بنوك عالمية ترفض تمويل مشروع غازي لتوتال إنرجي… هل هبت الرياح بما تشتهي سفن الانتقال الطاقي؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
إعداد: عمر التيس تابِع | سفيان أوبان إعلان اقرأ المزيد
يتعلق الأمر بقصة "قنبلة مناخية" لن تنفجر أبدا على ما يبدو. وهو مشروع "بابوا إل إن جي" لمجموعة توتال إنرجي الفرنسية لاستخراج الغاز في بابوا- غينيا الجديدة والذي يمكن أن يتسبب في انبعاث نفس كمية ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث من بنغلاديش.
وكانت الشركة تأمل في أن يدخل المشروع حيز النفاذ في نهاية 2027 أو في 2028.
ولكن منذ بضعة أسابيع سرت شكوك حول إمكانية إتمام المشروع الغازي الضخم. وبعد أن كان مبرمجا في نهاية العام الحالي، تقرر "تأجيل اتخاذ القرار النهائي بشأن المشروع لبضعة أسابيع" بهدف "ضمان التمويل" وفق تأكيد الصحافة في بابوا منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي.
"لا رجوع إلى الوراء"عمليا، وحسب معلومات حصلت عليها "ريكلايم فاينانس" وهي منظمة غير حكومية متخصصة في التمويل المستدام، فإن سبعة بنوك رفضت تمويل المشروع: وهي بنك أوني كريديت الإيطالي وبنكا "كومنولث بنك أوف أستراليا" و "ويستباك" في أستراليا وبنوك "بي إن بي باريبا" و"بي بي سي إي ناتيكسيس" و"سوسيتيه جنرال" و"سي إي إس – كريدي موتويل" الفرنسية.
يضاف إلى هذه البنوك السبعة العملاقة، مصرف "كريدي أغريكول" الفرنسي. ففي 14 كانون الأول/ديسمبر، اتخذ البنك المكنى "بسنابل القمح" مجموعة من الالتزامات تجاه المناخ. ومن بينها، عدم تمويل أي مشروع جديد لاستخراج الطاقة الأحفورية بما فيها الغازية مثل "بابوا إل إن جي".
"ولا رجوع إلى الوراء" وفق تأكيد مصدر من كريدي أغريكول لفرانس24. وأكد المصدر الذي فضل عدم التصريح بهويته بأن "الانتقال (الطاقي) بات ملحا" وتم "التشديد على ذلك خلال نقاشات قمة الأطراف للمناخ كوب 28".
انتكاسة رمزية لتوتال إنرجيهذا الرفض يمثل انتكاسة رمزية لعملاق الطاقة الفرنسي، فإضافة إلى دوره كمستشار مالي لمشروع "بابوا إل إن جي"، يعد مصرف كريدي أغريكول أول ممول لتوتال إنرجي في الفترة الممتدة بين 2016 و2022، وفق تقديرات 25 منظمة غير حكومية.
في 2024، يعد هذا المصرف نفسه أكبر مساهم في عملاق الطاقة الفرنسية، فهو يملك 9,64 % من أسهم المجموعة، وفق آخر تقديرات مجموعة بلومبيرغ التي نشرتها منظمة "ريكلايم فاينانس".
اقرأ أيضاشركة توتال إينيرجي الفرنسية أمام القضاء بتهمة "التقاعس المناخي"
في المقابل، يشدد البنك على أن السؤال المحوري هو ليس في إيقاف استغلال الطاقة الأحفورية بل في كيفية تبديلها. ويقر موظف كبير في البنك بأن " توتال إنرجي هي أكبر مستثمر في الطاقات المتجددة في العالم".
وحسب تحليل أجرته "ريكلايم فاينانس"، فإن حصة الطاقات المتجددة في سلة توتال إينرجي الطاقية ستبقى تحت عتبة 13 % بحلول 2023"، ما يعني أنها تبقى دون عتبة 42,5 % التي حددها في 2023 الاتحاد الأوروبي لذلك التاريخ.
مزيد من الطاقة النظيفة... لكن تمويلات الطاقة الملوثة لم تتراجعتقر أطراف فاعلة في القطاع المصرفي أن الانتقال الطاقي لا يزال بطيئا. لكن بنك كريدي أغريكول يعتبر أن الرهان يتمثل في تشجيع الطاقة النظيفة من خلال الاستثمار "بشكل واسع" في مشاريع الطاقة المتجددة التي بدأ نشاطها فعليا. وفي فرنسا، يفخر البنك بأنه ضاعف ثلاث مرات تمويلاته للطاقات المتجددة بين 2020 و2030. ومن خلال إعطاء "بعد أخضر" لاستثماراته، يسعى البنك الفرنسي إلى مجاراة هذا المنحى المحافظ على البيئة في الاقتصاد العالمي.
في سنة 2017، بلغت تمويلات الطاقة النظيفة مستوى تاريخيا. إذ تجاوزت تمويلات الطاقات المتجددة منذ ذلك العام تلك المخصصة للطاقات الأحفورية وفق تأكيد نيكولاس بيرغمانس، الباحث في السياسات المناخية والطاقية في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية "إيدري".
وفي الوقت الحاضر، تمثل قيمة التمويلات "النظيفة" نحو ضعف تلك المخصصة للطاقات الأحفورية، وفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة. ما يعني أن الأمور تسير في "اتجاه إيجابي" حسب رأي بيرغمانس.
على الرغم من ذلك، فإن هذا المنحى الإيجابي يبقى دون الأهداف المحددة في اتفاقات باريس سنة 2015. وبحلول 2030، فإن وقف ظاهرة الاحترار المناخي عند حد درجتين مئويتين زائدتين يتطلب استثمارات سنوية أكبر بست إلى سبع مرات مما هي عليه التمويلات المناخية في الوقت الحاضر، وفق تأكيد الباحثين في "كلايمت بوليسي إينيشاتيف".
زد على ذلك أنه في عالم يستهلك طاقة أكثر، فإن الطاقة المتجددة لا تعوض الطاقات الملوثة بل تضاف إليها. "هناك عمليات تمويل متزامنة للقطاعين النظيف والملوث، وما يثير القلق هو أن المبالغ المخصصة للطاقات الأحفورية لم تزد، لكنها توقفت عن التراجع خلال الأعوام القليلة الماضية" وفق تحليل نيكولاس بيرغمانس.
بين كانون الثاني/يناير 2016 وحزيران/يونيو 2023، تم منح قروض بقيمة 1011 مليار يورو لتوسيع الأنشطة الأحفورية في العالم، حسب تحقيق نشرته عشر وسائل إعلام أوروبية في أيلول/سبتمبر 2023". وحسب تنسيقية الصحافيين نفسها، فإن بنوكا فرنسية مثل "كريدي أغريكول" و"بي إن بي باريبا" أو "سوسيتيه جنرال" ساهمت بأكثر من نصف هذه التمويلات.
في المقابل، فإن "إدارة الظهر للطاقات الأحفورية ليس قرارا حكيما" وفق فيليب براساك، المدير العام لمصرف كريدي أغريكول في تصريح لصحيفة "ليزيكو" الفرنسية إذ أضاف "سيتسبب ذلك في أن تصبح كلفة الطاقة عالية جدا".
وانفجار أسعار الطاقة -المحرك الأساسي لأي نشاط صناعي- سيتسبب في اهتزاز اقتصادات العالم، خصوصا في البلدان النامية.
إلا أن أنطوان لوران المكلف بالدعاوى في "ريكلايم فاينانس" يرى في ذلك "حجة ركيكة" ويقول "لا أحد يريد تخلصا فوريا من الطاقات الأحفورية. فالأمر لا يتعلق بتخلينا عنها أم لا، بل بأي نسق سنقلص من اعتمادنا عليها. وهذه نقطة خلافنا مع الفاعلين في القطاع المصرفي".
تمويلات الطاقة الملوثة بمواجهة قوانين الطبيعةيرى الأستاذ الجامعي الفرنسي في المالية ديجان غرلافاس أن الخطر المناخي ليس مجرد "أسطورة" مضيفا بأن "عدم التحرك من أجل المناخ" يضر بالقطاع البنكي.
وبعد إفلاسها جراء الحرائق التي ضربت كاليفورنيا في نهاية 2018، فإن شركة الكهرباء الأمريكية "باسيفيك غاز أند إلكتريك" تعد من أول ضحايا التغيرات المناخية. ولم تكن هناك من حيلة أمام المستثمرين في أسهمها لمنع تدهور قيمتها بشكل بالغ.
ومثل هذه الحالات كثيرة وفق أنطوان لوران الذي يضيف "ما رأي كريدي أغريكول بشأن عشرات الملايين من اليوروهات التي خسرها قسم التأمين في البنك بسبب الكوارث الطبيعية في 2023"؛ إذ كلفت فيضانات با-دو-كاليه شمال فرنسا وحدها البنك أكثر من 262 مليون يورو.
إلى جانب الخسارة المادية، نضيف تدهور سمعة البنوك التي تمول "الطاقات الملوثة"، إذ يؤكد أنطوان لوران أن الحصيلة البيئية للبنوك تؤثر اليوم في خيارات الفئات الشابة بالخصوص في عملية انتقاء مصرف تتعامل معه.
المقال الأصلي بالفرنسية سفيان أوبان نقله إلى العربية بتصرف عمر التيس
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا الانتخابات الرئاسية الأمريكية ريبورتاج توتال إنرجي الفرنسية بابوا غينيا الجديدة كوب 28 طاقة غاز شركة توتال نفط طاقة بديلة التغير المناخي غزة الحرب بين حماس وإسرائيل فرنسا حصار غزة تونس الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا توتال إنرجی
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة ترفض المشاركة في رعاية مشروع قرار في الأمم المتحدة لدعم أوكرانيا قبل الذكرى السنوية للحرب
فبراير 21, 2025آخر تحديث: فبراير 21, 2025
المستقلة/- قالت ثلاثة مصادر دبلوماسية لرويترز إن الولايات المتحدة ترفض المشاركة في رعاية مشروع قرار للأمم المتحدة بمناسبة مرور ثلاث سنوات على غزو موسكو لأوكرانيا والذي يدعم سلامة أراضي أوكرانيا ويطالب روسيا مرة أخرى بسحب قواتها، في تحول صارخ محتمل من جانب أقوى حليف غربي لأوكرانيا.
وقال مصدران آخران لرويترز إن واشنطن اعترضت أيضا على عبارة في بيان كانت مجموعة الدول السبع تخطط لإصداره الأسبوع المقبل من شأنها أن تدين العدوان الروسي.
يأتي رفض الولايات المتحدة الموافقة على اللغة التي تستخدمها الأمم المتحدة ومجموعة الدول السبع بانتظام منذ فبراير 2022 وسط خلاف متزايد بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
يحاول ترامب إنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة وأرسل فريقًا لإجراء محادثات مع روسيا هذا الأسبوع في المملكة العربية السعودية دون مشاركة كييف.
استخدم حلفاء أوكرانيا الذكرى السنوية السابقة للحرب في 24 فبراير لتكرار إدانتهم للغزو الروسي ولكن هذا العام ليس من الواضح كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع الأمر.
وفي الأمم المتحدة، يمكن للدول أن تقرر المشاركة في رعاية القرار حتى التصويت عليه. وقال دبلوماسيون إن الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً من المقرر أن تصوت يوم الاثنين. وقرارات الجمعية العامة ليست ملزمة لكنها تحمل ثقل سياسي، وتعكس وجهة نظر عالمية بشأن الحرب.
وقال أحد المصادر، الذي طلب مثل الآخرين عدم الكشف عن هويته لمناقشة أمور حساسة، يوم الخميس: “في السنوات السابقة، شاركت الولايات المتحدة باستمرار في رعاية مثل هذه القرارات لدعم السلام العادل في أوكرانيا”.
وقال المصدر الدبلوماسي الأول لرويترز إن القرار ترعاه أكثر من 50 دولة، رافضًا تحديد هوياتها.
وقال مصدر دبلوماسي ثان طلب عدم الكشف عن هويته: “في الوقت الحالي، فإن الوضع هو أنهم (الولايات المتحدة) لن يوقعوا عليه”. وأضاف المصدر أن الجهود جارية لطلب الدعم من دول أخرى بدلا من ذلك، بما في ذلك الجنوب العالمي.
وتخطط مجموعة السبع لعقد مكالمة هاتفية يوم الاثنين، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر لرويترز، لكن الولايات المتحدة تعترض حتى الآن على اللغة المستخدمة في الحديث عن “العدوان الروسي”. ولم يتضمن بيان صادر عن وزراء خارجية مجموعة السبع الأسبوع الماضي أي ذكر للعدوان الروسي لكنه أشار إلى “الحرب المدمرة التي تشنها روسيا في أوكرانيا”.
ويشكل الخلاف أزمة سياسية كبرى بالنسبة لأوكرانيا، التي استخدمت عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات العسكرية الأميركية المتفق عليها في عهد الإدارة الأميركية السابقة لمقاومة الغزو الروسي واستفادت أيضا من الدعم الدبلوماسي.
ويدعو مشروع القرار الذي اطلعت عليه رويترز إلى “خفض التصعيد ووقف الأعمال العدائية في وقت مبكر وإيجاد حل سلمي للحرب ضد أوكرانيا… بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”. كما “يذكر القرار بضرورة التنفيذ الكامل لقراراته ذات الصلة التي اتخذت ردا على العدوان على أوكرانيا، وخاصة مطالبتها بسحب الاتحاد الروسي على الفور وبشكل كامل ودون شروط جميع قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دوليا”.
استولت روسيا على نحو 20% من أراضي أوكرانيا، وهي تكتسب ببطء ولكن بثبات المزيد من الأراضي في الشرق. وقالت موسكو إن “عمليتها العسكرية الخاصة” جاءت رداً على التهديد الوجودي الذي تشكله مساعي كييف للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي. وتصف أوكرانيا والغرب تحرك روسيا بأنه استيلاء إمبريالي على الأراضي.