دعاء حلمي تكتب.. لماذا الحشاشين؟!
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
أيام معدودة تفصلنا عن موسم مسلسلات رمضان 2024، ليترقب الجميع إنتاجات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى نالت ثقة الجمهور المصرى والعربى بإنتاجاتها الدرامية المتميزة على مدار العام لأعمال تحترم عقلية ووجدان المواطن بمختلف اهتماماته وفئاته.
إلا أن حالة الترقب والانتظار تصل إلى ذروتها بعد الإعلان عن مسلسل الحشاشين على وجه التحديد لعدد من الأسباب، أهمها أنه من صنيعة عدد من أمهر صُناع الدراما، على رأسهم النجم كريم عبدالعزيز لما يحظى به من نجومية مستحقة، ومن إخراج المخرج المتميز بيتر ميمى الذى اقترن اسمه بعدد من الأعمال الجماهيرية الناجحة.
وكذلك المؤلف عبدالرحيم كمال الذى أصبح اسماً يحمل علامة لجودة المحتوى الذى يحمل اسمه، بالإضافة إلى التكلفة الإنتاجية الضخمة للمسلسل الذى تم تصويره بين ثلاث قارات مختلفة، وهى أفريقيا وأوروبا وآسيا الوسطى، وهو ما يعيد مصر إلى المنافسة فى مجال الأعمال التاريخية بعد غياب سنوات طويلة كانت لمصر الصدارة خلالها فى التصدى لتقديمها، وها هى تعود إلى موطنها الأصلى.
ولكن التساؤل الذى يطرح نفسه هو: لماذا «الحشاشين» الآن؟
وبما أننا الآن ليس أمامنا سوى التكهن لأننا لم نرَ المسلسل كى نتمكن من الإجابة، إلا أن التساؤل يمكن الإجابة عنه فى حال معرفة من هى تلك الطائفة وما هو الظرف التاريخى لنشأتها. وعقدُ المقارنة بالظرف التاريخى الذى نحياه اليوم فى وطننا العربى قد يجعل الإجابة ممكنة.
فقد ظهرت هذه الحركة التاريخية عندما كان الصراع السياسى على أشده فى المنطقة بأسرها بعد ضياع هيبة الدولة العباسية فى العراق وانهيارها الذى أصبح وشيكاً، وكانت مصر وشمال أفريقيا تحت حكم الفاطميين، أما الأندلس فكانت تحت إمرة فرَق متبقية من انهيار الدولة الأموية وهم ملوك الطوائف.
باختصار كان الصراع السياسى والعراك العسكرى والتناحر العقائدى -خاصة بين السنة والشيعة- يعصف بالأمة الإسلامية، واكتملت الطينة بلة بظهور الصليبيين، وهذا ما يعكس أن ظهور الحركات الدينية دائماً ما يرتبط بالأزمات الحضارية والمراحل الانتقالية، وبالفعل ظهرت حركة الحشاشين التى اختلفت الروايات حولها، فسُميت الحركة النزارية نسبة إلى نزار ابن المستنصر الذى انحاز إليه حسن الصباح عندما كان فى مصر وهو مؤسس هذه الحركة، كما سُميت بالحركة الألموتية نسبة إلى قلعة ألموت التى باشر منها حسن الصباح قيادة تلك الحركة السرية، أما ماركو باولو فسماها حركة الملاحدة.
وكما اختلفت المسميات اختلفت أيضاً الأسباب وراء تسميتها بالحشاشين فقالوا إن المنتمين إليها كانوا يأكلون من حشاش الأرض بسبب حصار الدولة السلجوقية الحاكمة آنذاك لهم، وآخرون قالوا إنهم كانوا يختبئون خلف الحشائش لاغتيال معارضيهم، وقيل لشربهم «الحشيش» قُبيل عمليات الاغتيال، إلا أن الرواية الأشهر أن زعيمهم حسن الصباح استعان بنبات القنب «الحشيش» كى يتمكن من السيطرة على أتباعه وإيهامهم عن طريق تشييد قلعة ضخمة كمصغر للجنة وبها كل ما لذ وطاب من أنهار العسل واللبن وفتيات أشبه بالحوريات كى يجعلوا منه زعيماً بل وحاكماً بأمر الله.
كانت تلك الفرقة الشيعية التابعة للطريقة الإسماعيلية الفاطمية واحدة من أشرس وأعنف الحركات الدينية على مر التاريخ الإنسانى، ولكنها لا تختلف أبداً من حيث الهرمية والتراتبية والهيكلية فى تنفيذ الأوامر عن أى جماعة ثيوقراطية «تحكم باسم الدين» مهما اختلفت المسميات والمشارب، مثل التنظيمات الشيوعية والجماعات اليهودية المتطرفة والحملات الصليبية.
وكذلك الحركة الصهيونية، وبالطبع جماعة الإخوان، وكافة التنظيمات الإرهابية -مثل القاعدة وداعش وغيرهما- التى تتشابه إلى حد التطابق مع تلك الفرقة الدموية وكأنها الامتداد الطبيعى لها، من حيث الطاعة العمياء للإمام أو القائد المعصوم، واستخدام العنف والإرهاب للسيطرة على العامة، واستغلال الفقر وقلة الوعى لتحقيق المكاسب المادية، واستغلال الدين كحصان طروادة للوصول للسلطة.
ولذلك كانت هناك ضرورة ملحة لإنتاج مثل تلك النوعية من الأعمال الدرامية التى ترصد التاريخ الحقيقى والجذور الأصلية لكل تلك الحركات الأصولية، على أمل أن تنفع الذكرى ويزيد الوعى الجمعى بمخاطر هذا المرض اللعين المسمى بالحكم باسم الدين، فيا عزيزى كلهم «حشاشين» وجب العلاج الجذرى لهم!
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الدراما الموسم الرمضانى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الحشاشين
إقرأ أيضاً:
واشنطن تواجه محور روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.. الآلاف من القوات الخاصة الكورية الشمالية دخلوا إلى روسيا للانتشار في كورسك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى مسار الحرب، دخل الآلاف من القوات الخاصة الكورية الشمالية إلى روسيا للانتشار فى منطقة كورسك. وهناك، ستكون مهمتهم، إلى جانب جيش بوتين، هى استعادة الأراضى الصغيرة التى احتلها الأوكرانيون منذ أغسطس الماضي.
وأكدت الأجهزة الأمريكية أن الوجود غير المسبوق لهؤلاء الجنود من الشرق الأقصى فى أوروبا لا يبشر بالخير. لقد تجاوزت بيونج يانج، التى زودت المدفعية الروسية بملايين القذائف، فى الواقع عتبة نفسية تعطى الصراع بعدا جديدا.
وفى حربه العدوانية، يعتمد فلاديمير بوتين أيضًا على دعم إيران، التى تملك طائرة شاهد ١٣٦، وهى طائرات بدون طيار انتحارية تنهمر على المدنيين فى كارخيف وأوديسا وأماكن أخرى.
وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات من القتال، جمع بوتين نحو عشرين رئيس دولة من "الجنوب"، بما فى ذلك رئيس الصين شى جين بينج، شريكه الاستراتيجي.
وفى الشرق الأوسط أيضًا، حيث تخوض إسرائيل، التى تسلحها واشنطن، صراعًا ضد إيران وحلفائها (حماس فى غزة، وحزب الله فى لبنان، والحوثيين فى اليمن)، فإن الوضع متفجر. ومع استمرار الضربات الانتقامية بين تل أبيب وطهران، تحاول واشنطن تجنب التصعيد الذى قد تنجر إليه.
وفى هذه الصورة القاتمة للعالم، يتعين علينا أن نضيف آسيا، التى تقف أيضًا على حافة الهاوية. وتضايق الصين حلفاء الولايات المتحدة فى مياه الفلبين وتايوان.
ومؤخرا، أطلقت بكين مناورة ضخمة لتطويق الجزيرة بمشاركة ١٢٥ طائرة مقاتلة و١٧ سفينة حربية. وإلى الشمال، نشهد تجدد التوترات بين الكوريتين. يزيد كيم جونج أون من خطبه اللاذعة ضد جارته الجنوبية، حليفة واشنطن.
وفى بداية أكتوبر المنصرم، أعلن أنه سيستخدم الأسلحة النووية "من دون تردد" فى حال وقوع هجوم على أراضيه.
باختصار؛ قد لا تكون هذه حربًا "عالمية" بعد، ولكن هناك بالفعل سديم من الجهات الفاعلة المترابطة التى تتقاسم طموحاتها فى مسارح مختلفة: دحر الهيمنة الأمريكية والغربية فى كل مكان.
وفى مقال ضمن مراجعات الأمن القومى فى تكساس، كتب فيليب زيليكو، خبير من معهد هوفر فى جامعة ستانفورد (كاليفورنيا)، وعمل فى خمس إدارات أمريكية، من بينها إدارة ريجان وأوباما، قائلًا: "أقدر أن هناك فرصة بنسبة ٢٠ إلى ٣٠٪ لأن نجد أنفسنا قريبًا فى حرب معولمة، مع سلسلة من الصراعات المترابطة إلى حد ما".
وأضاف: وبالتالى فإن المرشح الذى سينتخبه الأمريكيون فى الخامس من نوفمبر (كامالا هاريس أو دونالد ترامب) سيكون "رئيس حرب" أو على الأقل رئيس "زمن الحرب".
منذ اليوم الأول لولايته فى ٢٠ يناير، سيواجه الساكن الجديد فى البيت الأبيض تحالفًا غير متجانس من الأنظمة (الشيوعية أو القومية أو الدينية) الذين يشكلون "محور" القرن الحادى والعشرين: روسيا والصين، وكوريا الشمالية، وإيران.
يقول تشارلز كوبشان، المستشار السابق للبيت الأبيض فى عهد باراك أوباما: "إننا نمر بلحظة تاريخية حيث أصبح من الصعب على نحو متزايد إقناع الحلفاء بفعل ما نريد".
ويتنهد كوبشان صاربًا المثل بضغط جو بايدن على بنيامين نتنياهو الذى لا يؤدى إلى أى تغير فى موقف رئيس وزراء إسرائيل، كما يقدم الهند كمثال آخر بقوله: واشنطن حثتها على الانضمام إلى المعسكر المعارض لروسيا والتصويت لصالح العقوبات الاقتصادية، بينما "طارت إلى موسكو لتعانق بوتين".
ولكن كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ بعد عقد من هيمنة "القوة العظمى" فى أعقاب سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي، شكلت أحداث ١١ سبتمبر نقطة تحول جيوسياسية، أعقبتها مباشرة حربا جورج دبليو بوش فى العراق وأفغانستان، اللتين أضرتا بصورة أمريكا.
وبعد عقد من الزمن، نجح باراك أوباما فى إضعاف قوة الردع الأمريكية من خلال مضاعفة إشارات الضعف. وفى عام ٢٠١٣، لم ترد أمريكا على الهجمات الكيميائية التى ارتكبها بشار الأسد فى سوريا. غير أن أوباما أعلن أن استخدام أسلحة الدمار الشامل يشكل "خطا أحمر".
ويقول جون هيربست، العضو البارز فى المجلس الأطلسى والسفير السابق لدى أوكرانيا: "لقد لاحظ بوتين جبن أومابا على الفور". وفى العام التالي، هاجم "القيصر" بوتين دونباس وضم شبه جزيرة القرم.
وهنا مرة أخرى، "يُظهر الرئيس أوباما ترددًا فى اتخاذ القرار" ويوضح هيربست هذه النقطة: "فى الفترة الأخيرة، فى عام ٢٠٢١، ظلت إدارة بايدن صامتة بالمثل بعد هجومين إلكترونيين روسيين كبيرين فى الولايات المتحدة تسببا فى أضرار فى سلاسل توزيع النفط والأغذية الزراعية. وفى أوكرانيا، ارتكب بايدن خطأ الإعلان منذ البداية أنه لن يتدخل.
وبينما كان الغرب يماطل فى مواجهة استفزازات بوتين، كان خصومهم يشرعون فى سباق تسلح مذهل. بمجرد وصوله إلى السلطة، كان لدى شى جين بينج هاجس واحد فقط: تعزيز ترسانته النووية وإثناء الولايات المتحدة عن التدخل فى حالة نشوب صراع فى تايوان.
وتخطط الصين، التى تمتلك نحو ٥٠٠ رأس نووي، لمضاعفة هذا العدد بحلول عام ٢٠٣٠، بحسب الاستخبارات الأمريكية. وأطلق شى جين بينج تحديثًا قسريًا لجيوشه، بهدف أن يصبح "قادرًا على كسب الحروب".
إن أسطولها البحرى يضم بالفعل سفنًا أكبر من تلك الموجودة فى البحرية الأمريكية، ومن الممكن أن تلحق بها حمولة على مدى العقد المقبل ــ بفضل قدرة إنتاجية صناعية تعادل ٢٠٠ مرة قدرة الولايات المتحدة على الإنتاج الصناعي.
بالفعل، يقوم الصينيون بمحاكاة الحرب الجوية البحرية، فى صحراء شينجيانج، نصبوا أهدافًا بالحجم الطبيعى تمثل الصورة الظلية الدقيقة لحاملات الطائرات الأمريكية.
وفى كوريا الشمالية، يمارس الجار المضطرب كيم جونج أون أيضًا هواياته فى التهديد. ولديه بالفعل حوالى خمسين رأسًا نوويًا، وقد أطلقت بلاده قمرًا صناعيًا "للتجسس" العام الماضي، الأمر الذى يثير قلقًا شديدًا لدى الكوريين الجنوبيين.
جميع أطراف "المحور" منخرطون بشكل مباشر أو غير مباشر إلى جانب موسكو فى أوكرانيا. السبب الذى يجعل نتيجة هذه الحرب حاسمة بالنسبة لمستقبل الديمقراطيات الأوروبية. هذه هى "أم" كل المعارك. لأنه فى حالة انتصار روسيا، فإن الغرب سيخرج ضعيفًا إلى الأبد.
ويتوقع البروفيسور إليوت أ. كوهين: "ستكون كارثة". ومع شعوره بالارتياح فى مشروعه لاستعادة الإمبراطورية السوفيتية، فإن بوتين سيستهدف مناطق أخرى، مثل دول البلطيق التى تغمرها ملايين اللاجئين الأوكرانيين.
وقد يؤدى انتصار بوتين أيضًا إلى تشجيع شى جين بينج على مهاجمة تايوان، التى تعهد باستعادتها بالقوة إذا لزم الأمر. وحتى لو لم يكن هذا السيناريو مكتوبًا مسبقًا، فإن غزو هذه الجزيرة الجبلية سوف يكون فى غاية التعقيد، ذلك أن الحرب فى شرق آسيا من شأنها أن تغير المعادلة الجيوسياسية برمتها.
وفى الوقت الحالي، تشارك الولايات المتحدة، القوة الرائدة فى العالم، بالفعل فى صراعين، فى أوكرانيا والشرق الأوسط، ولكن من دون مشاركة جنودها على الأرض.
وقال جو بايدن مرارا وتكرارا إن الجيش الأمريكى سيدعم تايوان إذا تعرضت الجزيرة التى يبلغ عدد سكانها ٢٣ مليون نسمة للهجوم. والسؤال: هل سيكون الساكن القادم فى البيت الأبيض على نفس المنوال، مع العلم أن آسيا هى المحرك الاقتصادى للكوكب، وتضم ٦٠٪ من سكان العالم، وهى موطن لأربع قوى نووية.
يجيب ريان هاس، المتخصص فى السياسة الخارجية فى معهد بروكينجز: "إذا أرادت الولايات المتحدة أن تظل قوة عظمى عالمية، فيجب عليها الحفاظ على وجود قوى فى هذه المنطقة. إن التخلى عن تايوان، التى تنتج ٩٠٪ من أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا على هذا الكوكب، سيكون له عواقب مدمرة على الولايات المتحدة وحلفائها".
ويلخص الدبلوماسى السابق آرون ديفيد ميلر من مركز كارنيجى للأبحاث: "إن هذا من شأنه أن يغير التوازن فى آسيا بشكل عميق. ولتجنب طردها من المحيط الهادئ، ليس أمام الولايات المتحدة خيار آخر سوى زيادة ردعها العسكرى فى هذه المنطقة".
تعهدت المرشحة كامالا هاريس بأنها لن تسمح للصين بالفوز فى معركة القرن الحادى والعشرين. لكن لا أحد يعرف ما إذا كانت سترفع صوتها ضد موسكو، أو ما إذا كانت ستجرؤ على الذهاب إلى حد الصراع مع بكين. وإذا عاد دونالد ترامب، الذى لا يخفى افتتانه بالديكتاتوريين، إلى البيت الأبيض، فإن المستقبل يصبح أكثر غموضا.
ويقول جون إى هيربست "فى حاشية ترامب، يعتقدون أن أمريكا ليس لديها مصلحة فى الدفاع عن أوكرانيا وأننا يجب أن نتوقف عن مساعدة هذا البلد. لكن آخرين، مثل مايك بومبيو وروبرت أوبراين [من وزراء الخارجية ومستشارى الأمن السابقين] يعرفون ذلك.. ويجب ألا نترك النصر لبوتين".
ويتوقع تشارلز كوبشان أن "الولايات المتحدة ستظل متفوقة لمدة عشر أو عشرين سنة، لأن الصين، فى الوقت الحالي، مجرد قوة عسكرية إقليمية. ولكن بعد ذلك، لن تظل بلا شك القوة المهيمنة الوحيدة".
يبدو الآن أن "دفن" العم سام سابق لأوانه بعض الشيء. وأولئك الذين فعلوا ذلك فى الماضى كانوا مخطئين بشكل منتظم. يبتسم إليوت أ. كوهين قائلًا: "فى السبعينيات، فى منتصف حرب فيتنام وأثناء الثورات الاجتماعية، كان ريموند آرون، الذى أكن له الإعجاب، يتنبأ بالفعل بالانحدار الوشيك للإمبراطورية الأمريكية، وبعد مرور خمسين عامًا، تبذل الدول الأربع فى المحور المناهض لأمريكا قصارى جهدها لتحقيق نبوءة آرون. ولكنهم سيكونون مخطئين إذا استخفوا بأمريكا".