سواليف:
2025-04-29@19:52:45 GMT

من كل بستان زهرة (62)

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

من كل #بستان #زهرة (62)

#ماجد_دودين

(اللهم: إني أبرأ إليك من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التسليم إلا لك، ومن التفويض إلا إليك، ومن التوكيل إلا عليك، ومن الطلب إلا منك، ومن الرضا إلا عنك، ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الصبر إلا على بابك، وأسألك أن تجعل الإخلاص قرين عقيدتي، والشكر على نعمتك شعاري ودثاري، والنظرَ في ملكوتك دأبي ودَيْدَني، والانقياد لك شأني وشغلي، والخوف منك أمني وإيماني، واللياذ بذكرك بهجتي وسروري.

اللهم: تتابع بِرك، واتصل خيرك، وعظم رِفدك، وتناهى إحسانك، وصدق وعدك، وبَرّ قسمك، وعمَّت فواضلك، وتمَّت نوافلك، ولم تسبق حاجة إلا قد قضيتها وتكفلت بقضائها، فاختم ذلك كله بالرضا والمغفرة، إنك أهل ذلك، والقادر عليه…)

مقالات ذات صلة غير الثرثرة لا شيء  نرى 2024/02/26

*************

(سبحان الذي في السماء عرشه، سبحان الذي في الأرض حكمه، سبحان الذي في القبر قضاؤه، سبحان الذي في البحر سبيله، سبحان الذي في النار سلطانه، سبحان الذي في الجنة رحمته، سبحان الذي في القيامة عدله. سبحان الذي رفع السماء، سبحان من بسط الأرض، سبحان الذي لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه)

************

العلامات الكبرى ليوم القيامة

عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ منه، فَاطَّلَعَ إلَيْنَا، فَقالَ: ما تَذْكُرُونَ؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ، قالَ: إنَّ السَّاعَةَ لا تَكُونُ حتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِن قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ. قالَ شُعْبَةُ: وَحدَّثَني عبدُ العَزِيزِ بنُ رُفَيْعٍ، عن أَبِي الطُّفَيْلِ، عن أَبِي سَرِيحَةَ، مِثْلَ ذلكَ، لا يَذْكُرُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وقالَ أَحَدُهُما في العَاشِرَةِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وقالَ الآخَرُ: وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ في البَحْرِ. وفي روايةٍ: كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غُرْفَةٍ، وَنَحْنُ تَحْتَهَا نَتَحَدَّثُ، وَسَاقَ الحَدِيثَ بمِثْلِهِ. قالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قالَ: تَنْزِلُ معهُمْ إذَا نَزَلُوا، وَتَقِيلُ معهُمْ حَيْثُ قالوا. صحيح مسلم

************

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان إذا أُنزِلَ على رسولِ اللهِ الوحْيُ نَسمعُ عندَ وَجهِهِ كدَوِيِّ النَّحلِ، فسَكتْنا ساعةً، فاستقْبَلَ القِبلةَ، ورَفَعَ يدَيْهِ، فقالَ: اللَّهُمَّ زِدْنا ولا تَنقُصْنا، وأَكرِمْنا ولا تُهِنَّا، وأَعطِنا ولا تَحرِمْنا، وآثِرْنا، ولا تُؤثِرْ علينا، وارضَ عنَّا وأَرْضِنا. ثُمَّ قالَ: لقد أُنزِلَ عَلَيَّ عشْرُ آياتٍ، مَنْ أَقامَهُنَّ؛ دَخَلَ الجنَّةَ. ثُمَّ قَرأَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}.

************

أحب الكلام إلى الله: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب الكلام إلى الله تعالى أربع، لا يضرك بأيّهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر”([رواه مسلم).

قال الإمام المناوي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (أحب الكلام إلى الله تعالى) أي المتضمن للأذكار والأدعية (أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) لتضمنها تنزيهه تعالى عن كل ما يستحيل عليه… ووصفه بكل ما يجب له من أوصاف كما له… وانفراده بوحدانيته واختصاصه بعظمته …وقدمه المفهومين من أكبريته ولتفصيل هذه الجملة علم آخر (لا يضرك) أيها المتكلم بهن في حيازة ثوابهن (بأيهن بدأت) فلا ينقص ثوابها بتقديم بعضها على بعض لاستقلال كل واحد من الجمل لكن الأفضل ترتيبها هكذا.

***********

العقل كالحقل، وكل فكرة نفكّر فيها لفترة طويلة هي بمثابة عمليّة ريْ، ولن نحصد سوى ما نزرع من أفكار، سلبية أم إيجابية.

***********

خير للإنسان أن يكون كالسلحفاة في الطريق الصحيح منْ أن يكون غزالاً في الطريق الخطأ.

***********

يجب على الإنسان كيْ ينجح أنْ يتجنّب الأشخاص السلبيين والمتذمرين والمملين والمتشائمين والحاسدين.. لأنّ ما يقولوه عنّا إذا تجنّبناهم يعتبر أقل ضرراً مما يمكن أن يسببوه لنا لو لم نتجنبهم.. الملل والتذمر والتشاؤم أمراض معدية أكثر من الكوليرا والكورونا. لذا تجنبهم دائماً.

***********

إن التنافس مع الذات هو أفضل تنافس في العالم، وكلما تنافس الإنسان مع نفسه كلما تطوّر، بحيث لا يكون اليوم كما كان بالأمس، ولا يكون غداً كما هو اليوم.

***********

المعرفة وحدها لم تعد قوّة في عصر السرعة والإنترنت والكمبيوتر والذكاء الاصطناعي، إنما تطبيق المعرفة هو القوة.

***********

هناك طريقتان ليكون لديك أعلى مبنى.. إما أنْ تدمّر كل المباني من حولك، أو أن تبني أعلى من غيرك.. اختر دائماً أن تبني أعلى من غيرك.

***********

إن الأمس هو شيك قد تمّ سحبه، والغد هو شيك مؤجل، أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوفرة، لذا فإنه علينا أن نصرفه بحكمة.

***********

من أنواع العيون:

العيون الطيبة: هي أجمل العيون وأكثرها راحة، تنطق بالصفاء والنقاء والوفاء، وتدل على طيبة قلب صاحبها وثقته وحسن ظنه ونقاء سريرته، وصاحبها يتعب في حياته لأنه يثق في كل الناس، وهو عاقل ينشد المثالية ويحب الهدوء والسلام. العيون الضاحكة: هي الصافية المبتسمة كأنها عيون طفل، تتسم بالبريق وتدل على نقاء النفس والمحبة والقبول صاحبها قليل الهم سعيد الحال مرهف الحس محبوب من الكل. العيون البريئة: فيها ثبات مع صفاء الحدقة وابتسامة المنظر مع البراءة المتمثلة في الشكل العام وتشعر بمحبة صاحبها والاطمئنان إليه، وتدل على طيبة قلبه. العيون الحنونة: كأنها عين أم حنون على طفلها، فيها مسحة الشفقة والرحمة ورقة الإحساس، وفيها شفافية وتدل على الصدق والإخلاص والحب الصافي، وعلى الحرص والإيثار والتضحية، تطمئن القلب وتفرح النفس وتزرع الثقة.

***********

ينسى الناس السرعة التي أنجزت بها عملك، ولكنهم يتذكرون نوعيّة ما أنجزته.

***********

حتى تكون أسعد الناس:

الإيمان يذهب الهموم، ويزيل الغموم، وهو قرة عين الموحدين وسلوة العابدين. ما مضى فات وما ذهب مات فلا تفكر فيما مضى فقد ذهب وانقضى. ارضَ بالقضاء المحتوم والرزق المقسوم، كل شيء بقدر فدع الضجر. ألا بذكر الله تطمئن القلوب وتحط الذنوب وبه يرضى علام الغيوب وتفرج الكروب. إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وعش في حدود يومك واجمع همك لإصلاح يومك. اترك المستقبل حتى يأتي ولا تهتم بالغد لأنك إذا أصلحت يومك صلح غدك. طهر قلبك من الحسد ونقّه من الحقد وأخرج منه البغضاء وأزل منه الشحناء. اعتزل الناس إلا من خيٍر وكن جليس بيتك وأقبل على شأنك وقلل من المخالطة. أكثر الاستغفار فمعه الرزق والفرج والذرية والعلم النافع والتيسير وحط الخطايا. اعلم أن مع العسر يسرا وأن الفرج مع الكرب وأنه لا يدوم الحال وأن الأيام دُوَل. تفاءل ولا تقنط ولا تيأس وأحسن الظن بربك وانتظر منه كل خير وجميل. افرح باختيار الله فإنك لا تدري بالمصلحة فقد تكون الشدة لك خير من الرخاء. كل ما أصابك فأجره على الله من الهم والغم والحزن والجوع والفقر والمرض والدَين والمصائب.

***********

قال أحد الحكماء: (في الصمت سبعة آلاف خير، وقد اجتمعت في سبع كلمات في كل كلمة ألف. أولها: الصمت عبادة من غير عناء. والثانية زينة من غير حلي. والثالثة هيبة من غير سلطان. والرابعة: حصن من غير حائط. والخامسة الاستغناء عن الاعتذار إلى أحد. والسادسة راحة الكرام الكاتبين. والسابعة: ستر لعيوبه).

وقال حكيم: الكلام المنطوق به في أوانه تفاح من ذهب في سلال من فضة.

وقال: كثرة الكلام لا تخلو من زلة، ومن ضبط شفتيه فهو عاقل ومن فتقهما فحظه الدمار. وقال آخر لابنه: يا بني تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الحديث، وليعلم الناس أنك أحرص على أن تسمع من أن تقول.

***********

إن عقيدة القدر التي جاء بها الإسلام مبرأة من التخاذل والكسل والخمول الذي أصاب قطاعاً كبيراً من الأمة الإسلامية عبر العصور باسم الإيمان بالقدر، والمسؤول عن ذلك هو انحراف المسلمين في باب القدر حيث لم يفقهوه على وجهه. ومن تأمل في عقيدة القدر التي جاء بها الإسلام وجد لها ثماراً كبيرة طيبة، كانت ولا زالت سبباً في صلاح الفرد والأمة.

فالمؤمنون مأمورون بالأخذ بالأسباب مع التوكل على الله تعالى، والإيمان بأن الأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله، لأن الله هو الذي خلق الأسباب، وهو الذي خلق النتائج، ويحرم على المسلم ترك الأخذ بالأسباب، ولو ترك إنسان السعي في طلب الرزق كان آثماً مع أن الأرزاق بيد الله تعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل: أرأيت رقى نسترقي بها، وتقى نتقي بها، وأدوية نتداوى بها هل ترد من قدر الله شيئاً؟ قال: ((هي من قدر الله)) (رواه الترمذي) فالالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب المأمور بها قدح في الشرع، فعلى العبد أن يكن قلبه معتمداً على الله لا على سبب من الأسباب، والله ييسر له من الأسباب ما يصلحه في الدنيا والآخرة، فإن كانت الأسباب مقدورة له وهو مأمور بها فعلها مع التوكل على الله كما يؤدي الفرائض، وكما يجاهد العدو، ويحمل السلاح، ويلبس جنة الحرب، ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكله بدون أن يفعل ما أمر به الجهاد.

************

نحن اليوم في زمن تكاثرت فيه الفتن … وتنوعت المحن …

وقل الأصدقاء … وتلون الأعداء …

فمنهم عدو كاشح في عدائه * * ومنهم عدو في ثياب الأصادق

ومنهم قريب أعظم الخطب قربه * * له فيكم فعل العدو المفارق

فأكثر المسلمين اليوم حائرون في الملذات … غرقى في الشهوات …يبحثون عن حياض النجاة … عن خشبة يتعلقون بها … أو سفينة يأوون إليها …

فمن كان عنده فضل مال فليجد به على من لا مال له …ومن كان عنده فضل طعام فليجد به على من لا طعام له …ومن كان عنده فضل علم فليجد به على من لا علم له …

ومن كان عنده خوف ووجل … من العظيم الأجلّ … فليجد به على الغافلين … المعرضين اللاهين … وأنت لا تدري … ما هو الباب الذي تدخل منه إلى الجنة … فابذل ولا يخذلك الشيطان.

***************

ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه … غلام صغير من الأصحاب … لكن همته كانت فوق السحاب …

فكان يأتي إلى النبي عليه السلام … وهو غلام … فيقرب له وَضوءه وحاجته … فأراد النبي عليه السلام أن يكافئه يوماً …

فقال له: سلني يا ربيعة …

فسكت ربيعة قليلاً … ثم قال: أسألك مرافقتك في الجنة …

فقال صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك؟

قال: هو ذاك … فقال عليه السلام: فأعنّي على نفسك بكثرة السجود) …رواه مسلم …

فكان ربيعة على صغر سنه لا يرى إلا مصلياً أو ساجداً … لم يفوت من عمره ساعة … ولم يفقد في صلاة جماعة …

******************

قال بعض الشعراء:

يعد رفيع القوم من كان عاقلا …….. وإن لم يكن في قومه بحسيب

وإن حل أرضا عاش فيها بعقله …….. وما عاقلٌ في بلدةٍ بغريـــب

وقال بعض الحكماء: إذا غلب العقل الهوى، صرف المساوئ إلى المحاسن، فجعل البلادة حلما، والحدة ذكاءً، والمكر فطنةً، والهذر بلاغةً، والعي صمتاً، والعقوبة أدبا، والجبن حذرا، والإسراف جودا.

وقيل: لو صور العقل، لأضاء معه الليل، ولو صور الجهل، لأظلم معه النهار، قال المتنبي:

لولا العقول لكان أدنى ضيغمٍ …….. أدنى إلى شرفٍ من الإنسان

******************

تعلق رجل بأحد العارفين وقال له: عظني بموعظة أحفظها عنك، فبكى ثم قال اعلم يا أخي أن اختلاف الليل والنهار وممرهما يسرعان في هدم بدنك وفناء عمرك وانقضاء أجلك.. فينبغي لك يا أخي أنْ لا تطمئن حتى تعلم أين مستقرك ومصيرك وساخط ربك عليك بمعصيتك وغفلتك أو راض عنك بفضله ورحمته… ابن آدم الضعيف، نطفة بالأمس وجيفة غدا فإن كنت لا ترضى بهذا فسترد وتعلم وتندم في وقت لا ينفعك الندم.

******************

(يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين. يا من ليس معه ربٌّ يُدعى، ويا من ليس فوقه خالق يُخشى، ويا من ليس له وزير يُؤتى، ولا حاجب يُرشَ. يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا جوداً وكرماً، وعلى كثرة الحوائج إلا تفضيلاً وإحساناً… يا من لا يشغله شأن عن شأن، ولا سمع عن سمع، ولا تشتبه عليه الأصوات، يا من لا تُغلِّطه المسائل ولا تختلف عليه اللغات. يا من لا يُبْرمه إلحاحُ الملحين، ولا تضجره مسألة السائلين، أذقنا بَرْدَ عفوك وحلاوة مناجاتك).

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: بستان زهرة صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه الله تعالى علیه و س ل کان عنده على الله وتدل على ه علیه من کان على من من غیر

إقرأ أيضاً:

قصة المحكي الشعبي: خاطف خضر عليه السلام

 

 

د. مريم بنت حميد الغافرية **

ارتبطت شخصية "الخضر" بالعِلم الإلهي والكرامات، ويظهر الخضر في سورة الكهف مع النبي موسى عليه السلام كرمز للعلم اللدُنِّي (العلم الغيبي)، الذي لا يُدرَك بالعقل البشري، وهذا ما أعطى له بُعدًا روحيًّا قويًّا وجعل الناس يربطونه بالأسرار الإلهية والكرامات.

ظهرت شخصية الخضر لأول مرة في قصص القرآن الكريم، في سورة الكهف، التي حكت قصته من الآية (60- 82)، يظهر الخضر معلمًا للنبي موسى عليه السلام، وهو يحمل علمًا لدُنيًّا لا يعرفه الأنبياء إلا -بإذن الله تعالى- ومن خلال أفعاله الغريبة:

(خرق السفينة، قتل الغلام، وإقامة الجدار) يتضح أنه يفعل أشياء ظاهرها شر وباطنها خير.

هذا التقديم القرآني الفريد لأحداث اللقاء وسرد الحوار القصصي؛ أعطى شخصية الخضر ميزات أسطورية، منها:

العلم اللدُنِّي الحكمة العميقة القدرة على خرق قوانين الظاهر الارتباط بالكرامات

بعد انتشار الإسلام والظهور القرآني؛ تلقفت الحكاية الشعبية شخصية الخضر ووظفتها بأساليب فنية وثقافية، فصار رمزًا روحيًّا في القصص الشعبية، بل إن ذكره عند العوام أصبح يتكرر في معرض المحكي الشعبي اليومي، صار الخضر يمثل رمزيات متعددة وأصبح:

رمزًا للحكمة الخارقة (العلم اللدُنِّي)، في القصص كثيرًا ما يظهر؛ ليقدم حلا لمشكلة تبدو مستحيلة، لكنه يفعلها بطريقة لا تخطر على بال بشر. رمزًا للمُنقِذ الغيبي؛ فيستحضر الحكواتي أو السارد الخضر في لحظة الأزمات (في البحر، في الصحاري، في المرض، في الحروب...) وبعضهم في الدعاء الصوفي: "يا خضر أدركني"... رمزًا للتجوال الأبدي؛ ففي بعض الحكايات الشعبية تصور الخضر على أنه لم يمتْ، وما زال يجوب الأرض. رمزًا للارتباط بالماء والخضر؛ فكلمة الخضر ارتبطت بالخصب والبركة.

وقد وُظفت رمزيته في الحكايات الشعبية بصور مختلفة، منها:

يعد الخضر "شيخ الأولياء" في الحكايات الصوفية، يظهر لمن بلغ مقامًا روحيًّا معيَّنًا. يظهر في حكايات النساء؛ يُروى أنه يساعد امرأة في ورطة أو يظهر لها كرامة. يظهر في القصص الريفية؛ فيأتي في صورة رجل مسافر بسيط لا يُعرف إلاّ بعد رحيله. وقد تعددت رموز شخصي الخضر في الأدب الشعبي؛ فرمز إلى المرشد الروحي، البركة، الحضور في الكرامات وبقوة، ورمز التصوف، والحكمة اللدنية.  شخصية الخضر في الأدب الصوفي.

وكان للصوفية دور مهم في نشر رمزية الخضر كـ"الهادي الغيبي" أو "الرفيق الروحي" وهو ما انعكس في القصص الشعبية بقوة. إن غموضه جعله أرضًا خصبة للأساطير والحكايات، كل بيئة تضيف له صبغتها؛ ففي المشرق يظهر في صور الأولياء والصالحين وأصحاب الكرامات؛ أما في المغرب العربي؛ فله مكانة خاصة كجامٍ للعيون والينابيع.

شخصية الخضر في الحكايات الشعبية العُمانية

تجلت صورة الخضر في الحكايات الشعبية العمانية، كفاتحة للحديث عن الأشياء العظيمة، وكثيرًا ما تنتهي في معرض التأمين بعد الدعاء أو أثنائه عند الحكواتيين أو كبار السن، ففي حكايات عمان الداخل وجبال الحجر الغربي والشرقي وبعض قرى الساحل، يذكرون الخضر في حديثهم المحكي بالعامية "خاطف خضر عليه السلام" أثناء سرد الحكاية أو قبل الختام وتأتي في جملة التأمين على الدعاء" يا خاطف خضر عليه السلام".

إن أغلب السرد المسموع عن الحكواتي والراوي يتضمن هاتين العبارتين:

" خاطف خضر عليه السلام"، "يا خاطف خضر عليه السلام"، والحكايات الشعبية تظهر الخضر صاحب كرامة وأنه من أولياء الصالحين، وغالبًا ما يكون الخضر هو البطل المنقذ في الأزمات.

وتتجلى كرامات الخضر في حكاية سالمة أخت الحطَّاب؛ إذ تقول الحكاية:

كان هناك ولدٌ شاب وأخته اسمها سالمة، يعيشان بحب وسعادة وتعاون. الأخ يعملُ حطابًا، وأخته سالمة تطبخ الطعام وتخبز على الرحى.

مرت الأيام وكبُر الأخوان...فكرت سالمة في البحث عن زوجة مناسبة لأخيها الحطاب، وبعد بحث طويل؛ وجدت زوجة لأخيها... عاش الثلاثة معًا. مرت الأيام وبدأت الزوجة تغار من سالمة وفكرت في طريقة للتخلص منها بعد أن كبرت ابنتها وأصبحت تساعدها في شؤون البيت. أصبح وجود سالمة مزعجًا بالنسبة لها.

بدأت تخطط وقالت لزوجها: ما رأيك أن تأخذ أختك سالمة؛ لتحتطب معك وتبقى إلا الليل ثم تتركها لتعيش حياتها، ونحن نعيش حياتنا... فكر الحطاب كثيرا ثم قال لزوجته: أخشى على أختي من الجوارح والسباع. قالت الزوجة: إن أختك نجيبة وتحسن التطرف.

اصطحب الحطاب أخته، التي كانت سعيدة بمرافقته. طال النهار وحضر موعد الغداء وتغديا سويا ومرت سويعات النهار، وجن الليل وأخبر سالمة أنهما سيبيتان في ذلك المكان. مرت ساعات الليل الأولى وتأكد أن أخته نامت؛ تركها مسرعا للبيت وأخبر زوجته بالتفاصيل؛ فهونت عليه.

أشرقت الشمس لتجد سالمة نفسها في الصحراء، فكرت بعد حزن وبكاء أن ترسم ما تتخيله في ذهنها من أشجار وأنهار وقصور وبدأت ترسم على الأرض؛ مر عليها الخضر وسألها عن الماء فأعطته مما تبقى عندها، وسألها عن الطعام فأعطته ما بقي من طعام. شكرها ثم مسح بيديه على تلك الرسومات وتحولت الأرض إلى غابة من الأشجار المثمرة والأنهار والقصور الجميلة؛ لتعيش سالمة بنعمة ونعيم.

مرت الأيام وبعد مدة حن الحطاب لمعرفة مصير أخته وما حل بها، وفعلاً ذهب للمكان الذي تركها فيه، لكنه تفاجأ بتلك الجنة الدنيوية ووجد أخته كالأميرة، وطلب منها السماح؛ فسامحته، وأعطته من خيرات الثمار ما لذ وطاب.

ذهب وحكى القصة للزوجة الظلوم، وأصرت عليه أن يفعل مع ابنته كما فعل مع أخته. نفذ الخطة نفسها، لكن ابنته كانت سيئة الطباع، صعبة المزاج... حين استيقظت، بدأت تنادي أباها ولا مجيب، وأخذت بعد تعب طويل ترسم السباع والضباع، ومر عليها الخضر عليه السلام، سألها: ماذا تفعل؟ صرخت عليه! ما شأنك أنت، دعني في حالي. قال لها: عابر سبيل يطلب الماء والطعام. نهرته وامتنعت عن إعطائه شيئًا مما تملك من الطعام الوفير الذي أعدته أمها. مسح الخضر عليه السلام بيديه على تلك الرسومات وتحولت إلى سباع حقيقية، افترست تلك الفتاة، سليطة اللسان.

مر يومان وقررت الزوجة الذهاب لزيارة ابنتها؛ لترَ الجنة التي رزقت بها ابنتها. تفاجأت ببقايا قماش كانت ترتديه الابنة عندما تركت أمها وأن السباع تنتظرها في المكان، التهمت الأم الظالمة وبقي الحطاب وأخته سالمة.

ظهرت شخصية الخضر صاحب الكرامة، الذي أنقذ سالمة وأهلك زوجة الأخ وابنتها، كما ظهرت شخصية الخضر كعابر سبيل اختبر كرم وبخل المرأتين؛ فكان الجزاء من جنس العمل، وكما زرعت الزوجة الظالمة؛ حصدت.

وتستأنس الجدات عند الحكاية بقولهن: "خاطف خضر عليه السلام" أو أثناء الحديث عن هول أو دعاء يعقبه قول: "يا خاطف خضر عليه السلام"، وهذا التكرار والاستحضار يدل على أثر المعتقد الديني في التراث الشعبي الحكائي العُماني، وتنبثق قصة هذا المحكي من وجود بعد ديني روحي في الحكايات الشعبية العمانية وأن وظيفة الحكاية الشعبية تؤدي دورًا في التربية والتوجيه قديمًا وحديثًا.

** باحثة وكاتبة في الدراسات الأدبية والنقدية

مقالات مشابهة

  • أطلق النار عليه وأصابه في قدمه
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية
  • شاب ينجو بأعجوبة من الموت بعد سقوط رافعة ضخمة عليه .. فيديو
  • قصة المحكي الشعبي: خاطف خضر عليه السلام
  • أمير مكة: الدعم السخي الذي يلقاه القطاع غير الربحي من القيادة يؤكد حرصها على تلمّس حاجات المواطن وتوفير متطلباته
  • من كلّ بستان زهرة – 98-
  • دعاء الذي يقال عند بلوغ سن الاربعين
  • دعاء زوال الفقر وقلة الرزق.. احفظه وداوم عليه يوميا
  • الموارد المائية بحماة تبدأ استثمار حصادة متطورة لمكافحة “زهرة النيل” في سد محردة
  • الصرخةُ.. سلاحُ الوعيِ الذي أرعبَ الأساطيلَ