لماذا تحتاج روسيا إلى إعادة تقسيم مضيق بيرينغ مع الولايات المتحدة؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن اقتراح مجلس الدوما الانسحاب من اتفاقية الحدود البحرية للاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، المعروفة باتفاقية بيكر شيفردنادزه التي بموجبها تم ترسيم المياه في مضيق بيرينغ بين روسيا والولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الاتفاقية تعرضت لانتقادات أكثر من مرة منذ توقيعها.
وتضيف الصحيفة أن الوثيقة الموقعة سنة 1990، ترسم مضيق بيرينغ بين الولايات المتحدة وروسيا، وتعد علامة فارقة مهمة في تحديد الحدود البحرية للدولتين. وقد نصت الاتفاقية على مجالات المصالح الاقتصادية لواشنطن وموسكو وحددت مساحة الجرف القاري لكل جانب. من جانبها، اقترحت عضوة لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما روزا كيميريس مراجعة الاتفاقيات البحرية مع الدول الغربية. وأيدت قبل ذلك الانسحاب من اتفاق مماثل مع لندن، وهي الاتفاقية التي سمحت للصيادين البريطانيين بالصيد قبالة سواحل شبه جزيرة كولا. وقد تم التأكيد على أن الوثيقة "ذات توجه أحادي الجانب في الغالب، لا تستفيد منها روسيا".
في المقابل؛ لن يترتب على إلغاء المعاهدة عواقب خطيرة على صعيد السياسة الخارجية والاقتصاد، حيث قررت بريطانيا في سنة 2022 إنهاء نظام الدولة الأكثر رعاية في التجارة الثنائية فيما يتعلق بموسكو. ومع ذلك، فإن الإلغاء المحتمل لاتفاقية شيفرنادزه بيكر خطوة مهمة نحو مراجعة وضع المياه الإقليمية للبلاد.
وذكرت الصحيفة أن واضعو المعاهدة اتخذوا الاتفاقية الروسية الأمريكية لسنة 1867، التي أبرمت فيما يتعلق ببيع ألاسكا وجزر ألوشيان إلى الولايات المتحدة كحجر أساس.
وبموجب الاتفاقية؛ أصبح جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية بمساحة 23.7 ألف كم مربع تابعًا لواشنطن، وكذلك قسم من الجرف القاري بمساحة كم 46.3 ألف متر مربع في بحر بيرينغ المركزي المفتوح، على مسافة تتجاوز 200 ميل بحري من خطوط الأساس.
وتنقل الصحيفة عن المترجم السابق لغورباتشيف، بافيل بالاتشينكو، الذي كان متواجدًا في مفاوضات شيفرنادزه أنه لم يتبقى تحت سلطة موسكو سوى 4.6 آلاف كم مربع وقد حصل الاتحاد السوفييتي على تعويض وفرصة للصيد في بعض المناطق الأخرى. وقد وضح بالاتشينكو أن اتفاقية 1990 لم تخضع للمصادقة.
وتابع بالاتشينكو: "لم يؤكد مجلس السوفييت الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ولا البرلمان الروسي صحة الوثيقة". ومع ذلك، بعد مرور 30 سنة على انهيار الدولة الاشتراكية، التزمت روسيا بالاتفاقية الموقعة، على الرغم من انتقاد شروطها أكثر من مرة.
وبالعودة إلى سنة 2002، اقترح ميخائيل مارغيلوف، الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس اللجنة الدولية لمجلس الشيوخ، إبرام اتفاقية جديدة خلال المفاوضات مع السفير الأمريكي ألكسندر فيرشبو، وهو ما رفضه الدبلوماسي الأمريكي، معتبراً الوثيقة تخدم مصالح الجانبين.
وبعد مرور عام، أعلنت غرفة الحسابات في مجلس الدوما أن الاتفاق لا يتوافق مع مصالح روسيا في مجال مصايد الأسماك. وذكر تقرير المشروع المشترك أنه في الفترة بين عامي 1991 و2002، كان من الممكن أن تصطاد روسيا ما بين 1.6 و1.9 مليون طن من الأسماك في المياه التي فقدت فيها حقوق الصيد.
بعد ذلك، لم تستأنف مناقشة الاتفاقية إلا في خريف سنة 2019، عندما اعتبر السيناتور عن كامشاتكا بوريس نيفزوروف أن الاتفاقية يجب أن تصب في مصلحة الجانب الأمريكي. ووفقًا له، فقدت موسكو الفرصة لإنتاج أكثر من 500 ألف طن من الأسماك وسرطان البحر سنويًّا.
وتتباين آراء الخبراء بشأن الانسحاب من اتفاق شيفرنادزه وبيكر. ففي حين يؤيد البعض هذه الخطوة، مشيرين إلى أن إلغاء الوثيقة سيسمح لروسيا بالحصول على أفضليات اقتصادية كبيرة؛ يعتقد آخرون أن هذا سيخلق المزيد من المشاكل في الحوار مع واشنطن.
وتنقل الصحيفة عن السيناتور الروسي كونستانتين دولجوف قوله: "إن الانسحاب من هذه المعاهدة أمر ممكن تمامًا في ظل الحقائق الجيوسياسية الحالية. ومع ذلك، لا ينبغي إجراء مثل هذه المراجعة المهمة للاتفاقية إلا بعد دراسة متأنية لإيجابيات وسلبيات مثل هذا القرار رغم أن موسكو تواجه خسائر بسبب استحالة الصيد في جزء من أراضي مضيق بيرينغ".
وتابع دولجوف قائلًا: "إن رفض الامتثال لشروط الوثيقة من شأنه التوسيع بشكل كبير من القدرات اللوجستية الروسية. وعليه، من خلال التخلي عن التنازلات التي قدمت في التسعينيات، يمكن لروسيا الاستفادة من ذلك".
ويضيف دولجوف: "وصلت العلاقات مع الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها تاريخيًّا. لقد توقف الحوار بينهما، مما يعني أن إضافة خلاف آخر لن يؤثر بشكل كبير على الاتصالات. ومع ذلك، ينبغي إدراك أن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء حرمانها من دخل كبير".
وتابع دولجوف قائلًا: "لا أستبعد أن تكون الولايات المتحدة قادرة على اتخاذ إجراءات انتقامية بسبب انسحاب روسيا من الاتفاق. من المهم التوقع مسبقًا القيود التي قد يفرضها البيت الأبيض".
وتنسب الصحيفة إلى أستاذ القانون الدولي في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية ديمتري لابين أنه لا يمكن الانسحاب من هذه الاتفاقية لأنها لا تدخل حيز التنفيذ إلا بعد التصديق عليها، حتى لو التزم الطرف بشروط هذه الوثيقة. ولذلك لا يمكن لروسيا إلا اصدار بيانا تعلن فيه عزمها عدم الموافقة على الاتفاق.
وأضاف لابين: "بشكل عام، تكرر هذه الوثيقة الحدود التي حددتها اتفاقية سنة 1867 لبيع ألاسكا وجزر ألوشيان. ومع ذلك، في اتفاقية سنة 1990، تنازلت روسيا عن جزء من أراضيها للأمريكيين، مما تسبب لاحقًا في العديد من النزاعات في روسيا. وبناء على ذلك، إذا أعلنت روسيا عدم التصديق، فإن ذلك يعني مطالبات بهذه الأراضي، والتي يمكن أن تكون مورًدا قيمًا للغاية كونها تحتوي على ثروات لا توصف، بما في ذلك الموارد الحيوية وموارد الطاقة. ولذلك فإن التسوية مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضية تثير انتقادات كبيرة".
واعتبر لابين أنه لا جدوى من الموافقة على الاتفاقية الآن نظرًا لعدم المصادقة عليها سنة 1990 ومراعاة جميع الدول مصالحها الوطنية، مشيرًا إلى أنه عندما تصبح العلاقات مع الولايات المتحدة بناءة أكثر يمكن مناقشة هذه القضية مرة أخرى.
في ختام التقرير نوه لابين إلى أنه يتعين على الولايات المتحدة التعامل مع هذا القرار بتروي لأن معاقبة روسيا وفرض عقوبات عليها بسبب رفضها المعاهدة أمر لا معنى ولن يؤدي إلى النتيجة المرجوة في واشنطن.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية روسيا امريكا روسيا أوروبا بوتين بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع الولایات المتحدة الانسحاب من ومع ذلک
إقرأ أيضاً:
ارتفاع قياسي في مستوى سطح البحر يهدد الولايات المتحدة.. كم وصلت ارتفاعات الأمواج؟
حالة من القلق يعيشها الأمريكيون، وسط تحذيرات ارتفاع الأمواج ومياه البحر، واحتمالية تعرض العديد من سواحلها لفيضانات كبرى، ما دفعهم إلى إعلان حالة التأهب القصوى، بحسب وكالة «أسوشيتد برس»، وصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكيتيان.
وحذرت هيئة الأرصاد الجوية الأمريكية من أمواج خطيرة كبيرة يصل ارتفاعها إلى 35 قدمًا، أي 10.7 مترًا، وقالت في بيان: «يمكن أن تجتاح الأمواج الكبيرة الشاطئ دون سابق إنذار، ما يؤدي إلى سحب الناس إلى البحر من فوق الصخور والأرصفة والشواطئ».
وتلقى السكان في كاليفورنيا تنبيهًا على هواتفهم يخبرهم بتجنب جميع الشواطئ بما في ذلك مناطق الإطلالات الساحلية مثل الصخور أو الأرصفة أو المنحدرات، وحذر من أن الأمواج القوية قد تجتاح الشواطئ بأكملها بشكل غير متوقع.
كاليفورنيا ليست وحدهالكن ما يحدث في كاليفورنيا من مخاوف الفيضانات وارتفاع الأمواج ليست كل الحكاية، إذ أن ارتفاع مستوى البحر في الولايات المتحدة يهدد بفيضانات أكبر خلال الفترة المقبلة.
ارتفاع مستوى سطح البحر في الولايات المتحدةارتفع مستوى سطح البحر في الولايات المتحدة بمقدار 7.3 بوصة بين عامي 2010 و2023؛ كما ارتفع في الجنوب فقط بمعدل أسرع مرتين من المتوسط العالمي، وفي الـ30 عامًا السابقة، ارتفع مستوى المحيط بنحو 3.7 بوصة.
وأثارت سرعة ارتفاع مستوى سطح البحر قلق العلماء، وقال كريس بيكوتش، عالم مساعد في مؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات: «ما رأيناه على مدى العقد والعقد والنصف الماضيين في خليج المكسيك أسرع من معظم توقعات المناخ.. وهذا ما يسبب هذا القلق الكبير».
كوكب الأرض وارتفاع سطح البحروتتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، أن يشهد كوكب الأرض بالكامل ارتفاعًا في مستوى سطح البحر يتراوح بين 1 و3 أقدام بحلول نهاية هذا القرن، كما يعتقد الكثير من العلماء أن مستويات المياه سترتفع في كل مكان، ومع ارتفاع درجة حرارة الكوكب وذوبان الجليد، يفترضون أن المحيطات والبحار أيضًا سترتفع نفس الطريقة.
ويتتبع العلماء هذه التغيرات بمجموعة من الأقمار الصناعية التي ترسل موجات من الأرض وتقيس المدة التي تستغرقها هذه الموجات للعودة إلى أجهزة الاستشعار الخاصة بها، وبعد مرور بعض الوقت، يقوم القمر الصناعي برحلة أخرى فوق نفس المنطقة، لمراقبة مدى اقتراب الأرض أو ابتعادها.