الدوحة ـ بفخامته وأناقته، يحتفظ البشت بمكانته المتميزة بوصفه زيا تقليديا في دول الخليج، حيث يعد جزءا مهما من الهوية الثقافية للخليجيين ويعكس قيم الأصالة والاحتفاء بالتراث.

ويتميز البشت بتصميماته الفريدة والمتنوعة، ويتم ارتداؤه في مناسبات خاصة تعكس التراث والقيم الاجتماعية للمنطقة.

وفي محاولة للحفاظ على هذا الموروث التراثي المهم، تسعى دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية أخرى لإدراجه بوصفه أحد عناصر التراث الثقافي غير المادي ضمن قائمة التراث الثقافي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) من خلال إعداد ملف عربي مشترك وتقديمه للمنظمة الأممية.

والبشت عبارة عن عباءة يرتديها الرجال العرب منذ القدم، وما زال يستخدم في دول الخليج ويتميز بألوانه المختلفة مثل الرمادي والأسود والبني والرملي (البيج) والأبيض، ويبدأ طول البشت من الكتف إلى القدم، وهو لباس ليس له أكمام ولكنْ له فتحتان من أجل إخراج اليدين.

وبرز البشت عالميا بشكل كبير منذ ختام بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 بعدما قام أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتتويج نجم منتخب الأرجنتين ليونيل ميسي بالبشت عقب رفعه كأس العالم.

ارتداء ميسي للبشت في نهائي المونديال أسهم في انتشاره عالميا (الأناضول) أكثر من مجرد لباس

وفي هذا الصدد، يقول الأمين العام للجنة الوطنية القطرية للتربية والعلوم والثقافة علي معرفي إن البشت يحمل أهمية كبيرة كعنصر ثقافي يعكس تراثا عريقا وتاريخا متجذرا في ثقافة منطقة الخليج عامة، وفي دولة قطر خاصة، حيث يعتبر هذا العنصر أكثر من مجرد لباس تقليدي بل هو رمز للهوية الوطنية والتراث الثقافي للشعب القطري.

ويضيف معرفي، في حديث للجزيرة نت، أنه على الرغم من التطور الكبير الذي تشهده المجتمعات فإن حرص أبناء دولة قطر في المحافظة على هذا العنصر والتمسك بارتدائه في مختلف المناسبات والفعاليات الرسمية والاجتماعية ارتبط ارتباطا وثيقا بالعادات والتقاليد.

وأوضح أن أهميته لا تقتصر على قطر فقط، بل هو جزء لا يتجزأ من التراث العربي الإنساني المشترك، حيث يعكس البشت تاريخا غنيا من التقاليد والأصالة، "ومن خلال الحفاظ على هذا الإرث الثقافي يمكننا التأكد من أن المعارف التي ورثناها وننعم بها اليوم محفوظة لأبنائنا مستقبلا".

وأوضح أنه بهدف الحفاظ على هذا الموروث التاريخي المهم في دول الخليج، فإن دولة قطر بالتعاون مع اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم ووزارة الثقافة والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) والجهات المعنية الأخرى، عملت على إعداد ملف ترشيح البشت للإدراج في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، موضحا أنه تمت مشاركة هذه الجهود مع 8 دول عربية أخرى.

ولفت إلى أن التعاون المشترك بين هذه الأطراف أثمر في جمع الخبرات والموارد وتبادل المعرفة بين مختلف الجهات لتقديم ملف متكامل سيسهم في تعزيز الحفاظ على التراث الثقافي العربي ونشره عالميا.

ويؤكد الأمين العام للجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم أنه إذا نجحت الدول الخليجية في إدراج البشت على قائمة التراث العالمي لليونسكو، فإن ذلك سيكون له العديد من الفوائد منها تعزيز الجهود المبذولة في الحفاظ على التراث الثقافي في المنطقة، وبالتالي يسهم في تحقيق الاستدامة الثقافية من خلال نقل القيم والتقاليد عبر الأجيال.

البشت لاقى رواجا كبيرا منذ نهاية كأس العالم في قطر 2022 (الأناضول) تجسيد للتراث العربي

وبحسب معرفي، فإن إدراج البشت يعزز أيضا السياحة الثقافية في المنطقة بشكل عام وقطر بشكل خاص، مما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتنمية القطاع السياحي بشكل مستدام، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التراث الثقافي غير المادي من مهارات ومعارف وممارسات، ودعم الجهود في الحفاظ على التراث الثقافي ونقله للأجيال القادمة تحقيقا لاستدامة التراث الثقافي.

من جهته، يقول مدير إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) حميد النوفلي إن البشت هو أكثر من مجرد قطعة ملابس، فهو يحمل في طياته ثقافة عميقة وفنية رفيعة، إنه "تجسيد لتراثنا العربي الأصيل ورمز لقيمنا وهويتنا"، لافتا إلى أنه يعبر عن الحرفية والدقة في التصنيع، ويتضمن طقوسا رمزية تعبّر عن تراث وثقافة المجتمع العربي.

ويوضح النوفلي، في حديث للجزيرة نت، أن ارتداء البشت "يمنحنا الشعور بالانتماء والانسجام مع جذورنا الثقافية، فهو يعدّ مصدر إلهام يحمل معاني عميقة، ويعزز الاستمرارية والاستدامة لتراثنا الثقافي".

ولفت إلى أن الاجتماعات التي شهدتها الدوحة لإتمام العمل حول الصياغة النهائية لملف "البشت" هي عمل عربي مشترك تقوده الألكسو وقطر بمشاركة عدد من الدول العربية، مشيرا إلى أن هذا العمل هو ثمار الجهود التي تبذلها الألكسو للنهوض بالثقافة العربية من خلال حشد أكبر عدد من الدول في ملف واحد، مما يمنح الملف قوة ويعزز من فرص قبوله من قبل اليونسكو.

اجتماع اللجنة العربية المكلفة بالصياغة النهائية لملف البشت (الصحافة القطرية) رفع الوعي

ويرى النوفلي أن إدراج البشت بقائمة التراث العالمي لليونسكو بمثابة اعتراف عالمي بأهمية هذا العنصر الثقافي المميز، مما يسهم في وضع الثقافة العربية على الواجهة الدولية، ورفع الوعي العالمي بموروثات هذه الثقافية، معتبرا أن ذلك يعد جزءا بسيطا من التراث العربي الغني، ويؤكد على أهمية التعاون العربي للحفاظ على هذا التراث.

ويضيف النوفلي أنه كلما ازداد عدد العناصر العربية المدرجة على قائمة اليونسكو، ازدادت تغطيتنا للخارطة الثقافية للدول والشعوب العربية، مما يعزز شعورنا بالانتماء والهوية، كما يشجع ذلك الدول العربية على بذل المزيد من الجهود لحماية تراثها الثقافي ونقله للأجيال القادمة.

بدوره، اعتبر الباحث في التراث الكويتي صالح خالد المسباح البشت واحدا من أبرز الرموز الثقافية في منطقة الخليج، حيث يمتاز بتاريخ طويل وتقاليد عريقة، معربا عن أمله في نجاح جهود إدراج البشت على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وبالتالي تعزيز الوعي العالمي بالتراث الثقافي الخليجي ودعم جهود المحافظة عليه وترويجه للعالم.

واستذكر المسباح، في حديث للجزيرة نت، المشهد الذي قام فيه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في حفل ختام مونديال قطر 2022 بإلباس ميسي نجم المنتخب الأرجنتيني البشت خلال مراسم تتويجه بلقب المونديال، معتبرا أن هذه البادرة كان لها دور كبير في الترويج للبشت وتعريف العالم به.

وأشار إلى أن هذه البادرة عبّرت عن كرم الضيافة العربية، كما عبرت عن اعتزاز قطر بتراثها وثقافتها، مضيفا أن هذه البادرة أسهمت في تعريف العالم بالثقافة العربية والتراث القطري، وساعدت على تغيير الصورة النمطية عن العرب والمسلمين، كما أنها ستلهم الأجيال القادمة للاعتزاز بتراثهم وثقافتهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للتربیة والثقافة والعلوم العالمی للیونسکو التراث الثقافی قائمة التراث الحفاظ على دول الخلیج دولة قطر من خلال على هذا فی دول إلى أن

إقرأ أيضاً:

افتتاح «الليالي التراثية» في قلب الشارقة

الشارقة (وام)

أخبار ذات صلة النصر يحصد لقب فردي الرجال لكرة الطاولة سلطان بن أحمد يكرّم الجهات الفائزة بجائزة «تميُّز»

أطلق معهد الشارقة للتراث، مساء أمس، فعاليات «الليالي التراثية» في ساحة السوق بقلب الشارقة، وذلك ضمن جهود المعهد الرامية إلى صون التراث الثقافي غير المادي، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهميته، إذ تقدم «الليالي التراثية» والتي تستمر حتى 23 مارس الجاري تجربة ثرية تجمع بين الفنون الشعبية والحرف التقليدية والمأكولات التراثية والعروض الأدائية، التي تحاكي ملامح الحياة الإماراتية القديمة خلال ليالي رمضان. وافتتح الفعاليات الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، بحضور محمد أحمد أمين العوضي، مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة وعدد من المسؤولين.
أكد الدكتور عبدالعزيز المسلم، أن «الليالي التراثية» تأتي تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في الحفاظ على التراث الثقافي، وتعزيز حضوره في وجدان المجتمع، مشيراً إلى أن هذا الحدث يعكس التزام الشارقة الراسخ بحماية الموروث الثقافي وصونه ونقله للأجيال القادمة بأسلوب يجمع بين الأصالة والتجديد.
وقال، إن صاحب السمو حاكم الشارقة علمنا أن التراث ليس مجرد ماضٍ يُحكى، بل هو هوية حيّة تتجدد بتجدد الأجيال، وهو الجسر الذي يربطنا بجذورنا ويشكّل حاضرنا ويستشرف مستقبلنا، ومن هذا المنطلق تأتي فعالية «الليالي التراثية»، لتعزز هذا الارتباط عبر إحياء العادات والتقاليد الأصيلة في أجواء رمضانية تعبق بعبق الماضي وتألق الحاضر.
وأضاف المسلم، أن هذه الفعالية تمثل مساحة نابضة بالحياة، للتفاعل مع عناصر التراث، حيث يلتقي الحكواتيون والحرفيون والفنانون والباحثون في مكان واحد، ليحكوا قصة الإمارات بلسان التاريخ وأصالة التراث، مؤكداً أن هذا الحدث لا يعكس فقط هوية الشارقة الثقافية، بل يعزز مكانتها منارة للحضارة والتراث الإنساني على المستويين الإقليمي والعالمي. وتشمل الفعالية العديد من الأنشطة المميزة التي تعكس زخم التراث الثقافي الغني، حيث تحتضن قرية الحكايات ومسرح العرائس لتعيد إحياء فن الرواية الشفوية التي لطالما كانت جزءاً من الموروث الشعبي، أما قرية الأطفال فتقدم للصغار مجموعة من الأنشطة الترفيهية والتعليمية التي تعزز ارتباطهم بالتراث من خلال تجربة تفاعلية ممتعة.
التراث الثقافي 
تشكل الجلسات الحوارية منصة تجمع الباحثين والمتخصصين لمناقشة قضايا التراث الثقافي وتحديات الحفاظ عليه، كما يضيف الرسم الحي بُعداً فنياً للفعالية، حيث يبدع الفنانون في تقديم لوحات مستوحاة من الثقافة الإماراتية لتوثيق الموروث الثقافي بأسلوب معاصر.
فعاليات متنوعة
يتيح ركن الألعاب الشعبية للزوار فرصة استكشاف الألعاب التقليدية التي شكلت جزءاً من حياة الأجداد، بينما تجمع مسابقات المطبخ الرمضاني بين عشاق الطهي في أجواء تنافسية مفعمة بالحيوية، ويشهد الحدث مشاركة فاعلة من جمعية الناشرين التي تتيح للزوار فرصة الاطلاع على الإصدارات الثقافية المتنوعة، إلى جانب بساط الكتب (الكتبيين) الذي يقدم للمهتمين بالتراث فرصة اقتناء كتب نادرة تسلط الضوء على الموروث الثقافي.
وكجزء من التجربة الرمضانية المتكاملة يشهد الميدان تنفيذ مدفع الإفطار أمام الحصن في مشهد يستحضر العادات الرمضانية الأصيلة، فيما يوفر ركن المأكولات مجموعة من الأطباق الإماراتية التقليدية التي تعكس غنى المطبخ المحلي، كما تقدم الفعالية مسابقة تلفزيونية تضفي أجواءً من التفاعل والتشويق إلى جانب فعاليات المسرح التي تستعرض العروض الفلكلورية المحلية والعربية التراثية.

مقالات مشابهة

  • السيب يسعى للتعويض أمام العربي الكويتي والصعود لنصف نهائي "كأس التحدي الآسيوي"
  • السيب يسعى للتعويض والصعود لنصف نهائي "كأس التحدي الآسيوي" العربي الكويتي
  • بدعم محمد بن زايد.. نهضة لا محدودة في المشهد الثقافي الإماراتي
  • الشناوي يدخل حسابات الجهاز الفني للمنتخب للانضمام لمعسكر مارس
  • جهاد الرنتيسي: الحياة الثقافية المصرية حاضنة للتنوير العربي ..ورواياتي تنبش في أعماق الفلسطيني
  • ما هو ترتيب الدول العربية على مؤشر الإرهاب العالمي 2025؟
  • 30 ألف متفرج للزمالك أمام ستيلينبوش الجنوب أفريقي في إياب ربع نهائي الكونفدرالية
  • لاعب الزمالك مرشح للانضمام لقائمة منتخب المغرب في أجندة مارس
  • إبداع من قلب التراث .. افتتاح معرض ببيت السناري باليوم العالمي للمرأة
  • افتتاح «الليالي التراثية» في قلب الشارقة