هل سيفضي الانقسام السياسي والاجتماعي والاقتصادي في أمريكا إلى ولايات غير متحدة؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
دمشق-سانا
حالة من الانقسام السياسي والاجتماعي والاقتصادي تعيشها الولايات المتحدة تجعلنا نستذكر ما حذر منه الرئيس الأمريكي الأسبق إبراهام لينكولن قبل اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861 بقوله: ” لا بد أن تسقط دولة مجتمعها منقسم” وهو ما تشهده أمريكا في السنوات الأخيرة.
الانقسام داخل من يتشدق دائماً بالديمقراطية ظهر جلياً في الصراع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وما رافقه في السنوات الماضية من أحداث أبرزها اقتحام الكابيتول 2021 والاحتجاجات على مقتل جورج فلويد على يد الشرطة الأمريكية وعودة نظريات المؤامرة عبر توجيه الاتهام للرئيس جو بايدن بسرقة الانتخابات عام 2020 وتزويرها إضافة إلى إلغاء قضية “رو ضد وايد” المتعلقة بالإجهاض، وتوجت مؤخراً بطلب ولاية تكساس الانفصال الأمر الذي أدى إلى تأجيج المزيد من السخط الاجتماعي وانعدام الثقة في المحكمة العليا والجيش والشرطة والحكومة الفيدرالية الأمريكية.
ويرى موقع تشاتام هاوس البريطاني أنه ومنذ خمسينيات القرن الماضي لم تمر الولايات المتحدة بحالة من الانقسام الأيديولوجي والسياسي كما تعيشه اليوم والمتمثل بعدة ملفات ومنها الهجرة والعِرق وعدم المساواة وقضايا الهوية الجنسية التي شقت طريقها إلى كسر تماسك المجتمع الأمريكي ووضعه على حافة الانهيار حيث أعرب 54 بالمائة من الجمهوريين عن اعتقادهم باحتمال كبير لاندلاع حرب أهلية أميركية في غضون العقد المقبل بينما وافق أربعة من كل عشرة بنسبة تعادل 40 بالمائة من الديمقراطيين على ذلك، ولعل أحد الأسباب التي أدت إلى تعزيز الانقسامات وفق موقع ميديم الأمريكي هو الخطابات الحزبية المتطرفة وتصاعد اللهجة المثيرة للانقسام في وسائل الإعلام ما يجعل من الصعب على الناس إيجاد أرضية مشتركة والعمل على تحقيق الأهداف المرسومة.
وفي هذا السياق أكد إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون الأمريكية أن هناك انقساماً حاداً في المجتمع، وحالة استقطاب ليست بجديدة مشيراً إلى أن هذا الانقسام بدأ منذ عدة سنوات وتحديداً في انتخابات 2016 ليصبح أكثر حدة في انتخابات 2020.
أستاذ العلاقات الدولية ربط تلك الخلافات والانقسامات بأسباب أخلاقية وقيمية وأسباب سياسية داخلية تتمثل بالهجرة غير الشرعية وارتفاع الجريمة والتضخم والبطالة والوضع الاقتصادي والسياسة الخارجية التي يتبناها المرشحون تجاه الملفات الدولية والإقليمية.
“الأمة المنقسمة والمنغلقة على نفسها من شأنها أن تجعل التعامل مع التحديات العالمية أكثر صعوبة” بهذه الكلمات وصفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية حال الولايات المتحدة التي تعاني وفق وجهة نظر المجلة من أزماتٍ خارجية متعدّدة متوقعةً أن تفجر الانتخابات الرئاسية المقبلة فتيل الانقسامات في الداخل الأمريكي.
الأزمات الخارجية التي أوقعت الإدارات الامريكية نفسها بها وزادت من حدة الانقسام الداخلي وفق المجلة هي حروبها في أوروبا والشرق الأوسط كأوكرانيا ودعمها اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة ضاربة عرض الحائط بكل المبادئ والقيم الإنسانية التي لطالما تغنى بها الشعب الأمريكي إضافة إلى محاولة ضرب علاقاتها مع الصين من خلال محاولتها المساس بوحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية.
النائبة عن الحزب الجمهوري مارغوري غرين وجدت أن التفاهم لا يمكن أن يتم بين الحزبين وعبّرت عن ذلك بدعوتها الحزبين إلى الطلاق الوطني بقولها: “نحن بحاجة إلى الفصل بين الولايات الزرقاء والولايات الحمراء” في إشارة إلى اللونين اللذين يرمزان إلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
ووسط فشل الإدارات الأميركية المتعاقبة الجمهورية منها والديمقراطية في التعامل مع الكثير من الملفات ومنها ملف الهجرة نقلت مجلة “نيوزويك” الأميركية عن رئيس حركة تكساس القومية دانييل ميلر قوله إن عشرات الآلاف من أعضاء الحزب الديمقراطي يؤيدون انفصال ولاية تكساس عن الولايات المتحدة في ظل مخاوف من انتشار هذا المد الانفصالي نحو ولايات أخرى.
وبالمجمل من المتوقع أن تؤدي نتائج الانتخابات الأمريكية لعام 2024 إلى تعميق حدة الانقسام أياً كان الرئيس المقبل فلا أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الذين يعتقدون أن انتخابات 2020 سرقت سيقبلون خسارتهم مرة أخرى ولا أنصار الرئيس الحالي بايدن سيرضون عن النتائج وسيتهمون الجمهوريين بتخريب الانتخابات، وبكلا الحالتين سيتجدد الانقسام الأمر الذي يُنذر بتجدد العنف بين أنصار الحزبين، فهل سنشهد بعد الانتخابات المقبلة أمريكا بدون ولايات متحدة أو سنشهد تناقصاً للولايات الحمراء على حساب الزرقاء أو العكس بحسب وصف النائبة مارغوري غرين.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
مع بداية 2025 .. تفشي حمى الأرانب في الولايات المتحدة
سجلت حالات الإصابة بمرض التولاريميا، الذي يُعرف أيضًا بـ"حمى الأرانب"، زيادة ملحوظة في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة.
ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكية (CDC)، ارتفع متوسط المعدل السنوي للإصابة بالمرض بنسبة 56% بين عامي 2011 و2022 مقارنة بالفترة من 2001 إلى 2010. فقد أُبلغ عن أكثر من 2400 حالة في السنوات الأخيرة، مع ارتفاع الحالات بشكل خاص بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وتسع سنوات، وكذلك بين الرجال الأكبر سنًا والأمريكيين الأصليين وسكان ألاسكا الأصليين.
وكانت حالات التولاريميا أكثر شيوعًا في أربع ولايات أمريكية هي أركنساس وكانساس وميسوري وأوكلاهوما، حيث تمثل هذه الولايات نحو نصف الحالات المبلغ عنها.
وأشار التقرير الصادر عن مركز الأمراض إلى أن هذه الزيادة قد تعكس تحسنًا في القدرة على اكتشاف الحالات أو زيادة فعلية في الإصابات البشرية، وذلك بالتزامن مع تحسن التقنيات المخبرية المتاحة.
ويعد مرض التولاريميا ناتجًا عن بكتيريا فرانسيسيلا تولارينسيس التي يمكن أن تنتقل للبشر من خلال الحيوانات المصابة مثل الأرانب وكلاب البراري، وكذلك من خلال لدغات الحشرات مثل القراد وذباب الغزلان أو شرب المياه الملوثة. وتم تصنيف هذه البكتيريا ضمن العوامل البيولوجية ذات المخاطر العالية نظرًا لإمكان استخدامها كسلاح بيولوجي.
تشمل أعراض مرض التولاريميا تقرحات جلدية، التهاب رئوي، تضخم في الغدد الليمفاوية، بالإضافة إلى الحمى، وتبدأ الأعراض عادة بعد ثلاثة إلى خمسة أيام من التعرض للبكتيريا، مع زيادة ملحوظة في الحالات بين شهري مايو وسبتمبر.
على الرغم من أنه لا يتوفر لقاح للمرض في الولايات المتحدة، إلا أنه يمكن علاج التولاريميا بنجاح باستخدام المضادات الحيوية، حيث أن معدل الوفيات عادة لا يتجاوز 2%، لكنه قد يصل إلى 24% في بعض الحالات.
وطالب التقرير باتخاذ تدابير وقائية للحد من انتشار المرض، خاصة من خلال تعليم وتوعية مقدمي الرعاية الصحية حول أهمية التشخيص المبكر والعلاج السليم، بما في ذلك تعزيز التعليم الصحي للسكان القبليين الذين يعدون من الفئات الأكثر عرضة للإصابة.