موقع النيلين:
2024-12-22@13:06:53 GMT

د. مزمل أبو القاسم: أسماء جديدة في حياتنا (1)

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT


* صدق زميلي وصديقي عادل الباز عندما أطلق في لحظة إلهام وتجلٍ نادرة لقب (الكاشفة) على الحرب الحالية، فبمثلما مايزت المواقف بين فرسان وطنيين أصحاب وجعة؛ وعملاء باعوا نفوسهم وبلادهم للشيطان، فقد قدمت لنا أسماء جديدة في حياتنا، لم تكن معروفةً ولا صيت لها قبل أن يحل بنا الكرب، بكريهةٍ أهلكت الحرث والنسل.

* كشفت لنا الحرب ركاماً من القاذورات، وأماطت اللثام عن خونةٍ لئام، يجاهرون بعمالتهم، ويتباهون بخيابتهم، ويديرون ظهورهم النتنة لأهلهم المنكوبين، ويتاجرون بآلامهم ومآسيهم وأوجاعهم، ثم يدعون الحياد زوراً، وهم يُظاهرون في حقيقة أمرهم بغاةً مجرمين، لم يغادروا جريمةً إلا ارتكبوها.

* بالمثل كشفت لنا الحرب درراً نفيسةً، وقدمت لنا أسماءً جديدة في حياتنا، دخلت قلوب أهل السودان بلا استئذان، أعدُّ منها ولا أعددها، وليعذرني قرائي إن أسقطت الذاكرة اسماً لشهيد أو بطل جديد، حمل روحه على كفه وجاد بنفسه دفاعاً عن الوطن الحبيب.

* عرفنا فيها وأحببنا شهيد الشعب (أيوب)، وقد جمعتني به مودةً جعلتنا نتواصل كل صباح حباً في الله والوطن، قبل أن يجود بروحه فداءً لأرضه وأهله.. وعرفنا قبله رفيقه عثمان مكاوي الذي بكاه أهل السودان بدموع الدم، ودفنوه في القلوب وخلدوه في الوجدان.

* عرفنا فيها شهداء أحياء فأحببناهم وصرنا نتقصى أخبارهم.. ومنهم العابد الساجد الفقيه المجاهد المجالد أحمد الشاكر، ورفيقا دربه سر الختم والكردفاني.. ومعهم خبرنا وأحببنا فرحات ود العمدة (ولكل امرئٍ من اسمه نصيب)، وعرفنا أسوداً بقيمة جودات ودرموت وعرديب وهيثم الخلا وصادق ود أم دُر ولقمان وممدوح محمد أمين ومحمد الفضل وياسر فضل الله وجعفر الطاهر.. وما أدراك ما ياسر وجعفر!

* عرفنا وأحببنا عرديب وقرنا الاسم بالنصر في أم دُر الحبيبة (كما يسميها أسد كرري ياسر العطا)، وعرفنا وأحببنا شهداء الحرس الرئاسي الذين فدوا وطنهم وبرهانهم بدمائهم وأرواحهم (أحمد النور الإمام ورفاقه الأبطال)، وعرفنا خلال الحرب أسد الدروع نصر الدين عبد الفتاح وعمر باشري والصول أشرف وفريد يوسف ومحمد الفضل ومحمد عبد العزيز والمبارك محمد المبارك وعبد الله مصطفى وعبد الحليم جاد الله باسبار وأحمد الشيخ أبو شلوق وأسد المهندسين الظافر، ونمر البقعة أنور الزبير.. وعرفنا اللبيب وصحبه وأحببناهم ورددنا معهم هتافهم الجميل (أمن يا جِن)، وعرفنا معهم دفعة الشهداء (43) التي قدمت حتى اللحظة (17) شهيداً برتبة عميد، وذلك لم يحدث حتى في حرب الجنوب التي عمَّرت نصف قرن!

* قضى بعضهم نحبه ومضوا إلى ربهم آمنين مطمئنين. شهداء بإذن الله مستقرهم جنة الرضوان، بعد أن خلدوا رسومهم وأسماءهم في وجدان شعب السودان الحر، ومنهم حراس الثغور ورفاق الخنادق.. القابضون على الزناد وجمر القضية (وما بدلوا تبديلا).. لهم المحبة كلها ولكل قادة وضباط وضباط صف وجنود قواتنا المسلحة الباسلة العصية على الانكسار.. (من القائد الجسور برهان وحتى أصغر ديدبان).. ورفاقهم في القوات النظامية الأخرى وجموع المستنفرين والمجاهدين حماهم الله وأبقاهم ذخراً للوطن وسيفاً صقيلاً مسلطاً على رقاب العِدا.

* ⁠(جنود الجيش يا سعاد نفخر بيهم).. حماة الأرض والعرض.. رجال الحارة.. لزَّامين التقيلة.. دراجين العاطلة.. أخوان البنات العلموا الجبل الثبات.. (وروهم العدو وأقعدوا فراجة).. (كلينق مباريهم يفتش الرِمَّة).. وما أكثر الرِمم التي أفرزتها معركة الكرامة!!

د. مزمل أبو القاسم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الحرب بالنقاط

حاتم الطائي

المقاومة الفلسطينية أثبتت شجاعةً وصمودًا سيسجلهما التاريخ إلى الأبد

لا يجب أن يتسلل اليأس إلى النفوس.. لأنَّ نصر الله قريب

نحن أمام حرب تاريخية بين الحق والباطل.. والمُقاومة حققت انتصارًا استراتيجيًا

 

ربما لم يشهد التاريخ معركةً بين الحق والباطل، أوضح وأكثر جلاءً من معركة "طوفان الأقصى" التاريخية، بين حق الشعب الفلسطيني في المُقاومة والعيش على أرضه مُعززًا مُكرَّمًا، وبين باطل الصهيونية الإجرامية، التي تُنفذ أبشع حرب إبادة في تاريخنا المُعاصر، في ظل آلة القتل والدمار التي لا تتوقف بدعم أمريكي لا محدود، وخذلان إقليمي وعالمي مُؤسف.

المشاهد الدامية التي تُمزِّق قلوبنا منذ أكثر من سنة وشهرين، تُؤكد أننا أمام عدو بربري غاشم، يتعمَّد إبادة الشعب الفلسطيني، بهدف تصفية القضية وتنفيذ مخططه الإجرامي الذي بدأه قبل 76 عامًا، والاستيلاء على كامل التراب الفلسطيني وتوسيع كيانه الغاصب فيما يُعرف باسم "إسرائيل الكبرى". لكن المُقاومة الفلسطينية الشجاعة تقف لهذا العدو بالمرصاد، فبعد أن بادرت بمعركة "طوفان الأقصى" ونجاحها في اختراق صفوف العدو وأسر عدد كبير من الإسرائيليين، واصلت المقاومة- وعلى رأسها "كتائب القسام"- عملياتها من أجل صد العدوان ودحر العدو وتكبيده خسائر باهظة في الأرواح والعتاد والعُدة. ورغم عدم التكافؤ بين جيش إرهابي مُجرم يتلقى الدعم والتسليح من الولايات المتحدة، وبين المقاومة الفلسطينية التي تعتمد على جهودها الذاتية في التسليح بأبسط الإمكانيات والأدوات، وعلى رجالها المُخلصين المستعدين للتضحية بأرواحهم في سبيل تحرير الأرض، إلّا أنَّ المعارك لم تتوقف، والعمليات النوعية مُستمرة، والأرقام والإحصائيات تُبرهن على أنَّ المقاوِم الفلسطيني صامد في الميدان بعد 442 يومًا من العدوان.

وهذا يدفعنا للتساؤل: هل خسرنا المعركة؟ هل المقاومة مُهددة بالاندثار كما يظن البعض؟

نقول للجميع، إنِّه لا ينبغي أن يتسلل اليأس إلى نفوسنا، وأن نظل مُتمسكين بما تحقق من نصر استراتيجي على عدو خسيس جبان، وأن كُل ما استطاع تحقيقه بمشقّة وصعوبة، لا يعدو كونها تحولات تكتيكية لصالحه، لكنها ليست نصرًا ولن تكون، فأيُّ نصر يتحقق دون إنجاز الأهداف المُعلنة؟ وأي انتصار مزعوم يُمكن أن يدعيه العدو بينما لم يتمكن من تحرير أسير واحد حيّاً أو إجبار الشعب الفلسطيني على التهجير من أرضه؟

نعم، المُقاومة خسرت كثيرًا، وهذه طبيعة المعارك التاريخية. نعم المقاومة فقدت كبار قادتها؛ سواءً في جبهة غزة العزة أو لبنان الصمود؛ وعلى رأسهم القائد إسماعيل هنية وصالح العاروري، ويحيى السنوار، وفي لبنان: الشهيد السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله، والقيادي فؤاد شكر (الحاج محسن)، وإبراهيم عقيل، وإبراهيم قبيسي، وعلي كركي (مهندس الاستراتيجية العسكرية لحزب الله)، ونبيل قاووق، وغيرهم الكثير من الشهداء الذين سيُخلِّدهم التاريخ في صفحات البطولة والمُقاومة والشجاعة والعزة.

لذلك لا ينبغي أبدًا لكل مُؤمن بعدالة القضية أن يُعاني اليأس أو الإحباط، فهذا الدمار الهائل وذلك القتل المُمنهج والتصفيات الإجرامية للقادة التاريخيين للمقاومة، ليست سوى "رقصة المذبوح" لعدو تجرّع كؤوس الألم بكل مرارة، ويدعي زورًا وبهتانًا أنَّه انتصر!!

هذه حرب تاريخية بين الحق والباطل، وستظل مُستمرة لسنوات وعقود حتى تحين الضربة القاضية، ولن تحسمها معركة واحدة أو اثنتان؛ إنها حرب بالنقاط، وقد أحرزت المُقاومة الفلسطينية نقاطًا عدة، مكّنتها من تحقيق نتائج مُبهرة لم نكن يومًا نحلم بها؛ فلأول مرة تتوحد ساحات المُقاومة في لحظة تاريخية كُتبت فيها "ملحمة وحدة الساحات"، وانهالت الصواريخ والقذائف على عمق الكيان، من كل حدب وصوب، من غزة ومن لبنان ومن إيران ومن اليمن ومن العراق، وقد تحولت دولة الاحتلال إلى أكبر ملجأ تحت الأرض في العالم، يختبئ فيه في لحظة واحدة نحو 4 ملايين إسرائيلي.

لأوَّل مرة تبدأ الهجرة المُعاكسة؛ حيث فرَّت أعداد كبيرة من الصهاينة إلى خارج حدود دولة الاحتلال، ليعودوا من حيث جاءوا، وليتأكد العالم أجمع أن دولة الاحتلال الصهيوني ليست سوى مقر لمُتشردي العالم وليست ليهود العالم.

لأول مرة يُشاهد العالم أجمع حرب إبادة على الهواء مُباشرة، وعبر شاشات التلفزة ومنصات التواصل الاجتماعي.. ولأول مرة يخرج عشرات الملايين من البشر حول العالم للتنديد بجرائم الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني، وتسقط التهم الزائفة بما يُسمى بـ"معاداة السامية"، ويتكشف للجميع مدى عدوانية وبربرية وهمجية هذا العدو المُجرم.

لأوَّل مرة يُحاكم قادة إسرائيل المُجرمين أمام أكبر محكمتين في العالم: المحكمة الجنائية الدولية (المعروفة باسم محكمة جرائم الحرب)، ومحكمة العدل الدولية، وكلتاهما تحققان في تنفيذ إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاك القانون الدولي الإنساني.

لأول مرة في تاريخ هذا الكيان البغيض، يصدر أمر اعتقال دولي بحق رئيس وزرائه المُجرم عتيد الإجرام بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، ويصبحان منبوذين ومذعورين من الخروج من كيانهما الغاصب، خشية الاعتقال.

لأول مرة تنهار على أيدي المُقاومة، أسطورةُ الردع، وتتحطم مزاعم "الجيش الذي لا يُقهر"، ولم تفلح أي منظومة دفاع جوي في صد صواريخ المقاومة التي كانت- وما زالت- عليهم مثل الطير الأبابيل، فتُشعل النيران فيهم وتُجبرهم على الفرار إلى الملاجئ.

لا يجب أن ييأس أحدُنا لما يُصيب المقاومة من خسائر مؤقتة؛ إذ إنَّ اختلال موازين القوى في هذا العالم يمنح العدو أفضلية نسبية بفضل استحواذه على أحدث التقنيات والأسلحة، لكن أصحاب القضية في المقابل يُسجلون النقاط العظيمة واحدة تلو الأخرى، حتى تتحرر فلسطين الأبيّة.

لن تذهب دماء الشهداء الزكية سُدى، لأننا أمة تؤمن بأن "نصر الله قريب"، ويكفينا عزة وفخرًا أن هذا النصر مقترن بلفظ الجلالة "الله"، ليتأكد لنا حتمية تحقُّقه، خصوصًا وأنه " وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ "، وهذه الآية الكريمة في سورة آل عمران، يجب أن تكون شعارنا دائمًا، وأن نتدبر معانيها في كل مرة نمر عليها، لنتيقن أن النصر آتٍ آتٍ، وما هي إلا مسألة وقت، فهذا وعد الله للمؤمنين، والله لا يُخلف الميعاد.

لقد أثبت الشعب الفلسطيني البطل مدى شجاعته واستبساله واستعداده للفداء والتضحية، ذودًا عن أرضه ووطنه، بينما الصهيوني الجبّان يفر تحت الملاجئ وخارج الحدود، وهنا يكمن الفارق بين صاحب الأرض والمُحتل!

لقد أدرك العالم بأسره، أن إسرائيل كيان غاصب خارج عن القانون الدولي، وقادته مجرمون عُتاة الإجرام ينفذون المذابح واحدة تلو الأخرى بدم بارد، ويواصلون حرب إبادة تستهدف الحرث والنسل.

ولذلك نؤكد أن نهاية إسرائيل قادمة لا محالة، وقريبًا سيزول هذا الورم السرطاني الذي يُعربد في منطقتنا العربية، ويُدنس مقدساتنا الدينية، فالقاتل سيُقتل ولو بعد حين، ويكفي أنَّ أول الذين توقعوا انهيار الكيان وتلاشيه إلى الأبد هم الكُتّاب والمفكرون اليهود، مثل نعوم تشومسكي وألون ميزراحي والمفكر الأمريكي اليهودي جيفري ساكس، وغيرهم كُثُر، لأنه لا يُمكن لدولة توسعية- تمثل آخر بقعة استعمارية في العالم- أن تستمر وسط محيط عربي ومسلم، يناصبها العداء جرّاء كل الجرائم التي ارتكبتها في العديد من الأقطار العربية والإسلامية، أضف إلى ذلك التناحر الداخلي القائم على العنصرية اليهودية (مثل الأشكيناز والسفارديم ويهود الفلاشا) والطائفيّة الدينية (مثل الحاريديم والليبراليين والعلمانيين).

ويبقى القول.. إنَّ "طوفان الأقصى" أسهم في نسف كل وهم ارتبط بالكيان الصهيوني، وأصبح العالم يُدرك تمامًا حجم الظلم والعدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة ودمار شامل، وبات قادة إسرائيل قاب قوسين أو أدنى من السجن، وقد فشلت كل مُخططاتهم لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية.. وعلى الجميع الإيمان بأنَّ المقاومة فكرة ستظل حيَّة في القلوب والعقول، قبل أن تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع، وأنَّ الفكرة لا تموت مطلقًا، وأن النصر آتٍ، "وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ". وقد صدق الله العظيم.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • المطران رحمة ترأس قداسا على نية شهداء الدفاع المدني في دورس
  • وزير العمل يسلم 25 عقدا لذوي همم ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان
  • كم وصلت حصيلة شهداء وجرحى الحرب على قطاع غزة؟
  • الأمل بالله وتأثيره على حياتنا
  • الحرب بالنقاط
  • دهوك يفوز على القاسم بمباراة مؤجلة في دوري النجوم
  • حملة دهم واعتقالات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية طالت 25 فلسطينيًا
  • أهمية تفسير القرآن الكريم في حياتنا اليومية
  • طبيب الأهلي يوضح موقف معلول ومحمد هاني
  • حركة قضائية جديدة لـ 27 قاضيا بالعاصمة والمحافظات .. أسماء