القدس المحتلة- تعكس وثيقة "اليوم التالي" للحرب على غزة التي قدمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) حالة الضبابية والغموض الناتج عن التردد في اتخاذ القرارات الحاسمة ومحاولة نتنياهو المناورة بين القيود التي يفرضها الائتلاف الحكومي.

ويهدف نتنياهو من خلال طرح مخطط "اليوم التالي" لتفادي الضغوطات الدولية، وتجنب الصدام مع إدارة الرئيس الأميركي، جو بادين، والحفاظ على الائتلاف الحكومي ومنع تفككه، عبر إرضاء الشركاء من أحزاب اليمين، خاصة رئيس حزب "عظمة يهودية" الوزير إيتمار بن غفير، ورئيس تحالف "الصهيونية الدينية" الوزير بتسلئيل سموتريتش.

ويستعرض الجزء الأول من الوثيقة بشكل شامل المصالح الأمنية لإسرائيل في "اليوم التالي"، بما في ذلك الشرط الإسرائيلي بالسيطرة وضبط الاتصالات بين الفلسطينيين والعالم، مع التركيز على محور صلاح الدين "محور فيلادلفيا" بين غزة ومصر، والذي كان وسيلة رئيسية لتعزيز نفوذ وقوة حماس العسكرية، بحسب الوثيقة.

وبالتالي، وفقا للمحللين والباحثين الإسرائيليين، تعتبر الوثيقة توجيهات عامة تعبر عن الوضع المثالي المنشود من وجهة نظر إسرائيلية، وتفتقر إلى التفاصيل المطلوبة لترجمة المخطط عمليًا ومواجهة التحديات والتقييدات والاضطرارات السياسية الداخلية.

اليوم التالي

ويأتي إعلان نتنياهو عن وثيقة "اليوم التالي" في وقت كشفت فيه صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن خطة إسرائيلية تهدف إلى منع عودة النازحين الفلسطينيين من قطاع غزة إلى بيوتهم في شمال القطاع بينما يحافظ الجيش الإسرائيلي على السيطرة على "ممر نيتساريم"، الذي يفصل بين الأحياء الجنوبية لمدينة غزة ووادي غزة.

ووفقا للصحيفة، فإن إسرائيل كانت حتى الآن تعارض عودة النازحين إلى منازلهم في شمال القطاع، لكنها، وفقا لمراسل الشؤون السياسية للصحيفة إيتمار آيخنر "قد تظهر مرونة في اتخاذ قرار بالسماح بعودة النازحين، خاصة الأطفال والنساء".

وأوضح أن إسرائيل تستخدم السيطرة الجزئية للجيش الإسرائيلي على منطقة شمال القطاع كورقة مساومة لتحسين بنود صفقة التبادل المحتملة مع حماس، وكذلك من أجل إنهاء الصراع مع حماس ونقل السيطرة إلى جهات محلية ليس لديها صلة بحماس، وذلك كشرط للانسحاب المحتمل من "ممر نيتساريم" وإعادة جميع النازحين إلى مناطقهم.

ورقة مساومة

عسكريا، يقول المراسل العسكري للصحيفة، يوآف زيتون، إن "الجيش الإسرائيلي انتقل من مرحلة الحرب إلى المرحلة القتالية والنشاط العملياتي، بوجود أقل عدد من القوات في قطاع غزة، ولكنه وسع ممر نيتساريم كورقة مساومة مستقبلية لإنهاء القتال".

وأوضح زيتون أن الجيش الإسرائيلي يواصل القتال في شمال القطاع، حيث لا يزال ينشط في هذه المنطقة ما بين 30 إلى 40% من مقاتلي حماس، وذلك من خلال الضغط على المدنيين المتبقين لنزوحهم عن المنطقة الجنوبية لتوسيع العمليات العسكرية، ويواصل القتال بهدف فرض ضغوط على حماس خلال المفاوضات.

وقدر المراسل العسكري أن الاعتقادات التي ترسخت في إسرائيل تشير إلى أنه لا يمكن إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع دون تنفيذ عملية عسكرية واجتياح رفح، حيث تستمر المناقشات في إسرائيل بشأن إجلاء 1.4 مليون نازح في المدينة ومحيطها بهدف خوض القتال ضد 4 كتائب لحماس.

غير قابلة للتطبيق

ويعبر رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، الدكتور ميخائيل ميلشتاين، عن شكوكه في جدية وثيقة مخطط "اليوم التالي" التي قدمها نتنياهو، مشيرا إلى أن الوثيقة مليئة بالغموض وعدم الوضوح، وتعكس انعدام الرغبة في اتخاذ قرارات.

وفي مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أوضح ميلشتاين أن وثيقة المبادئ الإسرائيلية التي قدمها نتنياهو هي مجرد مناورة وهروب داخلي، مشيرا إلى أن الوثيقة تواجه صعوبة في تشكيل أساس لخطة عمل قابلة للتطبيق والتنفيذ في الواقع.

وأشار ميلشتاين إلى أن "اليوم التالي" لا يبدو وكأنه قريب، مع استمرار القتال في غزة وبقاء القيادي في حماس، يحيى السنوار، على قيد الحياة.

كما أشار إلى أن هناك جزءا كبيرا من البنية التحتية العسكرية لحماس لا تزال صامدة، وأن الحركة لا تزال تسيطر على المناطق التي ينشط فيها الجيش الإسرائيلي، وخاصة في شمال قطاع غزة.

ويعتقد الباحث الإسرائيلي أن مضمون الوثيقة يشير إلى أنه لن يكون من الممكن تحقيقه على أرض الواقع إلا بعد القضاء الفعلي على القدرات العسكرية والحكومية لحماس في غزة، وهو الهدف الذي لا يمكن بالمرحلة الحالية الحديث عنه من حيث كيف ومتى يمكن أن يتحقق، قائلا "ربما يتطلب تحقيق ذلك السيطرة على المنطقة بأكملها واحتلال القطاع".

وأوضح ميلشتاين أن معظم المشاكل موجودة بالجزء الثاني من الوثيقة التي تناقش البعد المدني والسياسي الذي ترتعد منه إسرائيل حتى قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، ويتجسد الغموض الشديد في وصف "جهات محلية ذات خبرة إدارية وغير ضالعة في الإرهاب"، التي من المفترض أن تقوم بالسيطرة المدنية بدلا من إسرائيل.

ويتعزز الغموض والضبابية، بحسب الباحث الإسرائيلي، في حقيقة عدم تحديد السلطة الفلسطينية كشريك محتمل، ولكن لم يذكر أنها ليست كذلك، قائلا "يبدو أن هذا المخطط يهدف إلى إرضاء أعضاء الائتلاف الحكومي والمجتمع الدولي الذي يزيد ضغوطه على إسرائيل".

خداع وأوهام

تحت عنوان "مع بيبي (بنيامين نتنياهو)، اليوم التالي هو اليوم السابق"، كتبت نائبة رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، نوعا لاندو، مقالا انتقدت فيه وثيقة مخطط نتنياهو، التي جاءت تحت عنوان "اليوم الذي يلي حماس"، قائلة إن "الانطباع من وثيقة اليوم التالي من وجهة نظر نتنياهو مشابه إلى حد كبير اليوم السابق للحرب على غزة".

بالنظر إلى هذه الوثيقة القصيرة، وكما جرت العادة في حكومة نتنياهو، تقول لاندو إن "غرض الوثيقة هو بالأساس التلاعب بالكلمات واستخدام عبارات حماسية، وذلك بغرض إخفاء حقيقة أن الوثيقة لا معنى لها، ولا يوجد لها أي قيمة جوهرية".

وأوضحت أن الخطة ما هي إلا محاولة من نتنياهو لخداع الجمهور الإسرائيلي وبيع الأوهام للقراء وكأن الوثيقة نوع من التطور، قائلة "في الواقع، لا يوجد أي تطور هناك على الإطلاق، الوثيقة مجرد تحفة من الركود، حيث يؤكد نتنياهو أن الحرب ستستمر حتى تحقق أهدافها".

وخلصت للقول "لا يوجد لنتنياهو أي خطة لتسوية سياسية مستقبلية مع الفلسطينيين، حيث ترفض إسرائيل بشكل قاطع خطة من هذا القبيل، في حين أن خطة نتنياهو لليوم التالي هي أنه ليس لديه خطة أصلا، فهو يريد إدارة الصراع دون حله أبدا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی الیوم التالی شمال القطاع فی شمال إلى أن

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: نتنياهو لا يعترض على انخراط حركة "فتح" في إدارة قطاع غزة

قال موقع "Ynet" العبري نقلا عن مصادر أمنية يوم السبت، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تراجع عن معارضته لمشاركة حركة "فتح" في إدارة شؤون قطاع غزة في "اليوم التالي" للحرب.

وكان رئيس الوزراء نتنياهو قد أعرب مرارا عن معارضته التامة لمشاركة "فتح" في إدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، وقد انتقده وزير الدفاع غالانت قائلا إن "نهاية النظام العسكري هي عمل سياسي ولن يتحقق اليوم التالي لحماس إلا من خلال سيطرة العناصر الفلسطينية بدعم دولي والتي ستكون بديلا لسلطة حماس".

إقرأ المزيد "واشنطن بوست": خصوم نتنياهو يتجهون نحو "اليوم التالي" في غزة بدونه وغالانت يطرح خطة لتقسيم القطاع

وأكد غالانت حينها أنها مصلحة وطنية إسرائيلية وغياب القرار هو أيضا قرار.

وقال نتنياهو في ذلك الوقت ردا على ذلك: "لست مستعدا لاستبدال (حماستان بفتحستان).. بعد 7 أكتوبر أمرت بتدمير حماس.. جيش الدفاع وقوات الأمن يقاتلون من أجل ذلك.. وطالما ظلت حماس على حالها فلن يأتي أي كيان آخر لإدارة الوضع المدني في غزة وبالتأكيد ليس السلطة الفلسطينية".

كما صرح ردا على وزير دفاعه بأن "80% من الفلسطينيين في الضفة الغربية يؤيدون هجوم 7 أكتوبر والسلطة الفلسطينية تدعم وتمول الإرهاب.. ولذلك فإن الشرط الأول لتمهيد الطريق لظهور طرف آخر هو القضاء على حماس والقيام بذلك دون مبررات".

إلى ذلك، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن خطة الانتقال إلى "اليوم التالي" التي طرحها وزير الدفاع يوآف غالانت في واشنطن، وكجزء منها إشراك قوة فلسطينية ينبغي أن تكون مسؤولة تدريجيا عن الأمن المحلي.

ووفق الصحيفة ومن أجل إتمام خطة غالانت، فمن المطلوب التزام الولايات المتحدة بهذه الخطة وهو ما سيشجع الدول العربية والجهات المحلية في القطاع على المشاركة في تحقيقها.

المصدر: هيئة البث الإسرائيلية

مقالات مشابهة

  • صحف عالمية: نتنياهو يخوض 3 حروب استنزاف وتحقيق بشأن الرصيف العائم
  • مكتب نتنياهو ينفي سحب رئيس الوزراء اعتراضه على انخراط "فتح" في إدارة غزة في "اليوم التالي" للحرب
  • إعلام عبري: نتنياهو لا يعترض على انخراط حركة "فتح" في إدارة قطاع غزة
  • "وول ستريت جورنال" تتساءل ماذا سيحدث في غزة مع استعداد إسرائيل لإنهاء حربها الكبرى
  • ماذا سيحدث في غزة مع استعداد إسرائيل لإنهاء حربها الكبرى ؟
  • سيناريو التقسيم والفقاعات.. هذه خطط إسرائيل لغزة بعد الحرب
  • واشنطن بوست: خصوم نتنياهو يتجهون نحو "اليوم التالي" في غزة بدونه وجالانت يطرح خطة لتقسيم القطاع
  • "واشنطن بوست": خصوم نتنياهو يتجهون نحو "اليوم التالي" في غزة بدونه وغالانت يطرح خطة لتقسيم القطاع
  • كيف ينظر أهالي قطاع غزة لمصطلح اليوم التالي من الحرب؟
  • زعيم حزب إسرائيل بيتنا: نحن نخسر الحرب والردع الإسرائيلي تراجع إلى الصفر