المكتب الإعلامي في غزة: الاحتلال ارتكب 19 نوعاً من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
القدس المحتلة-سانا
كشف المكتب الإعلامي في غزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 19 نوعاً من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين خلال عدوانه المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي، مشيراً إلى أن هذه الجرائم التي تعد جرائم قائمة بذاتها وفق القانون الدولي تشكل أيضاً أركان جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال.
وقال المكتب في بيان: “إن هذه الجرائم تشمل 9 جرائم ضد الأشخاص من بينها القتل العمد، حيث قتل الاحتلال نحو 30 ألف فلسطيني، 72 بالمئة منهم أطفال ونساء سواء من خلال قصف الأحياء السكنية أو من خلال تنفيذ جرائم الإعدام الميداني، إضافة لجريمتي الإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، إذ اعتقل الاحتلال 2600 فلسطيني من القطاع تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وسط رفضه إعطاء أي معلومات عن مصيرهم وعن أماكن وجودهم، فضلاً عن جريمة التهجير القسري عبر إجبار الاحتلال 2 مليون فلسطيني على النزوح من منازلهم ومناطق سكنهم”.
وأشار المكتب إلى أنه من بين جرائم الاحتلال ضد الأشخاص أيضاً أخذ رهائن، إذ اتخذ مئات الفلسطينيين رهائن واستخدمهم دروعاً بشرية خلال العدوان وخاصة في أحياء الزيتون والشيخ رضوان والنصر ومخيم المغازي ومنطقة غرب غزة، وجريمة الهجوم على المدنيين أو الأهداف المدنية، حيث نفذ الاحتلال مئات آلاف عمليات القصف ضد المدنيين والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والجمعيات المدنية المختلفة ، إضافة لجريمة الاعتداء على كرامة الأشخاص التي ارتكبها الاحتلال آلاف المرات باعتدائه على الرجال والشيوخ والنساء والأطفال وتجريدهم من ملابسهم وتصويرهم ونقلهم بطريقة مهينة إلى معسكرات الاعتقال التي أقامها.
وبين المكتب أن الاحتلال ارتكب أيضاً جريمة التجويع، حيث استخدمه كأسلوب من أساليب الحرب من خلال فرض حصار مشدد على القطاع وحرمان أهله بشكل متواصل من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم وإطلاقه النار على حافلات حاولت إيصال الغذاء وقتله عشرات الفلسطينيين خلال محاولتهم الحصول على الغذاء والمساعدات وخاصة في غزة وشمالها.
ولفت المكتب إلى أن الجريمة التاسعة ضد الأشخاص هي الاستخدام غير المشروع للأسلحة، إذ ألقى الاحتلال 70 ألف طن من المتفجرات على البيوت الآمنة في القطاع ومسح مربعات سكنية بالكامل من خلال قصفها بالصواريخ ومختلف أنواع الأسلحة.
وأضاف المكتب: “إن الاحتلال ارتكب 4 جرائم ضد الأعيان المدنية المحمية، أولها التدمير العشوائي والمتعمد للمدن والقرى والمباني التعليمية والعلمية والدينية، إذ دمر أكثر من 360 ألف وحدة سكنية، وأكثر من 300 جامعة ومدرسة و31 مشفى وعشرات المراكز الحيوية المدنية وأكثر من 500 مسجد”.
وأشار المكتب إلى أن ثاني هذه الجرائم هو نهب الممتلكات العامة والخاصة، وثالثها استهداف وتدمير الممتلكات الثقافية والمعالم التاريخية، حيث دمر أكثر من 200 موقع ثقافي وتراثي وأثري عمرها أطول من عمر الاحتلال بقرون وعقود ممتدة، وبعضها يعود لما قبل 1400 عام، فيما الجريمة الرابعة هي استهداف المستشفيات والوحدات الطبية التي تعمد الاحتلال قصفها واقتحامها وتخريبها لحرمان الفلسطينيين من أي فرصة للنجاة.
وقال المكتب: “إن الاحتلال ارتكب أيضاً جريمتين ضد العدالة، هما التغييرات غير القانونية في النظام الأساسي للبلد المحتل، وذلك بانتهاكه كل القوانين الفلسطينية وعمله على تغييرها، إضافة لجريمة الاعتداء على طواقم الإغاثة الإنسانية عبر استهدافه للطواقم الإنسانية الدولية والفلسطينية واعتدائه على العديد من القوافل الإغاثية”.
ولفت المكتب إلى أن الاحتلال ارتكب جرائم أخرى، منها الاعتقال التعسفي والتجسس وجريمة الغدر التي مارسها عشرات المرات ضد الفلسطينيين عبر إجبارهم على التوجه إلى ما يسميه مناطق آمنة وقصفهم وقتلهم عندما يتوجهون لهذه المناطق، فضلاً عن جريمة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً وبينها القنابل الغبية والفوسفور الأبيض والأسلحة الحرارية والقذائف العنقودية والمسمارية.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الاحتلال ارتکب المکتب إلى أن جرائم ضد من خلال
إقرأ أيضاً:
دور التضليل الإعلامي في تصعيد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا
دور التضليل الإعلامي في تصعيد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا
مقدمة : التضليل الاعلامي و النزاعات
في عالمنا المعاصر، أضحت الحروب لا تدار فقط في ساحات المعارك بل في وارء الشاشات بأدوات حديثة و مدمرة ، و يُشكّل التضليل الاعلامي أحد هذه الأدوات الأكثر خطورة في تأجيج النزاعات، وتوجيه الرأي العام و تعزيز الانقسامات و توفير الغطاء النفسي لمرتكبي الانتهاكات، وإطالة أمد الحروب. تعرف الأمم المتحدة التضليل المعلوماتي بأنه “توزيع مقصود لمعلومات كاذبة بهدف تحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية أو اجتماعية”. و منذ ظهور الشبكات الاجتماعية في الألفية الجديدة أولت الأمم المتحدة أهمية متزايدة لمخاطر التضليل في النزاعات، إذ ربطته بزيادة احتمالات ارتكاب انتهاكات جرائم الحرب والإبادة الجماعية، كونه يهدف الى شيطنة الآخر وتحفيز حشد و تعبئة جماهيرية لصالح العنف.
يرى Thomas Rid (2020) أنَ “التضليل هو أحد أدوات الحروب السياسية، وهو لا يقل أهمية عن السلاح التقليدي”، وألقت اعمال كل من Samantha Bradshaw وPhilip N. Howard (2018) الضوء على الدور الذي تلعبه المنصات الرقمية في تسهيل نشر الروايات المضللة أثناء الأزمات. ومن ثم، أصبح التضليل و الدعاية أداة مركزية في حروب اليوم ، ممتزجا بالدعاية السيبرانية، والحرب النفسية، والتلاعب بالمعلومات على نطاق واسع.
التضليل الاعلامي في حرب إثيوبيا 2020: بين الحكومة الفدرالية وجبهة تحرير تيغرا
في منتصف ليل الرابع من نوفمبر 2020 بدأت عملية ” فرض القانون” العسكرية في شمال اثيوبيا و سرعان ما تحولت الى حرب بشعة بين قوات الدفاع الوطني الإثيوبية بمساعدة قوات الشرطة الفدرالية و قوات الدرك في اقليم أمهرا و مشاركة غير رسمية لقوات الدفاع الاريترية من جهة وجبهة تحرير شعب تيغراي من جهة اخرى، لقى فيها ما يزيد عن 500 حتفهم اما بسبب العنف المباشر او الجوع او اسبابا ذات صلة بالنزاع ، ولا زالت النتائج الوخيمة للحرب تلقي بظلالها على الاقليم .
مثلت هذه الحرب أنموذجاً حديثاً لحروب الجيل الرابع و التي تستند إلى تكنولوجيات متقدمة و تتلاشى الخطوط الفاصلة بين التقنية المدنية و العسكرية . و قد شهدت الحرب استخدام الطرفين للتكنوجيا سيما في حملات التضليل الاعلامي المتبادلة ، لقد اظهرت تقارير متكررة ل “هيومن رايتس ووتش” في 2021 أن “الطرفين استخدما بشكل مكثف الدعاية الرقمية والتضليل لشيطنة الآخر وحشد الدعم المحلي والدولي” ،ادت هذه الحملات إلى تعقيد المشهد ، و تدمير الثقة الضرورية للجلوس على طاولة المفاوضات ، و بالتالي أعاقا الجهود الرامية إلى الوساطة والسلام و اطالة أمد النزاع الدامي.
وعلى سبيل المثال، تمّ التلاعب بفيديو لآبي أحمد عام 2020 حول مقتل المغني الشهير هاشالو هونديسا، حيث يُعتقد أن رئيس الوزراء يشير إلى عملية قطع رأس وقعت في أوروميا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
و بحسب جاك بيرنهام من مركز دراسات التضليل ، فإن التضليل الإعلامي ادى إلى استهداف الأقليات العرقية على طول خطوط المواجهة في الصراع، حيث أدت الأكاذيب المتعمدة المنتشرة عبر الإنترنت إلى أعمال عنف حقيقية، وهو ارتباط أبرزته معاملة شعب القيمانت Qemant، وهي أقلية عرقية في منطقة أمهرة، لطالما ادعت التهميش،و تعرضت للتمييز و تم اتهامها -دون دليل- بالتحالف مع جبهة تحرير شعب تيغراي بعد تلقي التدريب والأسلحة في السودان وتنفيذ هجمات في المنطقة. وقد دفعت هذه الادعاءات، التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، إلى أعمال انتقامية عنيفة من غالبية سكان أمهرة، بما في ذلك إحراق قرية بيليهوا بعد 24 ساعة فقط من منشور على فيسبوك يزعم كاتبه أن حافلة تعرضت لهجوم من قبل متمرد مجهول الهوية من القيمانت.
غالباً ما وجدت شركات التكنولوجيا العملاقة نفسها بقصد أو بغير قصد في قلب النزاعات، اليوم يستخدم مليارات من البشر الشبكات الاجتماعية للتواصل ، و لفت الانتباه العام و حشد الدعم و التوثيق للإنتهاكات ، و لكنهم قد يستخدمونها لبث خطابات الكراهية و ادانة الضحايا. عملاق الشبكات الاجتماعية (ميتا) الشركة الام لفيسبوك و انستغرام وجدت نفسها في قلب الحرب الأهلية الاثيوبية الاخيرة . ففي تقريرها حول “التهديدات المنسقة” لعام 2021، أشارت ميتا إلى أنها حذفت مئات المنشورات والحسابات المرتبطة بشبكات تضليل تعمل من داخل إثيوبيا وتنشر محتوى يستهدف تأجيج الكراهية بين الأعراق المختلفة اثناء الحرب. و يعكس تطور مماثل الاهمية التي يمكن ان تلعبها الشركات العاملة في ادارة الشبكات الاجتماعية في نزع فتيل التوتر و ضمان امكانية ملاحقة و تفكيك هذه الشبكات الخطيرة قانونياً.
وواجهت شركة ميتا دعوى قضائية بقيمة 1.6 مليار دولار بسبب منشورات فيسبوك التي تحرض على العنف في حرب التغراي وتطالب القضية بإنشاء صندوق تعويضات بقيمة 1.3 مليار جنيه إسترليني لضحايا الكراهية والعنف على فيسبوك.
خلال الحرب في اثيوبيا اتخذ التضليل أنماط عديدة و متفاوتة الخطورة ، على سبيل المثال : نشطت دعايات و محاولة للشيطنة والتحريض العرقي في بداية النزاع. لقد سعت الحملات المضللة من هذا النوع إلى تصوير كل طرف كعدو وجودي للطرف الآخر ، و ان التعايش يستحيل في حالة كهذه ، و تم استخدام سيل واسع من روايات تاريخية حقيقية اما بتفريغها من محتواها أو دس بعض المعلومات المغلوطة او نزعا من سياقها . على سبيل المثال ، تكررت المرات التي ذُكرت فيها سنوات الحكم الاحادية لعرقية ” تغراي ” و ان تغراي ضائقة ذرعا بصعود عرقيات اخرى لسدة الحكم ، و بالرغم من الحقائق التي يحتويها ادعاء كهذا ، الا انه لم يكن ذا صلة بالحرب و ان اخراج هذه الروايات من سياقها لم يوفر فحسب حشد و تعبئة و سط المواطنين بل وفر غطاء نفسي للمقاتلين أنفسهم . و على المدى الطويل فإن استمرار تدفق هذا النوع من السرديات بشكل كبير على الشبكة من شأنه ان يرسخ مفاهيماً مغلوطة و حقائق متحيزة عن لحظات معينة في تاريخ الامة وهو ما يهدد السرديات التي تقوم عليها الوحدة القومية ، وينبغي ان ينظر الي التاريخ من داخل سياقاته الداخلية لا كسيل متدفق من الاحداث غير المترابطة.
نمط اخر ارتبط بالتضليل الاعلامي اثناء الحرب الاثيوبية الاخيرة ، هو تشويه الحقائق حول الانتهاكات. لقد برز اتجاه لتضليل المجتمع الدولي من خلال اما إنكار وقوع انتهاكات بعينها أو التقليل حجم هذه الانتهاكات أو ربما تضخيمها، و أوردت منظمة العفو الدولية تقارير عن استخدام صور وفيديوهات مفبركة للترويج للانتصارات أو المجازر. و استهدفت هذه الحملات سرديات الضحايا و الناجين و الشهود في أكثر لحظات النزاع عنفاً في النزاع ، و بحسب تقرير معهد نيو لاينز ذو المائة و عشرون صفحة فان الحكومة الفدرالية الاثيوبية ارتكبت على الاقل 4 افعال تشكل جرائم ابادة جماعية ، لكن بالمقابل كانت ثمة دعاية كثيفة لتكذيب مثل هذه المزاعم و الاتهامات و تصويرها كوسائل ضغط سياسية لا تمت للواقع بصلة.
كذلك ظهر نمط يختلف في آليه عمله ، هو تزايد حملات التأثير على الجاليات الإثيوبية بالخارج ، و لم يكن محتوى النزاع نفسه محل استهداف هذا النمط ، بل كان المستهدف هذه المرة المهاجرين .لقد تم رصد عمليات تضليل عبر منصات التواصل تستهدف الجاليات الإثيوبية في الشتات بواسطة اطراف النزاع ، لتأليبهم ضد الطرف الآخر وتوجيههم نحو دعم مواقف سياسية معينة.
و بالمجمل ، أسهمت هذه الحملات بأنماطها المختلفة في زيادة الاستقطاب الحاد داخل المجتمعات الإثيوبية وضمن جالياتها بالخارج. و أخرت المساعي الأممية الوساطة بسبب غياب الثقة في الروايات المتبادلة. و هو ما كان بمثابة الجحيم للملايين من الاشخاص الذين وجدوا أنفسهم داخل داومة العنف . وعلى الأرض، وفرت هذه الحملات غطاء نفسياً وأيديولوجياً لتبرير أو انكار الانتهاكات، بما في ذلك الهجمات على المدنيين و البنية التحتية.
التصعيد الحالي بين إثيوبيا وإريتريا وسيناريوهات التضليل :
تشهد العلاقات الإثيوبية-الإريترية في 2025 تصعيداً جديداً ينبني على تاريخ طويل من الشكوك والعداوات و انعدام الثقة، و حدثت انفراجة مريحة بعض وصول آبي احمد الى السلطة و تطبيع العلاقات بتوقيع اتفاقية سلام و صداقة في 2018 ، و ساهمت حرب تيغراي في إعادة إحياء الشراكة العسكرية بين أديس أبابا وأسمرا، لكن سرعان ما شاب العلاقة فتوراً بعد توقيع اتفاقية بريتوريا ، والتي لم تشارك فيها أسمرا . لاحقا تصاعدت توترات على خلفية المصالح المتناقضة في إقليم تيغراي وصعود ادارة اقليمية مؤقتة على وفاق مع الحكومة الفدرالية في أديس أبابا تعمل بالقرب من حدود بادمي المتنازع عليها.
كتير من التقارير اشارت الى كثافة حملات التضليل الاعلامي التي رافقت التصعيد الاخير بين اثيوبيا و اريتريا، مثل تقرير “مجموعة الأزمات الدولية” الأخير، والذي لفت الانتباه إلى تصاعد حملات تضليل يقودها إعلام رسمي وغير رسمي في الجانبين، تتهم كل طرف بدعم جماعات مسلحة أو تخريب اتفاقيات وقف إطلاق النار.
يؤجج التضليل الاعلامي السياق المضطرب بين البلدين ، و يزيد من احتمالات تفاقم الاوضاع ، و السؤال كيف يعمل ذلك ؟
ثمة انماط ظهرت مؤخرا ، تشكل المعالم الواضحة لحملات التضليل الاعلامي المتبادلة ،
أولها : إعادة تدوير روايات الطموح الجيواستراتيجي الاثيوبي القديم ، نشرت بعض الحسابات المؤيدة لأريتريا ، بما فيها وسائل الإعلام الرسمية الإريترية افادات تهدف الى إحياء سرديات “العدوان الإثيوبي التاريخي” على سيادة إريتريا، و تصوير التصعيد الاخير بما فيه زيادة الانفاق العسكري في اثيوبيا و افتتاح مصنعا للطائرات المسيرة كاستمرار اثيوبي نحو الحصول على اطلالة على البحر الاحمر مستقطعة من اراضي تتبع للسيادة الارتيرية ، و سمى وزير خارجية اريتريا عثمان صالح هذه المساعي ب ” الهوس الاثيوبي بالبحر الاحمر ” خلال اجتماع لوزراة الخارجية الاريترية مع بعض منسوبي المنظمات الدولية واعضاء في السلك الدبلوماسي . في المقابل حاول داعمي اثيوبيا نشر بعض المعلومات المضللة عن تعبئة عسكرية اريترية في الحدود .
ثاني انماط التضليل هو التلاعب بالخرائط والمعلومات العسكرية الخاصة بإنتشار جيوش الطرفين حيث جرى تداول خرائط مزورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تظهر “توغل قوات إريترية” داخل الحدود الإثيوبية، ما أثار موجة من التحريض الوطني في أديس أبابا.
نشرت وكالة (إنسايد افريكا) المختصة بشؤون القرن الافريقي في 9 مارس 2025 فيديو لآليات و مدرعات عسكرية يزعم انها قوات اريترية متجهة الى الحدود ، اتضح لاحقا ان الفيديو مبرك و مصدره تايلاند . بالاضافة الى ذلك نشطت بعض الحسابات في اعادة نشر الفيديو ومعلومات عن دعم اسمرا لبعض الفصائل المنشقة عن جبهة تحرير شعب تغراي. و اعتذرت المنصة عن الفيديو قائلة انها وقعت ضحية لهذا التضليل و هو امر يعكس مدى خطورة و حداثة هذه الحملات.
في 25 فبراير/شباط 2025، ادعى مقطع فيديو نُشر على فيسبوك أن آبي أحمد أكد ملكية البحر الأحمر خلال خطابه البرلماني قبل عامين، ووصفه على ما يبدو بأنه “ملكية إثيوبية”.
يحتوي المقطع على أكثر من دقيقة من خطاب آبي احمد، ويتضمن لقطات عامة لعمليات الموانئ التجارية. نُشر منشور مشابه في حساب Triangle of Afar في منصة X .
الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي كانت حاضرة في المشهد ايضا ،ففي 5 مارس 2025 تم نشر مجموعة صور تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي تُظهر ميناءً جديدًا لامعاً مزوداً بمرافق حديثة ولافتة إرشادية باللغة الإنجليزية تقول: “مرحبا بكم في ميناء عصب إثيوبيا”. صور اخرى تظهر سفناً حربية تضع العلم الاثيوبي ذو النجمة الخماسية كتب عليها عصب اثيوبيا ، تحقق منها توليرا فيكرو من أ . ف .ب اثيوبيا باستخدام اداة AFP Fact Check و التي اتضح انها منشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ادعاءات مماثلة عن تاريخ الاستعمار في البلدين ، تلفق بعض الحقائق و تسيئ لبعضها البعض منتشرة بكثافة في المحتوى الاثيوبي و الاريتري على منصة X . و تواجه كثير من الصفحات الاعلامية المهتمة بالمنطقة على نفس المنصة اتهامات بواسطة المستخدمين بالتضليل و تزييف الحقائق.
النتائج المتوقعة وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي :
يمكن ان تقود عودة كل من اثيوبيا و ارتيريا الى الحرب الى وضع المنطقة في أتون الجحيم و يحتمل ان تتوسع رقعة النزاع إلى دول الجوار مثل السودان والصومال، حيث تربطهما علاقات متوترة مع إثيوبيا ، كذلك تفاقم ازمة اللاجئين و الحدود كون اثيوبيا تمتلك حدودا مشتركة مع معظم دول القرن الافريقي .
ان استمرار هذه الحملات قد يقود إلى تعقيد الامور المتشابكة اساسا ، و تعميق ازمة انعدام الثقة بين البلدين ، و يمكن ان تكون بعض النتائج ذات احتمالية اكبر من غيرها في حال استمرار وتيرة التضليل الاعلامي المتبادل ، لكن بالمجمل فان تعبئة الجماهير في كلا البلدين نحو خيار الحرب بدل التسوية و التعاون سيؤدي الى إضعاف جهود الوساطة الهادفة الى خفض التصعيد ، اضافة الى ان تقويض الثقة بين البلدين هي اكثر النتائج المتوقعة رجاحة.
تعكس الحالة الإثيوبية-الإريترية اليوم أن التضليل المعلوماتي ليس مجرد “ضجيج رقمي”، بل هو سلاح ذو أثر حقيقي في تشكيل ديناميات الحرب والسلام. ولهذا، يحتاج المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، إلى آليات جديدة لرصد وتفكيك هذه الحملات كجزء من استراتيجية أوسع لحفظ السلام ، كما ينبغي ادماج مكافحة التضليل الاعلامي ضمن آليات بناء الثقة في اتفاقيات السلام.
مراجع و مصادر:
التضليل الإعلامي يؤجّج التوتّرات الإثنية الحادة في إثيوبيا – الشرق الأوسط – يناير 2025
https://surl.li/plrehq
مكافحة التضليل الاعلامي من اجل تعزيز و حماية حقوق الانسان والحريات الاساسية – تقرير الامين العام للامم المتحدة – اغسطس 2022
United Nations. (2021).
Guidance Note on Countering Disinformation in Conflict Settings.
Meta sued for $2bn over Facebook posts ‘rousing hate’ in Ethiopia.
https://www.aljazeera.com/news/2022/12/14/meta-sued-for-2bn-over-facebook-posts-rousing-hate-in-ethiopia
Human Rights Watch. (2021). Ethiopia: A Year of War Abuses and Atrocities.
Amnesty International. (2021). Mass Killings in Axum.
Ethiopia: The Massacre in Axum
International Crisis Group. (2025). Ethiopia and Eritrea: Renewed Tensions and Risk of War.
https://www.crisisgroup.org/africa/horn-africa/ethiopiaeritrea-eritrea-ethiopia/ethiopia-and-eritrea-collision-course
الوسومإثيوبيا إريتريا الصراع تيغراي عبدالله قريضة