بعد تحطيمها قواعد الاشتباك مع حزب الله.. ماذا تخفي رسائل إسرائيل المشفّرة؟
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
شهد تبادل إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل تطورا جديدا، الاثنين، تمثّل بشن إسرائيل غارتين جويتين على الأقل استهدفتا محيط مدينة بعلبك شرقي لبنان، وهذا يمثل أول استهداف ضد حزب الله خارج نطاق جنوب لبنان منذ بدء القصف المتبادل الطرفين على وقع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
عقب الهجوم، أعلن الجيش الإسرائيلي، أن قواته شنت "غارات في عمق لبنان"، وفي وقت لاحق، قال في بيان إن مقاتلاته استهدفت مواقع تستخدمها منظومة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله في البقاع، ردا على إطلاق صاروخ أرض-جو نحو طائرة من دون طيار من نوع هرمز 450 سقطت في وقت سابق الاثنين، طبقا للبيان.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه "سيواصل حماية دولة إسرائيل والعمل في الأجواء اللبنانية ضد حزب الله الإرهابي". في المقابل، أكد النائب في كتلة حزب الله البرلمانية، حسن فضل الله أن "العدوان الإسرائيلي على بعلبك أو أي منطقة أخرى لن يبقى من دون رد".
وتأتي الضربة الإسرائيلية على بعلبك بعد يوم واحد من تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، توعد فيها حزب الله بزيادة القوة النارية.
"توسعة".. بالقطعةاستهدفت إحدى الغارات الإسرائيلية بحسب ما قاله مصدر أمني لوكالة فرانس برس "مبنى تابعا لمؤسسة مدنية في حزب الله في محيط مدينة بعلبك"، بينما استهدفت الثانية "مستودعا للحزب"، لكن بحسب معلومات رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد المتقاعد، الدكتور هشام جابر، كما يقول لموقع "الحرة"، فإن "الضربة الإسرائيلية الأخيرة استهدفت موقع سقوط المسيرة الإسرائيلية، بهدف عدم السماح لأي شخص بالعثور عليها نظرا لحملها أسرارا مهمة".
وكان حزب الله، أعلن خلال وقت سابق الاثنين، عن إسقاط مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض جو في جنوب لبنان فوق منطقة إقليم التفاح، متوعدا بمواصلة تصديه للطائرات الإسرائيلية التي تستهدف مناطق عدة، منذ بدء تبادل إطلاق النار عند الحدود بموازاة الحرب في غزة.
وقتل بالضربة الإسرائيلية قرب بعلبك عنصران على الأقل من حزب الله"، كما أفاد مصدران لبنانيان، أحدهما أمني وكالة رويترز.
وبحسب ما يقوله الخبير الإستراتيجي والعسكري، العميد المتقاعد ناجي ملاعب لموقع "الحرة" "فُقدت قواعد الاشتباك بين إسرائيل ولبنان منذ وقف الوساطة الدبلوماسية مع لبنان حول تطبيق القرار 1701، فقد شهدنا أن الوسيط الأميركي زار إسرائيل منذ حوالي أسبوعين، دون عودته إلى لبنان كما كان متوقعا، وبما أن حزب الله يربط تطبيق هذا القرار بوقف القتال في غزة، يبدو أن الأمور اتجهت نحو التصعيد".
عندما قال أمين عام حزب الله، نصر الله "بتوسعوا منوسع"، يقصد بحسب ملاعب "بنك الأهداف، بالتالي أي التحام أو اقتحام من قبل الفريقين مستبعد، علما أن إسرائيل قامت بمناورة الشهر الماضي حول كيفية القتال داخل الجنوب اللبناني في أماكن وعرة".
إلى حد الآن "توسعة بنك الأهداف لايزال بالقطعة"، كما يرى ملاعب، "فعندما قصفت إسرائيل النبطية، قصف حزب الله صفد، وعندما قُصفت صفد وطبريا قصفت إسرائيل الغازية. اليوم عندما أسقطت هذه الطائرة قصفت إسرائيل المكان المحتمل أن تكون أطلقت منه صواريخ الدفاع الجوي".
وفي سياق متصل، يتحدث جابر عن توسيع إسرائيل رقعة اشتباكها مع حزب الله جغرافيا، "حيث قصفت مؤخرا مناطق متعددة في لبنان من النبطية إلى الغازية وإقليم التفاح، فهي تهدف إلى استفزاز الحزب واستدراجه إلى العمق الإسرائيلي لاعتبار ذلك بمثابة إعلان حرب، كما فعل بن غفير حين قُصفت صفد، إلا أنه فشل في تحقيق ما يصبو إليه".
أما الحزب فيصعّد نوعاً وكمّاً "حيث بدأ استخدام صواريخ أرض أرض بالإضافة إلى بركان". ويشير جابر إلى أن "لدى حزب الله بنك اهداف عسكرية في شمال إسرائيل، وطبيعة الأرض تسمح له بقصفها من دون توسيع رقعة الاشتباك".
رسائل "تصعيدية"الضربة التي طالت محيط مدينة بعلبك، كما يرى العميد المتقاعد يعرب صخر "دليل على أن قرار التصعيد والتهدئة وتوسيع نطاق القتال، في يد إسرائيل فقط، مهما ادعى حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله أنه (توسعون نوسع، تصعدون نصعد، الميدان هو الذي يتكلم)، حيث أرسلت له إسرائيل عدة رسائل اليوم، أولها أنه بإمكانها أن تضربه ليس فقط في لبنان، بل في سوريا وغيرها، وهي من تحدد قواعد الاشتباك ومن يقرر التصعيد أو التهدئة".
أما الرسالة الثانية، بحسب ما يقول صخر لموقع "الحرة"، فهي أن "غزة باتت تحت السيطرة، وبأن إسرائيل تريد استعادة هيبتها بعد عملية 7 أكتوبر، وضمان أمنها لعشرات السنوات القادمة، لذلك تسعى لمنع أي فصيل أو فرقة عسكرية أو حزب أو منظمة من تهديد أمنها، ومستعدة للذهاب حتى النهاية مستفيدة من الدعم المادي والمعنوي الغربي".
الرسالة الثالثة، موجهة إلى الدولة اللبنانية وفحواها "أن الفصيل المسلح غير الشرعي الذي يتلقى أوامره من إيران يضر بمصلحة لبنان ويجرّه إلى الدمار الشامل، خاصة أن وزير الدفاع الإسرائيلي صرّح أن الحرب على لبنان لن تنته حتى لو انتهت الحرب في غزة وذلك حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية".
أما جابر، فيرى أن إسرائيل تصبو من توسيع نطاق القتال إلى تحقيق هدفين أولا، إرسال رسالة إلى سكان الشمال الإسرائيلي الذين يعانون وضعا صعبا، "حيث يوجد مئة ألف من النازحين، فيما تشير التقارير إلى استعداد 60,000 آخرين للنزوح، بأنها تتخذ إجراءات حازمة لوقف التصعيد مع حزب الله ودفعه إلى التراجع عن الحدود".
وثانيا، كما يقول جابر "مع استمرار تواجد الجيش الإسرائيلي في حالة حرب منذ خمسة أشهر، فإن تغيير هذا الوضع بات أمرا ضروريا بالنسبة لها، وذلك من خلال تصعيد الصراع لجرّ الحزب إلى حرب واسعة، مع الحرص على عدم تحميلها المسؤولية عن ذلك، خاصة بعد التحذيرات الأميركية حول ضرورة تجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى نشوب حرب شاملة إذا اندلعت هذه المرة لن تقتصر على لبنان بل ستكون حربا إقليمية".
وفي إطار الاستعدادات، قامت إسرائيل بحسب ملاعب "بنقل أربع فرق عسكرية إلى الشمال وثلث قوة القبة الحديدية، ومن الممكن أن تكون تعمل على إعادة هيكلة لواء "جولاني" للقتال في الشمال" ويضيف "من الجدير بالذكر أن ما يحدث الآن ليس حربا، بل هو تبادل لإطلاق الصواريخ والمدفعية والمسيرات والدفاعات الجوية. اسرائيل ترغب إنهاء تهديد حزب الله، لكنها تتحسب لليوم التالي، في المقابل حزب الله لا يرغب بالقتال أو توسعته لكنه مستعد له".
يقول المثل العسكري، كما يذكر ملاعب، إن "الحرب هي ممارسة السياسة بوسائل أخرى. وقد أكد الرئيس الأميركي جو بايدن في الثامن من أكتوبر أنه لن يترك إسرائيل تحت التهديد في المستقبل، مما يعني أن جبهتها الشمالية لن تبقى تحت التهديد، سواء وصلت الأمور في غزة إلى خواتيمها أو لم تصل، وإلى حد الآن أعتقد أن أميركا هي الضامن الوحيد لعدم توسعة الحرب أكثر".
وقرر مجلس الحكومة المصغر الإسرائيلي، بحسب ما يشير صخر، "عدم إعادة المستوطنين إلى الشمال حتى شهر يوليو، ومن الآن حتى ذلك التاريخ، ستركز جهودها على الملف اللبناني، بالتالي سنشهد تصعيدا، وقد أظهرت نيتها ضرب أي مكان في لبنان، ليس فقط اليوم، فقد سبق أن قصفت عقر حزب الله في الضاحية الجنوبية، واصطادت قياداته في لبنان وسوريا. إن إسرائيل تقول لنا: استعدوا، ارتحنا في غزة والآن سنتوجه إلى لبنان. كم سيبلغ مدى ذلك؟ الأيام القادمة تخبرنا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: حزب الله فی لبنان بحسب ما ما یقول فی غزة
إقرأ أيضاً:
الحرب الإسرائيلية على لبنان تثير مخاوف من فتنة طائفية
يراقب المسيحيون في هذه القرية اللبنانية الشمالية الصغيرة الزوار غير المرغوب فيهم ليلاً، حيث يسألون السائقين المتجهين إلى أعلى التل نحو الجزء الشيعي من الحي عن غرضهم، وقاموا بتركيب كاميرات وغالباً ما يجلسون حتى الساعة الثالثة صباحاً يدخنون الشيشة ويراقبون الطريق.
دعا بطريرك الكنيسة المارونية إلى "تحرير" المدارس من النازحين
يقول فريد سمور، صاحب مطعم يبلغ من العمر 31 عاماً: "إنهم يعرفون أننا نراقبهم، قبل ذلك كنا نعيش معاً، لكن الآن لا يوجد ثقة بيننا".
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تحقيق لها من لبنان إن خطوط الصدع الدينية في لبنان، خليط المسيحيين والشيعة والسنة المسلمين، وغيرها من الجماعات الدينية التي تشكل هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 5.5 مليون نسمة، تتوتر مع استمرار حرب إسرائيل مع حزب الله.
منزل شيعيوقبل عدة أسابيع، ضربت غارة جوية إسرائيلية منزلاً شيعياً في هذه القرية على بعد 70 ميلاً من الحدود الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل شخصين وصفهما الجيش الإسرائيلي بأنهما "إرهابيان".
وجرّت الحملة الجوية المتوسعة قرى وبلدات مثل دير بلا إلى الصراع إذا كانت تؤوي مسلمين شيعة، الذين يستمد حزب الله معظم دعمه منهم.
People in Lebanon “feel now that nowhere in their country, in their city, is safe anymore,” reports @JomanaCNN in Beirut, as Israeli drones can be heard overhead. “This fear of the unknown, they described it, the fear of a repeat, they say, of what they have seen in Gaza.” pic.twitter.com/8W97YobGXp
— Christiane Amanpour (@amanpour) October 3, 2024ويعيش المسيحيون والمسلمون الشيعة جنباً إلى جنب في تلك المنطقة، وكانوا بالفعل في حالة من التوتر قبل الغارة الجوية.
في سبتمبر (أيلول)، وبعد أيام من تفجير إسرائيل عن بُعد لآلاف أجهزة النداء واللاسلكي التي كانت في أيدي أعضاء حزب الله، وصلت مجموعة من الرجال بحثاً عن مأوى. ولاحظ السكان أن بينهم مصابين بجروح في وجوههم وأيديهم، فطلبوا منهم المغادرة خوفاً من استهداف القرية إذا كانوا مرتبطين بحزب الله.
غارات جويةوأضافت الصحيفة أن الخوف من غارات جوية مماثلة يدفع مرة أخرى إسفيناً من الشك عبر المجتمع اللبناني، الذي عانى منذ فترة طويلة من الصراع الطائفي.
ويبحث المدنيون الذين أجبروا على ترك منازلهم بالقرب من الحدود الجنوبية مع إسرائيل أو أعضاء حزب الله الهاربين من الهجمات الإسرائيلية عن الأمان في الشمال.
ولكن مع وصول الغارات الجوية الإسرائيلية إلى عمق لبنان، يخشى لبنانيون آخرون الانجرار إلى القتال إذا سمحوا لهم بدخول قراهم.
“..Kahaleh, a Christian village near Beirut, has refused to host displaced Shias after the nearby highway was hit five times by Israeli airstrikes…”
Brilliantly reported by @SuneEngel and photographed by @emanuelesatolli https://t.co/u25q1TsaHl
وكان الصراع الطائفي دائماً متأصلاً في تاريخ لبنان الحديث. فقد أسفرت الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاماً وانتهت في عام 1990 عن مقتل 150 ألف شخص. واليوم تعتمد البلاد على اتفاق تقاسم السلطة الدقيق لتحقيق التوازن بين مصالح المسيحيين والشيعة والسُنّة، أكبر المجموعات في البلاد، والتي تمثل حصصاً متساوية تقريباً من السكان.
ولكن مع نزوح مئات الآلاف من الناس، يبدو هذا التوازن غير مستقر على نحو متزايد.
"أيلول الأسود" الأكثر دموية.. تسلسل زمني لقتلى قيادات حزب الله - موقع 24منذ بدء تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله، بعد هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، اغتالت إسرائيل عدداً كبيراً من القادة البارزين في التنظيم اللبناني المدعوم من إيران، بما فيهم زعيم الحزب حسن نصر الله، وذلك في مدة قصيرة لم تتعد 6 أشهر.وأجبر الشيعة على الفرار من جنوب لبنان، حيث يشكلون الأغلبية، كما استهدفت القنابل الإسرائيلية معاقل حزب الله في جنوب بيروت وأماكن أخرى. ونزح نحو 1.2 مليون شخص، أي ما يقرب من ربع السكان، على مدى العام الماضي أو نحو ذلك.
أهداف محتملةويخشى سكان المناطق السنية والمسيحية أن تجعل استضافة الشيعية بلداتهم أهدافاً محتملة للضربات الإسرائيلية.
وفي مدن مثل بيروت وصيدا، يرفض بعض أصحاب العقارات تأجيرها للشيعة، مشيرين إلى مخاوف أمنية.
كما تنبع التوترات من الضائقة المالية. ويفرض النزوح الجماعي المزيد من الضغوط على المجتمعات المحلية في بلد تضرر بشدة من الأزمة الاقتصادية والشلل السياسي.
أزمات سياسية واجتماعية وأمنية تطارد حزب الله - موقع 24أفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن تنظيم "حزب الله" اللبناني يعيش أزمة عميقة على المستوى السياسي والاجتماعي والأمني أيضاً، مستعرضاً ما فعلته إسرائيل حتى نجحت في تقويض قاعدة الدعم الاجتماعي للتنظيم، مما ألحق الضرر بمعنويات عناصره وخلق خلافات وصدع كبير لن يعترف به حزب الله.ودعا بطريرك الكنيسة المارونية في لبنان، بشارة بطرس الراعي، إلى "تحرير" المدارس من النازحين بسبب الحرب حتى يتمكن الطلاب من العودة.
وحذر من أن الأشخاص الذين يحتلون الممتلكات والأراضي الخاصة قد يؤججون الصراع الداخلي.