هواء بيروت يخنق اللبنانيين.. التلوث يرتفع والحلول بعيدة
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
كتبت رجانا حميّة في "الأخبار": لم يعد الهواء في مدينة بيروت صالحاً للتنفّس، وهو يتحوّل إلى «تبغ جديد» يفتك بسكانها، وفقاً لتعبير منظمة الصحة العالمية. وإذا كان التلوّث بات من «البديهيات» في العاصمة التي تغلّفها سحب سوداء بشكل دائم، إلا أن أخطر ما في الأمر أنه يتزايد عاماً بعد آخر، من دون أن تكون هناك حلول تقلّل من مخاطره.
انهيار بالتغذية الكهربائية بسبب الأزمة المالية وما رافقه من تقنين قاسٍ أدّى إلى زيادة الاعتماد على المولدات الخاصة، وإلى استيراد فيول غير مطابق للمواصفات المطلوبة. ففي «بيروت الإدارية» تراجعت التغذية الكهربائية في السنوات الخمس الماضية من 3 ساعات تقنين يومياً إلى 21 ساعة. وبعدما كان وجود المولدات الخاصة في هذه الرقعة الجغرافية أمراً هجيناً، بات اليوم لكل مبنى مولد خاص به، فيما لا يزال الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتحديداً الطاقة الشمسية، ضعيفاً جداً، «وأقصى ما يمكن أن نراه بعض الألواح الشمسية على الأسطح والشرفات، فيما تشير إحصاءات مؤسسة كهرباء لبنان إلى أن نسبة استهلاك الطاقة النظيفة لا تزال أقل من 1%».
مصادر التلوّث في لبنان
ثمّة مصادر ثلاثة أساسية لتلوّث الهواء: قطاع الطاقة (معامل الكهرباء والمولدات الكهربائية الخاصة) ووسائل النقل، وحرق النفايات والمكبات العشوائية. في لبنان، تتوافر كل العوامل المسهّلة لهذا التلوّث: في قطاع الطاقة، تسهم انبعاثات المعامل والمولدات الكهربائية في تسميم الهواء، ويعتمد قطاع النقل كلياً على مادتي البنزين والمازوت المتّفق أنهما مادتان ملوّثتان للهواء، فيما الحرق العشوائي للنفايات هو المشهد الكارثي الأكثر شيوعاً. والعوامل الثلاثة هذه أصبحت أسوأ بعد الأزمة المالية، لناحية الفيول الذي يستخدم في المعامل والمولدات الخاصة والنقل، ولناحية عجز البلديات عن متابعة ملفّ النفايات، ما أدى إلى انتشار المكبات العشوائية كالفطر في النطاقات البلدية، ويصل عددها اليوم إلى أكثر من 1500 مكب. ماذا أنتج كل هذا؟ هواء «برائحة وطعم»، أصبح مع السكان «مشاريع سرطان»، تقول صليبا. إذ كلما زاد التلوّث زادت نسبة خطورة الإصابة بالسرطان جراء تنشّق المواد الملوّثة. خطط وزارة البيئة
الأسوأ من كل ما سبق «أننا لا نعرف اليوم مستوى التلوث»، وفقاً لمستشار وزير البيئة الدكتور حسن دهيني. بسبب تعطّل محطات أجهزة قياس تلوّث الهواء الـ 23 التابعة للوزارة والموزعة في المناطق كافة، لعدم القدرة على صيانتها. وتراجع عدد الموظفين في الدائرة المعنية في الوزارة.
ولأن أسباب التلوث متشعّبة، وتشمل قطاعات عدة، لذلك فإن حل هذه المعضلة «مرتبط بالعمل على أكثر من قطاع للمعالجة». فماذا تفعل وزارة البيئة؟ يؤكد دهيني أن لا حلول سحرية وإنما «عمل على المدى الطويل»، وعلى أكثر من جهة. ففي ما يخصّ قطاع النقل، أدخلت البيئة ضمن موازنة 2022 رزمة حوافز لتشجيع «النقل النظيف» أو الأقل تلوثاً، شملت إعفاءات بنسبة 100% على السيارات الكهربائية و80% على السيارات المدمجة، إضافة إلى ما يلحقها من تخفيضات في التسجيل والمعاينة الميكانيكية. وجدّدت هذه الحوافز في موازنة العام الحالي. مع ذلك، يقرّ دهيني بأن هذه الحوافز لا تحلّ المشكلة لأن قطاع النقل متشعّب في الصلاحيات، و«من دون الدخول في تلك التشعّبات، لا يزال الحلّ الأوفر هو إطلاق شبكة نقلٍ عام نظيف أسوة بالدول المتطورة».
أما في قطاعي الطاقة والصناعة، فـ«يمكن العودة إلى القرار 16/1 الذي نص على تحديد معايير الانبعاثات في كل قطاع «وما هي الملوّثات التي يفترض أن يقيسها بشكلٍ دائم أو متقطّع، على أن تُحدّث هذه المعايير العام المقبل لتصبح أكثر صرامة». وفي هذا السياق، أصدر وزير البيئة ناصر ياسين تعميماً لتنظيم عمل المولدات الكهربائية الخاصة ومراقبتها بيئياً للتخفيف من انبعاثاتها (إلزامها بوضع فلاتر معيّنة)، و«تُعقد اليوم اجتماعات مع المدعين العامين البيئيين لتطبيق القرار، على أن تكون الأولوية لإلزام الملّوثين الكبار قبل الانتقال إلى العمل على مولدات الأبنية.
وفي سياق الخطط أيضاً، حصلت وزارة البيئة على هبة بقيمة 8.8 ملايين دولار «سنستخدم جزءاً منها لإعادة تشغيل شبكة رصد الهواء على الأقل في المدن والنقاط الكبرى الأساسية، والجزء الآخر لوقف الحرق العشوائي للمكبات».
صحيح أن لمثل هذه الخطط تأثيراً إيجابياً على نوعية الهواء، إلا أنّ دونها درباً طويلاً من «المعارك» والمستحيلات، من بينها أن تقنع ملوّثين عن سابق تصوّر وتصميم، يشكّلون مافيات، بالخضوع للقانون!
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المولدات الکهربائیة
إقرأ أيضاً:
السيابي: 8 آلاف مستفيد من 1000 دورة تدريبية في "معهد عُمان للطاقة"
مسقط- العُمانية
قال المهندس نصر بن ناصر السيابي المدير العام لمعهد عُمان للطاقة إن المعهد تأسس في عام 2018 بمسمى "معهد عُمان للنفط والغاز" واحتفل بإطلاق هُويته الجديدة في العاشر من نوفمبر 2024م باسم "معهد عُمان للطاقة" في خطوة استراتيجية لتوسيع نطاق عمله ليشمل كافة أنواع الطاقة بدءًا من النفط والغاز والطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وصولًا إلى مجالات مبتكرة كالهيدروجين الأخضر وقطاعات التعدين المختلفة.
وتقوم سلطنة عُمان بدور مهم في قطاع الطاقة النظيفة، وتسعى بخطى ثابتة إلى تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة والمعادن نظير ما تملكه من إمكانات طبيعية وبشرية، وتبرز الحاجة إلى إعداد كوادر متخصّصة قادرة على إدارة دفة هذا القطاع وتطويره والاستفادة من مقومات سلطنة عُمان. ومن هذا المنطلق جاء تأسيس معهد عُمان للطاقة بهدف تدريب وتأهيل الكوادر البشرية المتخصصة التي تُسهم في تطوير قطاع الطاقة على المستويين المحلي والإقليمي.
وأضاف أن المعهد يقدم برامج تدريبية متخصصة تُغطي مجالات النفط والغاز بالإضافة إلى تخصصات تتعلق بالطاقة المتجدّدة والهيدروجين أخيرا، إلى جانب الإدارة والسلامة المهنية والمهارات الشخصية، مستهدفًا تأهيل الكفاءات الوطنية والإقليمية لمواكبة التحولات العالمية في قطاع الطاقة، موضحا أن هذه البرامج تتميز باستخدام تقنيات حديثة مثل المحاكاة والواقع الافتراضي، بالتعاون مع مؤسسات دولية تُعزز جودة التدريب وربطه بالتطورات العالمية، كما تجمع البرامج بين التعليم النظري والتطبيق العملي.
وأشار إلى أن عدد الدورات التي أقامها المعهد منذ تأسيسه حتى الآن بلغ أكثر من 1000 دورة تدريبية استفاد منها أكثر من 8 آلاف متدرب؛ الأمر الذي يترجم الإقبال المتزايد من قبل الأفراد والمؤسسات للتعلم والتدريب في مختلف مجالات الطاقة، كما عزز المعهد فرص توظيف الشباب العُماني من خلال تقديمه دورات وبرامج متخصصة لتأهيل الخريجين والباحثين عن عمل لتجهيزهم للانخراط في سوق العمل بالتعاون مع وزارة الطاقة والمعادن، ويطمح المعهد إلى أن يكون مرجعاً رائداً في مجال الطاقة في المنطقة عبر بناء شراكات استراتيجية محلية ودولية تضمن تطبيق أحدث المعايير وأفضل الممارسات من خلال الاستثمار في الطاقات البشرية.
وأوضح المدير العام للمعهد أن سلطنة عُمان مستمرة في تطوير مواردها البشرية من خلال التعليم والتدريب المهني بمعهد عُمان للطاقة لتلبية الطلب المتزايد على الكفاءات المتخصصة في القطاعات المختلفة للطاقة، بما في ذلك الطاقة التقليدية والمتجددة، مما يعزز مكانتها بوصفها مركزًا إقليميًّا لتطوير الكوادر البشرية في هذا القطاع الحيوي.
يُشار إلى أنه في ظل التحولات العالمية في مجال الطاقة، تتبنى سلطنة عُمان استراتيجية شاملة لتطوير قطاع الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مع التركيز على تطوير مشروعات الطاقة الشمسية والرياح.