لجريدة عمان:
2025-10-22@12:34:43 GMT

التمويل السلوكي والقرارات المالية

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

التمويل السلوكي (Behavioral Finance) هو أحد علوم التمويل يهتم بدراسة تأثير السلوك البشري والعوامل النفسية على عمليات اتخاذ القرارات المالية. وهناك اختلاف بين التمويل التقليدي الذي يناقش الطريقة التي يجب أن يتصرف بها المستثمرون والتمويل السلوكي الذي يؤكد الطريقة التي يتصرف بها المستثمرون عند اتخاذ قرار التمويل.

وحقيقة الأمر أن المستثمرين يميلون للتمويل السلوكي لتأثرهم كثيرا بالعاطفة والعوامل الاجتماعية الأخرى مثل التفكير الجمعي المبني على الثقة بآراء الآخرين حتى لو كانت غير صحيحة ولا مبنية على أرقام منطقية أو مؤشرات مستقبلية واضحة مما يغير من قناعاتهم وطرق تفكيرهم للحصول على العائد المادي من الاستثمار سريعا متجاهلين مخاطر الاستثمار وارتداداته السلبية في حال حدوثها. وهنا ينبغي أن نعي جيدا (Money Does not Buy Happiness)؛ ويفترض التمويل السلوكي أن الأشخاص يتأثرون عند اتخاذ قراراتهم المالية بعوامل نفسية واجتماعية. وذكر دانييل كروسبي عالم النفس وخبير في التمويل السلوكي في مقاله بعنوان «الأخطاء الأربعة الأكثر شيوعا في اتخاذ القرارات» أننا لسنا مثاليين في اتخاذ القرارات المرتبطة بالاستثمار، ولهذا نشهد تزايد الأخطاء في اتخاذ القرار، وأن عقل الإنسان ليس مثاليا وفيه عيوب تؤدي بصورة طبيعية إلى انعطافات حادة في سلوكه.

لنفترض أن هناك استثمارا جيدا يظنه المحللون الماليون والمستثمرون ويحقق نموا مستداما، فإن المحللين لن يكونوا على استعداد لتقبّل فكرة النتائج السلبية للاستثمار بسبب انحيازهم التأكيدي (Confirmation Bias) مما يدفعهم للبحث عن المعلومات التي تؤكد وجهة نظرهم بأن الاستثمار جيد، ولا يمكن أن يتأثر بارتدادات سلبية أو متغيرات أخرى تؤثر على نموّه المستدام أو نتائجه الإيجابية؛ فالعوامل النفسية ربما تدفع سلوك المستثمرين لاتخاذ قرارات مالية غير معقولة وخاطئة أحيانا وهي أحد مسببات الفقاعات في الأسواق. أيضا هناك عامل آخر يؤثر على القرارات المالية للمستثمرين ويعرف بأسلوب القطيع الجمعي (Herd Mentality) وهي حالة تصيب سلوك المستثمرين الجدد نتيجة تجاهل التحليل الفني والمالي للاستثمار عبر اعتمادهم على آراء المستثمرين الآخرين عند اتخاذ قرار الاستثمار. وفي رأيي الشخصي أن عدم نجاح كثير من المنخرطين في مجال الاستثمار ليس بسبب عدم معرفتهم أو اطلاعهم على قواعد الاستثمار ومبادئه فالمصطلحات والمفاهيم الاستثمارية ليست المعضلة الحقيقية ولكن بسبب سلوكهم الاستثماري المتأثر بالتحيزات العاطفية والأخطاء الإدراكية. ولتجنب الوقوع في مثل هذه الأخطاء الاستثمارية غير الإرادية في كثير من الأحيان بات من الضروري أن تستحدث المؤسسات التعليمية في سلطنة عمان منهجا علميا لتدريس التحليل النفسي للشركات والسوق والعوامل النفسية والاجتماعية المؤثرة على القرارات المالية في الاستثمار وعدم الاكتفاء بتدريس مناهج التحليل الفني والمالي وذلك للأثر النفسي والاجتماعي للشخص الذي يؤثر في اتخاذ القرارات، ومن الكتب المفيدة في هذا المجال كتاب (The Psychology Of Investing).

إن السلوك غير العقلاني الذي يدفع الأشخاص لاتخاذ قرارات عاطفية أو اجتماعية ربما يؤدي لانعكاسات سلبية على قرارات التمويل، وأن التمويل السلوكي لا يزال قيد الجدل والبناء الفكري على مستوى النظرية والتطبيق، وينبغي مراجعة عدد من الأدبيات الحديثة في الإدارة المالية لضمان اتخاذ القرارات العقلانية وتحد من المخاطر المترتبة جراء اتخاذ قرار التمويل السلوكي، ولتحسين اتخاذ قرار التمويل المالي ودعمه بالإحصائيات والمؤشرات الدقيقة، ينبغي التأكد من وجود علاقة بين انفعالات الشخص ودافعيته تجاه اتخاذ القرارات واتخاذ القرار النهائي للتمويل، أي أنه من المهم دراسة المتغيرات التي تحيط بالأشخاص وأثرها على اتخاذ القرارات بحيث يتم التركيز على العوامل العاطفية والنفسية والاجتماعية.

ووفقا لدراسة بحثية اطلعت عليها حديثا تناقش التمويل السلوكي وأثره في اتخاذ القرارات المالية توصلت إلى نتائج باستخدام برنامج التحليل الإحصائي (SPSS) أبرزها وجود علاقة ارتباط بين المتغيرات المؤثرة على اتخاذ قرار التمويل السلوكي واتخاذه فعليا. وأوصت الدراسة بزيادة التواصل والتفاعل بين إدارات المؤسسات المعنية باتخاذ قرار التمويل السلوكي والمراكز البحثية والأكاديمية لزيادة فهم العوامل السلوكية لتحسين اتخاذ القرارات. وأرى أن وجود تنسيق وتكامل بين المؤسسات الأكاديمية ومتخذي قرار التمويل المالي أصبح ضرورة لفهم بعض المصطلحات المرتبطة بالتمويل السلوكي لترسيخ الفهم الجيد واتخاذ القرار الصحيح عند اتخاذ مثل هذه القرارات المهمة للمؤسسات؛ فهي تعد من أهم القرارات التي تحدد مستقبل المؤسسة والمخاطر المستقبلية على مستوى الأداء العام للشركة والأرباح أو الخسائر التي تواجهها وتحد من التحديات المالية التي ربما تعترضها منذ مرحلة اتخاذ قرار التمويل السلوكي حتى بدء ظهور نتائج القرار من حيث الجدوى والربحية والاستمرارية في المشروع الممول، وأقترح إنشاء وحدة مشتركة بين وزارتي الاقتصاد والمالية تعنى بدراسة التمويل السلوكي وأثره على اتخاذ القرارات المالية، مع أهمية أن تقوم مؤسسات التعليم العالي بتحديث بعض المساقات لتشمل دراسة سلوكيات الأشخاص ودورها في اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی اتخاذ القرارات القرارات المالیة فی اتخاذ القرار عند اتخاذ

إقرأ أيضاً:

الرقابة المالية تناقش تنفيذ الضوابط الجديدة لاستثمار أموال صناديق التأمين

استكمالاً للجهود المستمرة التي تقوم بها الهيئة العامة للرقابة المالية لتهيئة بيئة أعمال مواتية وداعمة لكافة الجهات والكيانات العاملة في القطاع المالي غير المصرفي، وتعزيزاً للتكامل بين الأنشطة المالية غير المصرفية خاصة سوق رأس المال والتأمين، نظمت الهيئة ورشة عمل تفاعلية بالتنسيق مع الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار، استعرض خلالها مديري الاستثمار أمام ممثلي صناديق التأمين الخاصة كيفية استثمار جزء من أموالهم في صناديق الاستثمار المفتوحة في الأسهم المقيدة بالبورصات، بما يسهم في تنويع الخيارات الاستثمارية أمام صناديق التأمين الخاصة ويساعدهم على تعظيم العوائد والمنافع للمشتركين لديهم، خاصة المزايا التي يتحصلوا عليها عقب وصول سن المعاش.
يأتي ذلك انفاذاً لقرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 269 لسنة 2024 بإلزام صناديق التأمين الخاصة الاستثمار في وثائق صناديق الاستثمار المفتوحة في الأسهم المقيدة بالبورصات بحدٍّ أقصى 20% من إجمالي أموال الصندوق، وبحدٍّ أدنى 5% من جملة أموال الصندوق، حرصا على تنويع الخيارات الاستثمارية أمامهم.
تتكامل هذه الخطوة مع الجهود المستمرة للهيئة بإصدار السياسات والقرارات التي تعمل على تعزيز كفاءة وتحسين قدرات إدارة الاستثمار بصناديق التأمين الخاصة، ورفع وعي القائمين عليها بآليات الاستثمار في سوق رأس المال المصري، وفي صناديق الاستثمار المفتوحة في الأسهم المقيدة بالبورصة بشكل خاص.
وشهدت الورشة حضور الدكتور إسلام عزام، رئيس البورصة المصرية، والدكتور أحمد عبد العزيز، مستشار رئيس الهيئة والمشرف على نشاط التأمين، محمد عياد مستشار رئيس الهيئة للإعلام، والدكتور محمود سماحة نائب مساعد رئيس الهيئة، بجانب مشاركة فاعلة من الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار EIMA، وأعضائها من ممثلي شركات إدارة الأصول ومديري الاستثمار المرخصين من الهيئة.
حيث تم خلال ورشة العمل تقديم جمعية إدارة الاستثمار EIMA ومديري الأصول لأكثر من 15 عرضاً تقديمي تناولت سبل إدارة استثمارات صناديق التأمين الخاصة في الأسهم المقيدة بالبورصة المصرية من خلال صناديق الاستثمار المفتوحة.
وتُعد صناديق التأمين الخاصة أنظمة تأمينية يتم تسجيلها بالهيئة العامة للرقابة المالية، لتصبح شخصيات اعتبارية مستقلة تُنشأ بهدف منح مزايا تأمينية أو اجتماعية لمجموعة من العاملين تربطهم صلة مشتركة، سواء في شكل معاشات إضافية، أو مزايا ادخارية، أو تغطيات اجتماعية وصحية.
وركزت العروض التقديمية خلال ورشة العمل على آليات الاستثمار المؤسسي، وكيفية إدارة الأصول، وإدارة المخاطر، وسبل تعظيم العائد الاستثماري، من خلال صناديق الاستثمار المختلفة، وصناديق الاستثمار المفتوحة في الأسهم المقيدة بالبورصات، بشكل رئيسي مع استعراض نماذج عملية للتعاون بين صناديق التأمين الخاصة ومديري الاستثمار المرخصين من الهيئة العامة للرقابة المالية، بما يضمن الالتزام بالضوابط الرقابية ويعزز من كفاءة توظيف أموال الأعضاء.
كما تأتي هذه الورشة ضمن سلسلة من الفعاليات التدريبية والتوعوية التي تنظمها الهيئة، عقب البدء في تنفيذ قانون التأمين الموحد، أول تشريع شامل لقطاع التأمين، حيث تسعى الهيئة من خلالها إلى رفع قدرات إدارة الاستثمار بالصناديق، وتوفير بدائل استثمارية متنوعة تساعدها على تحقيق عوائد أكبر للمؤمن عليهم والمشتركين، بما ينعكس إيجابيًا على تحسين مستوى الاستفادة للمواطنين عند بلوغهم سن التقاعد.
جدير بالذكر أن صناديق التأمين الخاصة، بلغ عددها 671 صندوقاً، كما وصل عدد المشتركين فيها 4.6 مليون مصري، بنهاية عام 2024، وتتنوع بين صناديق ذات مزايا تأمينية ومعاشات شهرية، وصناديق زمالة وصناديق ادخار وأخرى للعلاج.

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لـ التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر
  • وزير المالية: التمويل المختلط يلعب دورًا مؤثرًا فى دفع المسار التنموى
  • مصر تدعم جهود دفع مسار «التمويل من أجل التنمية» ومقترحات خفض تكاليف التمويل
  • ثمن الانتظار
  • المالية: الحكومة تؤكد دعمها لجهود التمويل من أجل التنمية
  • وزير المالية فى مؤتمر «الأونكتاد» بجنيف: مصر تدعم جهود دفع مسار «التمويل من أجل التنمية»
  • الرقابة المالية تنظم ورشة عمل لمديري الاستثمار وصناديق التأمين الخاصة
  • الرقابة المالية تناقش تنفيذ الضوابط الجديدة لاستثمار أموال صناديق التأمين
  • «الرقابة المالية» تنظم ورشة عمل لمديري الاستثمار وصناديق التأمين الخاصة
  • الشاهد: الإصلاحات المالية تعزز الثقة بالاقتصاد الوطني وتفتح آفاقًا أوسع لمشاركة القطاع الخاص