فتاوى تشغل الأذهان

كيف أقضي ما فات من صيام رمضان بسبب الحيض؟ ما المقصود بقوله تعالى: «الخبيثات للخبيثين»؟ حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر لعدم القدرة

نشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان وتهم المسلم في حياته اليومية، نرصد أبرزها في هذا التقرير.

في البداية، قالت دار الإفتاء المصرية في بيانها الجواب: يجب قضاء ما فات من صيام رمضان بسبب الحيض وعلى السائلة قضاء هذه الأيام، ولا مانع من تفريقها على النحو المذكور؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في قضاء رمضان: «إن شاء فَرَّقَ، وإن شاء تابَعَ» رواه الدارقطني.

وتابعت: قد اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض والنفساء، ويحرم عليهما الصيام، وإذا صامتا لا يصح صومهما ويقع باطلًا، وأجمع الفقهاء على أن الحيض يوجب القضاء فقط، وقضاء رمضان إذا لم يكن عن تعدٍّ لا يجب على الفور، بل يجب وجوبًا موسعًا في خلال العام التالي، وقبل حلول رمضان من العام القابل؛ فقد صح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان". رواه مسلم.

فإن أخَّرت القضاء حتى دخل عليها شهر رمضان الآخر؛ صامت رمضان الحاضر، ثم تقضي بعده ما عليها، ولا فدية عليها سواء كان التأخير لعذر أو لغير عذر على ما ذهب إليه الأحناف والحسن البصري. وذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه يجب عليها القضاء فقط إن كان التأخير بعذر، أما إذا كان التأخير بدون عذر فيلزمها القضاء والفدية، وهذا ما نميل إليه، ولا يشترط التتابع في القضاء؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قضاء رمضان: «إن شاء فَرَّقَ، وإن شاء تابَعَ» رواه الدارقطني. 

وشددت: بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنه يجب على السائلة قضاء ما عليها عن السنوات الماضية، وأن تعجل بهذا قبل دخول رمضان القادم.

«الخبيثات للخبيثين»، أكثر الناس يفهم هذه الآية ويرددها في حالات الزواج بأن الرجل الطيب للمرأة الطيبة، والرجل الخبيث للمرأة الخبيثة، وهذا مفهوم خاطئ، فما المقصد الصحيح من قوله تعالى :«الخبيثات للخبيثين»؟ 

يقول الشيخ محمد عبدالعظيم الأزهري عضو لجنة الإفتاء بالأزهر، إن هذه الآية ذكرت في سورة النور بعد حادثة الإفك التي رميت بها أمنا عائشة رضي الله عنها.. رماها المنافقون بالزور والباطل فأنزل الله براءتها في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، قال تعالى بعد ما ذكر هذه الحادثة، أي حادثة الإفك ( الخبيثات للخبيثين) أي الكلمات الخبيثات التي قالوها عن السيدة عائشة لا يقولها إلا الخبيثون، والخبيثون للخبيثات أي تأكيد من الله أن الخبيثين من الناس يقع في الكلمات الخبيثات و(الطيبات للطيبين) يعني الكلمات الطيبات تصدر من الطيبين من الناس، و(الطيبون للطيبات) يعني الطيبون من الناس يصدر منهم الكلمات الطيبات.

وأضاف: وفي آخر هذه الآية قال تعالى (أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة وأجر كريم، أي هم الطيبون برأهم الله من هذه الحادثة. فهذه الآية لا علاقة لها بالزواج أبدًا. 

واستدل على ذلك أن فرعون وهو أخبث الناس كانت امرأته طيبة وهي آسيا رضي الله عنها وذكرها في القرآن «قالت رب ابنِ لي عندك بيتًا في الجنة»، بينما سيدنا نوح ولوط وهما من أنبياء الله كانت زوجتاهما خبيثتين  وقال لهما الله (ادخلا النار مع الداخلين ). 

“نذرت ولدي شك فيما نذرت فماذا أفعل”.. سؤال ورد إلى الدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي الجمهورية عبر صفحته الرسمية ، وأجاب قائلا:  أولا: الشك هو التردد بين الشيئين ، مع عدم الترجيح لطرف على طرف.

ثانيا: اختلف الفقهاء في حكم الوفاء بالشيء المنذور في حالة وجود شك من الناذر : فذهب فقهاء الحنفية والمالكية إلى أن الشك في المنذور - كعدم تسميته ، أو عدم ذكر صفته أو وزنه - يكفر عنه الناذر كفارة يمين .

وأضاف عاشور خلال برنامج “ دقيقة فقهية ” المذاع على محطة القرآن الكريم قائلا:  لو شك الناذر في نوع المنذور : هل هو صلاة أو صيام أو صدقة أو عتق ؛ قالوا تلزمه كفارة يمين ، وذهب الشافعية إلى قولين : الأول : يفعل جميع ما وقع فيه الشك . والثاني : يكفر كفارة يمين .
 وأوضح عاشور:  استحسن جماعة من فقهاء الشافعية أن يجتهد حتى يغلب على ظنه نوع منها فيفعله، فإن اجتهد ولم يظهر له نوع النذر : فعليه أن يفعل الجميع.

والخلاصة : أن من شك في النذر أو نسي ما سماه فعليه كفارة يمين كما قرره جمهور الفقهاء ، وذلك لعموم حديث ابن عباس رضى الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من نذر نذرا لم يسمه ، فكفارته كفارة يمين ، ومن نذر نذرا في معصية ، فكفارته كفارة يمين ، ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا أطاقه فليف به» (أخرجه أبو داود في سننه / 3322) .

أكد الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الإنسان عليه أن يوفى بما نذره فإن لم يستطيع فعليه أن يخرج كفارة يمين.

وأوضح الشيخ محمد عبد السميع، فى إجابته عن سؤال « ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر لعدم القدرة » عبر البث المباشر لدار الإفتاء المصرية على موقع الفيس بوك أنه يجب على الإنسان أن يوفى بنذره فإن لم يستطع وعجز فعليه أن يخرج كفارة يمين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كفارة النذر كفارة يمين) فكيفى الإنسان إذا ما نذر وعجز ان يطعم عشرة مساكين.

وأشار إلى أن دار الإفتاء حددت أقل مبلغ للوفاء بالنذر هو مائة جنيه فإن لم يستطع الفرد فصيام ثلاثة أيام .

ونوه إلى إن الوفاء بالنذر واجب على كل مسلم تعهد بعمل شيء لوجه الله طالما كان مستطيعا لقوله تعالى " يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فتاوى تشغل الأذهان صيام رمضان دار الإفتاء الوفاء بالنذر صلى الله علیه کفارة یمین هذه الآیة لم یستطع علیه أن إن شاء

إقرأ أيضاً:

الفرق بين صيام التطوع والفرض .. ولماذا نصوم رمضان كاملا؟ 18 سببًا لا يعلمها كثير

الفرق بين صيام التطوع والفرض ؟ صيام التطوع أو صيام النافلة من العبادات التي منحها الله تعالى لعباده، فيستطيع المسلم أن يستزيد من الأجر ويؤدي صيام التطوع للتقرب لله تعالى في غير صيام الفريضة، وصيام الفريضة مثل صيام رمضان أو صيام النذر ، والصوم عبادة من أجَلِّ العبادات التي يثاب عليها المسلم؛ سواء كانت على سبيل الوجوب والفريضة، أم على سبيل الندب والتطوع؛ لعموم قول الله تعالى: «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة: 184)، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ» أخرجه الترمذي وابن ماجه في "سننهما"، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» متفقٌ عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في عِظَم الصوم وفضائله الكثيرة.
 

أيام ومواعيد صيام النافلة


يستطيع المسلم أن يصوم صيام النافلة في جميع أيام العام، ولكن يوجد أيام تم ذكرها وتخصيصها لمن يود أن يصوم ويستزيد من فضل الصيام وهي على النحو التالي:

-ستة أيام من شوال، فعن أبى أيوب الأنصاري: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر».


-صيام يومي الاثنين والخميس، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس».


-الإكثار من الصيام في شهر شعبان، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان».


-صيام عشر ذي الحجة وتأكيد يوم عرفة لغير الحاج، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية».


-صيام المحرم وصوم يوم عاشوراء ويوم قبلها ويوم بعدها.


-الإكثار من صوم خلال الأشهر الحرم: «ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب».

أيام صيام التطوع خلال العام .. سيدنا رسول الله يحددها بوضوححكم الصيام تطوعًا في رجب وشعبان دون غيرهما.. دار الإفتاء تردحكم الصيام في شعبان وفضله.. دار الإفتاء تجيبحكم صيام يوم الجمعة في شهر شعبان .. تعرف على أقوال العلماءفضل شهر شعبان.. أسرار حرص النبي على الإكثار من صيام أيامه

فضل صيام التطوع والفرض 

خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:

أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».


ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».

ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».

رابعاً: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».


خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا».


سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
 

سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم (144) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».

 لماذا شرع الله الصيام ؟ 

شرع الله تعالى لعباده الصيام في شهر رمضان، وجعله فرضًا من فرائض الإسلام، ذلك الشهر العظيم الذي تضمن أسرارًا عجيبة، وفوائد جليلة، لو تدبرها الإنسان وتأمل في معانيها لأدرك عظيم فضل الله عليه وعلى الناس.

الحكمة من مشروعية الصوم
 

شرع الله تعالى صيام رمضان لعدة حِكم، منها: أولًا: إن الصوم وسيلة للتحلي بتقوى الله عز وجل؛ لأن النفس إذا امتنعت عن بعض المباحات الضرورية كالطعام والشراب؛ طمعًا في مرضاة الله، وخوفًا من غضبه وعقابه؛ يسهل حينئذ عليها الامتناع عن الْمُحَرَّمات، والتحلي بتقوى الله تعالى.
 

 ثانيًا: أن الصوم وسيلة للتحلي بالإخلاص؛ لأن الصائم يعلم أنه لا يطَّلع أحد غير الله تعالى على حقيقة صومه، وأنه إذا شاء أن يترك الصوم دون أن يشعر به أحد لفعل، فلا يمنعه عن الفِطْر إلا اطِّلاعُ الله تعالى عليه، ولا يحثه على الصوم إلا رضاء الله، والنَّفْسُ إذا تعايشت مع هذه الرؤية صارت متحلية بالإخلاص.

 ثالثًا: الصوم وسيلة للشكر؛ لأَنَّه بالامتناع في وقت الصوم عمَّا أنعم الله به على الإنسان من الطعام والشراب وسائر الشهوات المباحة يتبيَّن للإنسان مقدار تلك النِّعَم وحاجة الإنسان إليها، ومدى المشقة التي تلحق المحروم من تلك النِّعَم، فتتوق نفسه إلى شكر ذلك الْمُنْعِم العظيم الغنيِّ الذي وهب ومنح دون مُقَابل أو حاجةٍ لِمُقَابل.


 رابعًا إن في الصوم من تَخَلُّق النفس بالصبر على الجوع والعطش والشهوة، والحد من نَهْمَتِهَا وانطلاقها الغاشم في الملذَّات، فالنفس المنطلقة في الشهوات اللاهثة وراء الملذات ما أسهل أن تستجيب للشيطان حين يُزَيِّن لها المهالك والموبقات؛ لذا كانت النفس في حاجة إلى الضبط والتنظيم في تنعُّمها بنعم الله تعالى.


وأكملت: خامسًا: أن الله تعالى نسب الصيام إليه، وتولى جزاء الصائمين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» [رواه البخاري ومسلم]. وفي رواية: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؛ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».


سادسًا: ومن أسرار الصوم وحكمه أنه فيه صحة للبدن من الأمراض والأسقام؛ فبالصيام يطهر البدن من الفضلات والسموم التي نتجت عن أنواع الطعام الذي يُدخله المرءُ إلى جوفه طيلة العام، ومع الجوع يبدأ الجسم باستهلاك المخزون الجسدي، وطرد ما فيه من السموم والفضلات؛ فمع قلة الطعام الناتج عن صيام النهار ينتظم التنفس، ويقل العبء الملقى على القلب، ويتهيأ للجهاز الهضمي أن يجدد أنسجته التالفة، كما أن قلة الفضلات تسمح بإراحة الكلى وتجدد نشاطها، إلى غير ذلك من الفوائد الصحية العظيمة.


فوائد شهر رمضان

أولًا: يتعلم المسلم من خلال الصيام السيطرة على شهواته؛ فيتحكم بها ومن ثم يكون قادرًا على التحكم برغباته دون الإضرار بحاجاته الجسدية.

ثانيًا: الصوم مدرسة للجود؛ فيجود المسلم بماله للمحتاجين، فهو يشعر بجوعهم وحاجتهم، ويجود بوقته في مساعدة الآخرين ومد يد العون لهم.

ثالثًا:يُنمي الصيام في النفس حب عمل الخير، ويدربها على الإكثار منه وملازمته كلما أُتيحت الفرصة؛ فالعمل الصالح في هذا الشهر تتضاعف، الأمر الذي يُشجع المسلم على الإكثار من الأعمال الصالحة طمعًا في الأجر.

رابعًا:يساعد الصيام على الالتزام بالقواعد والقوانينواحترام الحدود المرسومة دون زيادة أو نقصان.

خامسًا:يكسر الصيام الكِبَر في القلب؛ فيرى الصائم الأعداد العظيمة من المسلمين المقبلين على العبادات؛ فيقوم بدوره بالسعي إلى المزيد من العبادات ليلحق بمن سبقوه دون النظر إلى مكانتهم الاجتماعية.

سادسًا: يُشجع الصيام على السرية في أعمال الخير؛ فالصيام مبني على العلاقة بين العبد وربه دون تدخلات أو حاجة إلى أن يعرف الجميع بذلك؛ فيتصدق صمتًا في مساعدة الآخرين.

سابعًا: الصيام في رمضان يهدف إلى تجديد النية، وتنقيتها مما عَلِق بها، واحتساب هذه النية عند الله - تعالى-؛ لقول الرسول - عليه السلام-: (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ).

ثامنًا: تتجدد العلاقة بين المسلم وربه في رمضان، من خلال قراءة القرآن الكريم، والابتعاد عن المُحرّمات، وتطبيق السّنة النبويّة، والإقبال على صلاة التراويح وقيام الليل.

تاسعًا:تجتمع أركان الإيمان في الصيام: قول القلب الذي يكون بالتصديق والإيمان بالصيام، وعمل القلب الذي يكون بالاحتساب، وفعل الجوارح الذي يكون بالابتعاد عن المحرّمات.

عاشرًا: يساعد الصيام المسلم على التأقلم بسرعةعند تغير الظروف؛ فيصبح أكثر مرونة وتقبُّلًا لتقلبات الحياة السريعة.

أحد عشر: يزيد الصيام من روحانية المسلم، ونقاء روحه، وارتقائه عن الشهوات والحاجات الماديّة.

اثنا عشر: يُعلم الصيام المسلم فقه الأولويات؛ فيعرف أهمية الأعمال الصالحة ومستوياتها، فيرتبها حسب ذلك السُلم، كما يُربيه على فقه الاختلاف.

حكم إتمام صيامِ التطوعِ لمن بدأ فيه وحكم قضائه إذا أفسده


ينبغي على المكلف إتمام صوم التطوعِ متى شَرَع فيه، وعليه أن لا يتعمد الإفطار بغير عذر، وإذا عَرَضَ عذرٌ أبيح له الفطر اتفاقًا، أما إذا أفطر بغير عذرٍ فيستحب قضاء هذا اليوم، خروجًا من خلاف من أوجب قضاءه.

آراء المذاهب الفقهية في حكم إتمام صيام التطوع لمَن شَرَع فيه وحكم قضائه إن أفسده


ذهب الحنفية إلى أنَّ من شَرَع في صومِ التطوعِ وجبَ عليه إتمامه، وإن أفسده وجب عليه قضاؤه، سواء أكان الإفساد لعذرٍ أم لغير عذرٍ، ولا إثم عليه في حال عدم الإتمام مع وجود العذر المبيح للإفطار، فإن لم يكن عذر فإنه يكره الفطر في إحدى الروايتين عند الحنفية، وفي رواية أخرى عند أبي يوسف وهي اختيار بعض محققي المذهب بأنه لا يكره الفطر مع عدم العذر أيضًا ما دام صاحبه ينوي القضاء.


ذهب المالكية إلى أنَّ من شَرَع في صومِ التطوعِ وجبَ عليه إتمامه، فإن أفسده بغير عذر وجب عليه قضاؤه، وإن أفسده لعذر فلا قضاء عليه.

بينما ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن مَن شَرَع في صوم التطوع لا يلزمه إتمامه، وإن كان الإتمام أفضل، فإن أفسده لا يجب عليه قضاؤه، إلا أنه يستحب القضاء سواء أفسده بعذرٍ أم بغيره؛ خروجًا من الخلاف، ولا إثم في الخروج من صوم التطوع ولا حرمة في ذلك سواء كان الفساد بعذرٍ أو غير عذرٍ، لكن يكره له الخروج منه بلا عذرٍ عند الشافعية في المذهب، وعند بعضهم لا يكره الخروج بلا عذرٍ، ولكنه خلاف الأَوْلى.


وقال الإمام ابن قُدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 159، ط. مكتبة القاهرة): [(ومَن دخل في صيام تطوعٍ، فخرج منه، فلا قضاء عليه، وإن قضاه فحسن)، وجملة ذلك أن مَن دخل في صيام تطوع، استحب له إتمامه، ولم يجب، فإن خرج منه، فلا قضاء عليه].

حكم تبييت النية في صيام التطوع

قالت دار الإفتاء المصرية، إنه ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يشترط تبييت النية في صوم التطوع، بشرط ألا يكون فعل شيئًا من المفطرات من أول طلوع الفجر إلى وقت إطلاق نية الصوم.

واستشهدت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: «هل يجب تبييت النية في صوم التطوع؟» بما روي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ «يَا عَائِشَةُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

وأوضحت أن نية صيام الست من شوال يمكن إنشاؤها حتى دخول وقت الظهر من يومها ما لم يكن قد أتى بمفسدات للصوم، وهذا شأن صيام النافلة بعامة، بخلاف صيام الفريضة كصوم رمضان، الذي يجب أن تكون نيته مبيتة قبل الفجر سواء أكانت أداءً أي أثناء رمضان أم قضاءً أي من كان يقضي أيامًا أفطرها في رمضان.
 

تبييت النية في صوم التطوع

أفاد الشيخ أحمد ممدوح مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، بأنه لا يشترط تبييت النية قبل الفجر في صيام التطوع، مؤكدًا أنه يجوز لمن استيقظ بعد الفجر أو بعد الظهر أن ينوي صيام النفل -التطوع- بشرطين الأول أن يكون ذلك في وقت الزوال أي قبل أذان العصر وألا يكون قد فعل شيئًا يتنافي مع الصيام مثل الأكل والشرب.

وأشار إلى أنه إذا توفر الشرطين السابقين فيصح الصوم ويكون له الأجر والثواب من الله تعالى،مستدلا بما روي عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاتَ يَوْمٍ «يَا عَائِشَةُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ»....».

ونبه مدير الأبحاث الشرعية، على أنه لا بد من تبييت النية قبل الفجر في صيام الفرض سواءٌ رمضان أو كفارة أو نذر أو قضاء رمضان.

الأعذار المبيحة للفطر

وحددت دار الإفتاء المصرية، الأعذار المبيحة للفطر، مؤكدة أنه يُبَاح الفطر لِمَن وجب عليه الصوم إذا تحقق فيه أمر من الأمور الآتية:

1) «العجز عن الصيام» لكبر سِن، أو مرض مُزْمن لا يُمكن معه الصيام، وحكمه إخراج فدية عن كل يوم وقدرها مُدّ من طعام لِمِسْكِين؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖ} [البقرة: 184]، ومِقْدَار المد (وهو مكيال) يساوي بالوزن 510 جرامات من القمح، عند جمهور الفقهاء.

2) ومن الأعذار المبيحة للفطر «المشقة الزائدة غير المعتادة» كأن يشق عليه الصوم لِمَرض يرجى شِفَاؤه، أو كان في غزو وجهاد، أو أصابه جوع أو عطش شديد وخاف على نفسه الضرر، أو كان مُنْتَظِمًا في عمل هو مصدر نفقته ولا يمكنه تأجيله ولا يمكنه أداؤه مع الصوم، وحكمه جواز الفطر ووجوب القضاء.

3) ومن الأعذار المبيحة للفطر «السفر» إذا كان السَّفر مُبَاحًا، ومسافة السفر الذي يجوز معه الفطر: أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، قدَّرها العلماء بِالأَمْيَالِ، وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلا، وبالفراسخ: سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَتُقَدَّرُ بِسَيْرِ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ، وهي تساوي الآن نحو: ثلاثة وثمانين كيلو مترا، فأكثر، سواء كان معه مَشَقَّة أم لا، والواجب عليه حينئذ قضاء الأيام التي أفطرها؛ لقوله عز وجل: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ» (البقرة: 184).

4) ومن الأعذار المبيحة للفطر «الحَمْل» فإذا خافت الحامل من الصَّوم على نفسها جاز لها الفِطْر ووجب عليها القضاء؛ لكونها في معنى المريض؛ أمَّا إذا كانت تخاف على الجنين دون نفسها، أو عليهما معا فإنها تفطر، ويجب عليها القضاء والفدية، وعند الحنفية أنه لا يجب عليها إلا القضاء.

5) ومن الأعذار المبيحة للفطر «الرضاعة» وهي مثل الحمل، وتأخذ نفس الحُكْم.

6) «إنقاذ محترم وهو ما له حُرْمَة في الشَّرع كمُشْرِفٍ على الهلاك» فإنه إذا توقَّف إنقاذ هذه النَّفْس أو جزء منه على إفطار الْمُنْقِذ جاز له الفطر دَفْعًا لأشد المفسدتين وأكبر الضررين، بل قد يكون واجبًا كما إذا تعيَّن عليه إنقاذُ نفسِ إنسانٍ لا مُنقذ له غيرُه، ويجب عليه القضاء بعد ذلك.

مقالات مشابهة

  • الرسول اهتم بشهر شعبان لهذا السبب.. علي جمعة يوضحه
  • هل يجوز صيام شهر شعبان كاملا بنية القضاء؟.. دار الإفتاء ترد
  • أعمال شهر شعبان.. كيف نستعد من خلاله لشهر رمضان المعظم؟
  • في أول أيامه.. فضل شهر شعبان وحكم الصيام فيه
  • الفرق بين صيام التطوع والفرض .. ولماذا نصوم رمضان كاملا؟ 18 سببًا لا يعلمها كثير
  • فضل شهر شعبان.. أسرار حرص النبي على الإكثار من صيام أيامه
  • كيفية الوفاء بالنذر في حال العجز.. كفارة النذر وحلولها الشرعية
  • فضل صيام شعبان.. «سُنَّة قبلية استعدادا لفريضة رمضان»
  • حكم صيام شهر شعبان كاملا | الإفتاء توضح
  • المقصود من الليلة في قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}