جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-02@03:41:59 GMT

خوارق العادات من زاوية علمية! (1)

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

خوارق العادات من زاوية علمية! (1)

 

 

أ.د. حيدر أحمد اللواتي *

لعبت خوارق العادات دورًا مهمًّا في تاريخنا البشري؛ اذ لا تخلو حضارة من الحضارات من قصص وحكايات حول حوادث خارقة للقانون الطبيعي، ومنها حضارتنا الإسلامية؛ فكُتب التاريخ والحديث تحوي في طياتها عددا من الحوادث الخارقة للقانون الطبيعي، وإذا حدثت خوارق العادة على يد ولي من أولياء الله فإنها تسمى بالكرامة، أما إذا حدثت على يد أناس غير معروفين بالورع والتقوى كأن يكونوا من ديانات أخرى فهذه لا تعد من الكرامات وتُطلق عليها مسميات أخرى، وأضاف البعض تقسيمات أخرى لخوارق العادات مذكورة بتفاصيلها في الكتب المخصصة.

وإذا عرَّفنا خوارق العادات بأنها الحوادث التي تخرق قوانين الطبيعة، فإنَّ تدخُّل علوم الطبيعة يُصبح عندئذ واضحًا وضروريًّا؛ لأن علماء الطبيعة هم من لديهم القدرة على الحكم على حادثة ما بأنها خارقة للقانون الطبيعي أم لا، كما أن هذه الظواهر الخارقة للعادة تصبح موضع اهتمامهم، فالفضول العلمي يدفعهم للتحقق من صحتها؛ لأن البحث عن التفسير الطبيعي للظواهر التي لا يمكن تفسيرها بالنظريات العلمية الموجودة زمن وقوع الظاهرة، هو أحد أهم الأسباب التي تؤدي تطور المعرفة العلمية والوصول الى نظريات علمية جديدة، يمكن من خلالها تفسير تلك الظاهرة وتقديم تفسير طبيعي لها.

وقد ورد عدد من الحوادث الخارقة للقوانين الطبيعية في كتب تاريخنا الإسلامي، وسنتحدث عن إحداها كمثال على بعض أنواع الكرامات التي وردت في هذه الكتب، وهي القدرة على المشي على الماء؛ فالمشي على الماء دون الاستعانة بأدوات معينة، يعد أمرا خارقا للقانون الطبيعي؛ وذلك لأن كثافة الماء لا تسمح للإنسان بأن يطفو، لذا فهو يغوص في الماء بمجرد أن يضع قدمه على سطحه، ولكن يمكن للإنسان أن يطفو على سطح الماء في حالتين فقط؛ الأولى: إذا استطعنا أن نرفع من كثافة الماء بشكل كبير جدا، وذلك بأن نضيف إليه كمية كبيرة من الأملاح؛ بحيث ترتفع كثافته وتسمح للإنسان بأن يطفو على ظهر الماء كما يحدث عندما تسبح مثلا في البحر الميت؛ فملوحة البحر الميت تفوق ملوحة البحار الأخرى بحوالي تسعة أضعاف. والثانية: أن يجري الشخص بسرعة كبيرة قدَّرها البعضُ بثلاثين مترا في الثانية، وهي سرعة كبيرة لا يمكن للإنسان أن يصل إليها بصورة طبيعية؛ فأسرع العدَّائيين يقطعون ما يقارب المائة متر في عشر ثوانٍ فقط، وقد ورد في تاريخنا الإسلامي عن بعض الصحابة والتابعين أنهم ساروا على الماء، كما ورد أيضا أن جيشا كاملا قوامه أربعة آلاف فارس ساروا كلهم على الماء؛ إذ ورد عن أحد الصحابة قوله: "فمشينا على الماء، فوالله فما ابتلت قدم ولا خف بعير ولا حافر دابة، وكان الجيش أربعة آلاف".

إنَّ مرويات المشي على الماء وأشباهها، والتي وردت في بعض كتبنا التي توثق تاريخنا الاسلامي، لا يجب أن تمر دون تحقيق، لأن ذلك يفقد المجتمعات روح البحث والتنقيب والسؤال، ويجعلها تتقبل كثيرا من الأفكار دون بذل مزيد من العناء في التفكير، فأنَّى لنا أن نربي أجيالا تعمل فكرها الناقد ونحن نطالبها أن تتقبل مثل هذه الحوادث وتمر عليها مرور الكرام!

 إن مثل هذه الكرامات تحتاج إلى أدلة قوية جدا، وحشدا من الشهادات يعادل حجم الجيش الذي سار بفرسانه على الماء؛ فربما بذلك تعادل ضخامة الادعاء الذي تدعيه، ولا يصح الاحتجاج برواية رواها أحدهم حتى ولو كان هذا الراوي في غاية الورع والتقوى؛ فالدليل يجب أن يعادل حجم الادعاء والاّ لا يعد دليلا يُعتد به؛ لذا فإن الحوادث الخارقة للقانون الطبيعي والتي وردت في تاريخنا الإسلامي تحتاج إلى أدلة غاية في القوة؛ بحيث يمكن لها أن تحول القناعة باستحالة السير على الماء بالطرق الطبيعية إلى إمكانية حدوثها بالكرامة! لكننا وللأسف الشديد نجد أن بعضنا ربما يتشدد في التثبت من هلال ليلة العيد أكثر من تشدده في التثبت بحدوث هذه الخوارق؛ فهلال ليلة العيد عند هؤلاء يحتاج إلى شهادة عدلين، بينما تكفيه ورود هذه الخوارق في بعض كتب التاريخ أو الحديث ليقتنع بصحتها دون تحقق أو تمحيص ولو كانت الحادثة تضرب بقوانين الطبيعة عرض الحائط!

وللحديث بقية....،

 

* كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فعاليات جناح الأزهر بمعرض الكتاب في يومه السابع.. أنشطة تعليمية وندوات علمية

شهد جناح الأزهر الشريف في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في يومه السابع، إقبالًا كبيرًا من الزوار لحضور مجموعة متنوعة من الفعاليات الثقافية والتعليمية، حيث تنوعت الأنشطة بين الورش التربوية للأطفال والطلاب، والمبادرات الهادفة إلى تعزيز القيم الإسلامية، إضافة إلى الندوات العلمية التي ناقشت المستجدات الطبية من منظور فقهي.

ورش تعليمية للأطفال وتعزيز القيم التربوية

في إطار اهتمام الأزهر الشريف بالتربية والتعليم، نظمت منطقة دمياط الأزهرية بجناح الأزهر مبادرة "أخلاقنا سبب تطورنا"، التي تهدف إلى تعزيز السلوكيات الإيجابية، من خلال مسابقة تجمع بين المعلومات الدينية، العامة، التاريخية، والرياضية، والتي تتناسب مع جميع الأعمار. كما ركزت المبادرة على توعية الزوار بكيفية ضبط السلوكيات الأخلاقية إلكترونيًا، وأهمية تطوير الذات من خلال القيم الإسلامية والمجتمعية.

وعلى صعيد آخر، شهد ركن الطفل ورياض الأطفال إقبالًا كثيفًا من الأسر، حيث تم تنظيم ورش إبداعية لتنمية مهارات الرسم والتلوين، إلى جانب فقرات تفاعلية تهدف إلى تعزيز قيم التسامح والعفو والإيجابية لدى الأطفال.

وفي ركن الطلاب الوافدين، أقيمت ورش عمل تناولت قضايا سلوكية ونفسية مثل التعامل مع الانفعالات، وطرق الوقاية والعلاج منها، بهدف مساعدة الطلاب على تحسين مهاراتهم الاجتماعية والنفسية داخل بيئة دراسية صحية.

ندوة علمية تناقش قضايا المرأة الطبية وفق الضوابط الشرعية

وفي إطار الأنشطة الثقافية والعلمية، عقد جناح الأزهر ندوة علمية تحت عنوان "المرأة بين القضايا الطبية المعاصرة والأحكام الفقهية"، بمشاركة نخبة من العلماء والأطباء، منهم الدكتور حسن الصغير، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشؤون العلمية والبحوث، والدكتور جمال أبو السرور، مدير مركز البحوث السكانية بجامعة الأزهر، والدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شؤون القرآن الكريم بالأزهر الشريف، وأدارت الندوة الدكتورة أماني عودة، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.

ناقشت الندوة الأحكام الفقهية المتعلقة بالقضايا الطبية الخاصة بالمرأة، مثل تناول الأدوية المؤثرة على الدورة الشهرية لأداء العبادات، حيث أكد الدكتور حسن الصغير أن الشريعة الإسلامية اعتمدت في هذه القضايا على المعرفة الطبية الدقيقة، وأن الفقهاء دائمًا ما يحيلون مثل هذه الأمور إلى الأطباء لضمان دقة الفتوى.

من جانبه، تناول الدكتور جمال أبو السرور تأثير التقدم العلمي في المجالات الطبية على الأحكام الفقهية، مشيرًا إلى أن شيخ الأزهر الأسبق، الإمام جاد الحق علي جاد الحق، كان من أوائل العلماء الذين ناقشوا قضايا التبرع بالبويضات، والأم البديلة، والرحم الصناعي، قبل أن تصبح واقعًا علميًا.

أما الدكتور أبو اليزيد سلامة، فشدد على أهمية الرجوع إلى أهل الاختصاص عند إصدار الأحكام الشرعية المتعلقة بالمسائل الطبية، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، موضحًا أن التعاون بين الفقهاء والأطباء ضروري لإيجاد حلول شرعية دقيقة للقضايا الطبية المستجدة.

الأزهر ودوره في نشر الفكر الوسطي المستنير

يشارك الأزهر الشريف للعام التاسع على التوالي في معرض القاهرة الدولي للكتاب بجناح خاص في قاعة التراث رقم (4)، على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان مثل قاعة الندوات، ركن الفتوى، ركن الخط العربي، ركن المخطوطات، وركن الأطفال. ويأتي ذلك في إطار دور الأزهر التعليمي والدعوي في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير، الذي تبنّاه على مدار أكثر من ألف عام.

وتستمر فعاليات جناح الأزهر في الأيام المقبلة، مقدمةً العديد من الأنشطة التثقيفية والتوعوية التي تخدم مختلف فئات المجتمع، وتؤكد على أهمية العلم، والعمل، وبناء مجتمع إيجابي متماسك.

مقالات مشابهة

  • السجن المُشدد 5 سنوات عقوبة الاستغلال التجاري للأطفال طبقًا للقانون
  • دار الإفتاء في المغرب تحدد.. رمضان 2025 موعده وأجمل العادات والتقاليد لاستقباله!
  • هل توجد حقيقة علمية لفوائد مشروب كوكتيل "الكورتيزول"؟
  • وفقًا للقانون.. تعرف على عقوبات الأشخاص المتسببين في حوادث الطرق
  • النيابة العامة تأمر بحبس متهم انتحل صفة اختصاصي تغذية وزوّر شهادة علمية
  • بالفيديو.. باحث بمرصد الأزهر: المعجزات ليست خوارق عقلية بل خوارق عادات
  • عادات خاطئة تؤثر على نضارة البشرة وكيفية تجنبها
  • فعاليات جناح الأزهر بمعرض الكتاب في يومه السابع.. أنشطة تعليمية وندوات علمية
  • هل تعلم أن مغلي البقدونس يمكن أن يغير حياتك؟: إليك الفوائد التي لا تعرفها
  • بدء صرفه أول فبراير .. حالات الجمع بين معاشين طبقا للقانون