اندماج البنوك العمانية
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
حمود سنجور الزدجالي
ظهرت منذ فترة محاولات لاندماج بعض البنوك العمانية، وهذا توجُّه محمود؛ لأنه سيأتي من هذا الاندماج بنوك جديدة قوية ومقتدرة، وبرأسمال كبير وقوى بشرية متمكنة من إدارة البنك العملاق الجديد لصالح الاقتصاد الوطني، وهذا ما تحتاجه السلطنة لتحقيق الرؤية الاقتصادية المتكاملة التي يتطلع إليها الجميع.
إنَّ تفكير البنوك في الاندماج والتملك وتوحيد الأعمال المصرفية، من الأمور المهمة لتطوير العمل المصرفي، إضافة إلى أنه يصبح أمرا طبيعيا ضروريا وتحوطاً احترازيا يجد التقدير، ولقد سعت بعض البنوك العمانية في الماضي للاندماج والاستحواذ، ونجحت في ذلك وحققت نتائج باهرة، ونأمل أن يكون لهذا التصور الاندماجي أثر وحمى (Domino effect) لدى كافة البنوك؛ لأن في الاتحاد والوحدة قوة لا تُقدَّر بثمن.
وتقديرا للأوضاع الاقتصادية في المنطقة وفي كل العالم؛ فمن المستحسن أن تقوم البنوك المركزية -بصفتها الإشرافية والراعية "الأبوية"- بتشجيع الاندماج والتملك والاستحواذ لتكوين كيانات مصرفية قوية تستطيع مجابهة الهزات والعواصف القوية التي تعصف بالصغار والضعفاء. وعلى البنوك المركزية بالنسبة لاندماج البنوك -في نظرنا- أن تتقمَّص شخصية الوالد الذي يفرح ويشجع زواج الأبناء ويدعمه، ولكن لا يفرض شروطه بل يتركها لرغبة الأبناء الذاتية.
إنَّ اندماج البنوك له مُتطلبات قانونية عديدة لا بد من تنفيذها والالتزام بها؛ حمايةً للحقوق وحفاظا للواجبات وكل التوابع الأخرى. ولا شك أنَّ رؤساء وأعضاء مجالس إدارة البنوك لهم القدح الأعلى؛ لأن الخطوة الأولى وضربة البداية تبدأ عندهم ومنهم ولهم. وهنا نقول إنَّ على هؤلاء الأعضاء تجشُّم روح القيادة والتجرُّد، والسعي بجدية نحو تحقيق الاندماج، إذا كان في هذا مصلحة البنك. نقول هذا لأنَّ بعض مجالس الإدارات، أو بعض الأعضاء، يقفون ضد أي فكرة للاندماج أو ما شابهها؛ انطلاقا من الحفاظ على "الكرسي"، وما يتبعه من هالة ومادة ومكانة في المجتمع. وفي مثل هذه الحالات، فإنَّ المساهمين يكون لهم دور مفصلي من أجل ترجيح كِفَّة ما لصالح الفائدة للشركة خاصة والمجتمع عامة.
ومن الخطوات القانونية التي تسبقها الدراسات الفنية والعديد من الخطوات الإدارية التنفيذية، موافقة المساهمين ومجلس الإدارة عبر إصدار قرار واضح يتضمَّن الاندماج، أو غيره من الخطوات الخاصة بالملكية، وتفاصيل كيفية تنفيذ القرار المشفوع بموافقة السلطات الإشرافية الرقابية ذات الصلة، خاصة البنك المركزي. وقبل هذه الموافقات الداخلية والرسمية، في العادة، تقوم البنوك بتشكيل لجنة لبحث تفاصيل الاندماج والاتفاق على المبدأ أولا، ثم التفاصيل المكملة؛ مثل: اسم البنك "الجديد" بعد الاندماج، وتشكيل مجلس الإدارة ورئيس المجلس، والمقر الجديد، والإدارة التنفيذية العليا، ومقدار رأس المال وملكية الأسهم، وسعر الأسهم، وقيمة الأصول، وثمن الشهرة "Goodwill" والسمعة التجارية...إلخ.
إنَّ النقاش حول هذه التفاصيل يُشكل حجر الأساس للمشروع الجديد الذي قد يكتمل أو قد ينتهي عند عتبة هذه اللجان لعدم الاتفاق النهائي، أو ربما لتعارض وتنازع المصالح، وغيرها من الظروف والمستجدات الداخلية والخارجية.
أيضا، من الناحية القانونية، لا بد من الإشارة إلى أنَّ السلطات الرقابية والجهات الحكومية الإشرافية وذات العلاقة قد لا توافق على الاندماج إذا رأت أنه ضار، أو قد يضر، بالمنافسة التجارية الشريفة بصفة عامة، أو على القطاع المعني بصفة خاصة، أو يقود للهيمنة والاحتكار الضار بالمستهلك وأصحاب وذوي العلاقة...إلخ. ولقد رأينا سوابق عديدة لأنَّ السلطات الرسمية في أوروبا وأمريكا اعترضت على بعض الاندماجات؛ لأنها قد تأتي بنتائج عكسية وتضر بالمنافسة والتجارة الحرة وحماية المستهلك. ولا شك أنَّ السلطات المختصة هنا ستأخذ بهذه النقاط في الاعتبار قبل منح الموافقات النهائية.
وكحقيقة ثابتة، فإنَّ حدوث الاندماجات سيخلق وحدات مصرفية قوية ومتمكنة لتقديم أفضل وأمثل الخدمات للزبائن ولكل الحركة الاقتصادية والتجارية في البلد والمنطقة. لذا، على الجميع الوقوف لتحقيق هذه الأمور لأن انعكاساتها الإيجابية و"نعمها" لا تحصي. ومن العلاقة الجديدة سيتم ميلاد ابن شرعي يحبه الجميع لأنه سيخلق وضعا مصرفيا خاصا ومتميزا يؤدي لإحراز أهداف جميلة يستمتع بها الجميع، وهذا هو المبتغى؛ لأنَّ النجاح في هذا المسعى سيحمِّس البنوك الأخرى بل وكل الشركات التجارية الأخرى ذات الوزن والدور المهم للسير في طريق الاندماجات والوحدة؛ مما يخلق قواعد اقتصادية قوية ومتمكنة للعب أدوار مفيدة للاقتصاد الوطني.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اليافعي يفتتح معرض “حماية التراث مسؤولية الجميع”
الثورة نت|
افتتح وزير الثقافة والسياحة الدكتور علي قاسم اليافعي اليوم، معرض “حماية التراث مسؤولية الجميع”، نظمته الهيئة العامة للآثار والمتاحف بالتزامن مع الاحتفاء بعيد جمعة رجب.
وفي افتتاح المعرض، بحضور رئيسي هيئتي الآثار والمتاحف عباد الهيال والمحافظة على المدن التاريخية عبدالوهاب المهدي، وعدد من وكلاء وقيادات الوزارة وهيئاتها، ومثقفين ومختصين، أكد وزير الثقافة والسياحة أن افتتاح المعرض يأتي احتفالا بعيد جمعة رجب بكل ما يحمله من رمزية ودلالة وأهمية تاريخية بالنسبة لأبناء اليمن الذين دخلوا الإسلام.
وأشار إلى أهمية المعرض في إبراز القطع والمقتنيات والشواهد الأثرية التي تم ضبطها وتحريزها واقتنائها والحصول عليها بفضل تضافر الجهود على المستويين الرسمي والشعبي في إطار جهود الدولة والحكومة للتصدي لجرائم تهريب الآثار وحمايتها.
وجدد الوزير اليافعي، التأكيد على اهتمام الدولة وحكومة البناء والتغيير بحماية الآثار والإرث الحضاري والتاريخي اليمني والتصدي لجرائم التهريب والسعي لاستعادة القطع الأثرية اليمنية.
وحذر من استمرار مسلسل تهريب وسرقة ونهب الآثار اليمنية من قبل دول العدوان ومرتزقته في المناطق المحتلة .. مشيرًا إلى ثراء الرصيد التاريخي والأثري والحضاري للشعب اليمني.
وكان وزير الثقافة والسياحة، طاف بأجنحة المعرض واستمع من رئيس هيئة الآثار والمتاحف الهيال إلى شرح حول محتويات المعرض من القطع والشواهد الأثرية التي تحكي عن تاريخ اليمن قبل وبعد الإسلام.
وأعرب الوزير اليافعي عن إعجابه بمحتويات المعرض .. مؤكدًا توجه الوزارة للتوسع في صالات العرض بالمتحف بما يسهم في استيعاب القطع الأثرية والثراء الأثري والتاريخي لحواضر اليمن القديمة.
حضر الافتتاح أمين عام المتحف الوطني السابق عبدالعزيز الجنداري.