البوابة نيوز:
2024-07-03@15:57:39 GMT

د. زاهي حواس يكتب: سر السرداب الفاضي «2»

تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT

البعثة المصرية تنجح في الكشف عن السرداب السرى بوادى الملوك لأول مرة

بدأت في العمل في وادى الملوك بالأقصر بحثًا عن مقابر الملوك التي لم تكتشف بعد، وذلك على رأس أول بعثة مصرية تعمل فى وادى الملوك وقمت بتقسيم البعثة إلى فريقين، فريق يعمل بالحفائر فى الأماكن التى من المتوقع أن يتم الكشف فيها عن مقابر جديدة، وفريق آخر يعمل على استكشاف السرداب السرى بمقبرة الملك سيتى الأول، والذي حير علماء الآثار جميعًا نظرًا لضخامته وصعوبة استكشافه والتى جعلت جميع المستكشفين القدامى عاجزين عن كشف أسراره وما يخفيه بداخله.

ولا يتصور أحد مدى اللهفة وقسوة الانتظار التي كنت أعيش فيها متوقعًا بين لحظة وأخرى أن تأتيني مكالمة تليفونية من مساعدى بالوادى ليقولا لي: لقد عثرنا على مدخل المقبرة احضر حالًا..!". وهي الكلمات التى اعتاد الأثريون منذ زمن إرسالها إلى مديرى الحفائر ليخبروهم عن الاكتشافات الجديدة مثلما حدث مع فيكتور لوريه عندما أرسل إليه مفتش الآثار المصرى حسن أفندي برقية يخبره بالعثور على مقبرة تحتمس الثالث بوادى الملوك، وكذلك عندما عثر هيوارد كارتر على مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون وقام بإرسال برقية إلى اللورد كارنانفون الذى مول حفائر كارتر لمدة خمس سنوات وقال له: "لقد عثرنا على مقبرة الملك توت.. احضر فورًا".. ومن المعروف أن اللورد كارنانفون قرر بعد أربع سنوات من العمل أن يوقف التمويل، ولكن كارتر كان مصممًا على العمل بالوادى للعام الخامس حتى ولو مول الحفائر من ماله الخاص.

وأنا بدلًا من البرقية أتوقع مكالمة تليفونية لكى أترك مكتبى بالقاهرة وأقيم في وادى الملوك وأشرف على الحفائر بنفسى كل يوم، ولا أعرف لماذا لدى إحساس داخلى بأن البعثة المصرية التي تعمل بوادي الملوك سوف تكشف قريبًا بإذن الله عن المقبرة التي سوف تحمل رقم (٦٤) بالوادي وسوف تكون المرة الأولى الذى يكشف فيها المصريون عن مقبرة بوادى الملوك، وقد عثرنا حتى الآن على المجرى الذي كان الفراعنة يقومون بجمع دموع "الآلهة" أي الأمطار فيه وتسير بعد ذلك من خلال قناة طويلة حتى تصل الأمطار إلى أسفل الوادى، وسجلنا العديد من النقوش الصخرية التى تركها الفراعنة منها النقش الذي كتبه الوزير "أوسرحات" ويشير فيه إلى أنه بنى فى هذا الموقع مقبرة لأبيه الوزير "آمون نخت"، ونقش آخر لملكة كانت تحمل لقب الزوجة الإلهية، بالإضافة إلى مناظر منحوتة على صخر الوادى "جرافيتي" سجلها الكتبة والعمال الذين كانوا يقومون بالعمل فى نحت مقابر الملوك.

وكل هذه أدلة تشير إلى أن الوادى ما زال مليئًا بالأسرار التى سوف نكشف عنها قريبًا بإذن الله. ولكن أهم ما عثرنا عليه تلك الحجرات أمام مقبرة الملك "توت عنخ آمون" والتى كان الفراعنة يستعملونها كمخازن أو أماكن لإعاشة العمال.. تُرى هل يكون الوادي رحيمًا بنا ويكشف عن سر من أسراره لأول بعثة مصرية تعمل به؟! إن أحلامى أحيانًا ما تصل إلى حد الكشف عن مقبرة كاملة لم يمسها إنسان منذ أيام الفراعنة، ولحظتها سوف يصبح هناك نجم أو نجمة أخرى بوادى الملوك غير النجم الأول وهو الفتى الذهبي الملك توت عنخ آمون هل يبيح الوادي بأسرار جديدة؟

لا أعتقد أن هناك مكانا فى العالم كله يحمل كل هذا الغموض والإثارة صاحبه هو الملك "سيتي الأول" ثاني ملوك الأسرة ١٩، وابن الملك رمسيس الأول، وأبو الملك رمسيس الثاني أشهر فراعنة مصر على الإطلاق.. وقد ترك لنا سيتى الأول مقبرة ليس لها مثيل فى وادى الملوك من حيث الحجم وجمال المناظر والنصوص.. وقد كشف عن هذه المقبرة مهرج السيرك الإيطالي بلزوني في عام ١٨١٧، وتحمل المقبرة رقم (١٧) بوادى الملوك. وتمكن بلزونى من الدخول إلى حجرة الدفن وشاهد أروع تابوت ملكي في منتصف الغرفة مصنوع من الألباستر المصرى وغطاؤه على شكل المومياء الملكية يعلوه سقف المقبرة الذي يعتبر معجزة معمارية وفنية بكل المقاييس، حيث صور الفنان المصرى القديم مناظر فلكية تصور أبراج السماء كما تخيلها وتعكس علمًا عميقًا بالفلك.

ولاحظ بلزونى أن تابوت الملك وضع على بلاطات حجرية وليس على أرضية المقبرة وبنقل التابوت خارج المقبرة قام بنزع هذه البلاطات ليجد سردابًا سريًا، وقد بدأ الحفر في هذا السرداب الغريب ولم يتمكن من استكمال العمل لصعوبة الحفر فيه وعدم وجود هواء ليتنفسه. وبعد ذلك جاءت عائلة عبد الرسول وخاصة الشيخ على عبد الرسول آخر أفراد العائلة ليبدأ فى استكشاف هذا السرداب في عام ١٩٦٠، إلا أن عمله لم يكتمل للظروف الصعبة داخل السرداب.

وبدأت البعثة المصرية برئاستى فى الكشف عن هذا السرداب السرى وذلك لأول مرة وبطريقة علمية لأن أعمال بلزونى كانت بدائية وكذلك لم تكن حفائر الشيخ على سليمة؛ الأمر الذى جعله يفقد مسار السرداب الأصلى ويحفر في مسار آخر يعلوه. وهناك اعتقاد بأن هذا السرداب يؤدى إلى المقبرة الحقيقة للملك والتي من المفترض أن الفراعنة قاموا بإخفائها داخل هذا السرداب، وخاصة لأن شغل المصريين القدماء الشاغل هو إخفاء حجرة الدفن عن أعين اللصوص.

وهذا يجعلني أعود إلى الماضى إلى أكثر من ٣٧ عامًا عندما قابلت الشيخ على عبد الرسول فى فندق المرسم بالبر الغربى بالأقصر، وكان رحمه الله شخصية جذابة يبلغ من العمر سبعين عامًا ويحمل وجهه تجاعيد الماضى وآثاره ويضيف شاربه الكبير مهابة وعمقًا لشخصه.. وكان يعيش بالوادى حوالى ثلاثين مفتشًا للآثار يعملون كمرافقين للبعثات الأجنبية التى تعمل بالأقصر، وكنا نلتقى المساء لنتحدث ونتناقش فى أمور الآثار ونتجاذب أطراف الحديث فى موضوعات شتى بعد يوم طوال النهار، وقد علمنا أن الشيخ على عبد الرسول سوف يتزوج شابة صغيرة السن واتفق على إقامة الفرح وقد سأله المفتشون عن سبب زواجه من فتاة صغيرة وكان يضحك ويقول إن لديه صحة أقوى من شاب في العشرين من عمره، وقبل أن ننهض إلى حجراتنا وجدنا الدكتور عبد الفتاح الصباحي يناول الشيخ على حبة صغيرة قال له أنها ستساعده على اجتياز الليلة الأولى من الزواج، وقد تناول الشيخ على الحبة التي اتضح فيما بعد أنها منوم جعلته يستغرق في نوم عميق حتى الصباح.. وشاعت القصة بين رواد الفندق ولم أجد غير الضحك والابتسامة على وجه الشيخ علي في اليوم التالي.

زاهي حواس: من أهم الأثاريين المصريين، وزير سابق للآثار، يحاضر فى العديد من الدول الغربية حول الآثار الفرعونية وتاريخ قدماء المصريين، وله مؤلفات بالعربية والإنجليزية فى هذا المجال، يستكمل ما كتبه عن سر ذلك السرداب فى وادى الملوك غرب الأقصر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: زاهي حواس وادي الملوك بعثة مصرية الوادي البعثة المصرية مقبرة الملک عبد الرسول الشیخ على

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: حقوق التميز -وواجباتها !!



التميز حق تسعى إليه الأمم والجماعات والأفراد.
التميز هو الطريق الوحيد منذ بدء الخليقة لكى ينتهجه الإنسان سواء فى علمه أو فنه أو حتى فى إسلوب حياته !!
والتميز هى شعيرة وصفة أوصانا بها الله فى كتبه السماوية من التوراة إلى القرأن الكريم!!
فالتميز هى صفة من صفات الخالق أودعها فى البشر وفى كل مخلوقاته.
والتميز غريزة تخلق مع ولادتنا ولكن تحتاج دائمًا للرعاية والعمل على تنشيط خلاياها حتى تصبح صفة فى تركيبة الإنسان والمجتمع والدولة.
والتميز له فى بلادنا محاربين ومعارضين !! وأى صفة للتميز تظهر جلية فى إنسان أو حتى فى عمل ما !! نجد كثير من المعاول تنزل عليها تريد هدمها وكسرها وشطبها من الحياة أو العمل على عودة صاحب التميز إلى قاع الدنيا أو قاع المجتمع !!
ومن حق المتميزين أن يدافعوا عن تميزهم وأن يعملوا على تقدم الصفوف وأن يقاوموا هذه الصفة السيئة فى بلادنا وهى صفة (محاربة التميز ) كما يقولون عنها فى العامة (أعداء النجاح) !! وما أكثرهم !! 
ولا شك أن التميز فى أشد الإحتياج إلى مناخ صحى يسمح له بالنمو والإزدياد والمشاركة فى صنع الحياة وفى تجميلها وتقدمها سواء فى مجال التعليم أو الصحة 
أو الإسكان أو مجال الخدمات العامة كالنقل والبيئة وغيرها من أنشطة حياتية !!
ولكن التعليم من المراحل الأولى فيه هى القادرة على العناية بغريزة التميز لدى الطفل إلى أن "يشب" فى الجامعة وفى البحث العلمى حتى يستطيع المتميزون أن يقدموا للوطن مايقدمه أقرانهم المتميزون فى أوطان أخرى!!
والذى يشد الإنتباه أن المتميزين المصريين حينما يجدوا مناخًا راعيًا، وجاذبًا وليس مناخ طارد، وحاقد، وقاتل !! يظهر نبوغهم ولنا فى ذلك أمثلة بالألاف من المصريون الذين هاجروا ونبغوا إلى أن حصلوا على أعلى الأوسمة مثل نوبل وغيرها.
فهناك المرحوم د/أحمد زويل، د/مجدى يعقوب،وغيرهم وحتى فى مجال الفن المرحوم /عمر الشريف وغيرهم من النابغين المتميزين المصريين !!
وكذلك فى عالم الرياضة نجد شاب مصرى رائع أعطى لنا قيمة مضافة فى ملاعب كرة القدم مثل "محمد صلاح".
ولرعاية التميز فى منتجاتنا سواء كانت صناعية أو زراعية أو حتى خدمية.
نحتاج إلى تعديلات وتغيير فى التشريعات الحاكمة لنشاط الأمة وكما قدمت سابقًا لهذا المقال القانون 89 لسنة 98 والذى يدعوا لقتل التميز وإحتكار الفشلة والفاسدين ذوى الأسعار الضئيلة لأعمالهم وهى ليست بضئيلة فى حقيقة الأمر ولكنهم ملتفون حول القانون !!
هذا القانون يقتل ويهزم التميز فى بلادنا ولعله يجد صدى لدى المسئولين   والتشريعيين فى بلادنا لإعادة صياغته أو إلغاؤه وإستبداله بقانون يحفز على المنافسة ويحفز على التميز !!
ولنا فيما نرى ونستخدم من وسائل الحياة مايثبت بأننا نتراجع للخلف بصورة مذهلة.  
فالحوادث فى المؤسسات والمبانى وسقوط المبانى من أثار زلازل خفيفة  كلها تدل على أن التميز أختفى من بلادنا ولعل العشوائيات على جوانب الطرق وفى قلب المدن الكبيرة.حتى القاهرة الجميلة المبانى والعمارة من فاطمية الزمن إلى إسماعيليته إلى حتى مرحلة الأشتراكية كلها تدل على أننا نتدهور فى صفه التميز وفى الجانب الأخر  أبنائنا  يشيدون أجمل المبانى وأحسن الطرق ويقيمون المؤسسات العظيمة  ويشتهرون بالعلم والأدب والطب العظيم فى بلاد أخرى سمحت لهم بأن يزاولوا إظهار تميزهم  للأسف الشديد بعيد عن أرض الوطن التى إمتلئت بالنفاق  وإحتل فيها الضعفاء  والغير نابهين الصفوف الأولى فأصبحنا نمسى ونصبح على خبر كارثة  !!
متى نفيق؟؟ ومتى نهتم بالمتميزين من المصريين ؟؟
إن غداَ لناظره قريب !!
[email protected]

مقالات مشابهة

  • اعتقد بوجود مقبرة أثرية أسفل عقار.. المشدد 7 سنوات لمتهم بالتنقيب في الزيتون
  • د.حماد عبدالله يكتب: حقوق التميز -وواجباتها !!
  • إكرام بدر الدين يكتب: ثورة الضرورة
  • الملك يهنئ محمد ولد الشيخ الغزواني بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا لموريتانيا
  • افتتح مشروع مياه في باب المندب.. طارق صالح: اليمن مقبرة المشروع الإيراني
  • د.حماد عبدالله يكتب: الوطنية المصرية «المنقوصة» !!
  • عبدالرحيم علي يكتب: روح يونيو.. ما أشبه الليلة بالبارحة
  • خلاف بين بغداد وأربيل يؤخر فتح مقبرة جماعية للإيزيديين بسنجار 9 سنوات
  • صفوت دسوقي يكتب " شيرين وقعت في فخ أحمد زكي"
  • د.حماد عبدالله يكتب: "الفاقد " فى مصر كبير !!!