تخيل أنك تحاول التوصل إلى وصفة جديدة لكعكة لذيذة، وبدلا من الاجتهاد بمفردك ستلجأ إلى كتاب طبخ سحري يمكنه إنشاء آلاف الوصفات الفريدة بمجموعات مختلفة من المكونات والنكهات والقوام.

وبالمثل، فإن الباحثين من مختبر أرغون الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية، تمكنوا في دراسة نشرتها دورية "كومينيكشنز كمستري"، من توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج أكثر من 120 ألف "وصفة" جديدة للمواد المرشحة لاحتجاز الكربون، والتي تعرف باسم "الأطر العضوية المعدنية "، أو ما يعرف بمواد "الموف"، ثم استخدموا "التعليم الآلي" لتقليل هذا العدد من الوصفات إلى عدد أصغر من المرجح أن يكون أكثر فاعلية، ثم اختبروا هذه الوصفات المرشحة لتحديد أكثرها كفاءة، واخيرا استخدموا برنامج حاسوب لمعرفة سر تركيب وصفات مواد "الموف" الأكثر كفاءة في مهمة احتجاز الكربون.

ويرجع تاريخ اكتشاف تلك المواد إلى عام 1999، ويُعد عالم الكيمياء الأميركي من أصل أردني والمولود في عمّان عام 1965 عمر ياغي، من أبرز العلماء الذين نشروا أبحاثا عنها. وهي ذات بنية مرتبة للغاية، وتعتمد على ربط اللبنات العضوية وغير العضوية لتشكيل بنى هيكلية مسامية كالشبكة، ويمكن للمسام في هذه الشبكة أن تكون مستقرة بما يكفي لتخزين جزيئات مادة ما، مما يجعلها ذات تطبيقات عديدة كتخزين الغازات أو استخلاص الملوثات أو كمواد لتحفيز التفاعلات الكيميائية أو إيصال الأدوية داخل الجسم.

البنية البلورية لأفضل 6 مواد موف أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي (كومينيكشنز كمستري) 4 مزايا لمواد "الموف"

ومواد "الموف" بهذا الشكل تبدو مرشحة بقوة لاحتجاز الكربون، وبالتالي تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة من محطات الطاقة والمرافق الصناعية الأخرى.

ويرجع ذلك "نظريا" لـ4 مزايا أوردتها دراسات تناولت توظيف تلك المواد، وهي:

مساحة سطحية عالية: فتلك المواد تتمتع بمساحة سطحية عالية بشكل لا يصدق مقارنة بحجمها، وتوفر مساحة السطح الكبيرة هذه مساحة واسعة لجزيئات الغاز مثل ثاني أكسيد الكربون ليجري امتصاصها على السطح. حجم المسام القابل للضبط: فيمكن للباحثين تصميم وتوليف تلك المواد بأحجام مسام محددة مصممة لالتقاط جزيئات معينة، حيث تسمح قابلية الضبط هذه بالامتصاص الانتقائي للغازات مثل ثاني أكسيد الكربون مع استبعاد الغازات الأخرى. التنوع الكيميائي: يمكن تعديل تلك المواد كيميائيا لتعزيز خصائص احتجاز الكربون، ويمكن للباحثين ضبط تركيبة اللبنات العضوية وغير العضوية لتحسين الانتقائية للكربون دون غيره، وكذلك تحسين قدرة امتصاص الكربون. قابلية إعادة الاستخدام: يمكن في كثير من الأحيان تجديد مواد "الموف" وإعادة استخدامها عدة مرات دون فقدان قدرتها على الامتصاص الانتقائي للكربون بشكل كبير، وهذا يجعلها فعالة من حيث الكلفة، وصديقة للبيئة مقارنة بمواد احتجاز الكربون ذات الاستخدام الواحد. ثلاث وحدات بناء تصعّب المهمة

وتحتوي هذه المواد على ثلاثة أنواع من وحدات البناء في جزيئاتها، وهي:

العقد المعدنية (أيونات أو مجموعات معدنية): ذرات أو مجموعات من الأيونات المعدنية التي تعمل كمثبتات، حيث تربط البنية معا، ويمكن استخدام معادن مختلفة مثل الزنك أو النحاس أو الكروم لهذا الغرض. الروابط العضوية (الجزيئات العضوية): جزيئات مصنوعة من الكربون والهيدروجين وعناصر أخرى تربط العقد المعدنية. مواد غير عضوية: هي وحدات بناء إضافية يمكن دمجها في بعض الأطر العضوية المعدنية، مما يوفر مزيدا من الاستقرار أو الأداء الوظيفي، مثل أنواع أخرى من أيونات أو مجموعات معدنية، أو حتى ذرات غير معدنية مثل الأكسجين أو النيتروجين.

ويمكن ترتيب هذه المكونات الثلاثة في مواضع وتكوينات نسبية مختلفة، ونتيجة لذلك يكون هناك عدد لا يحصى من التكوينات المحتملة لمواد "الموف"، ولكن المطلوب اختيار المواد الأكثر فاعلية في احتجاز الكربون، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي الذي استخدمه الباحثون.

الباحثون استخدموا 4 مسارات للذكاء الاصطناعي لتصميم مواد احتجاز الكربون (صورة بالذكاء الإصطناعي) 4 مسارات للذكاء الاصطناعي

وعبر أربعة مسارات مختلفة تشرح الدراسة الجديدة كيف نجح الباحثون في توظيف الذكاء الاصطناعي لاختيار المواد الأكثر فاعلية، وهي على النحو التالي:

الذكاء الاصطناعي التوليدي: بدأ الباحثون باستخدام برنامج حاسوب يمكنه التوصل إلى مجموعات جديدة من العناصر الأساسية لمواد الموف، تماما مثل كتاب الطهي السحري الذي يمكنه إنشاء آلاف الوصفات الجديدة لصناعة كعكة لذيذة، وأنتج الباحثون خلال 30 دقيقة فقط أكثر من 120 ألف "وصفة" جديدة. التعلم الآلي: لنفترض أنك تريد معرفة أي من وصفات الكعك سيكون مذاقها رائعا، فيمكنك في هذه الحالة جمع التعليقات من أصدقائك وعائلتك عن الكعك الذي استمتعوا به من قبل، ليتعلم كتاب الطبخ السحري الخاص بك من هذه البيانات للتنبؤ بالوصفات التي من المرجح أن تكون ألذ، وبالمثل استخدم الباحثون التعلم الآلي لتحليل البيانات من التجارب وعمليات المحاكاة السابقة للتنبؤ بتصميمات مواد "الموف" الأكثر كفاءة في احتجاز ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال من بين الـ120 ألف وصفة. فحص عالي الإنتاجية: بمجرد الحصول على مجموعة من وصفات الكعك، لن يكون لديك الوقت لخبزها وتذوق كل منها على حدة، لذلك قررتَ خبز عينات صغيرة من العديد من أنواع الكعك المختلفة مرة واحدة واختبرتها سريعا لمعرفة أي منها ألذ، وهذا يشبه الفحص عالي الإنتاجية الذي أجراه الباحثون، حيث اختبروا العديد من المرشحين المختلفين من مواد "الموف"، وحددوا 6 منها بدت أكثرها كفاءة، ومن ثم أخضعوها لمزيد من البحث. محاكاة الديناميكيات الجزيئية: أخيرا، لنفترض أنك تريد أن تفهم بالضبط كيف تتفاعل المكونات الموجودة في أفضل وصفة لكعكة مع بعضها البعض على المستوى الجزيئي لتكوين النكهة والملمس اللذيذ، ولجأت إلى استخدام محاكاة الحاسوب لتعطيك تصورا وتحليلا للحركات والتفاعلات بين جزيئات كل مكون، فبالمثل استخدم الباحثون محاكاة الديناميكيات الجزيئية لدراسة كيفية تصرف الذرات الموجودة في أفضل المواد المرشحة، وما إذا كانت قادرة على احتجاز جزيئات ثاني أكسيد الكربون بشكل فعال. كيفية دمج مواد الموف في العمليات الصناعية لالتقاط الكربون هي أحد الأسئلة التي يحتاج الباحثون لمعالجتها (رويترز) عدسة أوسع.. 4 أسئلة

وتحمل هذه الآلية المعتمِدة على الذكاء الاصطناعي وعدا بإنتاج مادة "موف" يمكن أن تكون جيدة في احتجاز الكربون، وفعالة من حيث التكلفة، وسهلة الإنتاج، كما يقول إليو هويرتا العالم بمختبر أرغون والذي ساعد في قيادة الدراسة، في بيان صحفي أصدره مختبر أرغون الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية.

ويضيف أن "نهج تصميم مواد الموف الذي مُكّن بواسطة الذكاء الاصطناعي، سيسمح لنا بالحصول على ما أطلق عليه إيان فوستر كبير علماء أرغون ومدير قسم علوم البيانات والتعلم "عدسة أوسع" على هذه الأنواع من الهياكل المسامية".

ورغم حماس أستاذ علوم المواد بجامعة إلمنيا المصرية خالد جاد للآلية التي استخدمها هويرتا وأقرانه، فإنه يرى أن هناك 4 أسئلة يجب الإجابة عليها في دراسات لاحقة لضمان أن المواد المبتكرة بواسطة الذكاء الاصطناعي ستكون فعالة عند الانتقال للتطبيق الصناعي.

ويفصل جاد في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت" الأسئلة الأربعة على النحو التالي:

قابلية التوسع: كيف يمكن زيادة إنتاج مواد الموف الجديد إلى المستويات الصناعية، وكيف يمكننا جعل العملية أكثر فعالية من حيث التكلفة؟ وبالتالي سيحتاج الباحثون إلى إجراء مزيد من الدراسات في تقنيات تخليق المواد القابلة للتطوير والمواد الخام الفعالة من حيث التكلفة وطرق إعادة تدوير المواد المستخدمة. الاستقرار والمتانة على المدى الطويل: كيف تعمل مواد الموف في ظل ظروف العالم الحقيقي على مدى فترات طويلة؟ وهذا أمر بالغ الأهمية، حيث إن دراسة استقرار ومتانة المواد على المدى الطويل في بيئات متنوعة، بما في ذلك درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة والتعرض للمواد الكيميائية، أمر ضروري لتقييم جدواها العملية. التكامل مع العمليات الصناعية: كيف يمكن دمج مواد الموف في العمليات الصناعية الحالية لالتقاط الكربون بسلاسة؟ وسيكون التعاون مع شركاء الصناعة لتجربة تقنيات احتجاز الكربون القائمة على الأطر المعدنية العضوية وتقييم مدى توافقها مع البنية التحتية الصناعية أمرا ضروريا للتنفيذ في العالم الحقيقي. الأثر البيئي: ما هي الآثار البيئية لإنتاج مواد الموف واستخدامها والتخلص منها؟ فهناك حاجة إلى إجراء تقييم البصمة البيئية لمواد الموف الجديدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون الذکاء الاصطناعی احتجاز الکربون تلک المواد من حیث

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء.. هل يتخطّى التفاعل البشري؟

تعتبر التجارة جزءا أساسيا من تاريخ الإنسانية، وقصة تمتد جذورها عبر العصور، إذ يعود أول ظهور للتجارة لمسافات طويلة إلى حوالي 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وهو ما مهّد الطريق لظهور مفهوم العميل وتقديم الخدمات له. لكن لم تكتب البداية الرسمية لـ"خدمة العملاء" بشكلها الحالي إلا في وقت لاحق.

في الواقع، شهدت ستينيات القرن الـ18، بعد الثورة الصناعية، ولادة أول فرق دعم العملاء، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في تطور الخدمة التي نعرفها اليوم.

إن العودة إلى هذه الحقبة التاريخية تكشف لنا كيف تطورت هذه الصناعة بمرور الزمن، وأثرها الكبير على الطريقة التي نتعامل بها مع العملاء في عصرنا الحاضر.

شهدت هذه الخدمة تطورا ملحوظا منذ ظهور فرق الدعم الأولى في الثورة الصناعية، مرورا بابتكار الهاتف ومراكز الاتصال، ووصولا إلى الإنترنت والذكاء الاصطناعي الذي يعيد تشكيل هذا المجال اليوم.

ما تجربة عملاء الذكاء الاصطناعي؟

تشير منصة "سرفي سبارو" (SurveySparrow) لإنشاء الدراسات الاستقصائية واستطلاعات الرأي والاستمارات، والمتخصصة في تحسين خدمة العملاء، إلى أن تجربة العملاء للذكاء الاصطناعي تتضمن تسخير قوة تقنيات الذكاء الاصطناعي لزيادة تفاعلات العملاء، وتبسيط العمليات التجارية، وتعزيز رضا العميل بشكل عام.

تتراوح التقنيات المستخدمة في هذا النهج من خوارزميات التعلم الآلي إلى معالجة اللغة الطبيعية "إن إل بي" (NLP)، والتحليلات التنبؤية، وحتى أتمتة العمليات الروبوتية.

وفي دراسة حديثة لها، قالت شركة "ماكنزي" (Mckinsey)، وهي شركة استشارات إستراتيجية دوليّة في نيويورك، إن الذكاء الاصطناعي يستخدم للمشاركة الاستباقية والفعالة، والتعرف على النيات التنبؤية، وتحسين قنوات الخدمة الذاتية على مستويات أعلى.

وتشير الدراسة إلى أن الشركات الأكثر تقدما، خاصة في القطاعات الرقمية المحليّة، تتجه نحو هذه المستويات الأعلى من تكامل الذكاء الاصطناعي.

في سياق متصل، يناقش العامل البشري في الخدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن تشغيلها لا يعني الأتمتة فقط، ويسلط الضوء على  كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الموظفين في الوقت الفعلي لتقديم نتائج عالية الجودة، وتوقع احتياجات العملاء حتى قبل الاتصال بهم.

الذكاء الاصطناعي يمكنه مساعدة الموظفين في الوقت الفعلي لتقديم نتائج عالية الجودة (بيكسلز) التحديات التي واجهتها خدمة العملاء التقليدية قبل ثورة الذكاء الاصطناعي

هل تساءلت يوما عما يحدث بعد أن يسمع العميل هذا الطلب: "على مقياس من صفر إلى 10، ما مدى رضاك عن تجربة خدمة العملاء الخاصة بك؟".

الإجابة هي أنه عندما يحصل العملاء على رسالة نصية أو بريد إلكتروني، فإن الرقم الذي يضغطون عليه يوفر البيانات، ولكن هذه البيانات ربما لا تمنح صانعي القرار أي سياق لما جعل التجربة مذهلة أو مروّعة.

هل كان "صفر" بسبب تجربة سلبيّة مع ممثل مركز الاتصال، أو مجرد إحباط عام من شخص لديه كثير من الأمور الإدارية المزعجة في قائمته؟ هل كانت "10" استجابة مهذبة بشكل انعكاسي، أم حدث سيئ في أثناء تجربة خدمة العملاء؟

أحيانا، يمكن أن يضيف مربع التعليقات بعض القيمة، ولكن فقط إذا تمت إدارته بذكاء وتم تنفيذ التعليقات. وحتى في أفضل السيناريوهات، توفر الاستطلاعات فقط عينة صغيرة لا تمثل جميع التجارب، وهو ما يجعل من المستحيل الحصول على منظور شامل لرضا العملاء بشكل عام.

في السياق نفسه، تتضمن خدمة العملاء التقليدية عادة تواصل العملاء مع الدعم بعد مواجهة مشكلة، وغالبا ما ينتظرون على الخط، أو ينتقلون عبر أنظمة آلية معقدة قبل أن يتحدثوا أخيرا مع وكيل.

وهذه أحد القيود التي تجعل هذه الطريقة التقليدية مليئة بعدم الكفاءة، وتثير إحباط كل من العملاء والشركات. وتتمثل أبرز المشاكل التي يواجهها العملاء بشكل متكرر في:

أوقات الانتظار الطويلة، سواء عند الانتظار على الهاتف، أو عند التنقل في أنظمة الرد الآلي. طلبات المعلومات المتكررة، حيث يتعين على العميل تقديم التفاصيل نفسها عدة مرات. نقلات متعددة بين الوكلاء أو الأقسام قبل الوصول إلى حلّ. نقص في تناسق الخدمة، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج متباينة اعتمادا على الوكيل أو النظام المعني. كيف يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في خدمة العملاء؟ أفضل 10 إستراتيجيات

على الرغم من أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال خدمة العملاء لا يزال في مراحله الأولى، فإنه بات من الواضح أنه يشكل ملامح مستقبل هذه الصناعة بشكل ملموس.

ويشير تقرير شركة ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم بمبلغ ملحوظ قدره 25.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي.

وقد رفعت وتيرة الابتكار التكنولوجي توقعات العملاء بشكل كبير، ويطالب الناس اليوم بخدمة سلسة، ومخصصة، وفعالة.

وقال أنوراغ دينغرا نائب الرئيس الأول ومدير عام قسم التعاون في  شركة سيسكو الأميركية المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات لموقع فوربس: "يتيح لنا الذكاء الاصطناعي الانتقال من الخدمة التفاعلية إلى تقديم حلول أكثر استباقية، مما يساعد العملاء على حل المشكلات البسيطة تلقائيا، ويمكّن الوكلاء البشريين من التركيز على التفاعلات ذات القيمة العالية حيث يكون التعاطف وحل المشكلات أمرين أساسيين".

إليكم أفضل 10 طرق من منصة سرفي سبارو يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها إعادة تشكيل خدمة العملاء:

التوصيات الشخصية: يستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات التعلّم الآلي، لتحليل سلوكيات العملاء واهتماماتهم، وتفضيلاتهم السابقة، حيث يمكنه تحديد الأنماط، مثل تفضيل المنتج، أو سلوك الشراء، واستخدام هذه المعلومات للتوصية بالمنتجات أو الخدمات.
على سبيل المثال، إذا اشترى العميل بشكل متكرر أنواعا معيّنة من الكتب، يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يوصي بكتبٍ مماثلة قد يرغب فيها. هذا لا يحسّن تجربة التسوّق للعميل فحسب، بل يزيد أيضا من عمليّات تحويل المبيعات. روبوتات الدّردشة والمساعدة الافتراضية: أصبحت أتمتة خدمة العملاء بالذكاء الاصطناعي شائعة بشكل متزايد. مثلا تستضيف منصة "سرفي سبارو" روبوتات دردشة مذهلة للذكاء الاصطناعي، واستطلاعات مدعومة به، مما يساعد الشركات على جمع تجربة العملاء وتعليقاتهم بسلاسة، إذ تستطيع هذه الدردشات المدعومة بالذكاء الاصطناعي الإجابة عن استفسارات العملاء، وحلّ المشكلات البسيطة، وتقديم المعلومات على الفور في أي وقت من اليوم، ويمكن برمجتها للإجابة على الأسئلة المتكررة، ومعالجة الطلبات، وحتى تقديم توصيات مخصصة للمنتجات.
من جهة أخرى، يمكن لروبوتات الدردشة التعامل مع كميّات كبيرة من الاستفسارات دون تدخل بشريّ، مما يضمن التعامل مع استفسارات العملاء بسرعة وكفاءة. خدمة العملاء التقليدية تتضمن عادة تواصل العملاء مع الدعم بعد مواجهة مشكلة (شترستوك) هذا هو السبب في أنه يعتبر أحد أهم الأمثلة على تجربة عملاء الذكاء الاصطناعي. مساعدات الصوت ومعالجة اللغة الطبيعية: تزداد شعبيّة المساعدات الصوتيّة مثل "سيري" (Siri)، و"ألكسا" (Alexa)، ومساعدة "غوغل" (Google Assistant) المدعومة بأصوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
إذ تستفيد من قدرات معالجة اللغة الطبيعية "إن إل بي" للذكاء الاصطناعي لفهم الأوامر المنطوقة والاستجابة لها، إذ يمكن لمساعدي الصوت الإجابة عن الأسئلة، وإجراء الطلبات، والتحكم في الأجهزة الأخرى، وتقديم المساعدة الشخصيّة بناءً على تاريخ المستخدم وتفضيلاته. خدمة العملاء التنبؤية: بفضل قدرته على تحليل كميات كبيرة من البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بسلوك العملاء في المستقبل.
على سبيل المثال، قد يتنبأ بأن العميل من المحتمل أن يواجه مشكلة بناء على أنماط استخدامه. ويمكن للشركة بعد ذلك التواصل بشكل استباقي مع العميل باستخدام حلّ، أو تقديم دعم إضافي، وهو ما يعزز تجربة العميل مع العلامة التجاريّة. تحليلات النص المتقدمة: يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي فرز كميات هائلة من بيانات العملاء، واكتشاف الأنماط والرؤى التي قد يفوتها البشر.
ولكن على الرغم من أن هذه الخوارزميات تسهل توقع الاحتياجات المستقبلية، وتعزيز تجارب العملاء، فإن هناك قلقا بشأن المخاطر المحتملة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي المولد.
إذ تشمل هذه المخاطر قضايا مثل التحيّزات غير المقصودة في البيانات، وانتهاكات الخصوصيّة، وإمكانية الحصول على مخرجات مضللة أو تلاعبيّة قد تؤثر على عمليّات اتخاذ القرار.
من أجل هذا، فإن المراقبة الدقيقة والاعتبارات الأخلاقية ضرورية لاستغلال فوائد تحليلات الذكاء الاصطناعي مع التخفيف من هذه المخاطر. تحليل المشاعر: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل النصوص من مراجعات العملاء، والبريد الإلكتروني، ومنشورات الوسائط الاجتماعية، ومصادر أخرى لتحديد المشاعر وراء الكلمات.
وهو ما يساعد الشركات في فهم كيفيّة شعور العملاء تجاه منتجاتها، أو خدماتها، وتحديد مجالات التحسين. التخصيص في الوقت الفعلي: يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل تجربة المستخدم في الوقت الفعلي، وفقا لإجراءات العميل.
على سبيل المثال، إذا كان العميل يتصفّح أنواعا معيّنة من المنتجات على موقع ويب، يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل محتوى الموقع لتسليط الضوء على منتجات مماثلة، مما يخلق تجربة تسوّق مخصصة للغاية. تجربة سلسة عبر القنوات المتعددة: يمكن للذكاء الاصطناعي دمج البيانات من مصادر متنوعة، بما في ذلك القنوات الإلكترونية، والمتاجر، والهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الميزة تضمن تجربة سلسة للعملاء، الذين يمكنهم الانتقال بين القنوات ومتابعة رحلتهم دون انقطاع. تجزئة العملاء: يحلل الذكاء الاصطناعي بيانات العملاء لإنشاء شرائح مفصلة بناء على التركيبة السكانية، والسلوكيات، والتفضيلات، الأمر الذي يساعد الشركات على تقديم تجارب مخصصة وتحسين النتائج، ويمكنها من تقديم حملات تسويقية موجهة للغاية وتحسين أهمية رسائلها. إدارة علاقات العملاء "سي آر إم" (CRM) التي تعمل بالذكاء الاصطناعي: يمكن للذكاء الاصطناعي في تجربة خدمة العملاء أن يعزز بشكل كبير أنظمة إدارة علاقات العملاء من خلال أتمتة مهام مثل إدخال البيانات، وتصنيف العملاء المحتملين، وتذكيرات المتابعة. أيضا يمكنه أن يوفر رؤى ذكيّة، مثل التنبؤ بأكثر العملاء المحتملين الذين من المرجح أن يتحولوا إلى عملاء فعليين، ممّا يُمكِّن فِرقَ المبيعات من تركيز جهودها بشكل أكثر فعالية.  أمثلة على تجربة العملاء في الذكاء الاصطناعي

بعد أن فهمنا تجربة العملاء بالذكاء الاصطناعي، نلقي نظرة على كيفية استفادة بعض العلامات التجارية الشهيرة من الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء:

نظام توصيات المنتج من "أمازون": أحدثت شركة "أمازون" ثورة في التسوق في التجارة الإلكترونية من خلال نظام توصيات المنتج المدفوع بالذكاء الاصطناعي.
إذ يقدم توصيات خاصة بالمنتج من خلال تحليل سلوك العملاء الفردي، وسجل الشراء، والعناصر الموجودة في عربة التسوق، وما يشتريه العملاء الآخرون. هذا التخصيص يحسن تجربة التسوق للعميل، ويزيد من مبيعات أمازون. التحليلات التنبؤية من "ستاربكس": تستخدم شركة "ستاربكس" الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة عملائها عن طريق أداة تسمّى "ديب برو" (Deep Brew)، حيث يستخدم التعلم الآلي والتحليلات التنبؤية لتخصيص الرسائل التسويقية، وزيادة الولاء، وإدارة المخزون على مستوى المتجر.
على سبيل المثال، يمكن لنظام "ديب برو" اقتراح عناصر القائمة بناء على طلبات العميل السابقة، والموقع، والطقس، والوقت من اليوم، من بين عوامل أخرى. تطبيق "سيفورا" (Sephora) للفنان الافتراضي: تستخدم "سيفورا" وهي شركة تجزئة رائدة في مجال مستحضرات التجميل، الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة عملائها من خلال تطبيق "فيرتشوال آرتيست آب" (Virtual Artist App).
ويستخدم هذا التطبيق الواقع المعزز "إيه آر" (AR) للسماح للعملاء بتجربة منتجات تجميل مختلفة، حيث يقوم بمسح وجه العميل، ويتيح له كيف تبدو المنتجات المختلفة على بشرته.
ويساعد هذا التطبيق العملاء على اتخاذ قرارات شراء أكثر استنارة، ويضيف عنصرا ممتعا وتفاعليّا للتسوق عبر الإنترنت.

تظهر هذه الأمثلة أنه سواء كانت التجارة الإلكترونية، أو الأطعمة والمشروبات، أو صناعة مستحضرات التجميل، يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز تجربة العملاء بشكل كبير عبر مختلف القطاعات.

من المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا أكبر في تجربة العملاء مع اقترابنا من المستقبل (شترستوك) مستقبل الذكاء الاصطناعي.. ماذا ينتظر خدمة العملاء؟

حسب ما أشارت له منصة سرفي سبارو، من المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا أكبر في تجربة العملاء مع اقترابنا من المستقبل. ومع تطور التكنولوجيا يمكننا أن نتوقع تشكل عديد من الاتجاهات الرئيسية.

في ما يلي، نعرض لكم بعض الآفاق المثيرة للذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في خدمة العملاء:

الذكاء الاصطناعي العاطفي: يستعد الذكاء الاصطناعي لتجاوز مجرد التعرف على النص والصوت، إذ يبدو أن المستقبل يحمل وعدا للذكاء الاصطناعي العاطفي، الذي يمكنه أن يفهم ويستجيب للمشاعر الإنسانية التي يتم التعبير عنها عبر إشارات الوجه، أو نبرات الصوت.
تخيل خدمة عملاء تفهم ما تقوله وكيف تشعر! سيمهد هذا الطريق لتجارب العملاء المتعاطفة حقا. تجارب الذكاء الاصطناعي الغامرة: مع التقدم في تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير تجارب عملاء غامرة.
تخيل تجربة الملابس على الصورة الرمزية الرقمية الخاصة بك في بيئة واقع افتراضي قبل الشراء، أو استخدام الواقع المعزز لمعرفة كيف ستبدو قطعة أثاث في غرفتك.
إن دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات الواقع المعزز والافتراضي سيعيد طريقة تعريف تفاعل العملاء مع الأعمال التجارية. الشبكات العصبيّة والتعلم العميق: ستمكن الأنظمة المتقدمة للذكاء الاصطناعي من تقديم تجارب عملاء فائقة الذكاء، حيث ستتمكن من فهم البيانات غير المهيكلة مثل نشاط العميل على مواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم تجارب على مستوى آخر من التخصيص. أخلاقيات وشفافية الذكاء الاصطناعي: عندما يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيدا ، سيكون التركيز المتزايد على جعله أخلاقيا وشفافا.
إذ يجب أن يفهم العملاء بشكل أفضل كيفية معالجة الذكاء الاصطناعي لبياناتهم لاتخاذ القرار، وهو ما يؤدي إلى زيادة الثقة في تجارب العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي. الذكاء الاصطناعي المستقل: سيتولى الذكاء الاصطناعي دورا أكثر استقلالية في إدارة تجربة العملاء، حيث سيقوم بدعم الوكلاء البشريين، والعمل كوكيل مستقل، مما يتيح له اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات التي تحسن رحلة العميل.

بشكل عام، مستقبل الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء لا يقتصر على جعل العمليّات أسرع وأكثر كفاءة، بل يتعلق بخلق تفاعلات فريدة، وغامرة، وذكية عاطفيا، تحترم فردية العميل واستقلاليته.

بمعنى أدق، يتعلق المستقبل بجعل الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من النظام البيئي للأعمال، حيث يفهم ويستبق احتياجات العملاء وقيمهم، ويحترمهم ويتعاطف معهم.

أمام هذه التطورات المثيرة، هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتفوق بالفعل على التفاعل البشري في تقديم تجربة عملاء مثالية؟ أم أن لمسة الإنسان، خاصة العاطفية، ستظل العنصر الذي لا غنى عنه؟

مقالات مشابهة

  • إنتاج مستحضرات تجميل من مواد طبيعية… مشروع عائلي متناهي الصغر
  • "أرجوك توقف".. رجل يتوسل إلى الذكاء الاصطناعي بعد مقاطع مزعجة
  • مادة واحدة وقصتان مختلفتان: ما بين «الطبيعي» و «الكيميائي»!
  • أول معلمة بتقنية الذكاء الاصطناعي تبدأ مهامها في تركيا
  • تصنيف حيوية الذكاء الاصطناعي.. دولة عزبية ضمن الأوائل عالميا
  • الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء.. هل يتخطّى التفاعل البشري؟
  • استخدام الذكاء الاصطناعي في ميكنة قصر العيني
  • جامعة دبي تستضيف مؤتمر الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء
  • بيل غيتس يلقي محاضرة عن الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يساعد في الحفاظ على الحشرات