فتاوى تشغل الأذهان.. كيف أقضي ما فات من صيام رمضان بسبب الحيض؟.. ما المقصود بقوله تعالى: «الخبيثات للخبيثين»؟ .. وحكم من لم يستطع الوفاء بالنذر لعدم القدرة
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
فتاوى تشغل الأذهان
كيف أقضي ما فات من صيام رمضان بسبب الحيض؟ ما المقصود بقوله تعالى: «الخبيثات للخبيثين»؟ حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر لعدم القدرةنشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان وتهم المسلم في حياته اليومية، نرصد أبرزها في هذا التقرير.
في البداية، قالت دار الإفتاء المصرية في بيانها الجواب: يجب قضاء ما فات من صيام رمضان بسبب الحيض وعلى السائلة قضاء هذه الأيام، ولا مانع من تفريقها على النحو المذكور؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في قضاء رمضان: «إن شاء فَرَّقَ، وإن شاء تابَعَ» رواه الدارقطني.
وتابعت: قد اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض والنفساء، ويحرم عليهما الصيام، وإذا صامتا لا يصح صومهما ويقع باطلًا، وأجمع الفقهاء على أن الحيض يوجب القضاء فقط، وقضاء رمضان إذا لم يكن عن تعدٍّ لا يجب على الفور، بل يجب وجوبًا موسعًا في خلال العام التالي، وقبل حلول رمضان من العام القابل؛ فقد صح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان". رواه مسلم.
فإن أخَّرت القضاء حتى دخل عليها شهر رمضان الآخر؛ صامت رمضان الحاضر، ثم تقضي بعده ما عليها، ولا فدية عليها سواء كان التأخير لعذر أو لغير عذر على ما ذهب إليه الأحناف والحسن البصري. وذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه يجب عليها القضاء فقط إن كان التأخير بعذر، أما إذا كان التأخير بدون عذر فيلزمها القضاء والفدية، وهذا ما نميل إليه، ولا يشترط التتابع في القضاء؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قضاء رمضان: «إن شاء فَرَّقَ، وإن شاء تابَعَ» رواه الدارقطني.
وشددت: بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنه يجب على السائلة قضاء ما عليها عن السنوات الماضية، وأن تعجل بهذا قبل دخول رمضان القادم.
«الخبيثات للخبيثين»، أكثر الناس يفهم هذه الآية ويرددها في حالات الزواج بأن الرجل الطيب للمرأة الطيبة، والرجل الخبيث للمرأة الخبيثة، وهذا مفهوم خاطئ، فما المقصد الصحيح من قوله تعالى :«الخبيثات للخبيثين»؟
يقول الشيخ محمد عبدالعظيم الأزهري عضو لجنة الإفتاء بالأزهر، إن هذه الآية ذكرت في سورة النور بعد حادثة الإفك التي رميت بها أمنا عائشة رضي الله عنها.. رماها المنافقون بالزور والباطل فأنزل الله براءتها في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، قال تعالى بعد ما ذكر هذه الحادثة، أي حادثة الإفك ( الخبيثات للخبيثين) أي الكلمات الخبيثات التي قالوها عن السيدة عائشة لا يقولها إلا الخبيثون، والخبيثون للخبيثات أي تأكيد من الله أن الخبيثين من الناس يقع في الكلمات الخبيثات و(الطيبات للطيبين) يعني الكلمات الطيبات تصدر من الطيبين من الناس، و(الطيبون للطيبات) يعني الطيبون من الناس يصدر منهم الكلمات الطيبات.
وأضاف: وفي آخر هذه الآية قال تعالى (أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة وأجر كريم، أي هم الطيبون برأهم الله من هذه الحادثة. فهذه الآية لا علاقة لها بالزواج أبدًا.
واستدل على ذلك أن فرعون وهو أخبث الناس كانت امرأته طيبة وهي آسيا رضي الله عنها وذكرها في القرآن «قالت رب ابنِ لي عندك بيتًا في الجنة»، بينما سيدنا نوح ولوط وهما من أنبياء الله كانت زوجتاهما خبيثتين وقال لهما الله (ادخلا النار مع الداخلين ).
“نذرت ولدي شك فيما نذرت فماذا أفعل”.. سؤال ورد إلى الدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي الجمهورية عبر صفحته الرسمية ، وأجاب قائلا: أولا: الشك هو التردد بين الشيئين ، مع عدم الترجيح لطرف على طرف.
ثانيا: اختلف الفقهاء في حكم الوفاء بالشيء المنذور في حالة وجود شك من الناذر : فذهب فقهاء الحنفية والمالكية إلى أن الشك في المنذور - كعدم تسميته ، أو عدم ذكر صفته أو وزنه - يكفر عنه الناذر كفارة يمين .
وأضاف عاشور خلال برنامج “ دقيقة فقهية ” المذاع على محطة القرآن الكريم قائلا: لو شك الناذر في نوع المنذور : هل هو صلاة أو صيام أو صدقة أو عتق ؛ قالوا تلزمه كفارة يمين ، وذهب الشافعية إلى قولين : الأول : يفعل جميع ما وقع فيه الشك . والثاني : يكفر كفارة يمين .
وأوضح عاشور: استحسن جماعة من فقهاء الشافعية أن يجتهد حتى يغلب على ظنه نوع منها فيفعله، فإن اجتهد ولم يظهر له نوع النذر : فعليه أن يفعل الجميع.
والخلاصة : أن من شك في النذر أو نسي ما سماه فعليه كفارة يمين كما قرره جمهور الفقهاء ، وذلك لعموم حديث ابن عباس رضى الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من نذر نذرا لم يسمه ، فكفارته كفارة يمين ، ومن نذر نذرا في معصية ، فكفارته كفارة يمين ، ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا أطاقه فليف به» (أخرجه أبو داود في سننه / 3322) .
أكد الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الإنسان عليه أن يوفى بما نذره فإن لم يستطيع فعليه أن يخرج كفارة يمين.
وأوضح الشيخ محمد عبد السميع، فى إجابته عن سؤال « ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر لعدم القدرة » عبر البث المباشر لدار الإفتاء المصرية على موقع الفيس بوك أنه يجب على الإنسان أن يوفى بنذره فإن لم يستطع وعجز فعليه أن يخرج كفارة يمين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كفارة النذر كفارة يمين) فكيفى الإنسان إذا ما نذر وعجز ان يطعم عشرة مساكين.
وأشار إلى أن دار الإفتاء حددت أقل مبلغ للوفاء بالنذر هو مائة جنيه فإن لم يستطع الفرد فصيام ثلاثة أيام .
ونوه إلى إن الوفاء بالنذر واجب على كل مسلم تعهد بعمل شيء لوجه الله طالما كان مستطيعا لقوله تعالى " يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فتاوى تشغل الأذهان صيام رمضان دار الإفتاء الوفاء بالنذر صلى الله علیه کفارة یمین هذه الآیة لم یستطع علیه أن إن شاء
إقرأ أيضاً:
النداء الأخير!
جابر حسين العُماني **
jaber.alomani14@gmail.com
في مُعظم رحلات الحياة التي يُخطط لها الإنسان، لا بُد أن تُصادفه لحظة أخيرة يُعلَن فيها النداء الأخير قبل إغلاق كل شيء، عندها يستجيب البعض لذلك النداء دون تردد أو تأخير أو تسويف، حتى لا تفوتهم الرحلة، بينما يتكاسل آخرون ويماطلون ويتأخرون، فيخسرون الرحلة بكل ما تحمله من مزايا جميلة.
هكذا هي رحلة الإنسان وانتقاله من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، رحلةٌ يسيطر فيها ملك الموت، الذي سخّره الله تعالى لقبض أرواح البشر، فهو لا يكتفي بالنداء الأخير، بل يستل الأرواح من أجسادها، فتتكرر حالات الوفاة أمامنا في كل حين، حاملة رسائل واضحة لا لبس فيها، تنبه الإنسان بأنَّ الحساب آت لا محالة. فما الذي قدمته لآخرتك؟
يهلّ علينا شهر رمضان المبارك كل عام بالمغفرة والرحمة والضيافة الإلهية، ويأتي معه النداء الإلهي، قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60].
يُوجه هذا النداء كذلك إلى من أهمل الشهر الكريم وعبادة الله تعالى فيه، وهي رسالة واضحة مفادها تذكير الإنسان بما فرّط فيه من عمره في غير طاعة تعالى، وكأن النداء يقول: "يا ابن آدم، إنَّ الفرصة لا تدوم، فاغتنمها قبل فواتها."
والمطلوب من الإنسان استغلال الفرص المتاحة قبل حلول النداء الأخير، وما أجمل تلك الفرص عندما تستغل في شهر الطاعات والرحمات، الشهر الذي دعانا الله تعالى لضيافته. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما خطب في الناس مذكرا لهم بأهمية شهر رمضان المبارك واستغلال أوقاته بما ينفعهم: "أَيُّهَا اَلنَّاسُ؛ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اَللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَاَلرَّحْمَةِ وَاَلْمَغْفِرَةِ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اَللَّهِ أَفْضَلُ اَلشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ اَلْأَيَّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اَللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ اَلسَّاعَاتِ، هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اَللَّهِ".
فعلى الإنسان أن يعلم أن شهر رمضان لم يجعله الله تعالى شهرًا للإسراف أو التبذير في الطعام أو الشراب أو اللعب والملهيات، كما هو متعارف عليه في زماننا عند البعض، بل هو فرصة ثمينة لمحاسبة النفس، ومراجعة العمل، والعودة إلى الله تعالى. لذا ينبغي على الإنسان ألّا يفوّت الفرصة فيه، وأن يعتبره النداء الأخير لكل من تهاون في أداء صلاته، أو ابتعد عن القرآن الكريم، أو أثقلته الذنوب والمعاصي والموبقات، أو أحاطت به الغفلة والملذات. وهو نداء يدعونا إلى العودة الفورية إلى الله تعالى حتى نستطيع أن نحظى بمغفرته ورضوانه وضيافته الكريمة.
قد يتساءل بعض الناس: ماذا يمكننا أن نفعل في شهر رمضان إلى جانب إقامة الصلاة، وحضور المساجد، وقراءة القرآن الكريم؟ والجواب أن هناك العديد من الأعمال العبادية التي تقرب الإنسان من رضا الله تعالى، وهي سهلة ويسيرة، ويمكن استغلالها في هذا الشهر الفضيل، ومنها:
أولًا: جدد توبتك مع الله تعالى، وحاول أن تكتب الذنوب والمعاصي التي اقترفتها في دفتر هاتفك بينك وبين نفسك، وعاهد الله أنك لن تعود إليها مهما حصل. ثانيًا: أكثر من السجود لله تعالى، واعلم أن أقرب ما يكون العبد من ربه هو عندما يكون ساجدًا خاضعًا لله وحده لا شريك له. ثالثًا: أكثر من قراءة الأذكار، ومن الجيد أن تكتبها في عدة أماكن داخل غرفة نومك لتتذكرها دائمًا وترددها باستمرار، مثل: "أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ"، أو "اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ"، أو "اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ"، أو "لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ". رابعًا: عوّد نفسك على إخراج الصدقة في كل يوم للفقراء والمساكين، ولو بالقليل، فإن الصدقة تدفع البلاء المبرم كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة. خامسًا: أصلح نفسك وغيّر غيرك، واجعل من نفسك قدوة حسنة، فلا تنصح الناس بشيء وتفعل عكسه. كن مصلحًا للمتخاصمين، واعلم أن ذلك من أهم الأعمال التي ترضي الله تعالى، يَوْمَ لاٰ يَنْفَعُ مٰالٌ وَلاٰ بَنُونَ إِلاّٰ مَنْ أَتَى اَللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. سادسًا: جاهد نفسك ما استطعت، وانتبه من الغيبة والنميمة والبهتان، واستغل الوقت في طاعة الله تعالى، واعلم أن أيام شهر رمضان معدودة، فينبغي استغلالها بشكل أفضل وأجمل.وأخيرًا.. كُنْ على ثقة بالله تعالى، واعلم أن الله تعالى يقول: {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}، ويقول: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ}، اجعل ندائك الأخير في هذه الدنيا هو العمل الصالح لتحظى بذلك برضا الله تعالى.
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
رابط مختصر