جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-03@12:48:57 GMT

المبدأ الأخلاقي

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

المبدأ الأخلاقي

 

 

لماذا يتماهى مَنْ جاءوا من خلفيات عانت حقبًا طويلة من الظلم والعنصرية والاضطهاد مع نظام عنصري ووحشي كدولة الاحتلال؟!

 

عوض المغني

تُقاتل دولة جنوب إفريقيا لاستصدار أحكام قضائية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتقاضيها في جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والعجيب أن تكون دولة إفريقية في أقصى القارة السمراء جغرافيًّا هي من تقف هذا الموقف الأخلاقي والإنساني مع القضية الفلسطينية، وتحديدا ضد الحرب على غزة، فيما تقف الجغرافيا والدين والعرق موقف المتفرج على الإبادة منذ خمسة أشهر!!!

تنطلق جنوب إفريقيا في مقاضاتها لدولة الاحتلال من منطلق أخلاقي ومبدأ إنساني؛ فموطن الزولو على لسان مسؤوليه وقادته أنه لا فرق في نظام الفصل العنصري الذي عانوا منه وآبائهم وأجدادهم وبين كيان الاحتلال الصهيوني، هذا التضامن الإنساني قمة ما يمكن تقدمه للمظلوميات العالمية، وما أكثرها، سوى أنَّ غزة تعتبر أقساها، وتخطته وحشيةً وهمجيةً، وتجلَّى ذلك في احتفال قادة الاحتلال بالتوقيع على الصواريخ والقذائف المعدَّة لنسف ما تبقى من حياة في غزة المحاصرة منذ 17 عاما!

والغريب أنَّ دولا بعيدة جدا أخذت على عاتقها الشجب الصريح والتحرك الدبلوماسي الواضح ضد دولة الاحتلال، سواء من خلال سحب السفراء أو مساندة جنوب إفريقيا في دعواها بمحكمة العدل الدولية؛ مثل: فنزويلا وكولومبيا وأخيرا البرازيل الداخلة في أزمة دبلوماسية مع الكيان الصهيوني بعد تصريحات الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا، وتشبيهه ما يقوم به جيش الاحتلال بمحارق هتلر لليهود.

وتتوالى المواقف الإنسانية المشرفة من البعيد؛ فالرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا عبَّر عن سعادته في يوم المرافعة ضد دولة الاحتلال، أما وزيرة خارجيته ناليدي باندور فقد أَسِفَت لقرار المحكمة عدم إصدار قرار بوقف فوري للإبادة في قطاع غزة. كما أن موقف الفريق القانوني الجنوب إفريقي واضح وصادق ومنطلق من ملامسته لمعاناة نظرائهم في فلسطين المحتلة، وهي ذاتها الآلام والمعاناة التي ذاقوا ويلاتها في نظام الفصل العنصري المنتهي عام 1990، بإعلان آخر رئيس من الأقلية البيضاء فردريك دي كراك انتهاء ذلك النظام، وخروج المناضل نيلسون مانديلا من السجن.

بينما على الجانب الآخر، نرى التشكيل الامريكي -أكثر تشكيل حكومي من الملوَّنِين- بدءًا من كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي، ووزير دفاعه لويد هوستن، وصولا لممثلي الولايات المتحدة في منظمات الأمم المتحدة لينا جرينفيلد وروبرت وود (مجلس الامن)، لم يترك هذا التشكيل من شاردة وواردة ليصب على الفلسطينيين المغلوبين على أمرهم دبلوماسية العقاب الجماعي، ووهم الدولتين، في الوقت الذي يتم فيه استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لثلاث مرات منعا لوقف فوري لإطلاق النار في غزة !!

فالأيدي الأمريكية السمراء المرتفعة مرارا منذ خمسة أشهر رفضا لمنع الإبادة الجماعية في غزة، تخلى أصحابها عن إنسانيتهم ومبادئ قاتل من أجلها آباؤهم وأجدادهم أيام حركة التحرر المدنية، وقبلها ظلم العبودية، وتنصلوا من تاريخ نضال آبائهم مارتن لوثر كينج ومالكوم إكس وروزا باركس ومحمد علي كلاي الرافض لحرب فيتنام.

لماذا يتماهى هؤلاء الذين جاءوا من خلفيات عانت حقبًا طويلة من الظلم والعنصرية والاضطهاد مع نظام عنصري ووحشي كدولة الاحتلال؟! ولم يقف الأمر عند هؤلاء، فرد عمدة نيويورك (أسمر البشرة) إريك آدمز على المتظاهرين الداعمين لغزة قائلا: "ليعد المحتجزين أولا"!!! وكأنه إعلان صريح للعقاب الجماعي الذي يطال المدنيين، بينما تناسَى ما الذي جاء بالأمريكان (مزدوجي الجنسية) إلى غلاف غزة والمتعارف عليها دوليا منطقة محتلة منذ 1967؟!

لا ننسى أنَّه قد سبق هذا التشكيل الملوَّن كولن باول وزير الخارجية أثناء ولاية بوش الابن، وسوَّق بلا خجل لاحتلال العراق 2003 بذريعة أسلحة الدمار الشامل، وبعد أعوام من اعتزاله السياسة اعترف بخطئه وأبدى ندمه، لكننا نقول اليوم للتشكيل الأمريكي لن نقبل أعذارا ولن تجدوا صكوكَ غفران. وكما قال سلمون نورثورب (صاحب مذكرات "12 سنة عبودية") خلال فترة عبوديته: "لابد من حساب، لا يمكن لكل هذا العذاب أن يمر بلا عقاب". وقال تعالى: "إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا" صدق الله العظيم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تجار الموت.. صادرات الاحتلال من الأسلحة تغذي الصراعات الدموية في العالم

عاما بعد عام، تكسر دولة الاحتلال الرقم القياسي في صادراتها من الأسلحة والوسائل القتالية، مما يُغدق عليها عشرات المليارات التي تتدفق، لكنها تطرح خلفها أسئلة عميقة مخفية، حول الأسباب الحقيقية لبيعها هذه الأسلحة غير جني الأموال والأرباح التي بلغت قيمتها 13 مليار دولار، فيما تخوض حربا عدوانية على الشعب الفلسطيني في غزة، وما تسبب لها من كراهية حول العالم.

الحاخام أفيدان فريدمان الباحث بجامعة "بار إيلان"، نقل معطيات نشرتها وزارة الحرب حول "صادرات الأسلحة الإسرائيلية للخارج التي تعطي مؤشرات سيئة للغاية، وسيئة بما يكفي لإفساد ما يشعر به الإسرائيليون من فرحة بسبب تحصيل الأموال الطائلة، مما يطرح أسئلة أساسية عميقة عليهم يجب أن يواجهوا بها أنفسهم، وأهمها هل أن هذه الصفقات العسكرية الدموية التي تترك خلفها تاريخا مؤلما حول حاجتهم للبقاء بسبب ما يشعرون به من تهديدات محيطة بهم بشكل متكرر، مما يستدعي منهم أن "يعيشوا على السيف" بشكل دائم، وفي سبيل هذا البقاء يبررون أي وسيلة ضرورية لتحقيقه".


وأضاف في مقال نشره موقع "ويللا" العبري، وترجمته "عربي21" أن "أحد الدوافع لاستمرار دولة الاحتلال بإبرام صفقات الأسلحة القاتلة حول العالم شعورها بأنها تعيش وسط هواجس الخوف من الموت، ولذلك تتفاخر وزارة الحرب بما تعتبرها منشورات "مبهجة" حول تحطيم الرقم القياسي على الإطلاق لهذه المبيعات، مما يزيد من الصراعات الدموية حول العالم بسبب أسلحتنا ووسائلنا القتالية، مما يجعل الإسرائيليين مع مرور الوقت، أو هكذا يتهيأ لهم، أنهم يربطون بقاءهم باستمرار الحروب في العالم، ويضعون أنفسهم في موقف مفاده أن استمرار الحرب أمر يخدمهم، وكأن مصلحتهم تعتمد على معاناة الآخرين حول العالم".

وأشار إلى أنه "لو كانت صفقات الأسلحة الإسرائيلية اقتصرت على المبيعات فقط للدول التي لديها احتياجات مشروعة للدفاع والحماية والأمن، لاستخدام هذه الأسلحة بشكل مشروع، فربما لم يكن هناك مجال للشكوى أو الانتقاد، لكن هذا ليس ما عليه الأمور، حيث تسمح دولة الاحتلال بتصدير الأسلحة إلى 130 دولة في العالم، بما في ذلك الدول التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل خطير، وترتكب عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية، مما يكشف عن مدى التواطؤ الإسرائيلي في معاناة الأبرياء في مختلف أنحاء العالم، وهذه في النهاية سياسة ستحول الاحتلال إلى دولة تستفيد من الموت والحرب، بل وتفتخر بها، لأنها تخدم مصلحتها في البقاء".


وأوضح أن "الأرقام القليلة التي نشرتها وزارة الحرب تظهر أن هذه الصفقات يتم إبرامها عن سابق إصرار وتعمّد، مما يعني قناعة الإسرائيليين بـ"العيش على السيف"، والاستفادة منه، وسط رفض لأي مطالبات بفرض حدود أخلاقية على هذه الصادرات، والاكتفاء بتقديم أعذار غير مقنعة مفادها أن هذه القيود من شأنها أن تقضي على صناعة السلاح، وتلحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي".

وكشف أن "دولة الاحتلال تمكنت من تحطيم الرقم القياسي على الإطلاق في مبيعات الأسلحة، في وقت تجاوز فيه معدل صادراتها من الأسلحة الجوي نسبة الثلث، مع ذهاب 1بالمئة منها للقارة الأفريقية بأكملها، رغم انخفاضها بشكل كبير إلى دول التطبيع ضمن اتفاقيات أبراهام، ويتمتع الكثير منها بسجل إشكالي للغاية في مجال حقوق الإنسان، فيما وصلت نسبة الأسلحة الإسرائيلية إلى أذربيجان نسبة 70 بالمئة في العقد الماضي، وبمساعدته نفذت الدولة تطهيرا عرقيا للأرمن في ناغورنو كاراباخ، ورغم ذلك فإن هذه الصادرات لم تجعلها تؤيدنا وتصوت لنا في الأمم المتحدة بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر".

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يعلن قصف مواقع لـ"حزب الله" جنوب لبنان
  • هل تحتاج الولايات المتحدة إلى رئيس عاقل
  • شهيدان في قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة  
  • نعوم تشومسكي (2)
  • صناعة المكانة الدولية.. الإمارات نموذجاً
  • السعودية تنضم إلى مشروع نظام الدفع الدولي الجديد إم بريدج
  • أفريكا إنتليجنس: شخصيات رئيسية في نظام البشير انضمت لحميدتي لأسباب مناطقية
  • تجار الموت.. صادرات الاحتلال من الأسلحة تغذي الصراعات الدموية في العالم
  • مقتل جندي إسرائيلي في معارك جنوب غزة
  • الصباح يؤكد أهمية تطبيق الهيكل الأخلاقي للذكاء الاصطناعي بكافة مناحي الحياة