إسطنبول – مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في تركيا، تتجه الأنظار نحو الوضع الاقتصادي المتأزم الذي يخيم على البلاد، حيث يلقي ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الليرة بظلاله الثقيلة على معيشة المواطنين، إذ إن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا ليست مجرد أرقام وإحصاءات؛ بل هي واقع معيش كل يوم يؤثر في جوانب الحياة كافة، من زيادة أسعار السلع الأساسية، إلى ارتفاع تكاليف السكن والمواصلات.

وعلى خلفية هذه الأزمات، أقدمت الحكومة التركية على إرساء إستراتيجية اقتصادية جديدة العام الماضي، تهدف إلى استعادة الاستقرار وتحفيز النمو، عُرفت باسم البرنامج الاقتصادي المتوسط المدى للأعوام 2024-2026، الذي أعلن عنه الرئيس أردوغان محددا معالم السياسة الاقتصادية المستقبلية للبلاد.

إذ يتوقع البرنامج نمو الاقتصاد بنسبة 4% خلال العام الجاري، مع تقليص معدل التضخم إلى 33% بحلول نهاية العام، كما يتنبأ بأن نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي ستصل إلى 6.4%، وأن معدل البطالة سيثبت عند حدود 10.3%.

كما يضع البرنامج هدفا طموحا للصادرات بقيمة 267 مليار دولار، وللواردات بقيمة 372.8 مليار دولار بنهاية 2024، مؤشرا إلى سعي الحكومة لتعزيز التجارة الخارجية، وتحسين ميزان المدفوعات.

الخطط الاقتصادية تلوّن الخطابات الانتخابية

وفي خضم الحملات الانتخابية، تبرز الأحزاب الرئيسة في تركيا بتقديم مشروعاتها الاقتصادية الرامية إلى تلبية الاحتياجات الملحة للمواطنين، خاصة في المدن الكبرى؛ مثل: إسطنبول، وأنقرة، وإزمير.

إذ كشف مراد كوروم، مرشح تحالف الشعب في إسطنبول، عن رؤيته الاقتصادية التي تهدف إلى معالجة المعضلات الرئيسة التي تواجه السكان؛ مثل: الارتفاع الحاد في تكاليف الإيجارات والمواصلات، بالإضافة إلى الصعوبات التي يواجهها الشباب في الزواج. كما أعلن دعما ماليا للمستفيدين من مشروع التحول الحضري المزمع تنفيذه في المدينة، بجانب وعود ببناء أكثر من 650 ألف شقة مقاومة للزلازل.

في المقابل، تبنّى أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض والرئيس الحالي لبلدية إسطنبول، نهجا يركز على تعزيز البنية الاجتماعية والترفيهية للمدينة، من خلال إنشاء مرافق عامة توفر خدمات تعليمية وترفيهية وعائلية بأسعار معقولة لجميع سكان إسطنبول، بجانب مواصلته توجيه الانتقادات للحكومة التركية، محملا إياها مسؤولية ارتفاع الأسعار وتفاقم الغلاء الذي يثقل كاهل المواطنين.

ووفقا لأحدث استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة توسيار بشأن ترجيحات الناخبين لرئيس بلدية إسطنبول القادم، تقدم مراد كوروم بنسبة 41.7%، في حين حلّ إمام أوغلو، رئيس البلدية الحالي، في المرتبة الثانية بنسبة 40.2%.

وتقع الإدارة الحالية لتركيا في مرمى نيران النقد بسبب تدابيرها الاقتصادية الجديدة، التي يراها بعض المحللين محاولة لكسب إنجاز جديد، من خلال تخفيف الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها المواطنون عشية الانتخابات المحلية، في خطوات تندرج تحت ما يُعرف بـ "الاقتصاد الانتخابي"؛ مثل: رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 49% في الشهر الأخير من العام الماضي.

المركزي التركي ثبت سعر الفائدة الرئيس عند 45% في حين بلغ التضخم ما يقرب من 65% مطلع الشهر الجاري (الأناضول) متى سينخفض التضخم؟

وأعلن البنك المركزي التركي تثبيت سعر الفائدة الرئيس دون تغيير عند 45% الخميس الماضي للمرة الأولى منذ مايو/أيار 2023، وهو ما يتوافق مع التوقعات بعد رفع سعر الفائدة شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وأضاف أنه قد يتخذ إجراءات أكثر صرامة حول ما يخص السياسة النقدية، في حال بدا أن هناك خطرا واضحا ومستمرا يهدد استقرار توقعات التضخم.

وبلغ التضخم على أساس سنوي ما يقرب من 65% مطلع شهر فبراير/شباط الجاري، وفقا لأرقام البنك المركزي التركي، بينما حافظ البنك على تقديراته لمعدل التضخم في نهاية 2024 عند 36%، وفقا لأول تقرير صادر عنه هذا العام، مع توقعات بأن يتراجع التضخم إلى 14% بحلول نهاية 2025، وإلى 9% بنهاية 2026.

ومن جانبه أعرب وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك عن توقعاته بملاحظة تراجع ملموس في معدلات التضخم السنوي، بدءا من النصف الثاني من العام الجاري، مشيرا إلى أنه "لا يرى أن العوامل الطارئة التي أثّرت في معدل التضخم في يناير/كانون الثاني الماضي ستكون لها تأثيرات طويلة الأمد في الاتجاه العام للتضخم".

الباحث الاقتصادي في مركز ستا للأبحاث دينيز استقبال، قدّم توقعات متحفظة تشير إلى أن التضخم قد ينخفض إلى حدود 50% خلال منتصف العام الحالي، ليواصل مساره النزولي نحو 30% بنهاية العام، ويُتوقع أن يصل إلى 15% بحلول نهاية 2025. كما شدد على أهمية الإقرار بالتحديات التي قد تواجه هذه العملية، خاصة في ظل تجربة تركيا التي من المتوقع أن تخوض ما يُعرف بـ "التضخم العكسي" (الذي يعني أن أسعار السلع والخدمات تنخفض باستمرار، ومعدلات الأسعار تكون في انخفاض مستمر).

ونبّه إلى أن الزيادة في أسعار الفائدة وإجراءات التشديد النقدي تتسبب في تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض في الإنتاجية، وهو ما قد يجبر الشركات على إجراء تخفيضات في العمالة وخفض الإنتاج، مما يؤدي إلى انكماش في الاستهلاك العام وندرة في الموارد المالية، مسببا بذلك خسائر للشركات.

فرصة للناخبين

وفي حديثه مع الجزيرة نت، أشار الباحث الاقتصادي محمد أبو عليان إلى أن الانتخابات المحلية تمثل فرصة مهمة للمواطنين لإظهار مدى استيائهم من الأوضاع الحالية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجههم، موضحا أن تراجع الوضع المعيشي، المتمثل بشكل خاص في ارتفاع تكاليف الحياة الأساسية؛ مثل: الإيجارات، يضع ضغوطا كبيرة على ميزانيات الأسر، لا سيما في المدن الكبرى؛ مثل: إسطنبول وأنقرة، وأضاف أن هذه الضغوط قد تؤدي إلى نتائج انتخابية بارزة، كما حدث في الانتخابات الماضية حيث خسرت الحكومة السيطرة على هذه البلديات في ظل أزمة اقتصادية حادة.

وأشار الباحث إلى أن الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد، التي تميزت بانكماش الاقتصاد بمعدل 2.4% في الفترة ما بين الربع الأخير من 2018 والربع الثاني من 2019، كانت محورية في تشكيل مواقف الناخبين خلال تلك الفترة.

وأشار إلى أن الفارق الضئيل في الأصوات بين مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو والرئيس أردوغان في كل من إسطنبول وأنقرة، يعكس استمرار العوامل الاقتصادية في لعب دور حاسم في توجهات الناخبين في المدن الكبرى.

كما أكد أن تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم في المدن الكبرى يضعان المزيد من الضغوط على السكان، مما يجعل القضايا الاقتصادية، بما في ذلك التضخم وأزمة الإسكان ومشكلات الإيجارات، على رأس أولويات الناخبين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الانتخابات المحلیة الاقتصادیة التی فی المدن الکبرى إلى أن

إقرأ أيضاً:

حجة: تنفيذ 83 مشروع مياه بأكثر من 3 مليارات و715 مليون ريال خلال العام الماضي

الوحدة نيوز/ شهدت محافظة حجة خلال العام الماضي 1445 هـ تنفيذ 83 مشروعا في قطاع مشاريع مياه الريف بتكلفة إجمالية 3 مليارات و715 مليونا و128 الف ريال.

وبلغت كلفة المشاريع قيد التنفيذ وعددها 16 مشروعا، 364 مليونا و203 الاف ريال مقابل 37 مشروعا قيد الإجراء بتكلفة 3 مليارات و45 مليونا و907 آلاف ريال.

وتترجم مشاريع مياه الريف حرص القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى كما تعكس اهتمام قيادات السلطة المحلية بالمحافظة ووزارة المياه وهيئة مشاريع مياه الريف والجهات ذات العلاقة بالعمل وفق الخطط المرسومة والأولويات الملحة.

ونوه محافظ حجة هلال الصوفي في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بكافة الجهود التكاملية المبذولة لتنفيذ المشاريع المستدامة التي تلامس الاحتياج وتخفف من معاناة المواطنين سيما في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد.

وأشاد الصوفي بمتابعة المجالس المحلية في المديريات وتذليل الصعوبات التي تقف أمام هذه المشاريع وتفاعل المجتمع ومبادرته في تنفيذ عدد من المشاريع في هذا القطا

المشاريع المنفذة

وأوضح تقرير صادر عن هيئة مشاريع مياه الريف تلقته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن وحدة التدخلات المركزية التنموية الطارئة ساهمت بـ 502 مليون و85 الف ريال في المشاريع المنفذة مقابل 118 مليونا و 700 الف ريال مساهمة من المجتمع وبقية المبلغ من شركاء العمل الإنساني.

وأفاد التقرير أن عدد المستفيدين من المشاريع الـ 83 التي تم تنفيذها خلال العام الماضي 339 الفا و 144 نسمة في 21 مديرية، مبينا أن 31 مشروعا تم تنفيذها في مربع مديريات المدينة و 26 في مربع تهامة و 17 في مديريات عاهم بالإضافة إلى 9 مشاريع في مديريات مربع الشرفين.

وأشار إلى تنفيذ 10 مشاريع في الشغادرة و 6 في بني قيس و 4 في المغربة و 3 في نجرة و2 في شرس ومثلهما في حجة و2 في مبين ومشروع في كلا من بني العوام والجميمة.

وفي مديريات تهامة تم تنفيذ 14 مشروعا في عبس وفقا للتقرير و8 في أسلم و 3 في كعيدنة ومشروع في خيران المحرق وفي مديريات عاهم تم تنفيذ 8 مشاريع في مستبأ و 4 في كشر و4 في وشحة ومشروع في قارة.

وتوزعت المشاريع المنفذة في مديريات الشرفين خلال العام الماضي طبقا للتقرير بين المفتاح بـ 5 مشاريع ومشروعين في كحلان الشرف ومشروع في المحابشة وآخر في قفل شمر.

مشاريع قيد التنفيذ

وأفاد التقرير أن عدد الذين سيستفيدون من الـ 16 مشروعا قيد التنفيذ 109 الاف و 599 نسمة وأن 6 مشاريع يتم تنفيذها في مربع تهامة موزعة بالتساوي بين عبس وكعيدنة وأسلم و 3 مشاريع في وشحة وكشر ومستبأ بعاهم.

وأشار إلى تنفيذ 3 مشاريع في أفلح الشام والمفتاح وكحلان الشرف بمديريات الشرفين ومشروعين في بني قيس ومشروع في الجميمة وواحد في كحلان عفار بمربع المدينة.

ولفت إلى أن مساهمة وحدة التدخلات المركزية التنموية الطارئة في المشاريع قيد التنفيذ تبلغ 100 مليون و194 الفا مقابل 3 ملايين ريال مساهمة مجتمعية وبقية مصادر التمويل من شركاء العمل الإنساني.

مشاريع قيد الإجراء

وأضاف التقرير أن عدد الذين سيستفيدون من 37 مشروعا قيد الإجراء 288 الفا و 595 نسمة وأن وحدة التدخلات المركزية التنموية تدعم هذه المشاريع بمبلغ مليار و 613 مليونا و 637 الف ريال، فيما يشارك المجتمع بمبلغ 32 مليونا و 900 الف ريال وبقية الدعم عبر شركاء العمل الإنساني.

وبين التقرير أنه سيتم تنفيذ 11 مشروعا قيد الإجراء سيتم تنفيذها في مديريات تهامة وحصة عبس منها 6 مشاريع، ومشروعين في كعيدنة، ومشروعين في اسلم، ومشروع في خيران المحرق، فيما سينفذ في مديريات عاهم مشروعان في كلا من كشر ومستبأ.

ولفت التقرير إلى أنه سيتم تنفيذ 9 مشاريع في مديريات الشرفين منها 3 في المفتاح ومثلها في كحلان الشرف ومشروعان في المحابشة وآخر في قفل شمر.

وأشار إلى أن حصة مديريات المدينة 15 مشروعا منها 5 في المغربة و 4 في بني قيس ومشروع واحد في كلا من الجميمة وحجة والشغادرة ووضرة ومبين وبني العوام.

فيما أشار مسئول قطاع مشاريع مياه الريف بالمحافظة، صالح الفلاحي، أن هذه المشاريع تأتي استجابة لتوجيهات القيادة الثورية الحكيمة والمجلس السياسي الأعلى بالتركيز على تنفيذ مشاريع المياه وتخفيف معاناة أبناء المناطق النائية.

ولفت إلى أن عملية اختيار المديريات لتنفيذ المشاريع ارتكز على عدة معايير، وفي مقدمتها الأولوية وحاجة المستفيدين، مشيرا إلى أن هناك مديريات كانت تفتقر بشكل كامل لمشاريع المياه ولأول مرة يتم تنفيذ مثل هذه المشاريع.

وثمن اهتمام وتفاعل وحرص قيادات المحافظة والوزارة ومشاريع مياه الريف ووحدة التدخلات المركزية التنموية الطارئة والجهات ذات العلاقة وشركاء العمل الإنساني على تنفيذ هذه المشاريع.

 

مقالات مشابهة

  • مورينيو يغادر تركيا للخضوع لجراحة ويثير قلق جماهير فنربخشه
  • استعدادًا لعام 2025 في تركيا: تعزيز دعم الإيجار لكل مدينة في التحول الحضري!
  • حجة: تنفيذ 83 مشروع مياه بأكثر من 3 مليارات و715 مليون ريال خلال العام الماضي
  • حجة.. تنفيذ 83 مشروع مياه بأكثر من 3 مليارات و715 مليون ريال خلال العام الماضي
  • خبير يشرح الصيغة التي ستقلل معدل البطالة في تركيا
  • تقرير أمريكي: الانتخابات المحلية تعكس قدرة ليبيا على تنظيم عمليات ديمقراطية رغم الانقسامات
  • اجتماع ليبي-ألماني: دعم الانتخابات المحلية وتعزيز قدرات البلديات
  • تغيير في أسعار الوقود في تركيا بدءًا من منتصف الليل
  • بنك إنكلترا يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير وسط ارتفاع للتضخم
  • 19.8 مليار جنيه حجم استثمارات عقود المشاركة العام المالي الماضي