عمير العشيت *

alashity4849@gmail.com

تتَّجه وزارة الصحة بخطوات حثيثة نحو تنفيذ سياسة التعمين التخصصي في المجالات الطبية؛ من خلال تدشين المجلس العماني للاختصاصات الطبية، الذي أنشئ بموجب القرار الوزاري رقم 13/2023 المعتمد من قبل مجلس اعتماد التعليم الطبي العالي، والذي من شأنه تدريب أطباء حاصلين على شهادات البكاريوس في الطب والجراحة، وحصولهم على شهادات الاختصاص؛ وذلك على نفقة المجلس بعد موافقة وزارة المالية.

وقد تمخَّض عن هذا المجلس تخريج العديد من الكوادر الطبية المطلوبة في المؤسسات الصحية، وبهذا التوجه تكون الوزارة قد تقدمَّت خطوة مهمة في تحقيق أحد أهداف رؤية "عمان 2040"؛ فتأسيس المجلس يعتبر في غاية الأهمية؛ كون الوزارة تضم أكبر هيكل إداري في الحكومة، وأيضا يتوافق مع متطلبات سوق العمل والمؤسسات الصحية في القطاعين العام والخاص التي تعاني من نقص شديد في الأطباء العمانيين، لا سيما في مجال الطب التخصصي وطواقم التمريض. وفي المقابل، نجد أنَّ مؤشر الطلب على الأطباء الأجانب لا يزال مرتفعا نظرا لحاجة المنشآت الصحية لهم؛ إذ تُبيِّن النشرة الإحصائية الشهرية لمركز الإحصاء والمعلومات حتى شهر أبريل 2023 أن العمالة الأجنبية التي تعمل في أنشطة صحة الإنسان والخدمة الاجتماعية بلغ عددهم 13,345 ألفا، كما تَبيَّن إحصائيًّا وفق مؤشرات 2019 أنَّ عدد الأطباء بلغ 9602 طبيب؛ منهم: 215 طبيبا عمانيا، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بعدد الأطباء الأجانب.

إنَّ المؤسسات الصحية في السلطنة التي بلغ عددها في إحصائية 2019: 83 مستشفى؛ منها 50 مستشفى تابعًا لوزارة الصحة، وكذلك مؤسسات الرعاية الصحية الأولية التي بلغ عددها 242 مركزاً صحياً، فضلا عن مؤسسات القطاع الصحي الخاص، مازالت تواجه جميعها العديد من التحديات منها: عدم توافر الكوادر الطبية العمانية المتكاملة في المستشفيات والمراكز والعيادات؛ سواء في القطاع العام أو الخاص، وصعوبة تشخيص الحالات المرضية التي يفتقر إليها بعض الأطباء الأجانب الذين يصعب عليهم علاج بعض الحالات المرضية المستعصية والخطيرة. ونتيجة لذلك؛ تلجأ الوزارة لإرسال المرضى للعلاج في الخارج كحلول بديلة، مع تزايد تكاليف ميزانية الدولة. كما أن المؤشرات في وزارة الصحة تبين أن أكثر من 1000 حالة يتم إرسالها للعلاج بالخارج سنويا على نفقة الوزارة، مضافا إليها الأعداد الكبيرة الأخرى الذين يفضلون العلاج في الخارج على حسابهم الخاص دون استشارة وزارة الصحة، برغم ظروفهم المادية الصعبة؛ إذ يضطرون لتقديم طلب تسهيلات من البنوك لهذا الغرض؛ باعتباره الملاذ الأخير بعد كل المحاولات العلاجية في السلطنة، فمنهم من يكون محظوظا ويمتثل للشفاء، والبعض الآخر قد تتضاعف وتتدهور حالته ويتعرض لانتكاسة مرضية تبقيه طريحَ الفراش، مهمومًا بالمرض والقرض، وهذا مؤشر خطير جدا نظرًا لتكرار مثل هذه الحالات عند الكثير من المواطنين الذين خاضوا هذه التجارب المريرة، كما تكشف لنا مدى تدنِّي مستوى الخدمات الصحية عند بعض الدول التي يفضل المواطنين العلاج فيها، والبعض منها غير آمنة من حيث انتشار بعض الأمراض والأوبئة، بل أصبحت بعض المؤسسات الصحية في هذه الدول مؤسسات مادية وليست إنسانية، همُّها الأول والأخير الحصول على المال من المريض بأية وسيلة، وتخلق له أمراضا أخرى لكسب مزيد من المال.

إنَّ سعي وزارة الصحة لإنشاء المجلس الطبي التخصصي في هذا الجانب كان يحمل معه دلالات لتلافي مثل هذه التحديات، إلا أنَّ المجلس بحاجة للتوسع في نطاق النظرة الصحية الشمولية المرتبطة بسياسة التعمين؛ سواء من الناحية الكم أو الكيف، للحصول على كوادر طبية عمانية مؤهلة ومتدربة ومتخصصة لقيادة المؤسسات الطبية التخصصية في كل المجلات. وأنْ لا تترك الوضع على ما هو عليه، خصوصا وأنَّ الطلب على استجلاب الأطباء ذات التخصصات الطبية وأيضا الممرضين بات شحيحا من الدول المُصدِّرة خلال السنوات الماضية على مستوى العالم.

لذا؛ أقترح على وزارة الصحة الموقرة التنسيق مع وزارات: العمل، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، لوضع خطط إستراتيجية تهدف لاستقطاب كل عام مجموعة من طلبة الدبلوم العام الراغبين في التحاق بالخدمات الصحية من كافة مدارس السلطنة دون استثناء، يتم إرسالهم لبعثات دراسية حسب التخصصات التي تحتاجها الوزارة؛ خصوصًا وأنَّ هذا التوجه يحمل عدَّة أهداف وطنية؛ منها: الحد من تزايد الكوادر الطبية الأجنبية، وتطبيق سياسة التعمين التي تنبتها الحكومة لتعزيز سوق العمل بالعمالة الوطنية، وتشغيل وتحفيز الباحثين عن عمل واستثمار طاقاتهم ورد الجميل لوطنهم الذي تكفَّل بتعليمهم وتأهيلهم. ومن ناحية أخرى: تغيير نمطية الطالب في التخصصات، بدلا من التركيز على التخصصات التراكمية المتكررة التي لم تعد مقبولة لدى مؤسسات القطاع العام والخاص، وأيضا التقليل تدريجيا من الاعتماد الكلي على الكوادر الأجنبية التي هي الأخرى قد تحتاج إليها بلدانهم تحت أي ظرف، وتمنع انتدابهم لأي دولة أخرى.

* كاتب وباحث

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أوجه الاعتراض على قانون المسئولية الطبية (شاهد)

كشف الدكتور أحمد القرماني، أستاذ القانون الجنائي، أن قانون المسئولية الطبية ينظم العلاقة بين الطبيب والمريض ويضع الإطار العام للعلاقة بينهم.

الصحة: قانون المسئولية الطبية هدفه حماية كل الأطباء (فيديو) صحة النواب تستكمل مناقشة قانون المسئولية الطبية وحماية المريض تنظيم العلاقة والتشريع

وتابع “القرماني” خلال لقائه مع الإعلاميتين رشا مجدي ونهاد سمير، مقدمتا برنامج “صباح البلد” المذاع على قناة "صدى البلد"، أن كل من الطبيب والمريض عليهم مسئوليات ومن واجب الدولة تنظيم العلاقة والتشريع بينهم، مؤكدًا أن الواقع العملي أفرز بعض المشاكل والسلبيات أوجبت على المشرع أن يتدخل في هذا الأمر.

وأردف أستاذ القانون الجنائي، أن معظم مواد القانون المزعم مناقشتها في مجلس النواب كانت تصدر بقرارات إدارية، وكان القانون المدني والعقوبات ينظم هذا الأمر ولذا تم جمع هذه المواد بتنظيم العلاقة بين المريض والطبيب في قانون المسئولية الطبية.

مادة الحبس الاحتياطي

واختتم أستاذ القانون الجنائي، أن هناك اعتراضات على القانون وهذا شيء طبيعي، واعتراض الأطباء بسبب مادة الحبس الاحتياطي.

جدير بالذكر أن مجلس النقابة العامة للأطباء، قرر تأجيل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية التي كان مقرر عقدها غدا الجمعة الموافق 3 يناير 2025، لمدة شهر، مع استمرار الجهود مع مجلس النواب لتحقيق كامل مطالب الأطباء العادلة، وصدور النسخة النهائية من مشروع قانون المسؤولية الطبية.

وكانت قد عقدت لجنة الصحة بمجلس النواب برئاسة د. أشرف حاتم، اجتماعا أمس الأربعاء، لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية، بحضور نقيب الأطباء د. أسامة عبد الحي، واستمعت اللجنة إلى شرح وافي لمطالب نقابة الأطباء وتعديلاتها المقترحة بشأن مشروع القانون.

ونجحت نقابة الأطباء في الوصول إلى إلغاء عقوبة حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، و الحبس الاحتياطي لهم، حيث تم التوافق على تعديل بعض مواد مشروع قانون المسئولية الطبية، وإلغاء عقوبة حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، مع إلغاء الحبس الاحتياطي، وإضافة تعريف واضح للخطأ الطبي والتفريق بينه وبين الخطأ الطبي الجسيم.

كما تم التوافق على أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التقاضي والتحقيق، والمسؤولة عن إصدار التقرير الفني في الأخطاء المهنية، بالإضافة إلى تعديل مسمى مشروع القانون ليصبح قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض، بدلا من وحماية المريض.
وهنا تتوجه نقابة الأطباء بالشكر إلى مجلس النواب برئاسة السيد المستشار الجليل الدكتور حنفي جبالي، ولجنة الصحة برئاسة أ.د أشرف حاتم.

وبناء عليه قرر مجلس النقابة العامة للأطباء، تأجيل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية التي كان مقرر عقدها غدا الجمعة الموافق 3 يناير 2025، لمدة شهر، مع استمرار الجهود مع مجلس النواب لتحقيق كامل مطالب الأطباء العادلة، وصدور النسخة النهائية من مشروع القانون.

ويتوجه مجلس النقابة بجزيل الشكر والتقدير إلى جموع أطباء مصر على تضامنهم مع نقابتهم، في مطالبها العادلة ومساعيها للخروج بمشروع قانون عادل للمسؤولية الطبية يضمن حقوق المرضى، ويحمي الأطباء ويراعي طبيعة المهنة.

مقالات مشابهة

  • مديرية الصحة بالإسكندرية تعلن حالة الطوارئ لاستقبال احتفالات عيد الميلاد المجيد
  • صحة الإسماعيلية" تناقش مؤشرات الأداء وخطة تطوير المعامل بالمستشفيات والوحدات الصحية
  • المسئولية العامة والمسئولية الطبية
  • برنامج الجينوم العماني رؤية طموحة لتطوير الرعاية الصحية وتحسين السياسات
  • 2700 مريض يستفيدون من خدمات القافلة الطبية بالعاشر من رمضان
  • أوجه الاعتراض على قانون المسئولية الطبية (شاهد)
  • ارتفاع حصيلة شهداء العدوان على قطاع غزة إلى 45.658
  • «أبوجناح» يناقش مشكلات القطاع الصحي مع المجلس الأعلى للدولة
  • 1060 زيارة تفتيشية و59 منشأة مخالفة.. حصيلة الرقابة على المنشآت الطبية ببورسعيد خلال 2024
  • الصحة الفلسطينية: عدوان إسرائيل على غزة يوقع 45581 شهيدًا و108438 مصابًا