البشت.. رمز ثقافي خليجي يسعى للانضمام للتراث العالمي لليونسكو
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
الدوحة ـ بفخامته وأناقته، يحتفظ البشت بمكانته المتميزة بوصفه زيا تقليديا في دول الخليج، حيث يعد جزءا مهما من الهوية الثقافية للخليجيين ويعكس قيم الأصالة والاحتفاء بالتراث.
ويتميز البشت بتصميماته الفريدة والمتنوعة، ويتم ارتداؤه في مناسبات خاصة تعكس التراث والقيم الاجتماعية للمنطقة.
وفي محاولة للحفاظ على هذا الموروث التراثي المهم، تسعى دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية أخرى لإدراجه بوصفه أحد عناصر التراث الثقافي غير المادي ضمن قائمة التراث الثقافي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) من خلال إعداد ملف عربي مشترك وتقديمه للمنظمة الأممية.
والبشت عبارة عن عباءة يرتديها الرجال العرب منذ القدم، وما زال يستخدم في دول الخليج ويتميز بألوانه المختلفة مثل الرمادي والأسود والبني والرملي (البيج) والأبيض، ويبدأ طول البشت من الكتف إلى القدم، وهو لباس ليس له أكمام ولكنْ له فتحتان من أجل إخراج اليدين.
وبرز البشت عالميا بشكل كبير منذ ختام بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 بعدما قام أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتتويج نجم منتخب الأرجنتين ليونيل ميسي بالبشت عقب رفعه كأس العالم.
وفي هذا الصدد، يقول الأمين العام للجنة الوطنية القطرية للتربية والعلوم والثقافة علي معرفي إن البشت يحمل أهمية كبيرة كعنصر ثقافي يعكس تراثا عريقا وتاريخا متجذرا في ثقافة منطقة الخليج عامة، وفي دولة قطر خاصة، حيث يعتبر هذا العنصر أكثر من مجرد لباس تقليدي بل هو رمز للهوية الوطنية والتراث الثقافي للشعب القطري.
ويضيف معرفي، في حديث للجزيرة نت، أنه على الرغم من التطور الكبير الذي تشهده المجتمعات فإن حرص أبناء دولة قطر في المحافظة على هذا العنصر والتمسك بارتدائه في مختلف المناسبات والفعاليات الرسمية والاجتماعية ارتبط ارتباطا وثيقا بالعادات والتقاليد.
وأوضح أن أهميته لا تقتصر على قطر فقط، بل هو جزء لا يتجزأ من التراث العربي الإنساني المشترك، حيث يعكس البشت تاريخا غنيا من التقاليد والأصالة، "ومن خلال الحفاظ على هذا الإرث الثقافي يمكننا التأكد من أن المعارف التي ورثناها وننعم بها اليوم محفوظة لأبنائنا مستقبلا".
وأوضح أنه بهدف الحفاظ على هذا الموروث التاريخي المهم في دول الخليج، فإن دولة قطر بالتعاون مع اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم ووزارة الثقافة والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) والجهات المعنية الأخرى، عملت على إعداد ملف ترشيح البشت للإدراج في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، موضحا أنه تمت مشاركة هذه الجهود مع 8 دول عربية أخرى.
ولفت إلى أن التعاون المشترك بين هذه الأطراف أثمر في جمع الخبرات والموارد وتبادل المعرفة بين مختلف الجهات لتقديم ملف متكامل سيسهم في تعزيز الحفاظ على التراث الثقافي العربي ونشره عالميا.
ويؤكد الأمين العام للجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم أنه إذا نجحت الدول الخليجية في إدراج البشت على قائمة التراث العالمي لليونسكو، فإن ذلك سيكون له العديد من الفوائد منها تعزيز الجهود المبذولة في الحفاظ على التراث الثقافي في المنطقة، وبالتالي يسهم في تحقيق الاستدامة الثقافية من خلال نقل القيم والتقاليد عبر الأجيال.
وبحسب معرفي، فإن إدراج البشت يعزز أيضا السياحة الثقافية في المنطقة بشكل عام وقطر بشكل خاص، مما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتنمية القطاع السياحي بشكل مستدام، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التراث الثقافي غير المادي من مهارات ومعارف وممارسات، ودعم الجهود في الحفاظ على التراث الثقافي ونقله للأجيال القادمة تحقيقا لاستدامة التراث الثقافي.
من جهته، يقول مدير إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) حميد النوفلي إن البشت هو أكثر من مجرد قطعة ملابس، فهو يحمل في طياته ثقافة عميقة وفنية رفيعة، إنه "تجسيد لتراثنا العربي الأصيل ورمز لقيمنا وهويتنا"، لافتا إلى أنه يعبر عن الحرفية والدقة في التصنيع، ويتضمن طقوسا رمزية تعبّر عن تراث وثقافة المجتمع العربي.
ويوضح النوفلي، في حديث للجزيرة نت، أن ارتداء البشت "يمنحنا الشعور بالانتماء والانسجام مع جذورنا الثقافية، فهو يعدّ مصدر إلهام يحمل معاني عميقة، ويعزز الاستمرارية والاستدامة لتراثنا الثقافي".
ولفت إلى أن الاجتماعات التي شهدتها الدوحة لإتمام العمل حول الصياغة النهائية لملف "البشت" هي عمل عربي مشترك تقوده الألكسو وقطر بمشاركة عدد من الدول العربية، مشيرا إلى أن هذا العمل هو ثمار الجهود التي تبذلها الألكسو للنهوض بالثقافة العربية من خلال حشد أكبر عدد من الدول في ملف واحد، مما يمنح الملف قوة ويعزز من فرص قبوله من قبل اليونسكو.
ويرى النوفلي أن إدراج البشت بقائمة التراث العالمي لليونسكو بمثابة اعتراف عالمي بأهمية هذا العنصر الثقافي المميز، مما يسهم في وضع الثقافة العربية على الواجهة الدولية، ورفع الوعي العالمي بموروثات هذه الثقافية، معتبرا أن ذلك يعد جزءا بسيطا من التراث العربي الغني، ويؤكد على أهمية التعاون العربي للحفاظ على هذا التراث.
ويضيف النوفلي أنه كلما ازداد عدد العناصر العربية المدرجة على قائمة اليونسكو، ازدادت تغطيتنا للخارطة الثقافية للدول والشعوب العربية، مما يعزز شعورنا بالانتماء والهوية، كما يشجع ذلك الدول العربية على بذل المزيد من الجهود لحماية تراثها الثقافي ونقله للأجيال القادمة.
بدوره، اعتبر الباحث في التراث الكويتي صالح خالد المسباح البشت واحدا من أبرز الرموز الثقافية في منطقة الخليج، حيث يمتاز بتاريخ طويل وتقاليد عريقة، معربا عن أمله في نجاح جهود إدراج البشت على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وبالتالي تعزيز الوعي العالمي بالتراث الثقافي الخليجي ودعم جهود المحافظة عليه وترويجه للعالم.
واستذكر المسباح، في حديث للجزيرة نت، المشهد الذي قام فيه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في حفل ختام مونديال قطر 2022 بإلباس ميسي نجم المنتخب الأرجنتيني البشت خلال مراسم تتويجه بلقب المونديال، معتبرا أن هذه البادرة كان لها دور كبير في الترويج للبشت وتعريف العالم به.
وأشار إلى أن هذه البادرة عبّرت عن كرم الضيافة العربية، كما عبرت عن اعتزاز قطر بتراثها وثقافتها، مضيفا أن هذه البادرة أسهمت في تعريف العالم بالثقافة العربية والتراث القطري، وساعدت على تغيير الصورة النمطية عن العرب والمسلمين، كما أنها ستلهم الأجيال القادمة للاعتزاز بتراثهم وثقافتهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للتربیة والثقافة والعلوم العالمی للیونسکو التراث الثقافی قائمة التراث الحفاظ على دول الخلیج دولة قطر من خلال على هذا فی دول إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبراء أردنيون: القمة العربية التي دعت لها مصر رسالة للعالم بوحدة الصف العربي ضد التهجير
أكد محللون وخبراء أردنيون أن القمة العربية الطارئة المقررة 27 فبراير الجاري والتي دعت إليها مصر، تمثل رسالة واضحة للعالم بالموقف العربي الموحد الرافض لمحاولات واقتراحات التهجير للفلسطينيين سواء من غزة أو الضفة الغربية إلى مصر والأردن، مشيرين إلى أن مصر والأردن عبرا عن موقفهما الرافض والصلب ضد التهجير والعالم العربي دعم هذا الموقف التاريخي والإنساني.
وقال الخبراء، في تصريحات لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، إن دعوة مصر لعقد قمة عربية طارئة وقمة إسلامية في إطار التنسيق المصري الأردني المتواصل هو تأكيد على الدور المحوري الذي تلعبه مصر لتوحيد الصف العربي في الأزمات والقضايا العربية وفي مقدمتها القضية المركزية الفلسطينية، مؤكدين أن الموقف العربي الراهن يؤكد دعمه للموقف المصري الأردني الرافض للتهجير منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويقول مساعد أمين عام حزب الأنصار الأردني الدكتور محمد حسن الطراونة، إن مصر والأردن ومنذ بداية الحرب وهم يعلمون المخططات الإسرائيلية والأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية ويواجهنا، مشيرا إلى أن قوة التعاون والتنسيق بين القاهرة وعمان خلق واعيا عربيا ودوليا بخطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية والمنطقة بأسرها.
وأضاف الطراونة، أنه في خضم التوترات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط، يبرز موقف الرئيس عبدالفتاح السيسي وأخيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، كصوت حكيم وداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة، مشيرا إلى أن أول من اعتبر تهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية إعلان حرب وخط أحمر هما القاهرة وعمان قيادة وحكومة وشعبا.
وشدد على أن القمة العربية الطارئة بالقاهرة 27 فبراير الجاري تمثل بلورة قوية وواضحة لموقف عربي موحد رافض لخطة التهجير سواء من جانب إسرائيل أو أمريكا، مشددا على ضرورة توحيد الصف والوقوف ضد هذه المحاولات والاقتراحات التي تريد تصفية القضية الفلسطينية وهو ما تعمل عليه حاليا الدول العربية وفي مقدمتها مصر والأردن والسعودية.
بدوره، قال الكاتب الصحفي الأردني علاء البلاسمة، إن مصر والأردن يدركان خطورة المخططات الأمريكية والإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتصفية القضية الفلسطينية، وهو الأمر الذي حذر منه الزعيمان الرئيس السيسي والملك عبدالله الثاني، مشيرا إلى أن القمة العربية الطارئة القادمة بالقاهرة ستكون محل ردود عربية موحدة لمواجهة الأطماع الأمريكية والإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
ونوه البلاسمة إلى أن العاهل الأردني تعامل بدبلوماسية وحكمة فائقة خلال لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث أظهر وجود تنسيق عربي موحد تشارك فيه مصر والسعودية مع الأردن، مؤكدا أن العاهل الأردني مهد الطريق أمام مخرجات القمة العربية والإسلامية بالقاهرة والتى ستعبر عن موقف عربي موحد ضد التهجير وتقدم البديل.
وشدد على ضرورة تبني خطابا إعلاميا ودبلوماسيا عربيا موحدا ضد الاقتراحات الأمريكية والإسرائيلية لتعبر عن رفض الشارع العربي لمخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الأمن القومي العربي بات في خطر والوحدة العربية والتماسك الشعبي العربي ودعم القادة العرب هو مطلب ضروري لحماية أمننا القومي.
من جانبها، اعتبرت الدكتورة حنين عبيدات الكاتبة والإعلامية الأردنية أن القضية الفلسطينية في عمق اهتمامات السياسة الأردنية والمصرية وتاريخها التي تسعى لإيجاد حلول لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيرة إلى أن مصر والأردن يسعيان من خلال القمة العربية الطارئة القادمة بالقاهرة لإيجاد موقف موحد لإبراز الدور السياسي الحقيقي في إثبات الحق الفلسطيني على أرضه ورفضا للتهجير والتصفية القضية الفلسطينية.
وأشارت إلي أن القضية الفلسطينية ذات بعد وعمق عربي و إسلامي وستكون القمة نواة هامة لتوحيد الموقف العربي من أجل القضية الفلسطينية وتطوراتها ، مؤكدة أن القمة العربية والإسلامية في 27 فبراير الجاري من أهم القمم التي حدثت في التاريخ العربي الحديث بما يعنى في القضايا العربية لأنها ستثبت الموقف العربي المتزن والرشيد القائم على الرأي الواحد الإيجابي بما يخص القضية الفلسطينية وفي مقدمة ذلك رفض التهجير.
وأشارت إلى أن مصر والأردن يعتبران في قلب المواجهة الرئيسية لما يحدث من أفكار وطروحات لمشاريع أمريكية وإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية أو غزة إلى الأردن ومصر وتفريغ فلسطين من أهلها .
وشددت على اللاءات الثلاث ( لا للتهجير، لا للتوطين، لا للوطن البديل) التي أطلقها العاهل الأردني في المحادثات الأخيرة مع الرئيس الأمريكي وعلى ضرورة التمسك بها في القمة العربية القادمة باعتبارها تعبر عن الشارع العربي وفي مقدمته الشارع المصري والأردني في دعم واضح لموقف قيادتي البلدين، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية لها عمقها العربي و مصر والأردن جزء من هذا العمق التاريخي.