الوطن:
2024-10-05@06:54:41 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. بين الخوف والخشية

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. بين الخوف والخشية

قَد يرَى البعضُ «الخوفَ» أمراً سلبياً، والحقُّ أنَّ «الخوفَ» شعورٌ طبيعىٌّ نفسىٌّ ليس فى ذاتِهِ سلبياً، وإنما يُوصفُ بالسلبيَّةِ أو الإيجابيَّةِ طبقاً لما يترتبُ عليهِ من آثارٍ، فيكونُ إيجابياً إذا كانَ خوفاً مِن اللهِ تعالى يَمنعُ صاحبَهُ من الطغيانِ والبغىِ وارتكابِ الآثامِ، أمَّا إذا قعَدَ بصاحبِهِ عن نُصرةِ حقٍّ فى استطاعتِهِ أنْ يَنصره، أو دَحضِ باطلٍ فى قُدرتِهِ أنْ يَدحضَهُ فيكونُ حينئذٍ أمراً سلبياً نهَى الشرعُ الشريفُ عنه.

والخوفُ فى صورتِهِ الإيجابيَّةِ الأولَى واجبٌ شرعاً، قالَ السادةُ العلماءُ: قَد فرَضَ اللهُ سبحانه على العبادِ أنْ يخافوهُ فقال تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]، وقالَ تعالى: {وَإِيَّاىَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]؛ وذلكَ لأنَّ هذا الخوفَ هو أساسُ الِاستقامةِ..

وقد يستشكلُ البعضُ أمْرَ الشرعِ بالخوفِ وهو شعورٌ طبيعىٌّ خارجٌ عن نطاقِ سيطرةِ الإنسانِ وتحكمِهِ، ونقولُ: نعَم... الخوفُ فى ذاتِهِ أمرٌ طبيعىٌّ خارجٌ عن قدرةِ الإنسانِ، والأمورُ الطبيعيةُ الخارجةُ عن سيطرةِ الإنسانِ خارجةٌ فى ذاتِها عن نطاقِ التكليفِ، لكنِ المرادُ هنا أسبابُ الخوفِ لا الخوفُ ذاتُهُ، فعلَى الإنسانِ إذاً أنْ يُحصّلَ أسبابَ هذا الخوفِ، فيَعرفُ عقوبَةَ التقصيرِ والمعصيةِ والغفلةِ، فبهذا يتحققُ فيهِ الخوفُ مِن اللهِ تعالى.

وليسَ الخوفُ من اللهِ تعالى كلمةً مدَّعاةً يلوكُها الإنسانُ بفمِهِ دونَ أثَرٍ فى القلبِ، بل لا بُدَّ لها مِن حقيقةٍ وأثرٍ فى سلوكِهِ، ومِن هنا قيلَ: لا يُعدُّ خائفاً مَن لم يكنْ للذنوبِ تاركاً. وقال بعضُ الصالحين: صِدْقُ الخوفِ هو الورَعُ عن الآثامِ ظاهراً وباطناً.

وهذا معناهُ أنَّ الخائفَ مِن اللهِ تعالى لا يكونُ منهُ إفسادٌ فى النطاقِ الشخصىِّ أو العامِّ، بل هو شخصٌ صالحٌ لا يتأخرُ عن عملِ الصالحاتِ، فخوفُهُ من الله يحضُّهُ على العملِ الصالحِ قبلَ انقضاءِ أجلِهِ، وهذا يُفهمُ مِن قولِ بعضِ العارفين: الخوفُ ألَّا تُعلّلَ نفسَك بعَسى وسَوف. أى: الصالحُ لا يَتلكّأُ ويُؤخّرُ التوبَةَ والعملَ الصالحَ.

ومِن الخوفِ «الخشيةُ»، ولكنَّ الخشيةَ نوعٌ خاصٌّ من الخوفِ، فهى خوفٌ يخالطُهُ تعظيمٌ كما قالَ العلماءُ، وهذا التعظيمُ لا يحصلُ إِلَّا بعدَ عِلمٍ بمَن يُخشَى منه، ولهذا خُصَّ العلماءُ بالخشيةِ فى قولِ اللهِ سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، وكلمةُ (إنما) فى أولِ هذهِ الجملةِ القرآنيَّةِ الكريمةِ لها دلالةٌ، فهيَ تدلُّ على أنَّ العلماءَ هم الذين يخشونَ ربَّهم دونَ غيرِهِم، فهم الذين تحقّقتْ فيهم الخشيةُ، وهذا يتناسبُ مع وصفِهم بـ(العلماء)، فعِلمُهُم جعلَهُم على معرفةٍ بصفاتِ خالقِهِم سبحانه وتعالى، وما يَليقُ به سبحانَهُ من كمالاتٍ، وما يَستحقُّه من عبادةٍ وطاعةٍ، فتحققتْ بناءً على هذهِ المعرفةِ الخشيةُ مِن الله فى قُلوبِهِم.

ومفهومُ هذا أنَّ مَن لم يتحققْ بمعرفَةِ اللهِ تعالى، وجهلَ ما يليقُ بذاتِهِ وصفاتِهِ مِن كمالاتٍ، وما يَستحقُّه سبحانه مِن تَنزيهٍ وتقديسٍ وطاعةٍ وعبادةٍ، خرَجَ مِن دائرةِ الخشيةِ، فليسَ هو مِن أهلِها.

ويُفهمُ من هذا أنه يَنبغى أنْ يعرفَ كلُّ مسلمٍ مِن صفاتِ اللهِ تعالى ما يَحملُهُ على الخشيةِ، بل ينبغى أن يصلَ كُلُّ ذِى عِلمٍ إلى اللهِ تعالى بعلمِهِ.

وإذا رأينا إنساناً يستعملُ ما مَنحَهُ اللهُ تعالى من علمٍ فيما يَضرُّ ولا ينفعُ نعلمُ أنه حُجبَ بمعلوماتِهِ عنِ اللهِ تعالى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قناة الناس سماحة الإسلام م ن الله

إقرأ أيضاً:

أخشى أن يكون ماحدث للخرطوم من سنن الله الكونية في هلاك القرى عقوبة من الله تعالى

أولا : فضيحة كيجالي.
ثانيا : جبل أوم Om.
للأسف ثقافة حفلات التخريج الملأى بفنون الرقص والهجص هي مما انتشر في مجتمعات العاصمة خلال سنوات الإنقاذ الأخيرة وسط الطبقات المترفة ونشأت لها شركات متخصصة في حفلات التخريج وبدلا من أن يتوجه الخريج/ة بكل وقار لاستلام شهادته فإنه يتجه للمنصة راقصا مفنجطا وبسبب التكرار ترسخت العادة وتشربوها كأنها حق مكتسب.

وليت الأمر توقف على ذلك بل صارت بعض تلك الحفلات تتم برعاية بعض مشاهير المذيعين.
أخشى أن يكون ماحدث للخرطوم من سنن الله الكونية في هلاك القرى عقوبة من الله تعالى لفسوق وفساد مترفيها.

ثانيا : جبل أوم Om الذي يتردد ذكره كثيرا هذه الأيام في أخبار معارك دارفور.

هو جبل مساحته حوالي 25 كلم مربع وهو مشترك بين السودان وتشاد وقريب جدا من كلبس وبعيد من الجنينة ، وكلبس نفسها ملاصقة لخط 1924م لدرجة أنها في بعض الخرائط التي لا تراعي الدقة تظهر داخل تشاد وغربها كلبس تشادية ، وجبل أوم من نقاط ترسيم الحدود وفقا لإتفاقية 1924م بين الإنجليز والفرنسيس وبالتالي فإن القول بأن هذه القوة أو تلك إنسحبت أو هربت إلى تشاد لا معنى له لأن قدمك اليمنى يمكن أن تكون في السودان واليسرى في تشاد فهو إذن جبل فلولي بإمتياز مثله مثل العديدين من قيادات الميليشيا الذين كانوا بالأمس القريب فلولا وكيزان واليوم يدمرون حيواتنا وماضينا وحاضرنا بزعم محاربة الفلول والكيزان.
إتفاقية 1924م كارثية لأنها مزقت القبائل ومن هنا نشأ مصطلح المستوطنون الجدد وهو من أهم أسباب نزاعات الحواكير في دارفور وبالتالي من أسباب هذه الحرب والتي هي في حقيقتها حرب دارفورية دارفورية يدور رحاها في الخرطوم ومدني والجزيرة المنكوبة وكلما تسمع عنه أو تقرأه من عناوين مثل إطارية وديموقراطية وحكم مدني فهو طلس واستعباط وهجيص وفنجيط مثل هجص وفنجطة الدفعة 26 الذي استوجب طردها من كيجالي.
#كمال_حامد ????

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  •   الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور
  • متى يبدأ وينتهي قيام الليل.. دار الإفتاء توضح
  • في اليوم العالمي للحيوان.. اعرف حكم الاقتناء والتربية بالمنزل؟
  • علاج الحزن والاكتئاب من آيات الله لرسوله
  • 4 أعضاء شريفة لرسول الله وصفها الله في القرآن الكريم
  • يوسف السيد عامر رئيسًا للجنة الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة الرياض
  • أخشى أن يكون ماحدث للخرطوم من سنن الله الكونية في هلاك القرى عقوبة من الله تعالى
  • لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
  • هوس الكرملين بالتجسس يزرع الخوف بين العلماء الروس