أكد وزير الخارجية سامح شكري، حرص مصر على تأكيد مواصلة جهودها للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، بما في ذلك من خلال مواصلة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تمثل انعكاسا لإرادة وطنية خالصة تسعى لتعزيز تمتع المواطن المصري بحقوقه وحرياته الأساسية.

وصرح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، بأن سامح شكري وزير الخارجية، التقى مساء أمس الإثنين، بـ"فولكر ترك" مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وذلك خلال زيارته الرسمية التي يجريها إلى مدينة جنيف السويسرية.

 

وأوضح السفير أبو زيد، أن اللقاء تناول مختلف أوجه التعاون الفني بين مصر ومكتب المفوض السامي، حيث أكد وزير الخارجية على الأهمية التي توليها مصر لتعزيز الحوار والتعاون مع فولكر ومع المفوضية السامية لحقوق الانسان للاستفادة من الخبرات المتوفرة لديها في دعم الجهود الوطنية لتعزيز حقوق الانسان وفقاً للأولويات الوطنية. 

وأشار إلى وجود العديد من المجالات التي يمكن من خلالها إذكاء هذا التعاون، كالتوسع في برامج بناء القدرات المقدمة إلى مصر، وهو ما كان محل ترحيب من المفوض السامي.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية: كما أكد "شكري" تطلع مصر للتعاون مع المفوض السامي من أجل العمل على تطوير منظومة حقوق الإنسان في العالم مع إعطاء الأولوية لاحتياجات الدول النامية ومراعاة الخصوصية الثقافية والدينية للشعوب العربية والإسلامية والأفريقية.

وأردف المتحدث الرسمي، بأن اللقاء تناول أيضا بشكل موسع الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يشهدها قطاع غزة جراء الحرب الشرسة التي تشنها إسرائيل، والتي راح ضحيتها ما يقرب من 30 ألف شخص، حيث أكد الوزير شكري أهمية مواصلة المفوض السامي لجهوده؛ لتسليط الضوء على هذه الفاجعة الإنسانية، والانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان. 

وشدد على أهمية اضطلاع كل الأطراف الدولية بمسئولياتها القانونية والإنسانية للضغط على إسرائيل لمنعها من شن عملية عسكرية على مدينة رفح المكتظة بالسكان، وتحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار، والتوقف عن استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة لسكان القطاع. 

وفي ذات السياق، نوه وزير الخارجية بأهمية التواصل مع الدول الغربية الكبرى التي تأخذ على عاتقها الدفاع عن حقوق الانسان للضغط على إسرائيل لاحترام قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، وكذا الضغط عليها للتفاعل مع الآليات المشكلة بموجب القرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان، والتوقف عن ممارسات التهجير القسري خارج القطاع وتصفية القضية الفلسطينية وانتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

ومن جانبه، ثمن المفوض "فولكر" الدور المحوري الذي تقوم به مصر لحلحلة الأزمة في قطاع غزة والتعامل مع تداعياتها الإنسانية المتفاقمة، معرباً عن تقديره للمساعدة التي قدمتها مصر لإجلاء موظفي المفوضية السامية لحقوق الإنسان من غزة. 

كما أكد أهمية مواصلة حشد الجهود الدولية لتحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة ووضع نهاية لهذه المأساة الإنسانية التي يعيشها أهالي القطاع، معربا عن تطلعه لمواصلة التنسيق الوثيق مع مصر في إطار التحركات الرامية لحل تلك الأزمة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أحمد أبو زيد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان الدبلوماسية العامة وزیر الخارجیة لحقوق الإنسان المفوض السامی حقوق الإنسان حقوق الانسان

إقرأ أيضاً:

كيف نقرأ واقع المجتمعات الإنسانية؟

لا نجد بدًا من الإقرار أن الجنوحَ إلى عمقِ الكينونةِ الإنسانية -الذي يشكّل العقلُ عمقها الرئيس ولبّ مركزيتها وشريان أفكارها ومشاعرها- يعيد تشكيل صورة وجودية تتماهى معها فكرة المجتمعات البشرية وسلوكها في الحياة، وكذلك لا نجد بدًا أن نحاول عبر هذه السردية المتعلقة بالعلوم الإنسانية من المضارعة -من حيث الأهمية- بين ركامات المعرفة التقنية -التي نالت حظها الأفر في مقالات سابقة- مع علوم إنسانية تنساب بشرياناتها النفسية والأنثروبولوجية والبيولوجية في اكتشاف المجتمعات البشرية وفك لغز حضارتها المبنية على أسس عقلانية تتجلّى فيها ضوابط الأخلاق والقيم والدين والفن والأدب والثقافة بشموليّتها الواسعة. الحديث عن قضايا الإنسان مهمة شاقة تتفاعل فيها عقلانية العقل وعاطفة الضمير الذي يقف العقلُ المفكّرُ في زواياها المعقّدة حائرًا، مضطربَ الفكرِ خصوصًا مع معضلة المجتمعات الإنسانية المعاصرة التي تأتي فلسطين ومعاناة شعبها في قائمة القضايا الأكثر تعقيدا من حيث سنوات الظلم الجاثم عليهم من قبل الصهيونية وأعوانها المساندين، وتظل جلّ النقاشات وحلولها المقترحة لهذه القضية وما يماثلها ذا زاوية تاريخية -سياسية ودينية- دون تطرقٍ كافٍ للزوايا النفسية والفلسفية الخاصة بالإنسان ومجتمعاته؛ كون هذه الزوايا الأخيرة تملك قدرة عالية -حال اندماجها مع زوايا التاريخ والسياسة والدين- في تتبع جذور معضلة المجتمعات الإنسانية وتحليل أنماطها مثل نمط الأخلاق والمعنى التي تساهم في صناعة العقل الفردي ووعيه والعقل الجمعي ومؤثراته الحديثة، وصناعة الثقافة التي يمكنها -في المقابل- أن ترفدَ الوعي -كما سنرى- وتنقل المجتمعات من مستويات العقل الجمعي إلى حالة «اللامنتمي» الذي يتحرر من قيود العقل الجمعي التي تعوق مساق التفكير وإبداعه وتحرر السلوك الأخلاقي من محبسه الجمعي.

سبق في أحاديث سابقة كتبتها في كتابي «هكذا نتطور» أن تناولنا شيئا من حضارة الإنسان ولغاته ودياناته وأفكاره، ويتماثل في الداخل بعض آخر من هذا الحديث الذي نشتاق إلى وروده وارتياده حتى نشفي غليلَ العقلِ وشغفه في فهم المزيد عن عمق الإنسان ومكامنه المجهولة التي تصنع الفرد والمجتمع، وهنا يتبادر إلى الذهن كتاب «الإنسان ذلك المجهول» لـ«كاريل» الذي قرأته قبل سنوات طويلة وعلق الكثيرُ من سطوره في ذاكرتي، وفي مسار آخر يمكن أن نذهب إلى محاولة لفهم مسوقات الإرادة عند الإنسان وسلوكه وشغفه؛ فكان «المعنى» الذي يبحث عنه كلُ واحدٍ منا هو السر الذي يأتي في أشكال مغايرة؛ فيمكن أن يكون المعنى في الإيمان الذي يصلنا بالله، ويكون عند آخرين في فلسفة أو مبدأ لا يُحاد عنه ولا يُتنازل، وأستدعي في هذا الخصوص ما سطّره «فيكتور فرانكل» في كتابه «الإنسان يبحث عن المعنى» الذي خاض فيه حديثًا مُسهبًا في النفس الإنسانية ومآلاتها وصراعاتها الطامحة إلى إيجاد المعنى. تخالج في خاطري مشاهد المجتمعات وصراعاتها المبنية على التنافس الذي لا يُلتزم فيها -إلا في قليل من ظواهرها- بأسس الأخلاق التي نعتقد أنها عُمدُ المجتمعات وأركانه؛ فنجد هذه الصورة -لتوضيح مثالها الحالي- في واقع بعض المجتمعات الغربية خصوصا عند ساساتها عبر ظاهرة الانفصال بين النظرية والتطبيق؛ إذ يتبنّى أمثال هؤلاء الساسة نظريات توجب العدالة والمساواة وحرية التعبير لتوهم الأعمى بفيض الأخلاق إلا أن القطيعة بين النظرية والتطبيق جليّةٌ على أرض الواقع؛ فيكفي أن نشهدَ دعم بعض ساسة الغرب للكيان الصهيوني ومساندته في ممارسة الإبادة الجماعية لأهل غزة وقمعهم العنيف لكل أبجديات حرية التعبير التي تحاول مجتمعاتهم الإنسانية أن تناهض بواسطتها مجازر الصهيونية ووقف إمدادها، وهنا تتجلّى معضلة غياب «الأخلاق» وضوابطه التي تحقق العدالة وحقوق المجتمعات والإنسان.

في خضم ما نشاهده من صراعات في المجتمعات البشرية -الذي يعكس وجود القطيعة بين الغريزة الأخلاقية عند الإنسان ودوافع السعي إلى البقاء عبر أساليب الصراع- تتبادر إلى أذهان البعض مسألةُ الفوضى الوجودية التي أوهمت البعضَ بفكرة غياب الخالق، وأن الحياة برمتها مبنية على نمط العشوائية والفوضى التي تسلب إرادة الوجود وأشياءه، وكم تتنازع مثلُ هذه المسائل المربكة في أذهان البعض؛ فتثير حوارا يَؤُول إلى حدوث القطيعة المقصودة - المشار إليها آنفا-، ولعلّ هذا ما يمكن أن يفسرَ نزعة الإنسان إلى تجاوز حدود الأخلاق بممارسة الظلم وفقدان المسؤولية، وهنا لا تردد في القول أن هذه الفوضى متحققة في غالب واقعها التي لا تتوافق مع مصوغات المبادئ الأخلاقية، و يعود مآل ذلك إلى غلبة الفئة الصاعدة بقهر الإنسان الآخر عبر تسخير المجموعات من البشر في ظل غياب الوعي والسمو الأخلاقي؛ فجزء من المجموعات البشرية أسير تأثيرات العقل الجمعي وإرادة المتنفذين من البشر القاهرين بواسطة وسائل تتغاير مع تغيّر الزمان وتقدمه؛ فالإعلام ووسائله التقليدية والرقمية -في زمننا- مثل وسائل التواصل الاجتماعي هي من تقود عملية صناعة العقل الجمعي الذي -في كثير من مظاهره- يعمل على تفكيك البِنية الإنسانية المتمثلة في القيم الأخلاقية ويهشّم أبجديات إنسانيته؛ فيصنع منه الإنسان الضار والمجرم والمدمن، ولا غَرْوَ أن نعيدَ مشهدَ الصهيونية وأساليبها التي تهدف إلى الإضرار بالإنسان وحضارته؛ لتضمن بقاء وجودها ولو على حساب المجتمعات الإنسانية وحياتها، ونحن هنا بحاجة إلى مراجعة شاملة للمنهجية التدميرية التي تستهدف الإنسان ونظامه الأخلاقي والمجتمعي عبر وسائل شتّى تضاعفت مع دخول العصر الرقمي.

في خضم مشهد مغاير يُظهر محاولة إعادة نصاب الإنسانية وأسسها الأخلاقية إلى كينونتها الوجودية التي تتموضع في الوعي الإنساني، وبذلك تكون هناك مقاومة مضادة لفوضى المجتمعات الإنسانية وصراعاتها، ويتجسّد هذا المشهد في تنامي الوعي الإنساني العالمي دون أنْ يحدَّ بدينٍ أو جنسٍ أو عِرقٍ؛ فتتسع رقعة الوعي الأخلاقي في أفراد المجتمعات، وتنتفي بذلك أيقونة «اللامنتمي» التي أطلقها «كولن ويلسون» التي حملت معنى أن توجدَ فردا في مجتمع بشري تتقاذفه الصراعات والتفاهات، وأن تكتشف أنك لا تنتمي لهذا المجتمع الذي لا يتماشى مع أسس أخلاقية؛ فيطغى عليه الظلمُ والقهرُ، وأسوأ من ذلك غياب الوعي الإنساني الواسع الذي يملك حقَ مناهضة هذا الظلم، ولعلّ ما سطّره «كولن ولسون» في عام 1956 يعكس تجربةً قاسيةً خاضتها المجتمعات الغربية إبّان الحرب العالمية الأولى والثانية؛ فتركت أثرها الذي يعكس اليأس في قلب الإنسان «اللامنتمي» إلا أن صحوة الضمير الإنساني أعادت سد فجوة الأخلاق ومعضلتها المزمنة التي نخرت المجتمعات البشرية وأوشكت على الإجهاز على ما تبقى من أشكال الحياة وأخلاقها، وهذا ما نراه من مشاهدِ التحرر العالمي من قيود العقل التي تعوق فيض نزعته الأخلاقية؛ فتعبر عن رفضها للقطيعة بين هذه النزعة -المغيّبة قسرا- وبين الواقع المأمول.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية اليمني: علاقاتنا مع مصر متجذرة ومتميزة
  • كيف نقرأ واقع المجتمعات الإنسانية؟
  • لانا نسيبة تلتقي بمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان
  • لانا نسيبة تلتقي مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان
  • إنفاق المليارات لتلميع صورتها عالميًا.. وإخفاء الوضع الحقيقي لحقوق الإنسان
  • الاتحاد الأوروبي وتركمانستان يعقدان في عشق أباد الحوار الـ 16 لحقوق الإنسان
  • مجلس الشباب المصري يطلق البرنامج الوطني لتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان
  • الأمم المتحدة: استخدام الاحتلال الكلاب ضد المعتقلين الفلسطينيين انتهاك خطير
  • انتقاد أممي لاستخدام إسرائيل الكلاب ضد معتقلين فلسطينيين
  • متحدثة أممية تعقب على استخدام الاحتلال الكلاب ضد المعتقلين الفلسطينيين