السفيرة أبو غزالة في يوم التراث الثقافي العربي : حماية واحياء تراث فلسطين تتصدر طاولة الجامعة العربية
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
قالت السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، صباح اليوم الأثنين، أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تضع موضوع حماية التراث الثقافي العربي ضمن أهم أولويات اهتماماتها خاصة وتحرص دائما على إحياء هذا اليوم الهام وذلك إيمانا منها بأن التراث الحضاري على اختلاف أنواعه وأشكاله مبعث فخر للأمم واعتزازها ودليل على عراقتها وأصالتها، ومعبّرا عن الهوية الوطنية وصلة وصل بين الماضي والحاضر إلا أنه من المؤسف أن يتعرض هذا التراث للسرقة والضياع بل وللتدمير، لافتة الي أن الهدف من احياء هذا اليوم خاصة في تلك الفترة التي تمر بها دولة فلسطين هو شحذ الهمم واستنهاضها وتنفيذ أفضل المبادرات والممارسات التي من شأنها تصب في حماية تراث فلسطين الذي تدمره الآلة الصهيونية الحاقدة.
وأضافت أن المناسبة تأتي للتذكير والتوعية بأن تراثنا مستهدف وعلينا جميعا اتخاذ كافة التدابير للحفاظ عليه وحمايته.
وتابعت خلال كلمتها التي ألقتها خلال الاحتفالية التي نظمتها الأمانة العامة أن الأمانة العامة اختارت موضوع حماية واحياء تراث فلسطين نظرا لما تمر به فلسطين وخاصة قطاع غزة على وجه الخصوص من تدمير وانتهاكات بشتى الطرق من قبل الاحتلال الصهيوني الغاشم بما في ذلك التراث الثقافي، والتراث يعني الهوية، حيث يستهدفون طمس الهوية العربية الفلسطينية، بل ويحاولون انتسابها لهم.
وتابعت السفيرة كلمتها قائلة: لا يمكن الحديث عن مستقبل الأمة ومصيرها دون التطرق إلى الأحداث المؤلمة التي خلفتها وتخلفها النزاعات المسلحة من أزمات على كل المستويات بما في ذلك دمار واستهداف الإرث الثقافي في ظل غياب الأمن الناتج عن عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.
وأوضحت إنه في يوم التراث الثقافي العربي، الذي أعتمده مجلس جامعة الدول العربية في مارس 2016، ويتناول هذا العام موضوع "حماية وإحياء التراث الثقافي لدولة فلسطين"، تم اختيار يوم 27 فبراير ليكون يوما للتراث الثقافي العربي، الذي دمرت فيه متاحف الموصل بالعراق على يد الإرهاب الغاشم والأيادي الفاسدة المدمرة.
وأضافت السفيرة هيفاء أبو غزالة أنه حرصاً من الأمانة العامة على حماية تراث الأمة العربية وعلى مقدراتها التاريخية والحضارية، وتنفيذا للمواثيق والاتفاقيات العربية والدولية ذات الصلة، فقد بادرت إلى تنظيم العديد من الفعاليات واللجان الخاصة بحماية الموروث الثقافي، وتحرص على المشاركة مع الجهات المعنية بالتراث في الفعاليات والمبادرات الخاصة بحماية التراث الثقافي العربي وتواصل الأمانة العامة جهودها في مجال حماية واحياء التراث الثقافي العربي، بالتعاون مع الجهات الدولية والعربية المعنية، بما في ذلك الذراع الفني لجامعة الدول العربية في مجال الثقافة والترابية والتعليم وهي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حماية التراث الثقافي العربي فلسطين جامعة الدول العربية التراث الثقافی العربی الأمانة العامة الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
الهوية الوطنية والهوية العربية: جدلية التداخل ومسارات المشروع الثقافي الأردني
#سواليف
#الهوية_الوطنية و #الهوية_العربية: جدلية التداخل ومسارات #المشروع_الثقافي_الأردني
الشاعر #أحمد_طناش_شطناوي
رئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين/ إربد
لطالما كانت الهوية الوطنية والهوية العربية في علاقة جدلية قائمة على التداخل والتكامل، فلا يمكن تصور هوية وطنية مغلقة دون امتدادها العربي، كما لا يمكن للهوية العربية أن تحقق حضورها دون انصهار مكوناتها الوطنية في مشروع ثقافي جامع، وفي السياق الأردني تتجلى هذه العلاقة بوضوح، حيث لم يكن الأردن يومًا منعزلًا عن قضايا الأمة، بل كان حاضرًا فكريًا وثقافيًا وسياسيًا في مشهدها، وخاصة في القضية الفلسطينية التي شكلت جزءًا من الوجدان الجمعي الأردني، وأسهمت في صياغة مسار الثقافة الوطنية.
وعليه، فإن أي سعي لبناء مشروع ثقافي وطني أردني لا يمكن أن يكون بمنأى عن الفضاء العربي، بل يجب أن يكون امتدادًا له في إطار الخصوصية المحلية، بحيث تتكامل الهوية الأردنية مع الهوية العربية في مشروع ثقافي يعيد الاعتبار للمشتركات الفكرية والتاريخية، ويواجه تحديات العصر بأدوات حديثة تضمن استمرارية الثقافة وتأثيرها في المجال العام.
فقد شكّل الأردن عبر تاريخه نقطة تفاعل بين حضارات متعددة، ما جعله بيئة خصبة للإنتاج الفكري والتبادل الثقافي، فمنذ نشأة الإمارة لعب الأردن دورًا محوريًا في المشهد الثقافي العربي، سواء من خلال حراكه الأدبي، أو عبر مواقفه السياسية والثقافية التي كرّست التزامه بقضايا الأمة، وقد أسهمت مؤسساته الثقافية، مثل وزارة الثقافة ورابطة الكتاب الأردنيين، في دعم الفعل الثقافي، إلا أن هذا الدور لا يزال بحاجة إلى مشروع متكامل يواكب التحديات الراهنة.
وهنا يبرز السؤال المحوري: كيف يمكن تحويل هذه الهوية الثقافية إلى مشروع استراتيجي يحقق حضورًا وتأثيرًا في المشهد العربي؟
للإجابة عن هذا السؤال فإننا بحاجة إلى محاور أساسية للبدء في مشروع ثقافي متكامل، وذلك من خلال:
أولًا: تعزيز الإنتاج الثقافي المرتبط بالهوية الجامعة
إذ لا يمكن الحديث عن مشروع ثقافي دون توفير بيئة حاضنة للإبداع، تدعم الأدباء والمفكرين، وتربط الإنتاج الثقافي بالهوية الجامعة، بحيث لا يكون مجرد انعكاس لحالة محلية معزولة، بل رافدًا للمشروع الثقافي العربي ككل، وهنا لا بد من تطوير سياسات ثقافية تحفّز الإنتاج الأدبي والفني، وتضمن له الانتشار والتأثير في المجالين المحلي والعربي.
ثانيًا: ربط الثقافة بالسياسات العامة لتعزيز الوحدة الوطنية
إن الثقافة ليست مجرد نشاط فكري أو فني، بل عنصر رئيس في تشكيل السياسات العامة، سواء من خلال تعزيز الانتماء الوطني، أو دعم الاستقرار الاجتماعي، أو المساهمة في الدبلوماسية الثقافية، لذا فإن بناء مشروع ثقافي وطني يتطلب رؤية حكومية تدرك دور الثقافة في التنمية، عبر دمجها في المناهج التعليمية، ودعم الصناعات الثقافية، وتوسيع دائرة التفاعل بين المثقف وصانع القرار.
ثالثًا: إعادة الاعتبار للموروث الثقافي المشترك بأساليب حديثة
إن الثقافة العربية ليست مجرد تراث جامد، بل مشروع متجدد يجب إعادة قراءته وتقديمه بأساليب حديثة، ويشمل ذلك الاهتمام بترجمة الأعمال الفكرية العربية إلى لغات أجنبية، وتطوير الدراما والسينما والمسرح لتعكس القيم الثقافية العربية، واستثمار التقنيات الحديثة في تقديم التراث بصيغة معاصرة تجعل منه عنصرًا جاذبًا للأجيال الجديدة.
رابعًا: استثمار الإعلام والتكنولوجيا في نشر الثقافة
لم يعد بالإمكان الحديث عن مشروع ثقافي ناجح دون استثمار الإعلام الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، إذ يمكن للأردن أن يكون مركزًا لإنتاج محتوى ثقافي عربي قادر على الوصول إلى شرائح أوسع، سواء عبر المنصات الرقمية، أو من خلال المبادرات الثقافية التفاعلية التي تربط الثقافة بجيل الشباب.
خامسًا: تعزيز الحوارات الثقافية العربية عبر منصات تفاعلية
إن المشروع الثقافي لا يمكن أن يكتمل دون خلق فضاءات للحوار بين المثقفين العرب، تتيح تبادل الأفكار والخبرات، وتساعد في بلورة رؤية ثقافية جامعة، وهنا يمكن للأردن أن يلعب دورًا رياديًا في إطلاق مبادرات ثقافية عربية مشتركة، وإنشاء منتديات ومنصات حوارية تجمع المفكرين والمثقفين في نقاشات معمقة حول قضايا الهوية والتحديث والتحديات الثقافية.
وعلى الرغم من أهمية المشروع الثقافي، إلا أنه يواجه تحديات كبرى تتطلب معالجتها، ومن أبرزها:
ضعف التمويل الثقافي: حيث تعاني المؤسسات الثقافية من نقص الدعم المالي، مما يؤثر على قدرتها في تنفيذ مشاريعها.
تهميش الثقافة لصالح الأولويات السياسية والاقتصادية: حيث لا تزال الثقافة في العديد من الدول العربية تُعامل كعنصر ثانوي في التخطيط الاستراتيجي.
تراجع القراءة والتفاعل مع الإنتاج الثقافي: بسبب انتشار الوسائط الرقمية والترفيه السريع الذي يزاحم المحتوى الثقافي العميق.
التحديات السياسية: حيث تواجه الثقافة العربية ضغوطًا سياسية تحدّ من حرية التعبير وتعيق المبادرات الثقافية المستقلة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن بناء مشروع ثقافي وطني أردني قادر على تحقيق تأثير في المشهد العربي يتطلب إجراءات ملموسة، تتلخص في بعض المقترحات العملية التي يمكن لها ان تتجاوز هذه التحديات إلى حد بعيد:
إنشاء مركز أبحاث ثقافي أردني بالتعاون من الجامعات، يعنى بدراسة التحولات الثقافية العربية، ويقدم توصيات لصانعي القرار حول سياسات الثقافة ودورها في التنمية الوطنية والإقليمية. إطلاق منصات رقمية تفاعلية تهدف إلى تعزيز التفاعل بين المثقفين والجمهور، وتقديم محتوى ثقافي معاصر قادر على جذب الأجيال الجديد، من خلال استثمار المؤثرين وتأهيلهم ليكونوا رافدا أساسيا للمشروع الوطني. إعادة هيكلة الدعم الثقافي من خلال تخصيص ميزانيات أكبر للقطاع الثقافي، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الصناعات الثقافية. دعم مشاريع الترجمة والتبادل الثقافي بين الدول العربية، مما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي وتبادل الخبرات بين المثقفين العرب. تنظيم مهرجانات ومنتديات ثقافية عربية في الأردن تستقطب المفكرين والكتاب من مختلف الدول العربية، لتعزيز الحوار الثقافي وتقديم الأردن كنموذج لدمج الهوية الوطنية بالهوية العربية في مشروع ثقافي متكامل.إن الأردن بحكم موقعه الجغرافي وتاريخه الثقافي، مؤهل ليكون نموذجًا لاندماج الهوية الوطنية في الإطار العربي، بحيث يتحول مشروعه الثقافي من مجرد استجابة للمتغيرات إلى رؤية استباقية تصنع المستقبل، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، وصانعي القرار، والمثقفين، والجمهور، في إطار استراتيجية واضحة تستثمر في الثقافة كقوة ناعمة قادرة على إحداث تغيير حقيقي في المجتمع.