حرية الرأي والتعبير كواقع عالمي
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
◄ علينا كمواطنين التزام النظام والقانون لنشر الآراء والأفكار البناءة وعدم الانزلاق لوحل الخلافات والفتن والآراء المسببة للكراهية والبغضاء والأحقاد بين الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول
حمد الحضرمي *
إنَّ حق حرية الرأي والتعبير من الحقوق العامة للإنسان كحق الحياة والكرامة التي تلتزم الدولة باحترامهما وحمايتما وفقًا للقانون، ولا يستطيع الإنسان أن يحيا في المجتمع المدني بمختلف تشكيلاته ومؤسساته دون أن يعبر عن رأيه وأفكاره، التي لا بد أن تخرج للعالم الخارجي بأي شكل من أشكال التعبير المختلفة؛ مثل: الكلام والكتابة والرسم.
وقد كَفَل النظامُ الأساسيُّ للدولة في سلطنة عُمان حرية الرأي والتعبير -وفقًا لنص المادة 35 من النظام الأساسي للدولة- في الفصل الثالث "الحقوق والواجبات العامة"، ونصَّت المادة على أن "حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون"، كما أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في خطاباته وكلماته السامية على حرية التعبير عن الرأي؛ كونه من الحقوق المدنية الأساسية للمواطن، التي ترعاها الدولة والمؤسسات والقانون، وتحفظ للمواطن كرامته وقدرته على المشاركة الفاعلة في المجتمع، وتعتبر حرية التعبير سياجا وطنيا يحمي مقدرات ومنجزات الوطن، وينهض به للتطور والتقدم والازدهار، مع التقيُّد بالنظام العام وعدم الإخلال بالآداب العامة ورعاية مصالح الدولة وعدم المساس بحقوق الآخرين، وعدم التعسُّف في استعمال حق ممارسة حرية التعبير لضمان عدم المساءلة والوقوع في المحظور.
ومن الأمانة علينا كمواطنين أن نكُون مُخلصين أوفياء صادقين في التعبير عن آرائنا الخاصة التي تعبر بصدق عن كل ما يجري أمام أنظارنا، على أن تكون هذا الآراء حيادية وصادقة ولا تنشر أخبارًا زائفة، وأن يكون لها دور فعال في دعم وتطلعات ومتطلبات الوطن والمواطن، وفي توضيح الصورة وتوعية المواطن عن حقوقه وواجباته، ودوره الكبير في بناء وأمن واستقرار وطنه، وتنبه المواطن لاحترام وحفظ كرامة الشعوب والأفراد دون تفرقة أو تعصُّب، والالتزام والانتباه للشرور المحيطة بالمجتمع التي تُكدِّر الإنسانية وتزيد التوترات وتغرس الحقد والكراهية كالفتن بين الأفراد والشعوب والدول، والواجب على العقلاء من أصحاب الرأي والحكمة أن تكون لهم أدوار في نشر الآراء والأفكار التي تجمع الصف وتوحد الكلمة وتقرب وجهات النظر وتلطف الأجواء بين الشعوب والدول بكلمات جميلة بأسلوب مقنع.
والأمر يتطلَّب الالتزام بالنظام والقانون الذي أقر الحقوق والواجبات وفرض الضمانات لممارستها، وعدم التعدي على حرية وحقوق الآخرين، واحترام الحق في حرمة الحياة الخاصة كقيد على حرية التعبير عن الرأي، وأن نسهم بالآراء والأفكار في حماية النظام والآداب العامة، واحترام آراء الآخرين والتنوع الثقافي والديني والاجتماعي، ومحاربة الفساد والأفكار الهدامة، والاستخدام الأمثل لشبكة الاتصالات (الإنترنت والهاتف النقال) لنشر الآراء والأفكار البناءة، وعدم الانزلاق إلى وحل الخلافات والفتن والآراء المسببة للكراهية والبغضاء والأحقاد بين الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول، والالتزام بالمبادئ والقيم والأخلاق الإنسانية النبيلة، مع ضرورة نشر الثقافة القانونية على كل الأصعدة والمستويات لكي يتمكن المواطن من معرفة ما له وما عليه من حقوق وواجبات وحريات عامة، كحرية التعبير والرأي وحرية الإعلام والصحافة وحرية الحصول على المعلومات...وغيرها من الحريات التي أصبح من الضرورة منحها مزيدًا من المساحة لتعمل بفاعلية أكبر لأنها أصبحت واقعًا عالميًا.
* محامٍ
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل الإنسان مجبر على أفعاله أم يمتلك حرية الاختيار.. أحمد عمر هاشم يوضح
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن النبي محمد ﷺ يشفع لجميع الأمة الإسلامية، مشيرًا إلى أنه سُمي "محمودًا" نظرًا لمكانته العظيمة.
وخلال تقديمه برنامج "كأنك تراه" على قناة صدى البلد، تناول أحمد عمر هاشم الحديث النبوي الشريف الذي يوضح مراحل خلق الإنسان في بطن أمه، مشيرًا إلى أن الله يبعث الملك لنفخ الروح فيه ويأمر بكتابة أربعة أمور: رزقه، أجله، عمله، وهل سيكون سعيدًا أم شقيًا.
وأكد أحمد عمر هاشم أن هذا الحديث يبرز قضية القضاء والقدر، والتي دار حولها جدل بين العلماء، حيث رأى بعضهم أن الإنسان مُجبر على أفعاله، بينما أكد آخرون أن لديه حرية الاختيار، لكن الله بعلمه الأزلي ينكشف له ما سيختاره الإنسان بنفسه.
وضرب الدكتور أحمد عمر هاشم مثالًا بقصة سيدنا موسى مع الخضر، حين قتل الأخير غلامًا رغم أنه لم يرتكب ذنبًا، موضحًا أن هذا الفعل جاء بناءً على علم إلهي مسبق بمصير الغلام، حيث كان سيصبح كافرًا ويجرّ والديه إلى الطغيان.
وأوضح أن هذا يندرج تحت "العلم الانكشافي"، الذي يُظهر للإنسان اختياراته منذ الأزل، مؤكدًا أن الله يحاسب الإنسان بناءً على ما يختاره بكامل إرادته، وليس لأنه مُجبر على مسار معين.
وفي ختام حديثه، أكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن الحديث النبوي يوضح تسلسل مراحل خلق الإنسان بدءًا من كونه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، قبل أن تُنفخ فيه الروح ويُكتب مصيره، مشددًا على أن الإيمان بالقضاء والقدر لا يتعارض مع مسؤولية الإنسان عن أفعاله، لأن له حرية الاختيار ضمن ما قدره الله بعلمه السابق.