جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-13@11:50:28 GMT

خوارق العادات من زاوية علمية! (1)

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

خوارق العادات من زاوية علمية! (1)

 

 

أ.د. حيدر أحمد اللواتي *

لعبت خوارق العادات دورًا مهمًّا في تاريخنا البشري؛ اذ لا تخلو حضارة من الحضارات من قصص وحكايات حول حوادث خارقة للقانون الطبيعي، ومنها حضارتنا الإسلامية؛ فكُتب التاريخ والحديث تحوي في طياتها عددا من الحوادث الخارقة للقانون الطبيعي، وإذا حدثت خوارق العادة على يد ولي من أولياء الله فإنها تسمى بالكرامة، أما إذا حدثت على يد أناس غير معروفين بالورع والتقوى كأن يكونوا من ديانات أخرى فهذه لا تعد من الكرامات وتُطلق عليها مسميات أخرى، وأضاف البعض تقسيمات أخرى لخوارق العادات مذكورة بتفاصيلها في الكتب المخصصة.

وإذا عرَّفنا خوارق العادات بأنها الحوادث التي تخرق قوانين الطبيعة، فإنَّ تدخُّل علوم الطبيعة يُصبح عندئذ واضحًا وضروريًّا؛ لأن علماء الطبيعة هم من لديهم القدرة على الحكم على حادثة ما بأنها خارقة للقانون الطبيعي أم لا، كما أن هذه الظواهر الخارقة للعادة تصبح موضع اهتمامهم، فالفضول العلمي يدفعهم للتحقق من صحتها؛ لأن البحث عن التفسير الطبيعي للظواهر التي لا يمكن تفسيرها بالنظريات العلمية الموجودة زمن وقوع الظاهرة، هو أحد أهم الأسباب التي تؤدي تطور المعرفة العلمية والوصول الى نظريات علمية جديدة، يمكن من خلالها تفسير تلك الظاهرة وتقديم تفسير طبيعي لها.

وقد ورد عدد من الحوادث الخارقة للقوانين الطبيعية في كتب تاريخنا الإسلامي، وسنتحدث عن إحداها كمثال على بعض أنواع الكرامات التي وردت في هذه الكتب، وهي القدرة على المشي على الماء؛ فالمشي على الماء دون الاستعانة بأدوات معينة، يعد أمرا خارقا للقانون الطبيعي؛ وذلك لأن كثافة الماء لا تسمح للإنسان بأن يطفو، لذا فهو يغوص في الماء بمجرد أن يضع قدمه على سطحه، ولكن يمكن للإنسان أن يطفو على سطح الماء في حالتين فقط؛ الأولى: إذا استطعنا أن نرفع من كثافة الماء بشكل كبير جدا، وذلك بأن نضيف إليه كمية كبيرة من الأملاح؛ بحيث ترتفع كثافته وتسمح للإنسان بأن يطفو على ظهر الماء كما يحدث عندما تسبح مثلا في البحر الميت؛ فملوحة البحر الميت تفوق ملوحة البحار الأخرى بحوالي تسعة أضعاف. والثانية: أن يجري الشخص بسرعة كبيرة قدَّرها البعضُ بثلاثين مترا في الثانية، وهي سرعة كبيرة لا يمكن للإنسان أن يصل إليها بصورة طبيعية؛ فأسرع العدَّائيين يقطعون ما يقارب المائة متر في عشر ثوانٍ فقط، وقد ورد في تاريخنا الإسلامي عن بعض الصحابة والتابعين أنهم ساروا على الماء، كما ورد أيضا أن جيشا كاملا قوامه أربعة آلاف فارس ساروا كلهم على الماء؛ إذ ورد عن أحد الصحابة قوله: "فمشينا على الماء، فوالله فما ابتلت قدم ولا خف بعير ولا حافر دابة، وكان الجيش أربعة آلاف".

إنَّ مرويات المشي على الماء وأشباهها، والتي وردت في بعض كتبنا التي توثق تاريخنا الاسلامي، لا يجب أن تمر دون تحقيق، لأن ذلك يفقد المجتمعات روح البحث والتنقيب والسؤال، ويجعلها تتقبل كثيرا من الأفكار دون بذل مزيد من العناء في التفكير، فأنَّى لنا أن نربي أجيالا تعمل فكرها الناقد ونحن نطالبها أن تتقبل مثل هذه الحوادث وتمر عليها مرور الكرام!

 إن مثل هذه الكرامات تحتاج إلى أدلة قوية جدا، وحشدا من الشهادات يعادل حجم الجيش الذي سار بفرسانه على الماء؛ فربما بذلك تعادل ضخامة الادعاء الذي تدعيه، ولا يصح الاحتجاج برواية رواها أحدهم حتى ولو كان هذا الراوي في غاية الورع والتقوى؛ فالدليل يجب أن يعادل حجم الادعاء والاّ لا يعد دليلا يُعتد به؛ لذا فإن الحوادث الخارقة للقانون الطبيعي والتي وردت في تاريخنا الإسلامي تحتاج إلى أدلة غاية في القوة؛ بحيث يمكن لها أن تحول القناعة باستحالة السير على الماء بالطرق الطبيعية إلى إمكانية حدوثها بالكرامة! لكننا وللأسف الشديد نجد أن بعضنا ربما يتشدد في التثبت من هلال ليلة العيد أكثر من تشدده في التثبت بحدوث هذه الخوارق؛ فهلال ليلة العيد عند هؤلاء يحتاج إلى شهادة عدلين، بينما تكفيه ورود هذه الخوارق في بعض كتب التاريخ أو الحديث ليقتنع بصحتها دون تحقق أو تمحيص ولو كانت الحادثة تضرب بقوانين الطبيعة عرض الحائط!

وللحديث بقية....،

 

* كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الصيام والربو.. توصيات علمية لضمان راحة الجهاز التنفسي في رمضان

#سواليف

خلال #شهر_رمضان_المبارك، تبرز تحديات خاصة للأشخاص الذين يعانون من #أمراض_تنفسية مزمنة مثل #الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.

دفعت هذه التحديات باحثون من مركز أبحاث مستشفى الملك فيصل التخصصي بالسعودية إلى تقصي امكانية صيام هؤلاء المرضى، وخلصت دراستهم لوضع مجموعة من التوصيات.

وأجرى الباحثون خلال الدراسة المنشورة بدورية ” إي أر جيه أوبن ريسيرش”، بحث شامل في قواعد بيانات مثل “ميدلاين” و “جوجل سكولار” وتم تحليل نتائج الدراسات التي تتناول تأثير الصيام على المرضى الذين يعانون من هذه الأمراض.

مقالات ذات صلة النوم لساعات طويلة وعلاقته بالأمراض الخطيرة 2025/03/12

وأظهرت نتائج البحث أن الصيام لم يؤثر بشكل كبير على معدلات دخول المستشفيات أو وظائف الرئة لدى الأشخاص الذين يعانون من حالات مستقرة من الربو والانسداد الرئوي المزمن، ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى أن حجم العينات الصغير والقيود المنهجية قللت من إمكانية تعميم النتائج على نطاق أوسع.

وخلصت الدراسة إلى ضرورة إجراء دراسات أكبر وأكثر تصميما لفهم تأثير الصيام على الأمراض التنفسية بشكل أوسع، لكن ذلك لم يمنعهم من تطوير 19 توصية لدعم المرضى الراغبين في الصيام.

وقالوا إن هذه التوصيات تساهم في تحقيق توازن بين الاعتبارات الصحية والدينية، وكان أبرزها:

أولا: تعديل مواعيد الأدوية، فقد يحتاج المرضى إلى تعديل جرعات وأوقات تناول الأدوية، وخاصة أدوية الربو والانسداد الرئوي المزمن، لضمان التحكم في الأعراض بشكل فعال خلال فترة الصيام.

ثانيا: يُنصح المرضى بتناول كميات كافية من السوائل بعد الإفطار للحفاظ على الترطيب وتجنب جفاف الحلق والرئة.

ثالثا: يجب على المرضى مراقبة أعراضهم باستمرار خلال شهر رمضان، وإذا لاحظوا أي تدهور في حالتهم الصحية، يُنصح بالتوقف عن الصيام واللجوء إلى الرعاية الطبية.

رابعا: من المهم تجنب الأنشطة البدنية الشاقة خلال ساعات الصيام لتقليل الضغط على الجهاز التنفسي.

خامسا: يُفضل أن يتم توزيع الوجبات بشكل صحيح بين الإفطار والسحور لضمان حصول الجسم على ما يكفي من الطاقة والمغذيات.

مقالات مشابهة

  • ثورة علمية: "ثني الماء" يفتح آفاقاً جديدة في التحكم بالأجسام العائمة
  • الصيام والربو.. توصيات علمية لضمان راحة الجهاز التنفسي في رمضان
  • استقرار أسعار الغاز الطبيعي بعد اتفاق أمريكا وأوكرانيا على وقف إطلاق النار
  • لافروف: ما يحدث في الولايات المتحدة عودة للمسار الطبيعي وهناك إدارة سليمة في السلطة
  • محسن سرحان: تطوير العمل الخيري يجب أن يستند إلى أسس علمية
  • تحدي شهر رمضان.. 30 يومًا من العادات الصحية
  • لقاء روحي للتوعية بمخاطر العادات الإدمانية لشباب إيبارشية حلوان
  • رمضان موسم اقتصادي واستهلاكي ترتفع فيه فواتير الطعام وتتغير فيه العادات الغذائية:ما نسبته 15 % من الإنفاق السَّنويّ على الغذاء يكون في رمضان
  • إيبارشية حلوان تنظم لقاء روحيا لتعزيز الوعي بمخاطر العادات الإدمانية
  • طالبة تبتكر تقنية "الرؤية المستقبلية" لمرضى العلاج الطبيعي