ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول ما مدى اهتمام الإسلام بالتعليم؟ وهل يجب على الأب أن يقوم بتعليم أبنائه؟ وما حكم الشرع في إهمال تعليم الأبناء وتسريحهم من المدارس؟

هل يجب على الأب أن يقوم بتعليم أبنائه؟

وقالت دار الإفتاء، إنه قد حثَّ الإسلام على طلب العلم ورغَّب فيه وأعلى شأن طالبيه؛ فقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11]، وهذا الشَّرَف حاصلٌ لمَنْ طَلَب علمًا دينيًّا يصلح به أمر آخرته، أو عِلْمًا دنيويًّا يصلح به أمر دنياه؛ فقد نصَّ الفقهاء على أنَّ طلب العلوم الدنيوية -ممَّا تتوقف عليه مصالح العباد- يُعدُّ من فروض الكفايات.

انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (1/ 42، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للنووي (10/ 217، ط. المكتب الإسلامي).

وعندما وصف الله تعالى في كتابه العلماء بأنهم هم أهل خشيته مِن خَلْقِه جاء ذلك في سياق الكلام على دورة الحياة في الطبيعة، وتنوع ألوان الثمار (علم النبات)، واختلاف أشكال الجبال (علم الجيولوجيا)، ومظاهر اختلاف الكائنات الحية (التنوع البيولوجي)، وكلها من العلوم الدنيوية؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ۝ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: 27-28].

مرصد الأزهر يبحث مع نائب رئيس البعثة بالقاهرة جهود إندونيسيا لمكافحة التطرف انطلاق أولى برامج مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن المتقدمين للعمل بالرواق الأزهري

وأضافت دار الإفتاء، أن تَعلُّم العلم تعتريه الأحكام التكليفية؛ فيكون فرض عين؛ كتعلم ما لا بُدَّ منه للمسلم لإقامة دينه وأداء عبادته، وصحة معاملاته، كتعلم أحكام الطهارة، والصلاة، والصوم، والزكاة، والحج لمن وجب عليه، وإخلاص النية في العبادات لله، وتعلم أحكام البيوع والمعاملات للاحتراز عن الحرام، وكل مَن اشتغل بشيءٍ يفرض عليه تعلم حكمه ليمتنع عن الحرام فيه.

وأوضحت، أنه يكون التعلم فرض كفاية؛ كتعلم كل علم لا يستغنى عنه ممَّا يرتبط بمصالح الناس الدنيوية؛ كالطب، والحساب، وكذا علم النحو، واللغة، والكلام، والقراءات، وأسانيد الحديث.

ويكون مندوبًا؛ كالتبحُّرِ في الفقه بالتَّوسُّع فيه، والاطلاع على غوامضه، وكذا غيره من العلوم الشرعية.

ويكون مباحًا؛ كتعلم الشعر الذي ليس فيه ما ينكر.

وقد يكون التعلم مكروهًا؛ كتعلم أشعار الغَزَل ممَّا فيه وصف النساء الـمُعيَّنات.

وقد يكون التعلّم حرامًا؛ كتعلم الشعوذة، وضَرْب الرمل، والسحر، والكهانة، والعرافة.

ومن المُقرَّر شرعًا أنَّ التعليم من حقوق الولد على والده؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: 6].

وقد روى الإمام أحمد في "مسنده" عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ».

ومن أجل كون التعليم من حقوق الولد على والده؛ فقد حَرص الـمُشرِّع المصري في سَنِّه للقانون رقم 139 لسنة 1981م وفقًا لآخر تعديلاته، على تجريم تَخلُّف الطفل عن التعليم دون عذرٍ مقبول من المدرسة؛ حيث نصت المادة (21) من القانون المشار إليه على أنَّه: [يعاقب بغرامة مقدارها عشرة جنيهات والد الطفل أو المُتَولِّي أمره إذا تَخلَّف أو انقطع دون عذرٍ مقبولٍ عن الحضور إلى المدرسة خلال أسبوع من تسلّم الكتاب المنصوص عليه في المادة (19) من هذا القانون] اهـ.

وبناءً على ذلك: فالتعليم مطلوب في الإسلام مِن حيث الجملة، وهو حقٌّ واجبٌ للأبناء على آبائهم، وإهمالُ الآباء في ذلك –بمنعهم أبنائهم من الالتحاق بالمدارس أو تسريحهم منها- هو حرمانٌ للأبناء من هذا الحق الأصيل، وهو فعل مذمومٌ شرعًا، ومجرمٌ قانونًا.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الإسلام تعليم الأبناء المدارس دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

وكيل تعليم الفيوم يشيد بانضباط التعليم الفني ويدعم تطوير المدارس الفنية

شهد الدكتور خالد خلف قبيصي، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الفيوم، طابور الصباح بمدرسة الفيوم الثانوية الصناعية للبنات بشرق الفيوم، في زيارة تهدف إلى متابعة سير العملية التعليمية والوقوف على مستوى الأداء بالمدارس الفنية. 

حضر الجولة محمد عبد السلام، مدير عام التعليم الفني، ومحمود الباهي، مدير إدارة التعليم الصناعي، وسوسن مصطفى، مدير وحدة التعليم والتدريب المزدوج بالمديرية.

تكريم المتميزين في الأنشطة المدرسية

أشاد وكيل الوزارة بانضباط طابور الصباح والإذاعة المدرسية، حيث قرر تكريم الطالبة حبيبة محمد رشاد مقدمة الإذاعة، والطالبة رحمة الدسوقي إبراهيم التي ألقت قصيدة شعرية، وذلك لتميزهما في الأداء والإلقاء.

تطوير برامج التعليم الفني

بدأت الجولة بزيارة قسم الملابس الجاهزة (التعليم المزدوج)، حيث تفقد الدكتور قبيصي ورش العمل وناقش مع الطلاب سبل تطوير مهاراتهم، مؤكدًا أهمية التعليم الفني في إعداد كوادر قادرة على تلبية متطلبات سوق العمل. كما طرح تصورًا لإنشاء خط إنتاج ملابس جاهزة بالمدرسة بأسعار تنافسية.

وفي قسم الزخرفة، استعرض الأعمال الفنية التي أبدعتها الطالبات، وأشاد بمستوى الإبداع والابتكار. وأكد ضرورة تعزيز تعليم الفنون التطبيقية لتطوير مهارات الطالبات وتحفيزهن على الابتكار.

تعزيز الأنشطة الثقافية والتعليمية

تضمنت الزيارة تفقد مكتبة المدرسة الفنية للبنات، حيث أشاد بمبادرة "معًا ننطلق" التي تهدف إلى دعم الطالبات في الأنشطة الثقافية والتعليمية. كما ناقش مع المسؤولين سبل تحسين استخدام المكتبة وتوفير موارد تعليمية حديثة.

دعم المدارس الفنية

في ختام الجولة، أكد وكيل الوزارة على أهمية التعليم الفني كركيزة لتطوير الاقتصاد المحلي، مشددًا على ضرورة تحسين جودة التعليم الفني وتوفير الأدوات الحديثة. وأشاد بجهود فريق الجودة بالمدرسة، داعيًا إلى الاستمرار في تطوير الأداء للحصول على الاعتماد والجودة.

تأتي هذه الزيارة في إطار حرص وزارة التربية والتعليم على دعم المدارس الفنية والمهنية، وتقديم الدعم اللازم لتحقيق تكامل التعليم والتدريب المهني، بما يتماشى مع رؤية الوزارة لتطوير مهارات الطلاب وتأهيلهم لسوق العمل.

مقالات مشابهة

  • فضل تسمية الأبناء بأسماء الأنبياء.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء تكشف معنى الإرجاف الواردة في سورة الأحزاب
  • وكيل تعليم الفيوم يشيد بانضباط التعليم الفني ويدعم تطوير المدارس الفنية
  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية.. الأزهر والإفتاء يحسمان الجدل
  • ما معنى الاحتفال برأس السنة الميلادية وما حكمه؟.. دار الإفتاء توضح
  • هل يوجد أوصاف حددها الشرع في المؤذن؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية؟.. الإفتاء: جائز شرعًا ويظهر التعايش أبناء الوطن الواحد
  • حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم.. الإفتاء توضح
  • دار الإفتاء: حث الشرع على التزام الصدق وقول الحق في الأمور كلها دون مواربة أو مداهنة