على المرأة أن تعمل
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
جابر حسين العُماني
jaber.alomani14@gmail.com
صحيحٌ أن الرجل هو المسؤول الأول عن الإنفاق على أسرته والعمل على راحتها وتوفير متطلباتها واحتياجاتها؛ فذلك أمر معروف من الناحية الشرعية والاجتماعية، ولكن لا يعني ذلك أن المرأة عليها أن تعيش البطالة، وهو أمر مرفوض لا تقبله الأعراف الدينية والاجتماعية؛ لذا ينبغي على المرأة السعي الجاد من أجل العمل؛ لأن الله يمقت من لا عمل له، وحتى لا تقع المرأة في فخ الفراغ القاتل، عليها أن تعمل من أجل أسرتها ومجتمعها ووطنها؛ فقد جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق، وهو حفيد الرسالة المحمدية: "إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ كَثْرَةَ اَلنَّوْمِ وَكَثْرَةَ اَلْفَرَاغِ".
إنَّ المتأمل في حياة وتأريخ سيدة نساء العالمين السيدة الجليلة فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- يجد كيف كانت تعمل جاهدة في خدمة زوجها وأولادها، وقد روي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال لرجل من بني سعد: "أَلاَ أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَعَنْ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدِي فَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا، وَطَحَنَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا، وَكَسَحَتِ اَلْبَيْتَ حَتَّى اِغْبَرَّتْ ثِيَابهَا، وَأَوْقَدَتْ تَحْتَ اَلْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابهَا، فَأَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ ضرٌّ شَدِيدٌ"؛ فقد كانت الزهراء تعمل وتكدح من أجل بيتها وزوجها وأولادها.
إنَّ من أهم الأمور التي ينبغي أن لا يغفل عنها الإنسان في أسرته: العمل بإخلاص ووفاء، وهو سبب رئيسي لنجاح وازدهار الأسرة وتعزيز الروابط الأسرية فيها. أما البطالة، فهي سبب رئيسي لإصابة الأسرة بالفساد الأخلاقي الذي يؤدي في كثير من الأحيان للانحرافات المؤثرة على الأسرة وأفرادها، وكما ينبغي على الرجل العمل الجاد من أجل سعادة من يعولهم، كذلك ينبغي على المرأة العمل بجد واجتهاد من أجل أسرتها، وذلك بإدارة المنزل وتربية الأبناء، بما أوتيت من عقل وحنان وعطف وحكمة، وهو في حد ذاته عمل جبار تقوم به المرأة، وعليها أن تفتخر وتفاخر به على الدوام، وأن تعتبره شرفاً لها تسعى من أجله لخلق الكثير من النجاحات الاسرية بهدف تكوين أسرة صالحة في المجتمع قوامها التعاون والمحبة والمودة.
جميلة هي المرأة التي تعمل تحت سقف بيتها في خدمة بَعْلِها وأبنائها، وهذا لا يعني أن تكون المرأة حِكراً على بيتها فحسب؛ فالإسلام يبيح لها العمل خارج البيت ولكن بشروط ينبغي مراعاتها والالتفات إليها، ومن تلك الشروط التي ينبغي على المرأة الالتزام بها وتطبيقها التطبيق الأمثل في حال قررت العمل خارج بيتها:
- أولًا: التفاهم مع الزوج بشأن العمل خارج البيت؛ فليس من الصحيح اتخاذ قرار العمل خارج البيت بدون رضا الزوج، ومن حق الرجل أن يمنع زوجته من الخروج من البيت تلبية لحقوقه المفروضة على المرأة، كما ينبغي على الزوج إذا أرادت المرأة العمل من أجل تعزيز دخل الاسرة أن لا يقف حجر عثرة أمامها، وأن لا يتشدد في ذلك؛ فالمرأة الصالحة ينبغي لها إعانة الرجل من أجل خدمة الأسرة والمجتمع والوطن بما أوتيت من قوة؛ فهي نصف المجتمع ولا غنى عنها، فكما أن المجتمع بحاجة لعمل الرجل فهو بحاجة لعمل المرأة كذلك ولكن بعفة وسداد واحتشام.
- ثانيًا: الالتزام الكامل بالزي الشرعي الذي يتوافق مع العادات والتقاليد والقيم الإسلامية والاجتماعية، وتجنب الاختلاط بالجنس الآخر بالشكل المباشر ما أمكن.
- ثالثًا: على المرأة أن تعلم جيدا أنَّ العمل خارج المنزل لا يعني الفِرَار من المسؤوليات الأسرية داخل الأسرة أو الاعتذار عن أدائها؛ فهناك واجبات ينتظرها الزوج والأولاد، ويجب العمل عليها بإخلاص ووفاء عند الرجوع من العمل.
- رابعًا: القيام بالمسؤوليات بالشكل المطلوب وعدم إلقاء المسؤوليات الأسرية على الأهل أو الخادمة، خصوصا المسؤولية التربوية كتربية الأبناء والاهتمام بهم؛ فهم بحاجة ماسة لتواجد الوالدين في حياتهم والإشراف عليهم بشكل مباشر.
- خامسًا: اختيار العمل المناسب لطبيعة المرأة الفسيولوجية والبيولوجية؛ مما يعبر عن هدف العمل والخروج لأجله، وبه يكتمل استكمال منظومة الوجود البشري وضروراته.
لقد كانت المرأة ولا تزال تشكل النصف الآخر من المجتمع، ومساهمتها في ازدهار ونجاح المجتمع يجب أن تكون بقدر مساهمة الرجل، وبحسب الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فقد سجَّلت سلطنة عُمان إجمالي النساء العاملات من خمسة عشر سنة فأكثر 231 ألفا و745 وذلك في العام 2022م مرتفعة بنحو 7% مقارنة بالعام 2021، يُشكلن ما نسبته 29 بالمائة من إجمالي العُمانيين المشتغلين، فأصبح عمل المرأة أمرا متعارفا عليه في مجتمعاتنا العربية والاسلامية وفي جميع المجالات الخدمية؛ وبالتالي ينبغي على الرجل والمرأة العمل على صناعة الأسرة الصالحة والنموذجية في المجتمع، وهذا بكل تأكيد لا يمكن توفيره إلا بالتعاون والتفاهم بأداء الواجبات المشروعة بين الرجل والمرأة والجمع بين العمل في الأسرة وخارجها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزارة الصحة تسلط الضوء على جهودها الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة
قالت الدكتورة عبلة الألفي نائب وزير الصحة لشئون السكان وتنمية الأسرة، إن الدولة المصرية تولي اهتماما بالغا، لبناء مجتمع خال من العنف يكفل للمرأة الحماية وتوفير الخدمات المتكاملة وضمان مشاركتها الفاعلة في المجتمع وتمكينها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، مشيرة أن العنف ضد المرأة يُعد أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات، لكونه يُهدد استقرار الأسرة باعتبارها النواة الأساسية لبناء المجتمع.
آليات تعزيز مناهضة العنف ضد المرأة بمركز إعلام دمنهور إطلاق فعاليات حملة الـ16 يومًا من أنشطة القضاء على العنف ضد المرأةجاء ذلك خلال كلمتها التي ألقتها في ورشة العمل التي نظمتها وزارة الصحة والسكان بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ضمن فعاليات حملة "16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة"، بحضور عدد من القيادات الصحية والخبراء الدوليين.
وشددت الألفي على أن العنف الأسري، الذي يُمارس ضد النساء والأطفال، لا يقتصر على الجوانب الجسدية فقط، بل يشمل الأبعاد النفسية والاجتماعية التي تترك آثارًا طويلة الأمد على الأفراد والمجتمع،موضحة أن انتشار هذه الظاهرة يُعد انعكاسًا لممارسات تربوية ومفاهيم اجتماعية خاطئة، تتطلب مراجعة جذرية لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة، مثل التمييز القائم على النوع الاجتماعي وعدم المساواة داخل الأسرة.
وأوضحت نائب وزير الصحة أن العنف ضد المرأة يبدأ من التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة، حيث يتم ترسيخ أدوار تقليدية غير متوازنة بين الذكور والإناث،مؤكدة على أهمية نشر الوعي المجتمعي لتغيير هذه المفاهيم المغلوطة التي تساهم في استمرار دوامة العنف والتمييز،مشيرة أن هذا الجهد يتطلب شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، مع التركيز على تقديم رسائل توعوية تتماشى مع الثقافة المحلية.
وفي سياق متصل، استعرضت الألفي المبادرات الوطنية التي أطلقتها وزارة الصحة والسكان لحماية المرأة وتمكينها، مثل "مبادرة الألف يوم الذهبية"، التي تركز على تقديم المشورة الأسرية، وتحسين نمط الحياة للأمهات والأطفال ، كما اتخذت الوزارة عدة خطوات في هذا الشأن ، جاء في مقدمتها إنشاء وحدات متخصصة مثل "وحدات المرأة الآمنة" لتقديم خدمات طبية، نفسية، واجتماعية متكاملة بالتعاون مع الشركاء الوطنيين والدوليين، وتدريب الكوادر الصحية على أحدث الإرشادات العالمية لضمان تقديم رعاية صحية فعالة وعالية الجودة، فضلا عن تطوير آليات للكشف المبكر والتدخل السريع للتعامل مع حالات العنف مع ضمان السرية والخصوصية.
وأشارت الألفي إلى أهمية الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في مكافحة العنف ضد المرأة، التي تعتمد على تعزيز التشريعات وتطوير برامج التعليم والتوعية ، مؤكدة على ضرورة تكييف هذه التجارب بما يتناسب مع السياق المصري، مع التركيز على إدماج برامج الوقاية من العنف في السياسات الوطنية.
من جانبها، أشارت الدكتورة منن عبد المقصود، الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، إلى دور المبادرة الرئاسية "صحتك سعادة"، التي تركز على تحسين الصحة النفسية للأسر المصرية من خلال الاكتشاف المبكر لاضطرابات التوحد، وعلاج الإدمان، ومكافحة الاضطرابات النفسية الناجمة عن العنف الأسري.
أما الدكتورة أماني مصطفى، مدير إدارة الأزمات والكوارث، فقد أكدت على أهمية تطوير نظام الإحالة بين القطاعات المختلفة لضمان تقديم خدمات شاملة للنساء اللواتي تعرضن للعنف، موضحة أن هذا النظام يساهم في تعزيز التكامل بين الجهات المعنية لتوفير الحماية اللازمة للمرأة.
اختتمت الورشة بمجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز الجهود الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، من بينها،زيادة الاستثمار في برامج التوعية المجتمعية وتعزيز دور الإعلام في نشر ثقافة المساواة واحترام حقوق المرأة،وإنشاء المزيد من "وحدات المرأة الآمنة" وتوفير الموارد اللازمة لدعمها ،وتكثيف الحملات التثقيفية التي تستهدف الأسرة لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن دور المرأة داخل المجتمع.
وأكد الحضور على أن التصدي للعنف ضد المرأة يتطلب رؤية شاملة وجهودًا متواصلة لضمان بناء مجتمع صحي وآمن يتمتع فيه الجميع بحقوق متساوية.