موسكو- (أ ف ب) – أبدت الأمم المتحدة الجمعة خشيتها من حصول تصعيد خطر في البحر الأسود بعد إعلان روسيا إجراء تدريبات عسكرية شملت إطلاق صواريخ على خلفية توتر متزايد مع كييف وحلفائها إثر تأكيد موسكو انتهاء العمل باتفاقية لتصدير الحبوب الأوكرانية. على البرّ، واصل النزاع حصد أرواح مدنيين، مع إعلان السلطات الأوكرانية الجمعة مقتل ستة أشخاص جراء قصف روسي في أنحاء مختلفة من البلاد.

وشهد هذا الأسبوع زيادة في التوتر والقلق على الأمن الغذائي بعد إعلان روسيا الإثنين انتهاء العمل باتفاقية لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود أبرمت العام الماضي. وتلا ذلك إعلان موسكو أنها ستتعامل مع السفن المتجهة الى أوكرانيا بوصفها ناقلات “عسكرية محتملة”، وردّ كييف بالإعلان أنها ستتعامل مع تلك المتجهة إلى موانئ روسية أو أوكرانية تحتلها روسيا، بصفتها “سفنا عسكرية” محتملة. وشكّلت المسألة مدار بحث في مجلس الأمن الدولي، حيث قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري دي كارلو الجمعة إن “التهديدات باستهداف السفن المدنية في البحر الأسود غير مقبولة”. وأكدت أن “خطر اتساع النزاع ردّا على حادث عسكري في البحر الأسود، أكان متعمدا أم عرضيا، يجب تفاديه بأي ثمن لأنه قد يؤدي الى تبعات كارثية علينا جميعا”. وأتى ذلك بعد إجراء القوات الروسية تدريبات عسكرية في البحر الأسود شملت إطلاق صواريخ باتجاه أهداف بحرية. وقالت وزارة الدفاع إن سفنا أطلقت صواريخ كروز “على زورق حدد هدفا في منطقة التدريب القتالي في الجزء الشمالي الغربي من البحر الأسود”، مؤكدة أن “السفينة الهدف دمِّرت إثر الضربة الصاروخية”. – ضربات جديدة قرب أوديسا – وفي أعقاب إعلانها إنهاء العمل بالاتفاقية، شنّت القوات الروسية ضربات ليلية على مناطق ساحلية في جنوب أوكرانيا تضم منشآت كانت تستخدم في تصدير الحبوب. وتتهم كييف موسكو باستهداف المنشآت الزراعية والموانئ بشكل متعمد لإعاقة استئناف عمليات تصدير هذه المنتجات. واستهدف صواريخ روسية من طراز “كاليبر” ليل الخميس الجمعة، منطقة أوديسا لليلة الرابعة تواليا، وفق ما أكد الحاكم المحلي أوليغ كيبر. وأوضح أن القصف أصاب “إهراءات القمح لشركة زراعية من المنطقة. العدو دمّر 100 طن من البازلاء و20 طنا من الشعير”، متحدثا عن إصابة شخصين. وكان مرفآ ميكولاييف وأوديسا الأوكرانيان على البحر الأسود تعرّضا ليل الأربعاء الخميس لضربات روسية نفّذت بواسطة مسيّرات وصواريخ، أدت الى مقتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص وأصيب أكثر من عشرين بجروح، بحسب مسؤولين. وشدد الجيش الروسي الخميس على أنه دمّر مواقع لإنتاج وتخزين المسيرات البحرية في أوديسا ومستودعات ذخائر ووقود في ميكولاييف. ودانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الجمعة “بشدة” الضربات الروسية التي نفذت “في وقت مبكر من صباح الخميس” على وسط مدينة أوديسا المصنّف ضمن التراث العالمي منذ مطلع العام. ودقت الأمم المتحدة التي أبرمت اتفاقية الحبوب بإشرافها وتركيا، ناقوس الخطر من ارتفاع أسعار هذه المواد عالميا. وحذّرت دي كارلو من أن “انهاء روسيا مشاركتها في مبادرة البحر الأسود (لتصدير الحبوب)، مضافا الى قصف موانئ رئيسية، سيفاقم الوضع”، مشددة على أن المنظمة الدولية ستواصل جهودها من أجل السماح ببلوغ الحبوب الأوكرانية والروسية الأسواق العالمية. من جهته اعتبر مسؤول الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أن “هذا الأسبوع كان أسبوع حزن وخيبة أمل”. وأضاف أنه بالنسبة الى 362 مليون شخص في العالم يحتاجون الى مساعدة انسانية “الأمر لا يتعلق بالحزن وخيبة الأمل، بل يشكّل تهديدا لمستقبلهم، لمستقبل أبنائهم وعائلاتهم”. وأعربت روسيا الجمعة عن تفهّمها “قلق” الدول الإفريقية بشأن الحبوب. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين “نتفهّم القلق الذي يمكن لأصدقائنا الأفارقة أن يشعروا به، هو مفهوم وسيؤخذ في الاعتبار”، مشددا على أن الدول المحتاجة “ستحصل على الحبوب عن طريق تواصلنا معها أو من خلال قمة روسيا-إفريقيا” أواخر تموز/يوليو في سانت بطرسبورغ. وأكدت روسيا استعدادها للعودة الى الاتفاقية المبرمة في تموز/يوليو 2022، في حال تلبية طلباتها “بكاملها” والسماح بتصدير منتجاتها. أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الجمعة أنه يريد اقناع نظيره الروسي باستئناف العمل بالاتفاقية. وقال “أعتقد أننا نستطيع ضمان استئناف العمل إذا تحدّثنا بالتفصيل مع بوتين”، بحسب وكالة أنباء الأناضول الرسمية. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الجمعة إنه أجرى محادثة هاتفية مع إردوغان “لتنسيق الجهود لاستئناف العمليات” بموجب اتفاقية الحبوب. – قتال “حتى النهاية” – على الأرض، قتلت فتاة في السادسة عشرة وشقيقها (10 أعوام) جراء قصف مدفعي روسي على قرية دروجبا في شرق أوكرانيا، وفق حاكم المنطقة بافلو كيريلينكو. وقال “قرابة الساعة 15,00، قصف الروس القرية بالمدفعية. إحدى القذائف أصابت ملعبا حيث كان أطفال موجودين”. وكان المسؤول نفسه أفاد سابقا بمقتل شخصين جراء قصف بصواريخ غراد طال كوستيانتينيفكا. والى الشمال منها، أعلن حاكم منطقة تشرنيغيف مقتل موظف في مركز ثقافي جراء ضربة روسية. وأكد لاحقا العثور على جثة امرأة تحت الأنقاض. تواصل أوكرانيا منذ مطلع حزيران/يونيو هجومها المضاد لاستعادة مناطق في شرق البلاد وجنوبها. لكن مسؤوليها أقروا بأنه يمضي بوتيرة أبطأ مما كانوا يأملون رغم الدعم الغربي بالعتاد. ووافق البرلمان البلغاري الجمعة على إرسال حوالى مئة مدرّعة الى أوكرانيا في سابقة بالنسبة للدولة الواقعة في منطقة البلقان والتي أحجمت سابقاً عن مساعدة كييف مباشرة بسبب علاقاتها التاريخية القوية مع موسكو. والمدرّعات من طراز “بي تي ار” سوفياتية التصميم، تم شراؤها في ثمانينات القرن الماضي، ولم تُستخدم قطّ. ورأى بوتين الجمعة أن الدعم العسكري لأوكرانيا لم ينعكس نتائج ميدانية. وقال خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي “واضح حاليا أن الرعاة الغربيين لنظام كييف يعانون خيبة أمل جراء نتائج الهجوم المضاد المزعوم التي أثارت سلطات كييف الضجيج بشأنه خلال الأشهر الماضية”. وأضاف “لا الموارد الهائلة التي ضُخت في نظام كييف ولا الإمدادات الغربية بالأسلحة والدبابات والمدفعية والمدرعات والصواريخ تساعد”، مؤكدا أن كييف لم تحقق “أي نتيجة حتى الآن”. وباشرت كييف استخدام الذخائر العنقودية المثيرة للجدل التي تلقتها من الولايات المتحدة، بحسب البيت الأبيض، في وقت تسعى لإعطاء زخم لهجومها المضاد ضد القوات الروسية. ويشكّل محيط مدينة باخموت (شرق) ميدان مواجهة أساسيا. وتعرضت المدينة لدمار شبه كامل قبل أن تسيطر عليها القوات الروسية في أيار/مايو. وأكد الجنود الأوكرانيون تصميمهم على مواصلة التقدم حول باخموت وغيرها. وقال فولوديمير (33 عاما) لوكالة فرانس برس “(حتى) إذا توقفت (الدول الغربية) عن منحنا الأسلحة، الصواريخ، أعتقد أننا سنواصل القتال حتى النهاية”.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی البحر الأسود القوات الروسیة الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

روسيا وبيلاروسيا توسّعان نفوذهما في ليبيا.. اتفاقات عسكرية مع حفتر

نشر موقع " إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرا تحدث فيه عن تصاعد النفوذ الروسي والبيلاروسي في ليبيا مع حصول خليفة حفتر على دعم غير مشروط من ألكسندر لوكاشينكو خلال زيارته إلى بيلاروسيا مقابل السماح بإنشاء قاعدة عسكرية مشتركة في طبرق لتعزيز الوجود الروسي في المنطقة.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن روسيا وبيلاروسيا تواصلا توسيع نفوذهما وحضورهما العسكري في منطقة برقة الليبية. وفي إطار زيارة غير مسبوقة إلى مينسك في 17 فبراير/شباط الماضي، حصل الجنرال خليفة حفتر على تأكيد من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو حول الاستعداد الكامل لبلاده لتعزيز التعاون الثنائي بين مينسك وطبرق "بجميع الطرق الممكنة"، خاصة في المجال العسكري.




ووفقًا لبنود الاتفاق، التي كشف عنها قسم "أتلانتيدي" على موقع الأنباء الإيطالي "أجينسيا نوفا" فإن الوعد الذي قدمه حفتر مقابل ذلك لكل من لوكاشينكو وبوتين يتمثل في السماح بإنشاء جيب عسكري صغير داخل أراضي مدينة طبرق، حيث ستتمركز بشكل دائم وحدة عسكرية روسية وبيلاروسية.

وأوضح الموقع أن تزايد الوجود العسكري الروسي في شرق ليبيا ليس بالأمر الجديد على الإطلاق، بل هو امتداد لديناميكية تاريخية ازدادت حدتها مع التغيرات في موازين القوى التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الأخيرة. فمنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، لوحظ مرارًا وتكرارًا كيف أن روسيا، بعد فقدانها لحليف استراتيجي مع سقوط الأسد، بدأت إعادة النظر في استراتيجيتها الجيوسياسية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، من خلال نقل مركز ثقل مصالحها من سوريا إلى شرق ليبيا عبر سلسلة من الجسور الجوية العسكرية التي رصدها موقع "إيتاميل رادار" بين القاعدة الجوية السورية في حميميم ونظيرتيها الليبيتين في الخادم والجفرة.

الارتباط بمنطقة الساحل

تعكس التطورات الأخيرة إعادة تموضع روسيا استراتيجيًا بعد تراجع نفوذها وقوتها في سوريا، حيث تخوض حاليًا مفاوضات مع الحكومة الجديدة برئاسة الشرع بشأن استمرار وجود قواعدها العسكرية في دمشق. وفي هذا السياق، أعادت موسكو تقييم أولوياتها الجيوسياسية، مركزة اهتمامها على ليبيا كجزء من خطة أوسع لتعزيز حضورها في إفريقيا وترسيخ نفوذها في المنطقة. وقد أفاد موقع "ليبيا أوبزرفر" مؤخرًا بأن موسكو حصلت على امتياز جديد من المشير خليفة حفتر يتيح لها الاستخدام الحصري لقاعدة عسكرية أخرى ذات موقع استراتيجي، وهي قاعدة معطن السارة الواقعة على الحدود مع تشاد والسودان.



وذكر الموقع أن زيادة الوجود والتنسيق العسكري الروسي في شمال إفريقيا تتيح لموسكو إنشاء رابط لوجستي مع منطقة الساحل، حيث يزداد نفوذها بشكل متسارع بفضل سلسلة من الاتفاقيات السياسية والتجارية والعسكرية التي تحظى بدعم الحكومات المحلية، مثل حكومة مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو.

وتشهد المنطقة نشاطًا ملحوظًا لمجموعة "أفريكا كوربس" الروسية شبه العسكرية (المعروفة سابقًا باسم مجموعة فاغنر)، التي اكتسبت أهمية مركزية أكبر ضمن الأهداف الاستراتيجية الروسية، فضلًا عن تعزيز قدراتها العسكرية بعد إعادة الهيكلة التي أعقبت وفاة زعيمها السابق بريغوجين أولًا، ثم سقوط الأسد لاحقًا. وأكد تحقيق حديث نشره موقع "أفريكا ريبورت"، استنادًا إلى تحليل صور الأقمار الصناعية وشهادات شهود عيان، أن روسيا توسّع سيطرتها ونفوذها العسكري بشكل متزايد، قاعدة بعد أخرى، سواء في جنوب ليبيا أو داخل الأراضي التشادية.

بالتزامن مع الانسحاب الجزئي للقوى الأوروبية الأطلسية من إفريقيا، تواصل روسيا تعزيز مواقعها تدريجيًا في هذه المنطقة الجغرافية من القارة الإفريقية، التي تعد حاسمة من حيث زيادة نفوذها وفعاليتها على الأرض، وأيضًا لتأسيس نقطة ارتكاز للسيطرة والمراقبة عند أبواب البحر الأبيض المتوسط وحلف شمال الأطلسي. في هذا السياق، يظهر الدور الإيطالي ضعفًا كبيرًا في القدرة على تقديم أي مبادرة سياسية فعالة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا، التي تظل منطقة استراتيجية بالنسبة لروما ولمصالحها.


مقالات مشابهة

  • روسيا: زيارة زيلينسكي إلى واشنطن تعكس الفشل الكامل لنظام كييف
  • عمرو حمودة عضوا بمجموعة الأمم المتحدة باليونسكو للتحذير من تسونامي
  • "كييف تُحرض".. روسيا ترفض إرسال قوات لحفظ السلام إلى أوكرانيا
  • الأمم المتحدة: تخفيض التمويل الأمريكي للمنظمات الأممية سيكون له عواقب مدمرة
  • تقرير: كيف تصدت أوكرانيا لأسطول الدفاع البحري الروسي الكبير؟
  • البحر الأسود.. كلمة السر في استمرار القتال بين روسيا وأوكرانيا
  • ترامب يدفع روسيا للخروج من منطقة البحر الأسود.. كيف يجري ذلك؟
  • صحيفة روسية: هناك إستراتيجية أميركية لإخراج موسكو من البحر الأسود
  • روسيا وبيلاروسيا توسّعان نفوذهما في ليبيا.. اتفاقات عسكرية مع حفتر
  • روسيا تسيطر على قريتين شرق أوكرانيا وكييف تسقط 103 مسيرات روسية