البوابة نيوز:
2024-11-22@08:05:51 GMT

د. زاهي حواس يكتب: سر السرداب الفاضي «2»

تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT

البعثة المصرية تنجح في الكشف عن السرداب السرى بوادى الملوك لأول مرة

بدأت في العمل في وادى الملوك بالأقصر بحثًا عن مقابر الملوك التي لم تكتشف بعد، وذلك على رأس أول بعثة مصرية تعمل فى وادى الملوك وقمت بتقسيم البعثة إلى فريقين، فريق يعمل بالحفائر فى الأماكن التى من المتوقع أن يتم الكشف فيها عن مقابر جديدة، وفريق آخر يعمل على استكشاف السرداب السرى بمقبرة الملك سيتى الأول، والذي حير علماء الآثار جميعًا نظرًا لضخامته وصعوبة استكشافه والتى جعلت جميع المستكشفين القدامى عاجزين عن كشف أسراره وما يخفيه بداخله.

ولا يتصور أحد مدى اللهفة وقسوة الانتظار التي كنت أعيش فيها متوقعًا بين لحظة وأخرى أن تأتيني مكالمة تليفونية من مساعدى بالوادى ليقولا لي: لقد عثرنا على مدخل المقبرة احضر حالًا..!". وهي الكلمات التى اعتاد الأثريون منذ زمن إرسالها إلى مديرى الحفائر ليخبروهم عن الاكتشافات الجديدة مثلما حدث مع فيكتور لوريه عندما أرسل إليه مفتش الآثار المصرى حسن أفندي برقية يخبره بالعثور على مقبرة تحتمس الثالث بوادى الملوك، وكذلك عندما عثر هيوارد كارتر على مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون وقام بإرسال برقية إلى اللورد كارنانفون الذى مول حفائر كارتر لمدة خمس سنوات وقال له: "لقد عثرنا على مقبرة الملك توت.. احضر فورًا".. ومن المعروف أن اللورد كارنانفون قرر بعد أربع سنوات من العمل أن يوقف التمويل، ولكن كارتر كان مصممًا على العمل بالوادى للعام الخامس حتى ولو مول الحفائر من ماله الخاص.

وأنا بدلًا من البرقية أتوقع مكالمة تليفونية لكى أترك مكتبى بالقاهرة وأقيم في وادى الملوك وأشرف على الحفائر بنفسى كل يوم، ولا أعرف لماذا لدى إحساس داخلى بأن البعثة المصرية التي تعمل بوادي الملوك سوف تكشف قريبًا بإذن الله عن المقبرة التي سوف تحمل رقم (٦٤) بالوادي وسوف تكون المرة الأولى الذى يكشف فيها المصريون عن مقبرة بوادى الملوك، وقد عثرنا حتى الآن على المجرى الذي كان الفراعنة يقومون بجمع دموع "الآلهة" أي الأمطار فيه وتسير بعد ذلك من خلال قناة طويلة حتى تصل الأمطار إلى أسفل الوادى، وسجلنا العديد من النقوش الصخرية التى تركها الفراعنة منها النقش الذي كتبه الوزير "أوسرحات" ويشير فيه إلى أنه بنى فى هذا الموقع مقبرة لأبيه الوزير "آمون نخت"، ونقش آخر لملكة كانت تحمل لقب الزوجة الإلهية، بالإضافة إلى مناظر منحوتة على صخر الوادى "جرافيتي" سجلها الكتبة والعمال الذين كانوا يقومون بالعمل فى نحت مقابر الملوك.

وكل هذه أدلة تشير إلى أن الوادى ما زال مليئًا بالأسرار التى سوف نكشف عنها قريبًا بإذن الله. ولكن أهم ما عثرنا عليه تلك الحجرات أمام مقبرة الملك "توت عنخ آمون" والتى كان الفراعنة يستعملونها كمخازن أو أماكن لإعاشة العمال.. تُرى هل يكون الوادي رحيمًا بنا ويكشف عن سر من أسراره لأول بعثة مصرية تعمل به؟! إن أحلامى أحيانًا ما تصل إلى حد الكشف عن مقبرة كاملة لم يمسها إنسان منذ أيام الفراعنة، ولحظتها سوف يصبح هناك نجم أو نجمة أخرى بوادى الملوك غير النجم الأول وهو الفتى الذهبي الملك توت عنخ آمون هل يبيح الوادي بأسرار جديدة؟

لا أعتقد أن هناك مكانا فى العالم كله يحمل كل هذا الغموض والإثارة صاحبه هو الملك "سيتي الأول" ثاني ملوك الأسرة ١٩، وابن الملك رمسيس الأول، وأبو الملك رمسيس الثاني أشهر فراعنة مصر على الإطلاق.. وقد ترك لنا سيتى الأول مقبرة ليس لها مثيل فى وادى الملوك من حيث الحجم وجمال المناظر والنصوص.. وقد كشف عن هذه المقبرة مهرج السيرك الإيطالي بلزوني في عام ١٨١٧، وتحمل المقبرة رقم (١٧) بوادى الملوك. وتمكن بلزونى من الدخول إلى حجرة الدفن وشاهد أروع تابوت ملكي في منتصف الغرفة مصنوع من الألباستر المصرى وغطاؤه على شكل المومياء الملكية يعلوه سقف المقبرة الذي يعتبر معجزة معمارية وفنية بكل المقاييس، حيث صور الفنان المصرى القديم مناظر فلكية تصور أبراج السماء كما تخيلها وتعكس علمًا عميقًا بالفلك.

ولاحظ بلزونى أن تابوت الملك وضع على بلاطات حجرية وليس على أرضية المقبرة وبنقل التابوت خارج المقبرة قام بنزع هذه البلاطات ليجد سردابًا سريًا، وقد بدأ الحفر في هذا السرداب الغريب ولم يتمكن من استكمال العمل لصعوبة الحفر فيه وعدم وجود هواء ليتنفسه. وبعد ذلك جاءت عائلة عبد الرسول وخاصة الشيخ على عبد الرسول آخر أفراد العائلة ليبدأ فى استكشاف هذا السرداب في عام ١٩٦٠، إلا أن عمله لم يكتمل للظروف الصعبة داخل السرداب.

وبدأت البعثة المصرية برئاستى فى الكشف عن هذا السرداب السرى وذلك لأول مرة وبطريقة علمية لأن أعمال بلزونى كانت بدائية وكذلك لم تكن حفائر الشيخ على سليمة؛ الأمر الذى جعله يفقد مسار السرداب الأصلى ويحفر في مسار آخر يعلوه. وهناك اعتقاد بأن هذا السرداب يؤدى إلى المقبرة الحقيقة للملك والتي من المفترض أن الفراعنة قاموا بإخفائها داخل هذا السرداب، وخاصة لأن شغل المصريين القدماء الشاغل هو إخفاء حجرة الدفن عن أعين اللصوص.

وهذا يجعلني أعود إلى الماضى إلى أكثر من ٣٧ عامًا عندما قابلت الشيخ على عبد الرسول فى فندق المرسم بالبر الغربى بالأقصر، وكان رحمه الله شخصية جذابة يبلغ من العمر سبعين عامًا ويحمل وجهه تجاعيد الماضى وآثاره ويضيف شاربه الكبير مهابة وعمقًا لشخصه.. وكان يعيش بالوادى حوالى ثلاثين مفتشًا للآثار يعملون كمرافقين للبعثات الأجنبية التى تعمل بالأقصر، وكنا نلتقى المساء لنتحدث ونتناقش فى أمور الآثار ونتجاذب أطراف الحديث فى موضوعات شتى بعد يوم طوال النهار، وقد علمنا أن الشيخ على عبد الرسول سوف يتزوج شابة صغيرة السن واتفق على إقامة الفرح وقد سأله المفتشون عن سبب زواجه من فتاة صغيرة وكان يضحك ويقول إن لديه صحة أقوى من شاب في العشرين من عمره، وقبل أن ننهض إلى حجراتنا وجدنا الدكتور عبد الفتاح الصباحي يناول الشيخ على حبة صغيرة قال له أنها ستساعده على اجتياز الليلة الأولى من الزواج، وقد تناول الشيخ على الحبة التي اتضح فيما بعد أنها منوم جعلته يستغرق في نوم عميق حتى الصباح.. وشاعت القصة بين رواد الفندق ولم أجد غير الضحك والابتسامة على وجه الشيخ علي في اليوم التالي.

زاهي حواس: من أهم الأثاريين المصريين، وزير سابق للآثار، يحاضر فى العديد من الدول الغربية حول الآثار الفرعونية وتاريخ قدماء المصريين، وله مؤلفات بالعربية والإنجليزية فى هذا المجال، يستكمل ما كتبه عن سر ذلك السرداب فى وادى الملوك غرب الأقصر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: زاهي حواس وادي الملوك بعثة مصرية الوادي البعثة المصرية مقبرة الملک عبد الرسول الشیخ على

إقرأ أيضاً:

اليمن مقبرة الغزاة ومصدر الرعب لليهود

يمانيون – متابعات
لا مجال لفصل اليمن عن لعنة النهايات التي تحل بخصومه حتى لو كانت أعتى الإمبراطوريات على وجه الأرض، فاليمن مقبرة الغزاة، ومصدر رئيسي لتصدير الموت إلى العالم، خاصة أعدائه، ولذلك تجنب الكيان الصهيوني -لسنوات طويلة- الدخول في مواجهة مباشرة مع أطراف يمنية، واكتفى بعملائه المحليين والإقليميين لتدمير اليمن، وإبقائه في الغيبوبة التي فرضها الطواغيت من حكامه بتوجيهات غربية.

ولكن المواجهة مع اليمن حتمية، وبها يتحقق الوعد الإلهي القاضي بنهاية اليهود، أي أن لعنة الموت اليمانية قادمة إلى الكيان لا محالة، وقد تضاعفت الاحتمالية المشؤومة أكثر وأكثر منذ انطلاق طوفان الأقصى، واضطرار “إسرائيل” إلى الدخول في مواجهة مباشرة مع اليمن، وبذلك تتحقق متلازمة الموت واقتراب الأجل الموعود لليهود وكيانهم الغاصب.

الكارثة أن اليهود يعرفون هذه الحقيقة معرفة دقيقة، وينظرون إلى اليمن نظر المغشي عليه من الموت، وطالما اعتبروا اليهود القادمين من اليمن نذير شؤم على كيانهم المؤقت، وأمعنوا في امتهاهنهم واستنقاصهم على مختلف الأصعدة؛ والسبب كمية النحس التي يرونها في وجه كل واحدٍ منهم، وقد تضاعفت هذه النظرة بعد إقدام أحدهم على اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في نوفمبر 1995، وهو المصير الذي قد يتكرر مع أي مسؤول آخر في الكيان.

وفي جميع الأحوال، فإن اليمني يحمل رسالة الموت لليهود أينما حل، حتى لو كان يهودياً أو عميلاً، وقد يتحول إلى أداة للقتل في أي لحظة، بغض النظر عن الدوافع والمسببات، وتزداد نسبة الشؤم تلك بحديثهم أكثر وأكثر عن اليمن وخطورته عليهم، ومع كل خطوة يخطونها باتجاه الأراضي اليمنية، وأياً كانت نتيجة التصعيد على الأرض، فكلها تنتهي بتضاعف حجم لعنة الموت على اليهود في فلسطين المحتلة.

بالنسبة لنا، فمهما تكن التضحيات فإن قدرنا تحرير فلسطين من دنس اليهود، ولا يمثل الموت عائقاً أمامنا، ولا نرى فيه أي تهديدٍ لنا، ولو نطق الموت لأقر بأنه ولد وترعرع في اليمن، ومنها خرج ليطوف العالم قبل أن يستقر في فلسطين المحتلة، حيث يجمعه موعدٌ حتمي مع اليمنيين واليهود، فهو الركن الثالث إذا جرى ذكر الطرفين معاً.

ولو يتابع الصهاينة أخبار اليمنيين في هذه الفترة، لوجدوا بأن الاستشهاد ثقافة أصيلة لدى كل يمني، والموت الذي يخشاه اليهود ينتظره اليمنيون بكل شوق، ولا سبيل لتركيع أمة تعشق الموت وتتمناه، بل وتسعى إلى تصديره لخصومها بكافة الوسائل، وفي حال عجزت هي عن ذلك، يبادر الموت بنفسه لملازمة أعداء اليمن، فهو هديتنا لكل الطغاة والمحتلين، وسنفيض منه لليهود في فلسطين المحتلة، وبكميات كبيرة لا حصر لها، بإذن الله.
—————————————
السياسية || محمد الجوهري

مقالات مشابهة

  • بحضور زاهي حواس.. انتهاء أعمال ترميم مقبرة TT 39 بمنطقة الخوخة بالأقصر
  • اليمن مقبرة الغزاة ومصدر الرعب لليهود
  • غدا.. افتتاح المقبرة TT39 للكاتب «بوي ام رع» بالبر الغربي في الأقصر
  • بيكي يلغي مشاركة إلياس المالكي في دوري الملوك بعد إدانته بالسجن
  • لازاريني: غزة أصبحت مقبرة للأطفال
  • الأونروا: غزة أصبحت مقبرة للأطفال
  • الجيش نعى الجندي عباس علي نحله شهيد العدوان في برج الملوك – القليعة
  • زاهي حواس يشارك في حفل مؤسسة مجدي يعقوب بالمتحف المصري الكبير
  • وسائل إعلام لبنانية: وقوع إصابات في صفوف الجيش اللبناني جراء استهداف آلية إسعاف تابعة له في بلدة برج الملوك بمسيرة إسرائيلية
  • ملعب يوفنتوس يحتضن النسخة الأولى من "دوري الملوك"