الخزعلي ومحافظ النجف يبحثان الواقع الخدمي والعمراني في المحافظة
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
26 فبراير، 2024
بغداد/المسلة الحدث: بحث الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، ومحافظ النجف الأشرف يوسف كناوي، الواقع الخدمي والعمراني في المحافظة.
وقال المكتب الإعلامي للشيخ قيس الخزعلي في بيان ورد لـ المسلة، إن الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، استقبل في مكتبه بمحافظة النجف الأشرف، محافظ المدينة يوسف كناوي، وجرى خلال اللقاء بحث الواقع الخدمي والعمراني في المحافظة، وأهمية المحافظة على طابعها الديني والتراثي.
وأكد الخزعلي، على خصوصية النجف الأشرف، كونها مدينة الإمام علي (عليه السلام) والمرجعية الدينية، وأهمية تطوير الخدمات، وتفعيل المشاريع الضرورية وإنجازها، بما ينعكس إيجاباً على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية، التي يجب أن تكون عليها المحافظة، وتُعزّز الأدوار التكاملية مع مجلس المحافظة والوزارات في الحكومة الاتحادية، لتحقيق الهدف الأسمى الذي هو خدمة المواطنين والزائرين، خاصةً وأن المحافظة تشهد العديد من المناسبات الدينية المهمة، مما يتطلب خدمات ومنشآت تُلبّي احتياجاتهم.
ودعا الخزعلي إلى أن يكون واقع النجف الأشرف متّسقاً مع عناوينها المقدّسة ومكانتها العلمية والعالمية.
وختم البيان بالقول، أن محافظ النجف الأشرف عبّر عن شكره للشيخ الخزعلي، لدوره الواضح في حماية المكتسبات الوطنية المتحقّقة، واهتمامه بالخدمات والمشاريع التنموية التي تُقدَّم للمواطنين، مؤكداً أن توجيهات الخزعلي ستكون أساسية ضمن خطط وبرامج المحافظة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: النجف الأشرف
إقرأ أيضاً:
«تحولات الفكر والسياسة» وتشخيص أزمة الواقع العربي
(1)
أثار رحيل المفكر البحريني الكبير محمد جابر الأنصاري عن 85 عاما الكثير من الشجون والذكريات والقراءات أيضا!
صحيح أنه توارى عن الأنظار منذ عانى آلام المرض قبل سنوات، واعتكف في بيته، إلا أن أي محاولة لترسيم حدود الفكر العربي الحديث والمعاصر لا تكتمل من دون الرجوع إلى كتبه وأعماله القيمة بغض النظر عن اتفاقنا معها أو اختلافنا حولها، فالجهود النظرية والتحليلية لفكرنا العربي في جملتها شحيحة ومحدودة بالنظر إلى تاريخ أي فكر وثقافة أخرى مغايرة.
قدم الأنصاري عبر ما يقرب من نصف القرن نشاطا وافرا ومحمودا وغزيرا في قراءة معطيات الواقع العربي منطلقا من دائرته الانتمائية الأولى، وموسعا الدائرة بعد ذلك لتشمل الدائرة العربية الأوسع، وفي خلال ذلك المسار المركزي الرئيسي في مشروعه الفكري، تفرعت روافد يمينا ويسارا لتعالج قضايا وموضوعات لا تبتعد في جوهرها عن مساره الأصلي؛ قراءة وتحليل ونقد الفكر العربي الحديث والمعاصر منذ بداياته في القرن التاسع عشر، وحتى اللحظة الراهنة التي أنجز فيها محاولاته تلك..
وإذا كان المغرب العربي قد قدم للثقافة العربية اسما بقيمة وعطاء محمد عابد الجابري، فإنه يحق للثقافة الخليجية والمشرقية عموما أن تفخر بإنجاز وعطاء المرحوم محمد جابر الأنصاري، الذي يعد وبحق أحد آباء الثقافة الخليجية المعاصرة، بما قدم من جهود وبما أنجز من مؤلفات وبما كتب من مقالات ودراسات وبحوث تعد بالمئات، وهو إنتاج جدير بالاحترام والتقدير، مهما كان حجم الاتفاق معها أو الاختلاف فيما تقدمه من طروحات وقراءات وتفسيرات ورؤى..
(2)
ولأن عطاء ومنجز الدكتور الأنصاري كان من الضخامة والاتساع ما تضيق به المساحة لتقديم صورة كلية وشاملة عن هذا المنجز القرائي الضخم، فاللمحة تغني والإشارة دليل، والجزء يشير إلى الكل.. فقط أنوه بأن مشروع الدكتور الأنصاري الفكري قد اشتمل من ضمن الكثير مما ألف وكتب ما يزيد على الكتب العشرة التأسيسية في مجالها؛ كتب تغطي مساحات زمنية في تاريخ الفكر والسياسة والثقافة والاجتماع تبدأ منذ مطالع القرن التاسع عشر، وتقف عند سبعينيات القرن الماضي. أما من حيث فضاء النصوص والموضوعات والأعلام فإنها اتسعت وشسعت لتشمل تاريخ الفكر والثقافة منذ ابن خلدون وحتى نتاج المفكرين والمثقفين العرب في الربع الأخير من القرن العشرين، وبما يشمل الفضاء الجغرافي العربي بأكمله مضافا إليه المساحات الجغرافية التي تقاطعت لغويا وثقافيا واكتسبت هُويتها الإسلامية الحضارية والثقافية من غير الدول العربية والإسلامية المتاخمة لها (دول وسط وشرق آسيا وبعض البلدان الأوروبية التي اكتسبت طابعا إسلاميا).
ولا يمكن البدء في مقاربة أو تقديم قراءة لمشروع الدكتور الأنصاري من دون الوقوف عند كتابه صغير الحجم عظيم القائمة والفائدة (تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي)، الذي صدر للمرة الأولى في نوفمبر من عام 1980 عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية.
وقد كان هذا الكتاب على المستوى الشخصي أحد مراجعي الأساسية في مستهل حياتي للتعرف على ما أسميه خريطة تيارات الفكر العربي الحديث، وقد كان الأنصاري سباقا في هذا الكتاب يسك مصطلحاته ومفاهيمه الإجرائية والتحليلية التي صارت لازمة له وعلامة عليه وعنصرا تكوينيا رئيسيا في بناء جهازه الاصطلاحي والمفاهيمي.. منها على سبيل المثال لا الحصر: القسمة الثنائية بين السلفية والعلمانية، والإحيائية التوفيقية، والنهضة، ونقد الذات.. فضلا على أن هذا الكتاب الصغير قد شهد بزوغ مجموعة من الأنوية لإشكالات فكرية وثقافية سيتناولها تفصيلا في مشروعات تالية؛ مثل: التوفيقية كحاصل ضرب (وليس حاصل جمع) الصراع بين الأصولية "السلفية" و"العلمانية".. و"الحسم المؤجل بين الإسلام والغرب"، و"تشخيص حالة اللا حسم" هذه.. إلخ.
(3)
يقول الأنصاري في مقدمته الموجزة للكتاب إن هذا البحث محاولة منهجية للعثور على بدايات الفترة الحاضرة من التاريخ العربي في الفكر والسياسة والاجتماع، ثم استجلاء ملامحها وخصائصها، وتطوراتها اللاحقة. من أين تبدأ هذه الفترة الحاضرة؟ ومتى ظهرت إرهاصاتها وجذورها وتحولاتها؟ وبم اختلفت عما سبقها من فترات واتجاهات؟
ولقد تردد لدى مؤرخي هذه الفترة الجديدة أنها تبدأ بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945، ولذلك سميّت «فترة ما بعد الحرب» على الرغم من كون الحرب حدثًا خارجيًا غير منبثق عن تاريخ العرب أنفسهم. وقد اكتشف الأنصاري بعد البحث والرجوع إلى المصادر أن جذور هذه الفترة المعاصرة تبدأ بتحولاتٍ عربية -إسلامية ذاتية عميقة منذ حوالي عام 1930 عندما "أخذت تتجمع مؤشرات الإحياء «التوفيقي» المستجد بين التراث والعصر، وذلك بعد أن تباعد التياران "السلفي" و"العلماني" بين عامي 1920-1930، وكادا يؤديان بانشطارهما إلى تصدعٍ خطير في بنيان الأمة، وكيانها الحضاري".
كانت هذه الإشارة أول ما أقرأه عن "التوفيقية" أو تيار الإحياء التوفيقي في الفكر العربي الحديث والمعاصر، في أواخر الثمانينيات ومطالع التسعينيات من القرن الماضي، وكان ذلك في الوقت الذي بدأت فيه معاول النقد والتشريح تنهال على هذه التوفيقية في مسماها الذي عرفت به آنذاك "الوسطية".. فكان هذا الكتاب النافذة الأولى التي أطل منها على ملامح وسمات هذه التوفيقية.. خصوصا وأن الأنصاري قد بدأ عرضه لهذا الإحياء الفكري "التوفيقي" في الثلاثينيات، معتبرا أنها كانت "بمثابة التمهيد وحجر الأساس للاتجاهات "القومية" و"الاجتماعية" الصاعدة في الخمسينيات، والتي حلت محل الاتجاهات "الليبرالية" السابقة ذات النمط الغربي أو المستغرب.
(4)
كانت هذه نقطة البداية، من حيث النظرة الإجمالية الشاملة لخريطة تشكلات الفكر العربي الحديث والمعاصر، التي انطلق منها الأنصاري في رسم هذه الخريطة المعقدة، خصوصا وأنه قد رأى أن الاتجاهات الغالبة في الشرق العربي المعاصر، من فكرية واجتماعية وسياسية، تندرج في مجملها تحت «الظاهرة التوفيقية» التي تعود بجذورها إلى "التوفيقية" الإسلامية القديمة بين الدين والعقل، وبين مختلف المؤثرات المتباينة والمتعارضة التي هضمتها الحضارة العربية الإسلامية بعد أن قامت بعملية «التوفيق» فيما بينها.
كما رأى أن هذه النزعة "التوفيقية" ترد إلى الظهور، بل تفرض ذاتها بقوة، عندما يتعرض المجتمع العربي للعنف الاجتماعي، والانشطار الحضاري بين التمسك بالتراث ومحاكاة الغرب، فتحول جاهدة دون تصدعه وانقسامه، وتعيد الالتئام بين قديمه وجديده، وبين ماضيه وحاضره، وبين تناقضاته وتعارضاته العديدة، مولدة صيغًا توفيقية شتى في الفكر والسياسة والاجتماع، تمثل في مجموعها هذه «الظاهرة التوفيقية» الشاملة التي تحكم المجتمع العربي حتى يومنا هذا.
وإذا صح هذا التفسير، فيما يطرحه الأنصاري، وقد جهد لدعمه بشواهد عديدة، فإننا "نكون قد تقدمنا بمحاولة متواضعة لتفسير الواقع العربي، والتاريخ العربي المعاصر بفكرة مستمدة من تراثه وحضارته وذاتيته، وذلك بعد أن أخضع لتفسيرات كثيرة مقتبسة من خارج نطاقه الحضاري. ولقد أصبحت الدعوة ملحة للعودة إلى الذات الحضارية، وفهمها من الداخل، واستكشاف قوانينها الأصلية، بعد أن أخفقت محاولات التحديث الخارجي، وما ارتبط بها من تنظير فكري شديد التأثر بالتجارب الأجنبية".
وهكذا يرى الأنصاري أن هذه الدراسة، في مجملها، محاولة استجابة لدعوة العودة إلى استكشاف الجذور في ميدان البحث والفكر، محترزا وواعيا تماما لمزلق أن أي محاولة لاكتشاف الذات لا يعني "تقديس الذات"، وإنما يعني فهمها وتحليلها ونقدها، ثم الارتفاع بها نحو «ذات متجددة» أنضج وأسمى. ومن هذا المنطلق حاول معرفة القوانين الذاتية التي تحكم مجتمعنا، وتمثل خصوصيته، وتفسر مسلكه التاريخي، سلبًا وإيجابًا، دون أن نضعها فوق مستوى النقد..