مديرة منظمة التجارة العالمية لـ«الاتحاد»: النظام التجاري متعدد الأطراف قادر على الصمود أمام التحديات
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
مصطفى عبد العظيم (دبي)
وصفت نجوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية انطلاقة المؤتمر الوزاري الثالث عشر للمنظمة في أبوظبي بـ«المشجعة» بعد أن شهد اليوم الأول الاحتفال بتوسع عضوية المنظمة لتصل إلى 166 دولة مع انضمام كل من تيمور الشرقية وجمهورية جزر القمر، وقبول المزيد من الدول لاتفاقية مصايد الأسماك، والإعلان عن اختتام مفاوضات مبادرة تيسير الاستثمار.
وأكدت إيويالا، في سؤال لـ «الاتحاد»، خلال مؤتمر صحفي أمس، أن انضمام دولتين جديدتين لعضوية المنظمة يمثل حدثاً هاماً في تاريخ المنظمة، ومؤشراً على قدرة المنظمة على الاحتفاظ بجاذبيتها في إطار النظام التجاري متعدد الأطراف، بالإضافة إلى الاقتراب من الوصول إلى نسبة ثلثي الأعضاء لدخول اتفاقية مصايد الأسماك حيز التنفيذ بعد تقديم المزيد من الأعضاء صكوك قبولهم للاتفاقية في اليوم الأول.
النظام الجاري
شددت إيويالا، خلال المؤتمر، بحضور معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، رئيس المؤتمر الوزاري الثالث عشر، على قدرة النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف على الصمود أمام التحديات العالمية، ومحافظة المنظمة على جاذبيتها لانضمام المزيد من الدول، مشيرة إلى وجود 22 دولة على قائمة الانضمام للمنظمة للاستفادة من القيمة المضافة التي تقدمها لهم في إطار النظام التجاري المتعدد الأطراف.
وأشارت إلى أن شروط الانضمام للمنظمة ليست سهلة، وتتطلب العديد من الالتزامات والشروط والقوانين والإجراءات والتي قد تستغرق سنوات طويلة لقبول العضوية، لافتة إلى أن فترة مفاوضات انضمام تيمور الشرقية للمنظمة، وهي الأسرع منذ سنوات عدة استغرقت 7 سنوات، فيما استغرقت مفاوضات انضمام جزر القمر 17 عاماً، لافتة إلى وجود العديد من الدول العربية التي ترغب في الانضمام إلى عضوية المنظمة، مثل العراق وسوريا وليبيا ولبنان.
وتحدثت مديرة عام منظمة التجارة العالمية عن واقع التجارة الدولية في ظل أوضاع عدم اليقين التي يشهدها العالم حالياً والتي أثرت على توقعات نمو حجم التجارة العالمية والتي كان من المتوقع أن تكون بحدود 0.8%، وتدفع كذلك إلى مراجعة توقعات المنظمة السابقة لنمو العام الجاري 2024 والتي كانت بحدود 3.3%.
وأشارت مديرة المنظمة إلى أن ما شهده اليوم الأول من زخم ملحوظ في تقديم العديد من الدول الأعضاء لصكوك قبول اتفاق مصايد الأسماك ليصل إجمالي التصديقات إلى نحو 70 تصديقاً، وهو ما يعني أننا نقترب من تصديق الاتفاقية ودخولها مرحلة النفاذ والتي تتطلب قبول ثلثي الأعضاء للاتفاقية التي تم إقرارها في المؤتمر الوزاري الثاني عشر في جنيف يونيو 2022، منوهة بهذا التقدم الذي تحقق في فترة لا تتجاوز الـ 18 شهراً فقط.
وأشارت كذلك إلى المفاوضات الخاصة بالزراعة والتي تعد من الملفات الدائمة على أجندة المؤتمرات الوزارية منذ أكثر من 30 عاماً لكن لم يتم إحراز أي تقدم بها، مشيرة إلى أن تضيمنها لأجندة المؤتمر الوزاري الحالي وفق رؤى جديدة يعيد الآمال بإحياء المفاوضات مرة أخرى.
من جانبه، أكد معالي ثاني الزيودي، أن منظمة التجارة العالمية تظل «قوة دافعة» ضد الحمائية والتمييز، وهي محرك مهم لنظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد. وشدد على أهمية تأكيد أن منظمة التجارة العالمية «حية وجيدة»، وقادرة على مواصلة حقيق نتائج تهم الناس، وأن يظهر المؤتمر أن النظام التجاري المتعدد الأطراف يمكن أن يساهم في التنمية وسيساهم في ذلك.
وأشار معاليه إلى إعلان دولة الإمارات تقدم منحة بقيمة 10 ملايين دولار أميركي لدعم صناديق منظمة التجارة العالمية التي تعد من بين الأكثر أهمية ضمن صناديق المنظمة والهادفة إلى تحقيق الاستفادة القصوى من التجارة العالمية في دعم أهداف التنمية المستدامة والشاملة، خصوصاً في البلدان المصنفة ضمن الدول النامية أو الأقل نمواً.
وأوضح معاليه إلى تخصيص 5 ملايين دولار من هذا الدعم لصالح صندوق دعم المرأة بمجال التصدير الذي تم إطلاقه أمس الأول على هامش فعاليات المؤتمر، فيما توزع المبلغ المتبقي لصندوق مصايد الأسماك ومجالات الدعم الأخرى للبلدان النامية.
مفاوضات تجارية
حقق المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية (Mc13) أول نجاح له بإعلان التوصل إلى اختتام مفاوضات مبادرة تيسير الاستثمار من أجل التنمية ومطالبة نحو 75% من الدول الأعضاء دمج الاتفاقية في الملحق الرابع لاتفاقية مراكش المنشئة لمنظمة التجارة العالمية.
ويمثل المشاركون ثلاثة أرباع أعضاء منظمة التجارة العالمية، بما يقرب من 90 اقتصاداً نامياً و26 اقتصاداً من أقل الاقتصادات نمواً.
ويعتبر الوصول إلى اختتام مفاوضات مبادرة تيسير الاستثمار وعلامة بارزة في تاريخ منظمة التجارة العالمية بوضع الصيغة النهائية للاتفاقية أمام المؤتمر الوزاري، وإتاحتها للجمهور باللغات الرسمية الثلاث لمنظمة التجارة العالمية.
وقالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نجوزي أوكونجو إيويالا: «في غضون ست سنوات، انتقلنا من العمل التحضيري إلى اتفاقية رائدة تعد بمساعدة الموقعين عليها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتحفيز النمو، وخلق فرص العمل، والاندماج في سلاسل التوريد العالمية»، لافتة إلى أن اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية ستساهم في جعل الاقتصاد العالمي أكثر مرونة وشمولاً.
بدوره، قال معالي ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، إن الانتهاء من اتفاقية تيسير الاستثمار جاء نتيجة جهود استمرت أكثر من ست سنوات من العمل والتفاني والرؤية لأكثر من 120 عضواً. وقال «إن هذا الاتفاق دليل على قوة التعاون والرؤية المشتركة لتجارة مفتوحة وقائمة على القواعد».
وأكد الأعضاء المشاركون في الاتفاقية أن الاتفاقية من شأنها أن تخلق معايير عالمية واضحة ومتسقة لتسهيل الاستثمار، مما يقلل من عدم اليقين التنظيمي، وترسل إشارة قوية إلى المستثمرين بأن الاقتصاد المضيف ملتزم بإصلاح مناخ الاستثمار فيه.
وشدد المشاركون على أنه بمجرد دمج اتفاقية تيسير الاستثمار في منظمة التجارة العالمية، فإنها ستسمح لأعضاء البلدان النامية والأقل نمواً بتلقي المساعدة الفنية، ودعم بناء القدرات التي يحتاجون إليها لتنفيذها.
ويقترح المشاركون إضافة الاتفاقية إلى الملحق رقم 4 من اتفاقية مراكش المنشئة لمنظمة التجارة العالمية، لافتين إلى أنه في أن الاتفاقية ستكون متعددة الأطراف «ملزمة فقط للأعضاء الذين يقبلونها»، إلا أنها مفتوحة لجميع أعضاء منظمة التجارة العالمية للانضمام إليها.
اتفاقية تيسير الاستثمار
تقدم اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية أدوات لتبسيط وتسريع إجراءات إدارية بعينها، مثل عمليات الترخيص التنظيمي، والمطالبات، والمراجعات الدورية، وهي تشجع التعاون بين السلطات المحلية المختصة وتنشئ منتدى عالمي لتعزيز أفضل الممارسات، وبالتالي تعزيز التعاون عبر الحدود. لتشجيع الاستثمار المستدام ومساعدة الاقتصادات النامية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتشتمل اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية على فقرات تركز على السلوك التجاري المسؤول وتدابير مكافحة الفساد، علاوة على ذلك، توفر اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية المرونة للبلدان النامية، مما يمكنها من تحديد السرعة التي تنفذ بها الإصلاحات، وتمديد المواعيد النهائية للتنفيذ، وطلب فترات السماح، والحصول على المساعدة الفنية، وبالتالي استيعاب ظروفها واحتياجاتها الفريدة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: منظمة التجارة العالمية الاستثمار الإمارات ثاني الزيودي لمنظمة التجارة العالمیة منظمة التجارة العالمیة تیسیر الاستثمار المؤتمر الوزاری النظام التجاری متعدد الأطراف مصاید الأسماک من الدول إلى أن
إقرأ أيضاً:
منظمة الهجرة الأممية تواجه اضطرابات قوية بعد تجميد ترامب المساعدات
جنيف"أ.ف.ب": تواجه المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، التي تضررت بشدة من تخفيضات الميزانية الأمريكية، اتهامات من موظفين سابقين وحاليين لها بالعمل لصالح إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال برنامجها للمساعدة على العودة الطوعية للمهاجرين.
وشكّلت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عامل زعزعة مزدوجة للمنظمة الدولية للهجرة: أولا من الناحية المالية، وأيضا لأن سياسات إدارة ترامب المناهضة للهجرة تصيب المنظمة في صلب مهامها.
وقال متحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة لوكالة فرانس برس إن "هذه التخفيضات في التمويل تؤثر بشكل مباشر على قدرة المنظمة على دعم بعض الأشخاص الأكثر ضعفا" وستؤدي إلى "المزيد من المعاناة والهجرة وانعدام الأمن".
وبعد أن ناهز عدد موظفيها 22 ألف شخص بنهاية عام 2024، صرفت المنظمة آلاف الأشخاص بسبب القرارات الصادرة عن واشنطن.
ويُتهم برنامجها للمساعدة على العودة الطوعية للمهاجرين في أمريكا اللاتينية إلى بلدانهم الأصلية بإضفاء قدر من المشروعية على سياسات الترحيل الأميركية.
وأضاف المتحدث أن الوكالة "ملتزمة تقديم المساعدة الإنسانية وخيارات العودة الطوعية للأشخاص الذين جرى ترحيلهم مؤخرا من الولايات المتحدة إلى كوستاريكا وبنما".
ووافقت هاتان الدولتان، تحت ضغط من إدارة ترامب، على العمل كوسطاء في إعادة المهاجرين الصادرة في حقهم قرارات ترحيل من الولايات المتحدة.
وأعلنت الوكالة في بداية فبراير أنها ستعزز برنامجها للعودة الطوعية في أميركا اللاتينية، مع استئنافه خصوصا في المكسيك وغواتيمالا وهندوراس وبنما.
وبالنسبة للوكالة الأممية، فإن هذه البرامج هي بمثابة "طوق نجاة للمهاجرين العالقين" وتوفر "الدعم العاجل" لأولئك "الذين لا يستطيعون أو لا يريدون البقاء في الأماكن التي يتواجدون فيها ويحتاجون إلى المساعدة للعودة، في أمان تام وبكرامة".
وأكد المتحدث أن وضع هؤلاء "سيكون أسوأ بكثير" من دون هذه المساعدات.
وتتهم واحدة من آلاف الموظفين في المنظمة الدولية للهجرة الذين تلقوا إخطارات بالتسريح الشهر الماضي، المنظمة بمحاولة "التموضع في صف" الإدارة الجديدة بشكل مبالغ فيه.
وقالت لوكالة فرانس برس، طالبة عدم كشف اسمها، إن الأمر "مقلق للغاية".
وأشار موظف سابق آخر، فضل أيضا عدم الكشف عن هويته، إلى أن "سمعة المنظمة الدولية للهجرة تتضرر".
وتُوجَّه هذه الانتقادات إلى وكالة باتت متعثرة بسبب التهديد بفقدان 40% من ميزانيتها، هي الحصة التي تدفعها الولايات المتحدة.
وقالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب لوكالة فرانس برس مؤخرا "علينا أن نتخذ قرارات صعبة للغاية بشأن التوظيف" بسبب نقص الأموال.
والأكثر تضررا هو برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة، الذي علقته إدارة ترامب بعدما شجعه إدارة سلفه جو بايدن، ما سمح باستقبال أكثر من 100 ألف لاجئ العام الماضي.
وتم تسريح نحو 3000 من أصل 5000 موظف في المنظمة الدولية للهجرة يعملون في برنامج قبول اللاجئين الأميركي.
وعلقت الموظفة المفصولة أنها "صدمة حقيقية".
وأشار موظف سابق آخر إلى أن الموظفين كانوا "غاضبين" حيال طريقة اتخاذ قرار التسريح بصورة مباغتة.
ومن المتوقع إجراء تخفيضات ضخمة أخرى في الوظائف بالمقر الرئيسي للمنظمة في جنيف.
وبحسب مذكرة داخلية صادرة عن لجنة رابطة موظفي منظمة الهجرة اطلعت عليها وكالة فرانس برس، فإن الإدارة أمرت الشهر الماضي رؤساء الأقسام بخفض التكاليف بنسبة معينة.
وبحسب الموظف السابق، يقال إن ثلث الموظفين البالغ عددهم حوالى 550 في المقر الرئيسي للمنظمة قد يُطردون لأن "المديرين يتعرضون لضغوط هائلة لبلوغ الحصص المحددة". وأضاف "الناس مرعوبون".
وتقدّم موظفو المنظمة الدولية للهجرة وممثلو النقابات بشكوى إلى الإدارة.
وفي الشهر الماضي، أثار تقرير صادر عن منصة معلومات التنمية "ديفيكس" ضجة أيضا عندما أشار إلى أن المنظمة الدولية للهجرة أزالت من موقعها الإلكتروني المحتوى الذي يمكن ربطه بسياسات التنوع والمساواة والإدماج (DEI)، والتي تعارضها إدارة ترامب بشدة.
ولم تردّ المنظمة الدولية للهجرة بشكل مباشر على هذا الادعاء، لكنها قالت لوكالة فرانس برس إنها "أعادت إطلاق موقعها الإلكتروني العالمي أخيرا بعد مراجعة استمرت عاما، مع صقل المحتوى ليتماشى مع السياقات المتطورة وبما يتلاءم مع المبادئ الإنسانية للأمم المتحدة".
وعلقت الموظفة المفصولة من عملها قائلة "يمكننا أن نتماشى مع أولويات معينة" للإدارة الجديدة، لكن "لا يجدر بنا أن نفقد هويتنا".