عربي21:
2025-01-18@13:21:48 GMT

من أين أُتيتْ مصر؟!

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

يعرف كل مَنْ له علاقة بالجراح بكل أنواعها أن تطهيرها هو الخطوة الأولى في شفائها، يستوي في هذا الأمر الفردُ والجماعات والأنظمة والدول، ومن المعروف المكرور أن تجاوز الجراح الدامية وتوهم الشفاء منها بخطوة واحد تقفز فوق أسبابها عبث طبي وسياسي وتنظيمي فضلا عن الخُلقي، فماذا حينما تخطو المأساة المصرية المزلزلة التي تكاد تكون غير مسبوقة تاريخيا -إن لم تكن كذلك بالفعل- عامها الحادي عشر دون أمل في خط نهاية لها أو مجرد أفق له؟!

تعودنا منذ 3 تموز/ يوليو 2013م على تناول الأعداء بألسنة حداد، استفضنا في مكر الليل والنهار الذي دبروه ورتبوه لنا، وكيف ألجأونا إلى الحائط وجعلونا بلا رؤية أو سائق أو حتى دليل، فأبادوا آلاف الشهداء -أو الذين نحسبهم كذلك ونرجو الله لهم الرحمة- فضلا عن سجن نيف وستين ألفا من خيرة العقول والقدرات وإصابة أضعافهم، فإذا زدنا تردي أحوال الوطن وغرقه في ديون خارجية وداخلية تضاعفت مرات عما كانت عليه منذ بدأت تلك السنوات، وكذلك التناقص في مياه النيل للثلث على الأقل، وتراجع مكانة مصر والأمة للخلف مئات السنوات الذي أدى لمأساة غزة التي تمثل سُبَّة في تاريخ البشرية لا الأمة فحسب، سنعلم إلى أي حد أدى تدهور الأحوال بداية من مصر.



لم تُفقْ أمة ولا حركة أو جماعة أو فصيل من أزماتها بالتمني ووأد محاولة كل مُراجع لها مشيرٍ إلى جراحها، فإن كان العدو يمكر بنا فإن هذه هي مهمته الرئيسية وسر وجوده في الحياة، وإن كنا نراه يتفنن في تعذيبنا وإيلامنا بشر ما تقترف يداه ومن قبل عقله، فإنه ليرى في الخير الذي نريد تقديمه للبشرية إفناء له وضررا أكثر يصيبه مما يتسبب لنا فيها
لم تُفقْ أمة ولا حركة أو جماعة أو فصيل من أزماتها بالتمني ووأد محاولة كل مُراجع لها مشيرٍ إلى جراحها، فإن كان العدو يمكر بنا فإن هذه هي مهمته الرئيسية وسر وجوده في الحياة، وإن كنا نراه يتفنن في تعذيبنا وإيلامنا بشر ما تقترف يداه ومن قبل عقله، فإنه ليرى في الخير الذي نريد تقديمه للبشرية إفناء له وضررا أكثر يصيبه مما يتسبب لنا فيها.

وهكذا هي الحياة والأمور منذ خلقها الله وإلا لوأد -سبحانه- إبليسَ قبل أن يأذن لآدم بالوجود؛ ولكننا نحب -إلا القليل من الصادقين- تعليق مآسينا على "شماعات" نُبرّئ بها أنفسنا، نسبُّ أعداءنا ونلعنهم ليلا ونهارا ونصمهم بالغدر والخيانة، نقيس أفعالهم على مقاييس خلقية ودينية نتفنن في تبديلها وتعديلها كما تهوى أنفسنا لا كما هي الحقائق، وإلا فمن متطلبات الشريعة والحياة أن نلتفت لمقومات وجودنا فنعمد لحفظها جيدا بالتفكير والتدبر في مراد الأعداء وتفويت الفرص عليهم، لا أن نترك أنفسنا للاتكال وضعيف الأفعال والتحالفات الظاهرية المريرة مع العدو الأمريكي الرسمي ليسمح لنا بالحكم في دولة مركزية له ولمصالحه وأطماعه بل وجوده كمصر؛ دون أن تكون لدينا قدرة ولا دراية ولا دربة ولا حتى مجرد تعقل وموازنة فيما نحن مقبلون عليه، وإنما نكتفي بمقولات معلبة للأسف المرير وليتنا كنا عندها؛ من آن أوان التمكين قد آن وحان وفق نظرية وضعها رجل مخلص شريف لكن الله توفاه إليه على يد طرف من شرار خلقه منذ أكثر من 60 عاما، فإذا كانت الأمور أمام أعيننا بالغة الإظلام ارتكنا إلى أن الله مطّلع وشاهد ومدبر لكونه لن يسمح لنا بالهزيمة، ويا لها من اتكالية لم يسمح الله بوجودها حتى مع أحب الخلق إليه سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فلما تواكل بعض صحابته وبوجود رسوله وآخرين لم يقصّروا؛ أتت الهزيمة.

ثم هل من المفترض أن نسعى في الخير بالتمني والتأنق والتألق في التخيل وينتظر أعداؤنا حتى نسحقهم ونبيدهم وهم صامتون مطمئنون؟ فإذا كادوا ودبّروا لنا أمعنّا في النواح والعويل على أننا مجرد "ضحايا" لم تترك لهم الفرصة ليتألّوا ويحكموا وينيروا دروب الحضارة وصدق أحمد شوقي -رحمه الله -:

وما نيل المطالب بالتمني   ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

إذا كنا نعمل -إلا القليل النادر- من باب الثقة لا الكفاءة، ونستبعد الرأي الآخر، ولا ننصف المظلوم فينا، ولا نحب مراقبتنا ماديا في الإجمال، ونظن أنفسنا مميزين فوق الآخرين، ونتعامل بالمحبة ولو على حساب العدل، ونترك التدرج التنظيمي يعمل فينا عمل القيادة في جميع مجالات الحياة ولا نتذكر أنه حتى المصطفى العظيم قال لصحابته في حادث تلقيح النخيل: "أنت أعلم بشئون دنياكم".. فأنى لنا أن نساوي أعداءنا ومن ثم ننصف -لاحقا- بلدنا وأمتنا؟!
وهو البيت الذي كانت تتغنى به السيدة الراحلة أم كلثوم في زمن الهزائم وفترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في بعض حفلاتها الممتدة حتى الفجر؛ وهي تظن أنها والنظام الحاكم يحاربان العدو النائم حتى يتمكن من الاستيقاظ مبكرا والعمل لإلحاق مزيد من الهزائم بنا.

فإذا كنا كمقاومة سلمية مصرية تعرف باسم المعارضة أصابنا ما أصاب المجتمع بوجه عام، فأصبحنا نجيد الكلام والبكاء على اللبن المسكوب ووصم الأعداء بكل نقيصة على طريقة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك: "نحن لم نحارب في 67 وإنما انتظرنا هجوم العدو من جهة فبادرنا من الأخرى"، وإذا كنا نعتقد "مثله" أن العدو من أخشاب كـ"دون كيشوت" مصنوع أو مُعد خصيصا لنهزمه، وإذا لم تكن مقولة الفاروق عمر -رضي الله عنه- تتحقق فينا: "لستُ بالخب ولكن الخب لا يخدعني"، وإذا كنا نعمل -إلا القليل النادر- من باب الثقة لا الكفاءة، ونستبعد الرأي الآخر، ولا ننصف المظلوم فينا، ولا نحب مراقبتنا ماديا في الإجمال، ونظن أنفسنا مميزين فوق الآخرين، ونتعامل بالمحبة ولو على حساب العدل، ونترك التدرج التنظيمي يعمل فينا عمل القيادة في جميع مجالات الحياة ولا نتذكر أنه حتى المصطفى العظيم قال لصحابته في حادث تلقيح النخيل: "أنت أعلم بشئون دنياكم".. فأنى لنا أن نساوي أعداءنا ومن ثم ننصف -لاحقا- بلدنا وأمتنا؟!

ولعل للحديث بقية ما دام في العمر بقية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصرية المعارضة مصر المعارضة الفساد التغيير أزمات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

السيد القائد: حزب الله قدم في جبهات الإسناد ما لم تقدمه الأمة في أي جبهة من جبهاتها

يمانيون../

أوضح السيد أنه ومع الصمود الفلسطيني برزت جبهات الإسناد في ساحات متعددة وأعظم تضحية في إطار جبهات الإسناد كان لحزب الله في لبنان، حيث كانت جبهة قوية جداً ومؤثرة ووصلت إلى حرب شاملة مع العدو الإسرائيلي.

وأكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في كلمة له، اليوم الخميس، حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية، أن حزب الله قدم في جبهات الإسناد ما لم تقدمه الأمة في أي جبهة من جبهاتها، ولا في أي جهة من الجهات فلا  يوجد نظام ولا جماعة قدمت تضحيات مثل حزب الله، وعلى رأسها شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه.

وأضاف أن حزب الله قدم شهداء كثر من القادة والكوادر والمجاهدين وكذلك من الحاضنة الشعبية، وأسهم إسهاما حقيقيا في المعركة ضد العدو الإسرائيلي.

كما أوضح السيد أن الجبهة العراقية أسهمت بشكل جيد في إسناد الشعب الفلسطيني كذلك الأنشطة الشعبية المساندة لغزة في بلدان عديدة لها أهميتها وقيمتها الإنسانية.

وأشار إلى أن الأمريكي سعى منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى الاستفراد بالشعب الفلسطيني دون أن يكون هناك أي تحرك مساند فالأمريكي والإسرائيلي شنوا حملة دعائية كلها افتراءات ضد عملية طوفان الأقصى لتشويه الشعب الفلسطيني وتشويه حماس والفصائل الفلسطينية وهدف الحملة الدعائية ضد طوفان الأقصى كان لكسب التعاطف العالمي مع العدو الإسرائيلي وتبرير الإجرام والطغيان والعدوان والهمجية، كما أن الحملات الدعائية أرادت تقديم الإسرائيلي في حالة تَظلّم، وهو الظالم في مساعيه الدائمة لقلب الحقائق، ومع ذلك فشلوا.

وأكد أن الحملة الدعائية فشلت من خلال الأنشطة المتضامنة مع قطاع غزة في بلدان عديدة وفي معظم الأسابيع، ولهذا الصوت أهميته في التضامن. مشيرا إلى أن من المواقف الشجاعة والمهمة على المستوى الرسمي هي المقاطعات الاقتصادية والسياسية لبلدان في أمريكا اللاتينية وغيرها.

وأوضح السيد القائد أن القضية الفلسطينية هي أوضح قضية في العالم وليس فيها أي التباس أبدا وكل التوصيفات التي توصف بها الجرائم تنطبق على ما فعله العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ومع ذلك لم تتوفر أي حماية له ولم تتوفر للشعب الفلسطيني الحماية من منظمات دولية تقدم نفسها على أنها معنية بإقامة العدل وبحماية الشعوب.

وأكد أن الأمم المتحدة سخر منها الإسرائيلي واستهزأ بها ومزق ميثاقها وسخر منها المجرم نتنياهو في منبرها ولم تتخذ أي إجراء حقيقي ضد العدو الإسرائيلي وكان في الحد الأدنى أن تقوم الأمم المتحدة بالتطهر من عار كبير جداً وهو عندما اعترفت بالعدو الإسرائيلي وجعلته عضواً فيها.

وقال السيد: العدو الإسرائيلي في الوقت الذي ارتكب جرائم كبيرة واحتل أجزاء واسعة من فلسطين قامت الأمم المتحدة بالاعتراف به دولة عضوا فيها ومن المفروض في الحد الأدنى أن تقوم الأمم المتحدة بطرد العدو الإسرائيلي منها وألا يبقى عضواً فيها لأن هذا عار قديم وتصرف بعيدٌ كل البعد عن العدالة.

وأضاف أن ما يسمى بالمجتمع الدولي لم يتدخل بفرض حظر جوي على العدو الإسرائيلي ولا بفرض مناطق آمنة في حين تدخلوا في بلدان أخرى وما يسمى بالمجتمع الدولي تركوا الشعب الفلسطيني مستباحا للهجمة العدوانية الإجرامية الإسرائيلية دون أي حماية. مؤكدا أن عناوين حقوق الطفل والمرأة والإنسان جمدها ما يسمى المجتمع الدولي وأطلق للعدو الإسرائيلي يده وأمده بالسلاح والقنابل من أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. مضيفا أن المجتمع الدولي ولا غيره تدخل أو أصغى لكل الأصوات التي هتفت في العالم تطالب بوقف الإبادة للشعب الفلسطيني، حتى المظاهرات الطلابية والجامعية في أمريكا وفي أوروبا قمعت بكل وحشية وبإذلال وبانتهاك لكل الحقوق المشروعة ووصل الحال في الاستهداف للمظاهرات الطلابية في أمريكا وفي بعض البلدان الأوروبية أن تصنف بمعاداة السامية من أجل إطلاق اليد لقمعها.

وأوضح السيد القائد أن وزر العرب في التخاذل أكثر من غيرهم، ولو تحرك العرب بالشكل المطلوب في الحد الأدنى بالمقاطعة السياسية والاقتصادية للعدو والإجراءات المساندة للشعب الفلسطيني لتحركت معهم بقية البلدان الإسلامية بمستوى أكبر. مؤكدا أن التخاذل العربي له تأثيره في تخاذل معظم البلدان الإسلامية الأخرى، وأكثر من ذلك التواطؤ من بعض الأنظمة العربية من اللحظة الأولى لعملية طوفان الأقصى.

مقالات مشابهة

  • في غزة ولبنان..حماس وحزب الله يتبادلان التهنئة بالانتصار
  • نعيم قاسم: المقاومة والشعب الفلسطيني أفشلا مخطط إسرائيل
  • 61 مسيرة كبرى بعمران تحت شعار “مع غزة.. ثبات وانتصار”
  • محافظة ريمة تشهد 80 مسيرة جماهيرية نصرة للشعب الفلسطيني
  • محافظة حجة تشهد 220 مسيرة حاشدة دعماً وإسناداً لغزة
  • مليونية حاشدة في ميدان السبعين تبارك للمقاومة انتصار غزة
  • اليمنيون يؤكدون استمرار موقفهم المساند لغزة ومواجهة أي تصعيد
  • محافظة صنعاء تشهد مسيرات ووقفات حاشدة نصرة للشعب الفلسطيني
  • السيد القائد: حزب الله قدم في جبهات الإسناد ما لم تقدمه الأمة في أي جبهة من جبهاتها
  • إعلام العدو: عدم رد حزب الله على الهجمات لا يعني أنه مردوع بل يستعد لمواصلة المواجهة