طهران- تتغنى السلطات الإيرانية المعنية بالانتخابات هذه الأيام بأن صناديق الاقتراع هي السبيل الأمثل لتلبية تطلعات الشعب، ومتابعة مطالبهم في البرلمان المقبل، خصوصا وأن بلاد فارس تتميز بالتنوع الثقافي والاجتماعي في فسيفساء الطوائف والقوميات المنتشرة في ربوعها.

ومع اقتراب موعد الانتخابات في الأول من مارس/آذار المقبل، استطلعت الجزيرة نت آراء عدد من الناشطين الإيرانيين حول ما يتوقعونه منها، ورصدت ما يأمل أبناء القوميات الإيرانية من البرلمان المقبل، مثل العرب والأتراك والأكراد واللور والبلوش.

وبينما برزت المطالب الاقتصادية في آراء المشاركين، لا سيما تحسين الوضع المعيشي ومعالجة البطالة وتحقيق العدالة وتعزيز النظام التعليمي، کونها الهاجس المشترك لغالبية الشرائح الإيرانية، فإن تطلعات القوميات تفاوتت من منطقة إلى أخرى، بين المطالبة بالحقوق الأساسية والمدنية إلى المطالبة بتطبيق الدستور بحذافيره.

ملازهي طالب بإصدار الهوية الوطنية للمواطنين الإيرانيين في محافظة سيستان وبلوشستان (مواقع التواصل) البلوش.. مطالب أساسية

استهل الناشط البلوشي بير محمد ملازهي كلامه بمطالبة برلمان بلاده المقبل بالعمل على تسجيل المواطنين غير المسجلين في عداد النفوس الإيرانية، وإصدار الهوية الوطنية لمئات آلاف المواطنين الإيرانيين القاطنين في محافظة سيستان وبلوشستان، مؤكدا أن هذه المحافظة لا تزال تنزف وتقدم ضحايا بشكل يومي جراء عدم تحديث وتعبيد طرق المواصلات.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى ملازهي أن "الحدود الشرقية تحولت إلى تهديد لأهالي المحافظة، ونطالب باستتباب الأمن ومحاربة العصابات المنفلتة التي لطالما أراقت دماء الأبرياء"، معبرا عن قلقه بشأن تفشي الأمية ومغادرة الطلاب صفوف الدراسة بعد إتمام المرحلة الابتدائية، بسبب عجز النظام التعليمي عن توفير متطلبات الدراسة في المراحل اللاحقة.

وأوضح أن "البطالة ترغم شريحة من الشباب على تهريب الوقود، مما يعرضهم لرصاص القوات الأمنية، التي نرى أن من حقها محاربة الظاهرة، لكن في الوقت ذاته من حق المواطن أن يطالب بتوفير فرص العمل"، مستدركا أن "مشكلات المنطقة تشابكت وتضخمت خلال عقود خلت، وقد يستعصي حلها على المدى القريب".

الناشط الأهوازي مهدي فاخر يطالب بتطبيق الدستور الإيراني بحذافيره في محافظة خوزستان (مواقع التواصل) العرب.. مطالب قانونية

وإذا كان الاستحقاق الانتخابي يذكّر شريحة من سكان محافظة سيستان وبلوشستان بجنسيتهم الإيرانية المفقودة، ومدى تشابك المشكلات هناك، فإن القومية العربية ترى في الانتخابات التشريعة "متنفسا وحيدا لتحقيق ما يصبو إليه المواطن، ومطالبة ممثليه في البرلمان بالعمل على تحقيق متطلباته"، وفق الناشط الأهوازي مهدي فاخر.

ويستذكر فاخر في حديثه للجزيرة نت تزايد الإحباط وخيبة الأمل لدى الناخب العربي في محافظة خوزستان جنوبي غربي إيران، مؤكدا أن "الناخب أضحى أمام تحدي اختيار المرشح الأصلح والكفء لمتابعة حقوقه التي يكفلها القانون الوطني، وعلى رأسها التعليم باللغة الأم، وفقا للمادة 15 في الدستور الإيراني".

ويشير إلى أنه "لو اجتمع 10 نواب لتمكنوا من تغيير وزير، أو تركوا بصمة بارزة في سن القوانين"، مطالبا بتطبيق مواد الدستور الإيراني بحذافيرها في محافظة خوزستان، "منها تخصيص نسبة من مبيعات النفط لإعمار المحافظة، وتقليل التلوث البيئي الناجم عن استخراج وتكرير النفط، واعتبار السكان المحليين أولى بالتمتع بموارد وثروات أراضيهم، وتوظيفهم في المشاريع المحلية".

تتنوع تطلعات الشعب بتنوع القوميات عشية الانتخابات البرلمانية بدورتها الـ12 وبتنوع الفئات (الأوروبية) اللور.. مطالب مدنية

ومع تنوع القوميات والثقافات من محافظة إلى أخرى، فإن تطلعات الشعب تتنوع معها -عشية الانتخابات البرلمانية بدورتها الـ12- لكن اللافت أن مطالب القومية اللورية كانت القاسم المشترك مع مجمل مطالب القوميات الأخرى.

فقد أوضح الناشط حسين علي ميرزا بور أنه "لا توجد مطالب قومية في المحافظات التي يقطنها اللور، ذلك أن اللور هم القلب النابض للجسم الإيراني بكل مكوناته، وأن مطالب هذه المحافظات قد لا تتجاوز توفير فرص العمل وتحسين الوضع المعيشي وإطلاق مشاريع اقتصادية وتنموية".

وقال ميرزا بور في حديثه للجزيرة نت إن "غالبية سكان محافظتي لورستان وجهار محال وبختياري، لاسيما القرى والمدن الصغيرة، تمتهن الزراعة وتربية الماشية، ولا تهتم كثيرا بالسياسة"، مضيفا أن "صلات القرابة والنسب تطغى على مسوغات التصويت الأخرى".

الدكتور صلاح الدين خديو يعتقد أن الناشطين الكرد لن يتفاعلوا مع الانتخابات المقبلة (مواقع التواصل) الأكراد.. ألم متجدد

وليس بعيدا عن لورستان حيث الحملات الانتخابية تواصل نشاطها، يبدو أن برودة موجة الصقيع الجارية انعكست على المشهد الانتخابي في محافظة كردستان غربي البلاد، إذ يقول الناشط الكردي صلاح الدين خديو إن الدعوات الرسمية للمشاركة بكثافة في الاستحقاق الانتخابي المقبل "إنما تجدد آلام الكرد بفقدهم الشابة مهسا أميني (22 عاما) أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق، منتصف سبتمبر/أيلول 2022 والأحداث التي أعقبتها".

واستغرب خديو في حديثه للجزيرة نت التعويل على وعود مرشحي الانتخابات البرلمانية، في ضوء عدم تحقيق الوعود التي أطلقها رؤساء الجمهورية المتعاقبين إبان حملاتهم الدعائية، مؤكدا أن الناشطين الكرد لم يتفاعلوا مع الانتخابات المقبلة، ولعل أحد الأسباب يعود لرفض مجلس صيانة الدستور أهلية مرشحيهم، مما يجعل البرود سيد المشهد الانتخابي في المدن الكردية الكبيرة.

وخلص إلى أنه وخلافا للمدن الكبرى، فإن المدن الكردية الصغيرة تطالب المرشحين للانتخابات بإنجاز مشاريع إعمارية وتنموية، مثل تحديث الطرق وربط المدن بشبكة توزيع الغاز الطبيعي، وتطوير شبكة الصحة العامة، وعلى رأسها تجهيز المستشفيات المحلية.

الأتراك.. مطالب بيئية

أما حميد قدسي أذر الناشط الأذري بمدينة تبريز الواقعة شمال غربي البلاد، فقال إنه لا يتردد أبدا في وضع "جفاف بحيرة أرومية" على رأس سلم تطلعات القومية التركية من البرلمان الإيراني المقبل، مطالبا ممثلي البرلمان الحالي ومرشحي الانتخابات المقبلة بعدم تفويت الفرصة لإنقاذ البحيرة، وتسليم حصصها المائية كاملة.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى المشاريع الوطنية الكبرى لتحلية مياه بحر عمان ونقلها إلى المحافظات المركزية، ويضيف أن "سكان المحافظات الأذرية تشعر بتقاعس السلطات الحاكمة حيال أزمة جفاف بحيرة أرومية، إذا لم تكن متعمدة لإرغامهم على هجرة المنطقة" على حد تعبيره.

وتابع أن "50% من النحاس في إيران يستخرج من مناجم سونغون، القريبة من مدينة ورزقان الفقيرة، وتنقل إلى مصانع النحاس بمدينة كرمان جنوبي البلاد"، مضيفا أن "القومية الأذرية تطالب بإنشاء مصانع للنحاس في منطقتها للقضاء على البطالة، ولكي تعود خيرات أراضيها إليها، إلى جانب مطالبها الدائمة بإنهاء النظرة الأمنية إلى هذه المنطقة".

الفتور يخيم على الحملات الانتخابية في إيران (الجزيرة) فئات أخرى

وعلاوة على القوميات الإيرانية، فإن لدی الفئات المجتمعية الأخرى مطالب وهموما قد لا تقل أهمية عما سبق، لكنها تتفاوت من شريحة إلى أخرى، فالمعلمون يطالبون برفع الأجور، ومتداولو البورصة يطالبون برفع اليد عن سوق الأسهم، لكي ترتفع بالتناسب مع التضخم على أقل تقدير، إذا لم يكن هناك أمل بارتفاع مؤشرها العام.

ونشرت وكالة إسنا للأنباء تقريرا عن تطلعات شريحتي الموظفين والمتقاعدين من البرلمان المقبل، مؤكدة أن ضمان المصالح الوطنية وتشريع القوانين المناسبة تطغى على تطلعات الشريحتين، ونقلت عن لسان المواطن علي أحمد مطالبة المرشحين بـ"عدم إطلاق وعود لم تعد من صلاحياتهم، وإنما الحكومة هي التي تتولى المشاريع التنفيذية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی محافظة

إقرأ أيضاً:

مطالب بوضع رقابة مشددة على المدارس الدولية

أكد خبراء تربويون وأولياء أمور أن المدارس الدولية فى مصر تحتاج للمزيد من الأدوات الرقابية التى تجعلها خاضعة بشكل كامل لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، خاصة بعد أن شهدت الفترة الماضية بعض التجاوزات التى أثارت الجدل والغضب لدى الرأى العام المصرى، كان آخرها الواقعة التى عرفت إعلاميًا بـ«واقعة طالبة التجمع» التى تعرضت للضرب المبرح داخل المدرسة على يد زميلاتها نتج عنها بعض الإصابات وكسور بالأنف ووضع المدرسة تحت الإشراف المالى والإدارى للوزارة بقرار الوزير محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى.
وجاءت الواقعة لتزيد من الشعور الذى ينتاب البعض بأن المدارس الدولية تكاد تكون تسير فى مسار منفصل، ولا تنفذ توجيهات الوزارة بشكل كامل حتى وإن تظاهرت بعض المدارس بذلك، ولعل ذلك الأمر يبدو واضحًا مع بداية كل عام دراسى فيما يتعلق بتحديد المصروفات، حيث يوجد فى مصر قرابة 26 مدرسة دولية يدرس بها أكثر من 10 آلاف طالب.
ويقول الدكتور تامر شوقى، الخبير التربوى إن غالبية المدارس الدولية تبدو ملتزمة بالقرارات الوزارية، إلا أنها فى حقيقة الأمر تخالف ذلك، خاصة فيما يتعلق بالمصروفات الدراسية عن طريق فرض رسوم خفية تحت بنود مصطنعة لزيادة المصروفات، مستغلة فى ذلك طبيعتها الخاصة ودفعها للضرائب ومنحها للشهادات الأجنبية واتباع نظم تعليم أجنبية، فى الوقت لذى أكد فيه أن المدارس الدولية تمثل قطاعًا مهمًا فى التعليم المصرى نحو تميز التعليم الذى يضاهى أكثر الدول تقدمًا،سواء الخاصة بمصروفات أو غيرها.
وأضاف «شوقي» أن تعامل الوزارة مع هذه المدارس يحتاج تعديل تشريعى وقانونى حتى من النواحى الإدارية وفرض عقوبات قاسية على غير الملتزمين حتى لو وصل الأمر للإغلاق، لأن وجود طلاب ومعلمين أجانب بها يغل من تدخل الوزارة فيها، ويجعل تلك المدارس لا تنفذ الكثير من القرارات، فضلا عن غياب الرقابة الجادة على تلك المدارس من قبل الوزارة.
وقالت فاطمة فتحى، إحدى أولياء الأمور، ومؤسس «جروب تعليم بلا حدود» إن التجاوزات التى حدثت خلال الفترة الأخيرة كشفت عن وصول شكاوى أولياء الأمور للوزارة من تصرفات المدارس الدولية دون أى تدخل أو اهتمام بها، سواء فيما يتعلق بالمصروفات أو استحداث بنود جديدة باسم الخدمات دون أى رقابة أو محاسبة.

مقالات مشابهة

  • هزة أرضية بقوة 4.8 تضرب ديالى قرب الحدود العراقية-الإيرانية
  • هل تعدل سوريا مسار العلاقات التركية- الإيرانية؟
  • مطالب بوضع رقابة مشددة على المدارس الدولية
  • مذكرة تفاهم بين جامعة صحار وأمير كبير للتكنولوجيا الإيرانية
  • وقفة تضامنية في محافظة إدلب بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب السوري للمطالبة برفع العقوبات التي فرضت على النظام البائد
  • ورشة عن أهمية التعليم فى الحضارة المصرية لأطفال جمعية منارات العطاء بالفيوم
  • مصادر سياسية:الحكومة الحشدوية تتوسط بين إيران وسوريا وتركيا لحماية المصالح الإيرانية
  • 15 سؤالا تشرح قرار ترامب منع الجنسية بالولادة
  • بريطانيا.. ارتفاع صادم في اضطراب الهوية الجنسية بين الأطفال
  • عاجل. سفينة حربية صغيرة اقتربت من سفينة تبحر في الخليج وطلبت منها التوجه نحو المياه الإيرانية