطقم التخصصية في أسلوب تنفيذهم لمهامهم وإتقانهم للمنظومات القتالية الحديثة التي زودت بها القوات البحرية.

القائد العام للقوات المسلحة يتفقد قاعدة البحر الأحمر القائد العام للقوات المسلحة يتفقد قاعدة البحر الأحمر

كما التقى الفريق أول عبد المجيد صقر بعدد من رجال القوات البحرية، ونقل لهم تحيات وتقدير الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، مشيراً إلى حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على تعزيز القدرات القتالية للقوات البحرية وتطويرها وفقاً لأحدث النظم بما يمكنها من حماية سواحل مصر ومياهها الإقليمية والتصدي لكافة التهديدات البحرية على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية، وطالب القائد العام للقوات المسلحة رجال القوات البحرية بالحفاظ على أعلى مستويات الكفاءة والاستعداد القتالي لتنفيذ كافة المهام التي توكل إليهم تحت مختلف الظروف، مؤكداً أن القوات المسلحة بما تمتلكه من قدرات قتالية عالية وفرد مقاتل على أعلى درجات الجاهزية قادرة على حماية الوطن وصون مقدساته في ظل ما تموج به المنطقة من تحديات راهنة.

اقرأ أيضاًرئيس الوزراء يوجه بوضع خطة زمنية لطرح شركات القوات المسلحة المعلن عنها

تمهيدًا لافتتاحه قريبًا.. محافظ المنيا يتفقد التجهيزات النهائية لقصر ثقافة أبوقرقاص

مقالات مشابهة

  • يحتل المرتبة الـ20 عالميًا.. الأسطول البحري السعودي يتصدر الدول العربية والإقليمية في الحمولة الطنية لعام 2024
  • شركة شحن عالمية أخرى تعلن استمرار تجنب البحر الأحمر
  • الصين ترد على تقرير الاستخبارات الأميركية بشأن مصدر فيروس كورونا
  • القائد العام للقوات المسلحة يتفقد قاعدة البحر الأحمر البحرية |فيديو
  • شركة شحن فرنسية: مستمرون في تجنب البحر الأحمر 
  • شركة شحن عالمية: مستمرون في تجنب البحر الأحمر
  • ميرسك تعلن استمرار تجنب سفنها البحر الأحمر
  • مهمة الاتحاد الأوربي في البحر الأحمر تنتهي هذا الشهر 
  • الأمم المتحدة: شركات الأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن تواجه تهديدات جديدة
  • ترامب والحوثي..أفلح إن صدق