ما دلالات إرسال الصين أسطولها البحري إلى البحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
إرسال الأسطول البحري الصيني آثار التكهنات حول انخراط الصين عسكرياً في البحر الأحمر، ولا سيما بعد الطلبات الأميركية المتكررة لبكين بالضغط على إيران لثني القوات المسلحة اليمنية عن هجماتها في البحر الأحمر.
مع تصاعد التوترات في البحر الأحمر، أرسلت الصين الأسطول البحري الـ46 في مهمة مرافقة للأسطول البحري الـ45 الذي أرسلته إلى خليج عدن قبل عدة أشهر.
إرسال الأسطول البحري الصيني آثار التكهنات حول انخراط الصين عسكرياً في البحر الأحمر، ولا سيما بعد الطلبات الأميركية المتكررة لبكين بالضغط على إيران لثني القوات المسلحة اليمنية عن هجماتها في البحر الأحمر.
اعتادت الصين منذ العام 2008 أن ترسل السفن البحرية إلى خليج عدن لحماية سفنها والسفن الأخرى التجارية والنفطية من القرصنة. ومع تزايد التوترات الأمنية في دول الشرق الأوسط، راحت السفن البحرية الصينية تساعد في إجلاء الرعايا الصينيين من البلدان التي كانت تشهد اضطرابات، مثل ليبيا والسودان.
وبناء عليه، فإن إرسال بكين سفنها البحرية إلى البحر الأحمر وخليج عدن هو عمل اعتادت القيام به منذ 16 عاماً، إلا أن عملية الإرسال جاءت في وقت حساس للأسباب التالية:
- ارتفاع وتيرة التوترات في البحر الأحمر مع تزايد هجمات جماعة الحوثي على السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية، وتصاعد الغارات الأميركية والبريطانية على أهداف تابعة لجماعة الحوثي في اليمن في إطار عملية ما يسمى بـ"حارس الازدهار".
- يأتي إرسال الأسطول البحري الصيني بعد أيام عدة من إطلاق الاتحاد الأوروبي عملية "الدرع" كمهمة عسكرية جديدة في خليج عدن والبحر الأحمر.
- إعلان القائم بأعمال السفارة الصينية في اليمن شاو تشينغ قبل عدة أيام أن الصين تأثرت بما حدث في البحر الأحمر، بحيث ارتفعت أسعار التأمين على النقل البحري والسفن، واضطرت بعض السفن الصينية إلى المرور عبر جنوب أفريقيا، ما يرفع التكاليف ويطيل المسافة والوقت لوصولها.
وعلى الرغم من أن إرسال الصين أسطولها البحري هو عمل اعتيادي روتيني، فإن له أبعاداً أخرى هدفت الصين منه إلى إرسال رسالة إلى الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، مفادها أن بكين معنية أيضاً بمبدأ حرية الملاحة وحرية التجارة، وستدافع عن مصالحها الاقتصادية، ليس من هجمات أنصار الله، بل من رغبة واشنطن في السيطرة على البحر الأحمر، وخصوصاً أن للأخير دوراً مهماً في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية.
تدرك بكين جيداً أن هدف واشنطن من وراء هجماتها على جماعة الحوثي ليس ضمان أمن الممرات المائية وحماية أمن "إسرائيل" بقدر ما هو السعي لتعزيز سيطرتها على الممرات البحرية التي تعد أولوية قديمة في استراتيجيتها في الشرق الأوسط وإلحاق الضرر بالمصالح الصينية، نظراً إلى أهمية البحر الأحمر بالنسبة إلى الصين، إذ تمر عبره المنتجات الصينية إلى أوروبا وشمال أفريقيا، وأيضاً تمر ناقلات النفط المتجهة إلى الصين، ناهيك بأهمية قناة السويس بالنسبة إلى بكين.
من المستبعد أن تشارك الصين عسكرياً في أزمة البحر الأحمر، على الرغم من أنها تتأثر اقتصادياً بالأزمة، وذلك للأسباب التالية:
- الصين مناصر قوي للقضية الفلسطينية التي تعتبرها القضية الأساس في الشرق الأوسط، ولن يكون هناك سلام في المنطقة ما لم يتم إيجاد حل عادل لهذه القضية.
- ترى الصين أن تهجير الفلسطينيين هو الظلم الأطول أمداً في العالم، ولا بدّ لهذا الظلم من أن ينتهي. وكان للصين دور مشرف أمام محكمة العدل الدولية قبل عدة أيام، إذ اعتبرت بكين أن المقاومة المسلحة حق للشعوب المستعمرة، وليس لـ"إسرائيل" حق الدفاع عن نفسها، لكون احتلالها الأراضي الفلسطينية غير قانوني.
- علاقة الصين القوية بدول الشرق الأوسط، وإعلانها الدائم أنها تسعى إلى تأمين السلام والاستقرار في العالم، وتتوسط لحل الخلافات والتوترات، كما هي الحال عندما توسطت بين السعودية وإيران. وترفض الصين دائماً استعمال القوة العسكرية لحل الخلافات، وتدعو دائماً إلى التهدئة وحل التوترات والخلافات عبر الطرائق السياسية والدبلوماسية.
- تنظر الصين إلى هجمات جماعة الحوثي على أنها نتيجة للحرب الدائرة في غزة، وتضامناً مع أهل الغزة الذين يتعرضون لإبادة جماعية، وبالتالي فإن معالجة سبب هذه الهجمات هي الحل، ويكون ذلك عبر وقف الحرب في غزة، وليس باستخدام القوة.
يمكن القول إن الصين تتبع استراتيجية الهدوء وتتسم تصرفاتها إزاء أزمة البحر الأحمر بالعقلانية، فهي من ناحية لا تريد الإضرار بمصالحها الاقتصادية، وخصوصاً في ظل ما تعانية من أزمات اقتصادية وتباطؤ لنموها اقتصادها. ومن ناحية أخرى، لا تريد أن تخرج عن موقفها التقليدي إزاء القضية الفلسطينية، بالرغم مما تتعرض له من ضغوطات غربية، لا سيما من الولايات المتحدة الأميركية، لكي تغير موقفها من حركة حماس وتضغط على إيران لثني جماعة الحوثي عن القيام بهجماتهم في البحر الأحمر، والانطباع الذي تعطيه للعالم عن أنها دولة تسعى إلى تأمين الاستقرار في العالم، وتحقيق التنمية والرخاء المشترك للبشرية جمعاء وتأمين الاستقرار والسلام لا يكون إلى عبر الحل السياسي بعيداً من استخدام القوة.
ولكن ماذا لو طال أمد الحرب في غزة واستمر التوتر في البحر الأحمر وتعرضت الصين لمزيد من الأضرار الاقتصادية؟
إزاء هذا الوضع، ستجد الصين نفسها مضطرة إلى التدخل أكثر في حرب غزة لحماية مصالحها، ولكن ليس عبر التدخل العسكري في البحر الأحمر، فلو أرادت استخدام القوة العسكرية لكانت قد أعادت تايوان إلى البر الرئيسي الصيني رداً على الاستفزازات الأميركية، وربما يكون عبر الضغط على الدول المعنية وتكثيف مساعيها من أجل وقف الحرب في غزة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الصين أمريكا البحر الأحمر الحوثي اسرائيل فی البحر الأحمر الأسطول البحری الشرق الأوسط جماعة الحوثی لا سیما فی غزة
إقرأ أيضاً:
عادل اللمعي: تعديلات تسجيل السفن التجارية تستهدف تعظيم دور النقل البحري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال النائب عادل اللمعي، عضو مجلس الشيوخ، إن مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم (84) لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن التجارية، من التشريعات التى تستهدف فى المقام الأول تعظيم دور النقل البحري في خطة التنمية الشاملة لها.
وأكد اللمعى، خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم، المنعقدة برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، أن التشريع يستهدف المنشود بتحويلها إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات ولتحقيق هذا الهدف لابد من تنمية وتعزيز الأسطول التجاري البحري المصري من حيث العدد والتطور، مما يسهم في تنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية، ويتماشى مع التطور الهائل في الموانئ المصرية، ويحقق النمو الاقتصادي المستهدف.
وأشاد عضو مجلس الشيوخ، بالاستجابة السريعة لتعديل القانون من قبل الحكومة، لافتا إلى ضرورة تطوير الأسطول التجاري البحري، متابعا:" البداية جيدة، القانون منذ زمن طويل، الأسطول الوطني المصري سيكون باكورة لضخ عملة أجنبية، ومن المتوقع خلال العام المقبل أن نشهد العديد من السفن التى سترفع العلم المصري، ومن ثم رواج هذا القطاع".
وفى ذات الصدد، قال محمود منصور، عضو مجلس الشيوخ، إن مشروع القانون يخص مرفق من أهم مرافق الدولة المصرية، قناة السويس ثاني أكبر مصدر للنقد الأجنبي بعد تحويلات المصريين بالخارج، والجميع يتفق مع اى تعديل يستهدف تنمية وتعزيز الأسطول الوطني المصري.
فيما أعلن النائب عمرو عزت حجاج، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، موافقته من حيث المبدأ على مشروع القانون، قائلا:" التعديلات تتماشى مع نهج الدولة الوطنية لتحقيق النمو الاقتصادى المستهدف فى واحد من أهم القطاعات الاستثمارية".
وقال النائب محمد عمارة ، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين،:" نحن فى حاجة ماسة لتعديل القانون، وذلك نظرا لما طرأ على الساحة من تغيرات سواء داخلية أو خارجية، اليونان لديها 1200 سفينة، ومن ثم هناك حاجة ماسة وضرورية لإجراء تعديلات تستهدف زيادة الاستثمار فى هذا الملف، وتتماشى مع جهود ورؤية الدولة المصرية".
وتابع عمارة: "الدولة المصرية تمتلك مقومات كبيرة فى هذا الملف، منطقة اقتصادية أصبحت تفوق 400 كم بعدما كانت 22 كم ، وغيرها من المقومات، وهذا بدوره يتطلب المزيد من الحوافز فى هذا الملف على وجه الخصوص".