بدأت العديد من وسائل الإعلام الغربية في نشر تقارير شبة يومية عن جرائم إسرائيل داخل قطاع غزة، ورصد ما يمكن أن يطلق عليه بكارثة القرن الـ21، وذلك من فظاعة الجرائم التي مورست خلال بضعة أشهر فقط، وأصبح فيها من يقتل قد ارتاح مما يعانيه الأحياء داخل القطاع، من تجويع وقصف وتعذيب واغتصاب للنساء، وكافة أنواع الجرائم ضد الإنسانية التي عرفها التاريخ البشري.

 

ففي تقرير نشرته صحيفة BBC البريطانية، كشفت فيه أبعاد المجاعة التي يعاني منها أهل القطاع، وذلك في ظظل سياسة التجويع المتعمدة التي تمارسها إسرائيل، ورصدت في تقريرها كيف حال أطفال غزة في ظل تلك المعاناة، مع نقل شهادات حية تعكس ما يتم داخل القطاع، ويأتي هذا التقرير المنشور اليوم، بعد أيام قليلة من تقرير نشرته صحيفة CNN الأمريكية، والتي كشفت فيه جرائم الاغتصاب والتعدي والتعذيب بحق نساء فلسطين، سواء في قطاع غزة، أو في الضفة الغربية، وهنا نرصد تفاصيل تلك الوقائع الموثقة في الصحف الغربية. 

 

 

الـBBC تكشف جريمة تجويع غزة

 

 

بحسب الصحيفة البريطانية، ففي أماكن معينة وفي أوقات معينة، يعد مجرد البقاء على قيد الحياة أمرًا يفتخر به الصبي - ناهيك عن الخروج كل يوم للعثور على الطعام الذي يمنع عائلتك من المجاعة، ففي كل صباح، يخرج محمد زعرب، 11 عاماً، إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة في مهمة، حيث يأخذ وعاءً بلاستيكيًا كبيرًا ويتوجه إلى المدارس التي أصبحت مراكز للاجئين، وإلى المخيمات المؤقتة على جانب الطريق حيث يعاني الناس مثل عائلته ولكنهم قد يجدون شيئًا لإطعام أطفال الغرباء، ويذهب محمد أيضًا إلى المستشفيات التي يصل إليها الجرحى في جميع الأوقات، وإلى أي مكان آخر قد يوجد فيه قدر يغلي على نار مفتوحة، ويقول: "عندما أعود إلى عائلتي بهذا الطعام، يشعرون بالسعادة ونأكل جميعنا معًا، وفي بعض الأحيان أذهب خالي الوفاض وأشعر بالحزن."

 

ومحمد هو واحد من آلاف الأطفال الذين أصبحوا يجمعون الطعام الأساسي لعائلاتهم، ويقول: "عندما يكون الصف مزدحما وهناك ما يقرب من 100 شخص أمامي، أتسلل بين الناس"، وهو فخور بمهارته في التنقل بين الحشود الكبيرة دون الدخول في عراك، ومحمد وعائلته مثل كثيرين آخرين، جاءوا إلى رفح من منزلهم الواقع شمالًا في خان يونس لأن الجيش الإسرائيلي أخبرهم أن الوضع سيكون آمنًا. كان ذلك قبل ثلاثة أشهر، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الحرب تقترب أكثر فأكثر من رفح، وكل يوم يمثل إهانات لا هوادة فيها في مكان يكتظ فيه 1.5 مليون شخص - خمسة أضعاف عدد السكان الطبيعي - بجوار الحدود المصرية، ومع نزوح 85% من سكان غزة الآن، فإن حجم المساعدات التي تصل إلى القطاع لا يقترب بأي حال من الأحوال من المطلوب، ووفقاً للأمم المتحدة، هناك حاجة إلى خمسمائة شاحنة مساعدات يومياً، وكان المعدل اليومي تسعين.

 

وفي غزة، تستخدم الجمعيات الخيرية ما تبقى من مواردها الغذائية لتقديم بعض المساعدات، وكان محمود القيشاوي، من مؤسسة Pious Projects of America الخيرية ومقرها الولايات المتحدة، يقف بالقرب من أواني الفاصوليا المغلية حيث كان محمد يتلقى الطعام لعائلته، ويقول السيد الفيشاوي: "نحن نحاول بلا كلل كل يوم مد يد العون لهؤلاء الأشخاص... لنقول لهم: نحن معكم، ولن نسمح لكم بالوقوف وحدكم"، وقد نفد الغاز المعبأ في زجاجات لتسخين الطعام لدى المؤسسة الخيرية، لذلك يقوم المتطوعون بجمع الحطب وإشعال النيران.

 

 

والوضع في شمال غزة حاد بشكل خاص.

 

 

ومع تفاقم الوضع الكارثي في شمال غزة، تدعى إسرائيل إن الأمم المتحدة تفشل في توزيع المساعدات في الشمال، وإن إمدادات المساعدات مخزنة في انتظار جمعها على جانب غزة من الحدود، وقد أوقفت المنظمة حركة المساعدات الغذائية في شمال غزة لأنها تقول إنه لا توجد حماية لسائقي الشاحنات، الذين واجهوا هجمات العصابات الإجرامية وعمليات النهب من قبل أناس يائسين، وأصيبت إحدى الشاحنات بقذائف تقول الأمم المتحدة إنها أطلقت من سفينة بحرية إسرائيلية، وبالإضافة إلى ذلك، لم تعد قوة الشرطة التي تديرها حماس في غزة مستعدة لمرافقة شاحنات الغذاء لأنها تخشى إطلاق النار عليها من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي.

وفي شمال غزة، وردت تقارير عن وفاة أطفال بسبب سوء التغذية، ونقلت منظمة "أكشن إيد" الخيرية البريطانية عن طبيب في شمال غزة قوله إن عددا كبيرا من الأطفال لقوا حتفهم، وفي تسجيل فيديو، قال الدكتور حسام أبو صفية، رئيس طب الأطفال بمستشفى كمال عدوان، إن سوء التغذية منتشر على نطاق واسع، فضلا عن التهابات الجهاز الهضمي، ووفقاً لمنظمة أكشن إيد، تبين أن واحداً من كل ستة أطفال تحت سن الثانية "الذين تم فحصهم في ملاجئ النازحين داخلياً والمراكز الصحية في يناير يعاني من سوء التغذية الحاد"، وتقول المؤسسة الخيرية إن ذلك يمثل "انخفاضًا في الحالة التغذوية للسكان بشكل غير مسبوق على مستوى العالم خلال ثلاثة أشهر".

فيما قال مسعف آخر في مجمع الشفاء الطبي، الواقع أيضا في شمال غزة، إنه عالج طفلا يبلغ من العمر شهرين يدعى محمود فتوح، توفي بعد وقت قصير من وصوله إلى المستشفى، ويقول الدكتور أمجد عليوة: "لم يكن من الممكن توفير الحليب لهذا الطفل. ولم يتم توفير الطعام لوالدته لتتمكن من إرضاعه، وكانت تظهر عليه أعراض الجفاف الشديد، وكان يلفظ أنفاسه الأخيرة [عندما جاء]"، ففي غزة، تقطعت السبل بالمدنيين حيث حاصرتهم الحرب والجوع.

 

 

قتل واغتصاب واعتداء جنسي على نساء وفتيات فلسطينيات

 

 

وبجانب ما تم الحديث عنه من تفاصيل المجاعة، فقد دعا خبراء الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في ما وصفوه بـ "الادعاءات الموثوقة بارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان" ضد النساء والفتيات الفلسطينيات في غزة والضفة الغربية على يد القوات الإسرائيلية، وبحسب ما نشرته شبكة CNN الأمريكية، فقد تشمل الادعاءات القتل خارج نطاق القضاء والاحتجاز التعسفي والمعاملة المهينة والاغتصاب والعنف الجنسي، وفقًا لبيان صادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة صدر يوم الاثنين، ولم توضح بالتفصيل كيفية قيامهم بتقصي الحقائق، لكنهم أشاروا إلى صور معتقلات في ظروف مهينة قيل إن القوات الإسرائيلية التقطتها ونشرتها على الإنترنت.

وفي محاولة لطمس الحقائق الموثقة، نفى جيش الدفاع الإسرائيلي هذه الاتهامات، وقال إنه ملتزم بالقانون الدولي، وادعى الجيش الإسرائيلي في بيان لشبكة CNN: "بدون تفاصيل دقيقة أو دليل على الحالات الفردية، لا يمكننا فحصها بعمق"، فيما كررت بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة أكاذيب جيشها في جنيف، وأنها "ترفض بقوة" ما وصفته بـ "الادعاءات التي لا أساس لها" من قبل فريق خبراء الأمم المتحدة، وأكملت ادعائها بأن السلطات لم تتلق أي شكاوى بشأن سوء المعاملة، لكنها شددت على أن “إسرائيل لا تزال مستعدة للتحقيق في أي مزاعم ملموسة عن سوء سلوك من قبل قواتها الأمنية عندما تقدم إليها ادعاءات وأدلة موثوقة”.

 

 

بيان يكشف جرائم موثقة ضد النساء 

 

 

وقد أعرب الخبراء، وهم جزء من أكبر هيئة مستقلة لتقصي الحقائق والرصد في نظام حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عن قلقهم بشأن "الاعتقال التعسفي" لمئات النساء والفتيات الفلسطينيات منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر، وقال خبراء الأمم المتحدة إنهم سمعوا تقارير عن "أشكال متعددة من الاعتداءات الجنسية" ضد النساء والفتيات الفلسطينيات، وأضافوا، إنهم سمعوا تقارير عن "أشكال متعددة من الاعتداءات الجنسية" ضد النساء والفتيات الفلسطينيات.

وجاء في البيان: “ورد أن العديد من [النساء والفتيات الفلسطينيات] تعرضن لمعاملة غير إنسانية ومهينة، وحرمان من منصات الحيض، والغذاء والدواء، وتعرضن للضرب المبرح، في مناسبة واحدة على الأقل، زُعم أن النساء الفلسطينيات المحتجزات في غزة تم احتجازهن في قفص تحت المطر والبرد، دون طعام"، وأوضح خبراء الأمم المتحدة كذلك إنهم يشعرون بالأسى إزاء التقارير التي تتحدث عن "أشكال متعددة من الاعتداء الجنسي" ضد النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات، بما في ذلك "تجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط الجيش الإسرائيلي الذكور، وقد تعرضت اثنتان من المعتقلات الفلسطينيات على الأقل للاغتصاب، في حين تم تهديد أخريات بالاغتصاب والعنف الجنسي”، ودعا إسرائيل إلى دعم حقوق وكرامة النساء والفتيات الفلسطينيات.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ضد النساء والفتیات الفلسطینیات خبراء الأمم المتحدة فی شمال غزة فی غزة من قبل

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تكشف خطواتها القادمة في ليبيا.. ما مدى نجاحها؟

كشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن خطتها وخطواتها القادمة لتنفيذ المبادرة التي أطلقتها مؤخرا، وسط تساؤلات عن مدى جدية هذه الخطوة وواقعيتها وقدرتها على إزاحة المؤسسات التنفيذية والتشريعية الحالية.

وأعلنت البعثة الأممية عبر حلقة نقاشية على منصتها للشباب على "الفيسبوك" أهم عناصر المبادرة التي أعلنت عنها نائبة الممثل الخاص للأمين العام، ستيفاني خوري، خلال إحاطتها الأخيرة لمجلس الأمن، مستعرضة العناصر التي تمثل جوهر المبادرة السياسية الجديدة التي تهدف إلى حلحلة الوضع القائم وإنهاء الانقسام والسير بالبلاد نحو الانتخابات.

"6 عناصر وحكومة جديدة"
وكشفت البعثة عن 6 عناصر ستكون بمثابة خطوات عملية للمبادرة وهي تشكيل لجنة استشارية، وتوحيد الحكومة، وإطلاق حوار شامل، والإصلاحات الاقتصادية، وتوحيد المؤسسات الأمنية، والمصالحة الوطنية، مؤكدة أن اللجنة الاستشارية سيوكل إليها معالجة كل القضايا التي تعيق إجراء الانتخابات، وفي مقدمتها القضايا المختلف بشأنها سياسيا في القوانين الانتخابية.


كما أعلنت أنه سيكون من مهام اللجنة أيضا وضع معايير وضمانات تؤطر عمل الحكومة القادمة، مشددة أن اللجنة لن تكون بديلا عن المؤسسات الحالية، كما أنها ستكون استشارية، وليست جسما لاتخاذ القرار، ما يمنحها مساحة كبيرة في وضع المقترحات والتصورات والخيارات الممكنة لحل الإشكاليات القائمة، وفق بيان البعثة الأممية.

فهل تنجح الأمم المتحدة في تحريك الجمود في ملف ليبيا والوصول إلى حكومة جديدة وانتخابات؟

"ضغط دولي قادم"
من جهته، قال رئيس حزب العمل الليبي والوزير السابق، عيسى التويجر إنه "لأًول مرة تقترب البعثة الأممية من لمس القضايا الأساسية في الأزمة الليبية والتي تتخذها الأطراف ذريعة لتأجيج الصراع ولكنها لم تسعى أبدا لحلها ومن هذه القضايا التهميش والتوزيع غير العادل للموارد".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أنه "تبقى المعضلة في أن الطرفين المتصارعين لن يقبل أي منهما بأقل من كرسي الحكم، لكن إذا قرر المجتمع الدولي حل المشكلة فإن هذه الأطراف ستخضع لذلك ولنا في سوريا وربما قريبا السودان عبرة"، وفق تقديره.

وتابع الوزير: "اللجنة الاستشارية الفنية ستكون مفيدة خاصة أنها ستقترح تعديلات للقوانين الانتخابية الصادرة عن اللجنة المعروفة بلجنة 6+6 وهذا قد يدفع نحو إجراء الانتخابات"، كما رأى.

"فشل ومرحلة انتقالية جديدة"
في حين رأت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، نادية عمران أن "البعثة الأممية ليست جادة تماما في البحث عن أي حلول ولن تستطيع إنهاء حالة الجمود السياسي الحالي فعليا أو إيجاد حل ناجع وواقعي فيها".


وأكدت في تصريحها لـ"عربي21" أن "البعثة ترغب في الذهاب نحو زج ليبيا في مرحلة انتقالية جديدة فاشلة كسابقاتها، لن تنهي الانقسام المؤسساتي والأمني ولن توقف استنزاف مقدرات البلاد  وتذهب بليبيا نحو الاستقرار، ولن تفلح في إيجاد بدائل غير معقدة، وبالنتيجة محاولتها لإسقاط الحكومة الحالية مجرد قفزة في الهواء"، بحسب رأيها.

"تحرك جاد وحاسم"
المحلل السياسي الليبي، وسام عبدالكبير قال من جانبه إن "البعثة الأممية بصدد الإعلان عن اللجنة الفنية الاستشارية وهي جادة في سعيها لإنهاء حالة الجمود السياسي، وتعتبر الخارطة التي أعلنت عنها "خوري" في إحاطتها الأخيرة هي المبادرة الأكثر واقعية من أجل تجاوز النقاط الخلافية وإنعاش العملية السياسية".

وأوضح لـ"عربي21" أن "اللجنة الفنية لن تكون بديلة عن مجلسي النواب والدولة ولكن كما فهم من جلسة البعثة الأممية أن دورها سيكون ذو طبيعة فنية ووضع أكثر من تصور للوصول إلى انتخابات عامة"، حسب كلامه.

وأشار إلى أن "هناك دعم دولي للعملية السياسية القادمة وسيكون المجال مفتوحا أمام أعضاء اللجنة الفنية الاستشارية لمعالجة القضايا المتعلقة بالقوانين الانتخابية وما يتعلق بالسلطة التنفيذية".

مقالات مشابهة

  • "معلومات الوزراء": أهمية تقديم حوافز للنساء لدراسة التكنولوجيا والهندسة والرياضيات
  • الولايات المتحدة تكشف عدد شاحنات المساعدات التي ستدخلها لغزة
  • الأمم المتحدة: إدخال المساعدات إلى غزة مرهون بسماح إسرائيل
  • واشنطن تدعو لمحاسبة إيران وتتهمها بالوقوف خلف هجمات الحوثيين التي صارت "أكثر تعقيدا"
  • للنساء.. تأخر الدورة الشهرية| ما أسبابها.. وأعشاب تساعد على تنظيمها
  • الأمم المتحدة و" أنتي الأهم " ينظمان مؤتمر لحماية النساء
  • "أنتي الأهم" تنظم مؤتمرًا صحفيًا لمناقشة تشريعات مكافحة كافة أشكال العنف ضد النساء 
  • (أوتشا) تتهم قوات الاحتلال بمواصلة الهجوم على ملاجئ النازحين بغزة
  • الأمم المتحدة: 403 آلاف شخص يفتقرون للمياه شمال شرق سوريا
  • الأمم المتحدة تكشف خطواتها القادمة في ليبيا.. ما مدى نجاحها؟