يأتي التحرك الليبي بالتزامن مع تزايد أعداد اللاجئين السودانيين في ليبيا ولم يجد عشرات الآلاف من المواطنين من إقليم دارفور والعاصمة السودانية مفرا من اللجوء إلى هذا البلد عبر الطرق الوعرة هربا من جحيم الحرب

التغيير: طرابلس

بدعوة من رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة وصل قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى طرابلس اليوم الاثنين.

زيارة البرهان إلى طرابلس سبقتها تطورات ابتدرها الدبيبة بالاتصال الهاتفي مع قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” بدعوة مماثلة وجهت للرجل لزيارة العاصمة الليبية، وأكد حميدتي موافقته على ذلك.

تحرك متأخر

يأتي التحرك الليبي في الأزمة السودانية بالتزامن مع تزايد أعداد اللاجئين السودانيين في ليبيا ولم يجد عشرات الآلاف من المواطنين من إقليم دارفور وحتى العاصمة السودانية مفرا من اللجوء إلى هذا البلد الواقع غربا على الحدود مع السودان عبر الطرق الوعرة هربا من جحيم الحرب.

هذه التأثيرات ضاعفت من المخاوف الليبية من توسع الحرب في السودان وزادت خشيتها من توسع نطاق الحرب في إقليم دارفور الذي وضع الجنرال حميدتي أربع ولايات من أصل خمس ضمن مناطق سيطرته العسكرية.

لم يفصح الدبيبة الرئيس المدني الذي أُنتخب عبر ملتقى الحوار الليبي في جنيف في العام 2021 رئيسا للحكومة في ليبيا عن بنود مبادرته وإن اكتفى بالإشارة إلى أنها ليست مبادرة للجمع بين الجنرالين المتحاربين في السودان.

وذكرت وكالة الأناضول التركية اليوم الاثنين أن الدبيبة سيطرح مبادرة على قائدي الجيش والدعم السريع إمكانية وقف إطلاق النار في السودان وإحلال السلام في هذا البلد الذي يجاور ليبيا شرقا وشمالا.

مباحثات ثنائية

بالمقابل ذكر بيان مجلس السيادة الانتقالي السوداني أن البرهان توجه إلى ليبيا اليوم الاثنين يرافقه وزير الخارجية المكلف ومدير المخابرات العامة لإجراء مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة تتركز حول تعزيز التعاون بين البلدين ولم يتطرق بيان “السيادي السوداني” حول وقف إطلاق النار المقترح من جانب الدبيبة الذي تحدث عنه مع الجنرال حميدتي السبت الماضي.

انعدام الحوافز

يستبعد الباحث السياسي مصعب عبد الله في مقابلة مع «التغيير» تحقيق الدبيبة اختراقا في الأزمة السودانية لأسباب متعددة أبرزها شعور الجيش السوداني بتقدمه ميدانيا هذا الأسبوع خاصة في أم درمان إلى جانب عدم وجود حوافز ظاهرة للعيان قد يحملها الدبيبة إلى الجنرالين المتحاربين في السودان.

وقال عبد الله إن البرهان استجاب لدعوة الدبيبة حتى يكمل المهمة من وجهة نظر دبلوماسية ويضع شروطه لوقف إطلاق النار وهي شروط لم يتوقف الجيش عن طرحها في جميع المنابر التي تشمل خروج الدعم السريع من منازل المواطنين والمرافق المدنية وهي بنود يرفعها الجيش رغم أنها لا تشكل أولوية لكنها مثل “قميص عثمان”.

 

وأردف: “لم يصل الجيش إلى مرحلة الموافقة على وقف إطلاق النار لأن موقفه متراجع ميدانيا ربما يوافق على ذلك إذا تمكن من تحقيق تقدم في أم درمان على الأقل”.

ومنذ مبادرة منبر جدة في مايو 2023 مرورا بمبادرة الهيئة الحكومية للتنمية الدولية “الإيقاد” في يناير الماضي وحتى المفاوضات السرية التي عقدت في المنامة عاصمة البحرين الشهر الماضي ومبادرة دول الجوار السوداني التي تبنتها مصر العام الماضي لم تتمكن جميع المبادرات من تحقيق تقدم فيما يتعلق بدفع الجنرالين إلى توقيع وقف إطلاق النار في السودان كما فشلت نحو 14 هدنة العام الماضي صدرت من منبر جدة في دفع الطرفين المتحاربين إلى عملية بناء الثقة.

وعندما يتعلق الأمر بالمبادرة الليبية فإن هذا التحرك لا ينفصل وفقا للمراقبين من قلق الحكومة القائمة في طرابلس على خلفية تداخل الجماعات المسلحة السودانية في الأزمة الليبية بإرسال آلاف المقاتلين من السودان العامين الماضيين حسب تقارير الأمم المتحدة التي وثقت ذلك.

توسع الصراع

ويقول دبلوماسي سابق في الاتحاد الأفريقي مشترطا عدم نشر اسمه في تصريح لـ«التغيير» إن طرابلس تخشى من تحول الإقليم بما في ذلك السودان وليبيا إلى منطقة صراع واسع بسبب الحرب في السودان.

ويرى الدبلوماسي أن طرابلس غير مهيأة لقيادة وساطة بين الجيش والدعم السريع لأسباب تتعلق بوضعها الداخلي إلا إذا كانت مدفوعة من من الاتحاد الأوروبي الذي يخشى انزلاق طرابلس وتشاد إلى صراع مسلح واسع بسبب حرب السودان.

ويقلل الدبلوماسي من فرص نجاح المبادرة الليبية في الأزمة السودانية لأن الوقت بالنسبة للجيش غير مناسب خاصة مع إصراره على التقدم الميداني في أمدرمان والجزيرة وزيارة البرهان قد تكون لتوسعة شرعيته اقليميا وتقديم المبررات لاستمرار القتال ضد الدعم السريع.

وأضاف: “الحكومة الليبية (طرابلس) مواقفها قريبة من الجيش السوداني وهي تتفق على أهمية الحفاظ على سيادة السودان وفي ذلك لا تتفق مع المبادرات التي تضع الجيش والدعم السريع في خانة واحدة مثل منبر جدة والإيقاد لذلك سارع البرهان إلى تلبية الدعوة التي وصلته من طرابلس”.

اصطفاف إقليمي

فيما يرى المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” شهاب الطيب في حديث لـ«التغيير» أن زيارة البرهان إلى طرابلس لا تنفصل عن انقسام المواقف الدولية في أزمة السودان بمعنى أن كل طرف عسكري في السودان يبحث عن طرف دولي وإقليمي متوافق مع مطالبه وموقفه من الحرب.

وأضاف: “زيارة البرهان مرحلة جديدة من الصراع في السودان وتعقبها زيارة أخرى لحميدتي إلى ليبيا وهي دولة لديها امتدادات في المجموعات السكانية في شمال أفريقيا وقد تلعب دوارا مهما في الأزمة خلال الفترة المقبلة”.

 

الوسومالبرهان المبادرة الليبية حرب السودان حميدتي ليبيا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البرهان حرب السودان حميدتي ليبيا

إقرأ أيضاً:

تعامل الفريق البرهان والقيادات العسكرية المحيطة به مع أزمات السودان الحالية لن تفلح قطعاً

تعلم قيادة الجيش السوداني المسكونة بحاضره ومستقبله.. والحريصة حد الوجع علي مقام ومكان هذا الجيش العظيم في وجدان الشعب..

تعلم هذه القيادة أن تمدد مليشيات التمرد في عمق ولاية سنار وقريباً من الحدود مع دولة أثيوبيا ودولة جنوب السودان، سيفرض واقعاً جديداً علي قائمة مهددات الأمن القومي السوداني التي تضاعفت وتتضاعف باجتياح المليشيا لمناطق الزراعة والإنتاج وتشريد ونزوح مواطني هذه المناطق يعني عملياً فشل الموسم الزراعي الحالي بولاية سنار بعد فشل الموسم بولاية الجزيرة وقبل كل هذا وذاك المعاناة الإنسانية القاسية لالاف المواطنين الأبرياء الذين أُخرجوا من ديارهم وأُوذوا وقُتّلوا تقتيلا..

وتعلم قيادة الجيش أن توغل مليشيات التمرد في سنجة وقري سنار الوادعة يمثل فشلا ذريعاً للأجهزة المختصة ويفرض علي المنظومة العسكرية والأمنية تحدياً جدياً للتعامل مع إرتدادات هذا الزلزال بما يستحقه من محاصرة ومعالجة..

الطريقة التي يتعامل بها الفريق البرهان والقيادات العسكرية المحيطة به مع أزمات السودان الحالية لن تفلح قطعاً في وقف النزيف ولا لجم تمدد المليشيات ولا الإستجابة المادية والنفسية لمعاناة وآلام الناس.. وهذه الحقائق المرة تفرض مجدداً علي العقول الإستراتيجية داخل المؤسسة العسكرية السودانية وأجهزة الإستخبارات تكييف المشكلة بالإجابة علي الأسئلة الستة أثناء الأزمات المعقدة في تاريخ الأمة.. أي أمة ولا تُوجد أزمة معقدة في ماضي وحاضر السودان مثل الحرب الحالية..

وحدها العقول الإستراتيجية داخل الجيش من بيدها تلافي الخلل الحالي في إدارة الحرب والدولة.. لا نتحدث عن انقلاب على البرهان.. نتحدث فقط عن تغيير الطريقة الحالية في التعاطي مع محنة البلاد ولو أدي ذلك إلي تحجيم دور البرهان الذي حقق عجزاً بائناً في تحقيق الهدف الذي غادر بموجبه القيادة العامة بتلك العملية البطولية النادرة.. خرج البرهان لكي يدير الدولة لا ليقود الجيش لكنه أقعد هذه وتلك حيث فشل في توظيف مقدرات الدولة الشاملة لإدارة الحرب.. وفشل في توجيه قدرات الجيش السوداني الضاربة في التعامل مع مليشيات التمرد..

هذه كلمتنا لوجه الله.. ثم للتاريخ.. أزمة بلادنا اليوم في قائد الجيش وقائد الدولة وأمتنا تستحق قيادة ملهمة تضع الشعب أمام الحقيقة.. نقول هذا حتي لاتكتب صفحات التاريخ ذات يوم أن الفريق البرهان ورئيس هيئة أركان الجيش السوداني قد تسببا في تعطيل قدرات وإمكانيات أقوي الجيوش في أفريقيا وهذا قريب مما كتبه ناجل هاملتون كاتب السير الذاتية الشهير في كتابه الأخير ( القياصرة الأمريكيون) .. كتب أقسي وصف عن فترة حكم بوش الابن ( لقد كان الإمبراطور الأسوأ مع نائبه ديك تشيني حيث دمرا بملء إرادتهما الكثير من الأسس الأخلاقية التي قامت عليها الولايات المتحدة الأمريكية)..

عبد الماجد عبد الحميد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الكلام ده اكبر من البرهان واكبر من حميدتي … لكن الله اكبر
  • الجامعة العربية: ماضون قدماً بجهود إقرار الدستور وإجراء الانتخابات الليبية
  • الأمين العام لجامعة الدول العربية يستقبل "الدبيبة" رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية
  • “إلا بعزة”.. البرهان يحدد شروط التفاوض مع الدعم السريع
  • البرهان يحدد شروطا للتفاوض مع الدعم السريع.. وتوسع في خطة مساعدة السودان
  • هل ينجح الانقلاب على البرهان هذه المرة؟
  • تعامل الفريق البرهان والقيادات العسكرية المحيطة به مع أزمات السودان الحالية لن تفلح قطعاً
  • السودان يعيش أسوأ «نزوح» في العالم وسط تحذيرات أممية من تداعيات الأزمة
  • إلا بعزة.. البرهان يحدد شروط التفاوض مع الدعم السريع
  • ما حقيقة زيارة قائد الجيش السوداني لجبهات القتال في ولاية سنار؟